كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٩

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 430

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 430
المشاهدات: 35724
تحميل: 4572


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35724 / تحميل: 4572
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 19

مؤلف:
العربية

320

وَ قَالَ ع رُدُّوا اَلْحَجَرَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ فَإِنَّ اَلشَّرَّ لاَ يَدْفَعُهُ إِلاَّ اَلشَّرُّ هذا مثل قولهم في المثل إن الحديد بالحديد يفلح و قال عمرو بن كلثوم:

ألا لا يجهلن أحد علينا

فنجهل فوق جهل الجاهلينا

و قال الفند الزماني:

فلما صرح الشر

فأمسى و هو عريان

و لم يبق سوى العدوان

دناهم كما دانوا

و بعض الحلم عند الجهل

للذلة إذعان

و في الشر نجاة حين

لا ينجيك إحسان

و قال الأحنف:

و ذي ضعن أمت القول عنه

بحلمي فاستمر على المقال

و من يحلم و ليس له سفيه

يلاق المعضلات من الرجال

٢٢١

و قال الراجز:

لا بد للسؤدد من أرماح

و من عديد يتقي بالراح

و من سفيه دائم النباح

و قال آخر:

و لا يلبث الجهال أن يتهضموا

أخا الحلم ما لم يستعن بجهول

و قال آخر:

و لا أتمنى الشر و الشر تاركي

و لكن متى أحمل على الشر أركب

٢٢٢

321

وَ قَالَ ع لِكَاتِبِهِ عُبَيْدِ اَللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ أَلِقْ دَوَاتَكَ وَ أَطِلْ جِلْفَةَ قَلَمِكَ وَ فَرِّجْ بَيْنَ اَلسُّطُورِ وَ قَرْمِطْ بَيْنَ اَلْحُرُوفِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَجْدَرُ بِصَبَاحَةِ اَلْخَطِّ لاق الحبر بالكاغد يليق أي التصق و لقته أنا يتعدى و لا يتعدى و هذه دواة مليقة أي قد أصلح مدادها و جاء ألق الدواة إلاقة فهي مليقة و هي لغة قليلة و عليها وردت كلمة أمير المؤمنين ع.و يقال للمرأة إذا لم تحظ عند زوجها ما عاقت عند زوجها و لا لاقت أي ما التصقت بقلبه.و تقول هي جلفة القلم بالكسