كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٩

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 430

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 430
المشاهدات: 35723
تحميل: 4572


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35723 / تحميل: 4572
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 19

مؤلف:
العربية

335

وَ قَالَ ع اَلاِسْتِغْنَاءُ عَنِ اَلْعُذْرِ أَعَزُّ مِنَ اَلصِّدْقِ بِهِ روي خير من الصدق و المعنى لا تفعل شيئا تعتذر عنه و إن كنت صادقا في العذر فألا تفعل خير لك و أعز لك من أن تفعل ثم تعتذر و إن كنت صادقا.و من حكم ابن المعتز لا يقوم عز الغضب بذل الاعتذار.و كان يقال إياك أن تقوم في مقام معذرة فرب عذر أسجل بذنب صاحبه.اعتذر رجل إلى يحيى بن خالد فقال له ذنبك يستغيث من عذرك.و من كلامهم ما رأيت عذرا أشبه بذنب من هذا.و من كلامهم أضربه على ذنبه مائة و أضربه على عذره مائتين.قال شاعرهم:

إذا كان وجه العذر ليس بواضح

فإن اطراح العذر خير من العذر

كان النخعي يكره أن يعتذر إليه و يقول اسكت معذورا فإن المعاذير يحضرها الكذب

٢٤١

336

وَ قَالَ ع أَقَلُّ مَا يَلْزَمُكُمْ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ أَلاَّ تَسْتَعِينُوا بِنِعَمِهِ عَلَى مَعَاصِيهِ لا شبهة أن من القبيح الفاحش أن ينعم الملك على بعض رعيته بمال و عبيد و سلاح فيجعل ذلك المال مادة لعصيانه و الخروج عليه ثم يحاربه بأولئك العبيد و بذلك السلاح بعينه.و ما أحسن ما قال الصابي في رسالته إلى سبكتكين من عز الدولة بختيار و ليت شعري بأي قدم تواقفنا و راياتنا خافقة على رأسك و مماليكنا عن يمينك و شمالك و خيلنا موسومة بأسمائنا تحتك و ثيابنا محوكة في طرازنا على جسدك و سلاحنا المشحوذ لأعدائنا في يدك

٢٤٢

337

وَ قَالَ ع إِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ اَلطَّاعَةَ غَنِيمَةَ اَلْأَكْيَاسِ عِنْدَ تَفْرِيطِ اَلْعَجَزَةِ الأكياس العقلاء أولو الألباب قال ع جعل الله طاعته غنيمة هؤلاء إذا فرط فيها العجزة المخذلون من الناس كصيد استذف لرجلين أحدهما جلد و الآخر عاجز فقعد عنه العاجز لعجزه و حرمانه و اقتنصه الجلد لشهامته و قوة جده

٢٤٣

338

وَ قَالَ ع اَلسُّلْطَانُ وَزَعَةُ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ الوازع عن الشي‏ء الكاف عنه و المانع منه و الجمع وزعة مثل قاتل و قتلة و قد قيل هذا المعنى كثيرا قالوا لا بد للناس من وزعة.و قيل ما يزع الله عن الدين بالسلطان أكثر مما يزع عنه بالقرآن و تنسب هذه اللفظة إلى عثمان بن عفان.قال الشاعر:

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم

و لا سراة إذا جهالهم سادوا

و كان يقال السلطان القاهر و إن كان ظالما خير للرعية و للملك من السلطان الضعيف و إن كان عادلا.و قال الله سبحانه( وَ لَوْ لا دَفْعُ اَللَّهِ اَلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ اَلْأَرْضُ ) قالوا في تفسيره أراد السلطان

٢٤٤

339

وَ قَالَ ع فِي صِفَةِ اَلْمُؤْمِنِ اَلْمُؤْمِنُ بِشْرُهُ فِي وَجْهِهِ وَ حُزْنُهُ فِي قَلْبِهِ أَوْسَعُ شَيْ‏ءٍ صَدْراً وَ أَذَلُّ شَيْ‏ءٍ نَفْساً يَكْرَهُ اَلرِّفْعَةَ وَ يَشْنَأُ اَلسُّمْعَةَ طَوِيلٌ غَمُّهُ بَعِيدٌ هَمُّهُ كَثِيرٌ صَمْتُهُ مَشْغُولٌ وَقْتُهُ شَكُورٌ صَبُورٌ مَغْمُورٌ بِفِكْرَتِهِ ضَنِينٌ بِخَلَّتِهِ سَهْلُ اَلْخَلِيقَةِ لَيِّنُ اَلْعَرِيكَةِ نَفْسُهُ أَصْلَبُ مِنَ اَلصَّلْدِ وَ هُوَ أَذَلُّ مِنَ اَلْعَبْدِ هذه صفات العارفين و قد تقدم كثير من القول في ذلك و كان يقال البشر عنوان النجاح و الأمر الذي يختص به العارف أن يكون بشره في وجهه و هو حزين و حزنه في قلبه و إلا فالبشر قد يوجد في كثير من الناس.ثم ذكر أنه أوسع الناس صدرا و أذلهم نفسا و أنه يكره الرفعة و الصيت و جاء في الخبر في وصفهم كل خامل نومة.و طول الغم و بعد الهم من صفاتهم و كذلك كثرة الصمت و شغل الوقت بالذكر و العبادة و كذلك الشكر و الصبر و الاستغراق في الفكر و تدبر آيات الله تعالى في خلقه و الضن بالخلة و قلة المخالطة و التوفر على العزلة و حسن الخلق و لين الجانب و أن يكون قوي النفس جدا مع ذل للناس و تواضع بينهم و هذه الأمور كلها قد أتي عليها الشرح فيما تقدم

٢٤٥

340

وَ قَالَ ع اَلْغِنَى اَلْأَكْبَرُ اَلْيَأْسُ عَمَّا فِي أَيْدِي اَلنَّاسِ هذه الكلمة قد رويت مرفوعة و قد تقدم القول في الطمع و ذمه و اليأس و مدحه.

و في الحديث المرفوع ازهد في الناس يحبك الله و ازهد فيما أيدي الناس يحبك الناس.و من كلام بعضهم ما أكلت طعام واحد إلا هنت عليه.و كان يقال نعوذ بالله من طمع يدني إلى طبع.و قال الشاعر:

أرحت روحي من عذاب الملاح

لليأس روح مثل روح النجاح

و قال بعض الأدباء هذا المعنى الذي قد أطنب فيه الناس ليس كما يزعمونه لعمري إن لليأس راحة و لكن لا كراحة النجاح و ما هو إلا كقول من قال لا أدري نصف العلم فقيل له و لكنه النصف الذي لا ينفع.و قال ابن الفضل:

لا أمدح اليأس و لكنه

أروح للقلب من المطمع

٢٤٦

أفلح من أبصر روض المنى

يرعى فلم يرع و لم يرتع

و مما يروى لعبد الله بن المبارك الزاهد:

قد أرحنا و استرحنا

من غدو و رواح

و اتصال بأمير

و وزير ذي سماح

بعفاف و كفاف

و قنوع و صلاح

و جعلنا اليأس مفتاحا

لأبواب النجاح

٢٤٧

341

وَ قَالَ ع اَلْمَسْئُولُ حُرٌّ حَتَّى يَعِدَ

نبذ من الأقوال الحكيمة في الوعد و المطل

قد سبق القول في الوعد و المطل و نحن نذكر هاهنا نكتا أخرى.

في الحديث المرفوع من وعد وعدا فكأنما عهد عهدا و كان يقال الوعد دين الكرام و المطل دين اللئام.و كان يقال الوعد شبكة من شباك الأحرار يتصيدون بها المحامد.و قال بعضهم الوعد مرض المعروف و الإنجاز برؤه.و قال يحيى بن خالد الوعد سحاب و الإنجاز مطره.

و في الحديث المرفوع عدة المؤمن عطية

و عنه ع لا تواعد أخاك موعدا لتخلفه و قال يحيى بن خالد لبنيه يا بني كونوا أسدا في الأقوال نجازا في الأفعال و لا تعدوا إلا و تنجزوا فإن الحر يثق بوعد الكريم و ربما ادان عليه.و كان جعفر بن يحيى يكره الوعد و يقول الوعد من العاجز فأما القادر فالنقد.

٢٤٨

و في الحديث المرفوع مطل الغني ظلم و قال ابن الفضل:

أثروا و لم يقضوا ديون غريمهم

و اللؤم كل اللؤم مطل الموسر

و قال الآخر:

إذا أتت العطية بعد مطل

فلا كانت و إن كانت سنيه

و كان يقال المطل يسد على صاحبه باب العذر و يوجب عليه الأحسن و الأكثر و التعجيل يحسن سيئه و يبسط عذره في التقليل.و قال يحيى بن خالد لبنيه يا بني لا تمطلوا معروفكم فإن كثير العطاء بعد المطل قليل و عجلوا فإن عذركم مقبول مع التعجيل.و من كلام الحسن بن سهل المطل يذهب رونق البر و يكدر صفو المعروف و يحبط أجر الصدقة و يعقل اللسان عن الشكر و للتعجيل حلاوة و إن قلت العارفة و لذة و إن صغرت الصنيعة و ربما عرض ما يمنع الإنجاز من تعذر الإمكان و تغير الزمان فبادر المكنة و عاجل القدرة و انتهز الفرصة.و قال الشاعر:

تحيل على الفراغ قضاء شغلي

و أنت إذا فرغت تكون مثلي

فلا أدعى بخادمك المرجى

و لا تدعى بسيدنا الأجل

و قال آخر:

لو علم الماطل أن المطال

فقد به يذهب طعم النوال

و أن أعلى البر ما ناله

طالبه نقدا عقيب السؤال

عجل للسائل معروفه

مهنا من طول قيل و قال

٢٤٩

342

وَ قَالَ ع لَوْ رَأَى اَلْعَبْدُ اَلْأَجَلَ وَ مَصِيرَهُ لَأَبْغَضَ اَلْأَمَلَ وَ غُرُورَهُ قد تقدم من الكلام في الأمل ما فيه كفاية و كان يقال وا عجبا لصاحب الأمل الطويل و ربما يكون كفنه في يد النساج و هو لا يعلم

٢٥٠

343

وَ قَالَ ع لِكُلِّ اِمْرِئٍ فِي مَالِهِ شَرِيكَانِ اَلْوَارِثُ وَ اَلْحَوَادِثُ أخذه الرضي فقال:

خذ من تراثك ما استطعت فإنما

شركاؤك الأيام و الوراث

لم يقض حق المال إلا معشر

نظروا الزمان يعيث فيه فعاثوا

و قد قال ع في موضع آخر بشر مال البخيل بحادث أو وارث و رأيت بخط ابن الخشابرحمه‌الله على ظهر كتاب لعبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد ثم لحادث أو وارث كأنه يعني ضنه به أي لا أخرجه عن يدي اختيارا

٢٥١

344

وَ قَالَ ع اَلدَّاعِي بِلاَ عَمَلٍ كَالرَّامِي بِلاَ وَتَرٍ من خلا من العمل فقد أخل بالواجبات و من أخل بالواجبات فقد فسق و الله تعالى لا يقبل دعاء الفاسق و شبهه ع بالرامي بلا وتر فإن سهمه لا ينفذ

٢٥٢

345

وَ قَالَ ع اَلْعِلْمُ عِلْمَانِ مَطْبُوعٌ وَ مَسْمُوعٌ وَ لاَ يَنْفَعُ اَلْمَسْمُوعُ إِذَا لَمْ يَكُنِ اَلْمَطْبُوعُ هذه قاعدة كلية مذكورة في الكتب الحكمية إن العلوم منها ما هو غريزي و منها ما هو تكليفي ثم كل واحد من القسمين يختلف بالأشد و الأضعف أما الأول فقد يكون في الناس من لا يحتاج في النظر إلى ترتيب المقدمات بل تنساق النتيجة النظرية إليه سوقا من غير احتياج منه إلى التأمل و التدبر و قد يكون فيهم من هو دون ذلك و قد يكون من هو دون الدون و أما الثاني فقد يكون في الناس من لا يجدي فيه التعليم بل يكون كالصخرة الجامدة بلادة و غباوة و منهم من يكون أقل تبلدا و جنوح ذهن من ذلك و منهم من يكون الوقفة عنده أقل فيكون ذا حال متوسطة و بالجملة فاستقراء أحوال الناس يشهد بصحة ذلك.و قال ع ليس ينفع المسموع إذا لم يكن المطبوع يقول إذا لم يكن هناك أحوال استعداد لم ينفع الدرس و التكرار و قد شاهدنا مثل هذا في حق أشخاص كثيرة اشتغلوا بالعلم الدهر الأطول فلم ينجع معهم العلاج و فارقوا الدنيا و هم على الغريزة الأولى في الساذجية و عدم الفهم

٢٥٣

346

وَ قَالَ ع صَوَابُ اَلرَّأْيِ بِالدُّوَلِ يُقْبِلُ بِإِقْبَالِهَا وَ يَذْهَبُ بِذَهَابِهَا يُدْبِرُ بِإِدْبَارِهَا قال الصولي اجتمع بنو برمك عند يحيى بن خالد في آخر دولتهم و هم يومئذ عشرة فأداروا بينهم الرأي في أمر فلم يصلح لهم فقال يحيى أنا لله ذهبت و الله دولتنا كنا في إقبالنا يبرم الواحد منا عشرة آراء مشكلة في وقت واحد و اليوم نحن عشرة في أمر غير مشكل و لا يصح لنا فيه رأي الله نسأل حسن الخاتمة.أرسل المنصور لما هاضه أمر إبراهيم إلى عمه عبد الله بن علي و هو في السجن يستشيره ما يصنع و كان إبراهيم قد ظهر بالبصرة فقال عبد الله أنا محبوس و المحبوس محبوس الرأي قال له فعلى ذاك قال يفرق الأموال كلها على الرجال و يلقاه فإن ظفر فذاك و إلا يتوجه إلى أبيه محمد بجرجان و يتركه يقدم على بيوت أموال فارغة فهو خير له من أن تكون الدبرة عليه و يقدم عدوه على بيوت أموال مملوءة.قال سليمان بن عبد الملك ليزيد بن أبي مسلم صاحب شرطة الحجاج يوما لعن الله رجلا أجرك رسنه و خرب لك آخرته قال يا أمير المؤمنين رأيتني و الأمر عني مدبر و لو رأيتني و الأمر علي مقبل لاستكبرت مني ما استصغرت و لاستعظمت مني ما استحقرت

٢٥٤

347

وَ قَالَ ع اَلْعَفَافُ زِينَةُ اَلْفَقْرِ وَ اَلشُّكْرُ زِينَةُ اَلْغِنَى قد سبق القول في أن الأجمل بالفقير أن يكون عفيفا و ألا يكون جشعا حريصا و لا جادا في الطلب متهالكا و أنه ينبغي أنه إذا افتقر أن يتيه على الوقت و أبناء الوقت فإن التيه في مثل ذلك المقام لا بأس به ليبعد جدا عن مظنة الحرص و الطمع.و قد سبق أيضا القول في الشكر عند النعمة و وجوبه و أنه سبب لاستدامتها و أن الإخلال به داعية إلى زوالها و انتقالها و ذكرنا في هذا الباب أمورا مستحسنة فلتراجع و قال عبد الصمد بن المعذل في العفاف:

سأقنى العفاف و أرضى الكفاف

و ليس غنى النفس حوز الجزيل

و لا أتصدى لشكر الجواد

و لا أستعد لذم البخيل

و أعلم أن بنات الرجاء

تحل العزيز محل الذليل

و أن ليس مستغنيا بالكثير

من ليس مستغنيا بالقليل

٢٥٥

348

يَوْمُ العَدْلِ عَلَى الظَّالِمِ،أشدُّ مِنْ يَوْمِ الْجَوْرِ علي الَمظلُومِ.

شيئان مُؤلمان: أحدُهما يَنقضى سريعاً،والآخر يَدُوم أبداً؛فلاَ جَرم،كان اليومُ المذكور علي الظّالم ؛أشدّ من يَوْم الجور علي الظلوم.

٢٥٦

349

وَ قَالَ ع اَلْأَقَاوِيلُ مَحْفُوظَةٌ وَ اَلسَّرَائِرُ مَبْلُوَّةٌ وَ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) وَ اَلنَّاسُ مَنْقُوصُونَ مَدْخُولُونَ إِلاَّ مَنْ عَصَمَ اَللَّهُ سَائِلُهُمْ مُتَعَنِّتٌ وَ مُجِيبُهُمْ مُتَكَلِّفٌ يَكَادُ أَفْضَلُهُمْ رَأْياً يَرُدُّهُ عَنْ فَضْلِ رَأْيِهِ اَلرِّضَا اَلرِّضَى وَ اَلسُّخْطُ وَ يَكَادُ أَصْلَبُهُمْ عُوداً تَنْكَؤُهُ اَللَّحْظَةُ وَ تَسْتَحِيلُهُ اَلْكَلِمَةُ اَلْوَاحِدَةُ السرائر هاهنا ما أسر في القلوب من النيات و العقائد و غيرها و ما يخفى من أعمال الجوارح أيضا و بلاؤها تعرفها و تصفحها و التمييز بين ما طاب منها و ما خبث.و قال عمر بن عبد العزيز للأحوص لما قال:

ستبلى لها في مضمر القلب و الحشا

سريرة حب يوم تبلى السرائر

إنك يومئذ عنها لمشغول.ذكر ع الناس فقال قد عمهم النقص إلا المعصومين ثم قال سائلهم يسأل تعنتا و السؤال على هذا الوجه مذموم و مجيبهم متكلف للجواب و أفضلهم رأيا يكاد رضاه تارة و سخطه أخرى يرده عن فضل رأيه أي يتبعون الهوى

٢٥٧

و يكاد أصلبهم عودا أي أشدهم احتمالا.و تنكؤه اللحظة نكأت القرحة إذا صدمتها بشي‏ء فتقشرها.قال و تستحيله الكلمة الواحدة أي تحيله و تغيره عن مقتضى طبعه يصفهم بسرعة التقلب و التلون و أنهم مطيعون دواعي الشهوة و الغضب و استفعل بمعنى فعل قد جاء كثيرا استغلظ العسل أي غلظ

٢٥٨

350

وَ قَالَ ع : مَعَاشِرَ اَلنَّاسِ اِتَّقُوا اَللَّهَ وَ قَالَ ع فَكَمْ مِنْ مُؤَمِّلٍ مَا لاَ يَبْلُغُهُ وَ بَانٍ مَا لاَ يَسْكُنُهُ وَ جَامِعٍ مَا سَوْفَ يَتْرُكُهُ وَ لَعَلَّهُ مِنْ بَاطِلٍ جَمَعَهُ وَ مِنْ حَقٍّ مَنَعَهُ أَصَابَهُ حَرَاماً وَ اِحْتَمَلَ بِهِ آثَاماً فَبَاءَ بِوِزْرِهِ وَ قَدِمَ عَلَى رَبِّهِ آسِفاً لاَهِفاً قَدْ( خَسِرَ اَلدُّنْيَا وَ اَلآْخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ اَلْخُسْرَانُ اَلْمُبِينُ )

قد تقدم شرح هذه المعاني و الكلام عليها أما الآمال التي لا تبلغ فأكثر من أن تحصى بل لا نهاية لها.و ما أحسن قول القائل:

وا حسرتى مات حظي من وصالكم

و للحظوظ كما للناس آجال

إن مت شوقا و لم أبلغ مدى أملي

كم تحت هذي القبور الخرس آمال

و أما بناء ما لا يسكن فنحو ذلك و قال الشاعر:

أ لم تر حوشبا بالأمس يبني

بناء نفعه لبني نفيله

يؤمل أن يعمر عمر نوح

و أمر الله يطرق كل ليله

و أما جامع ما سوف يتركه فأكثر الناس قال الشاعر:

و ذي إبل يسعى و يحسبها له

أخو تعب في رعيها و دءوب

غدت و غدا رب سواه يسوقها

و بدل أحجارا و جال قليب

٢٥٩

351

وَ قَالَ ع مِنَ اَلْعِصْمَةِ تَعَذُّرُ اَلْمَعَاصِي قد وردت هذه الكلمة على صيغ مختلفة من العصمة ألا تقدر و أيضا من العصمة ألا تجد و قد رويت مرفوعة أيضا.و ليس المراد بالعصمة هاهنا العصمة التي ذكرها المتكلمون لأن العصمة عند المتكلمين من شرطها القدرة و حقيقتها راجعة إلى لطف يمنع القادر على المعصية من المعصية و إنما المراد أن غير القادر في اندفاع العقوبة عنه كالقادر الذي لا يفعل

٢٦٠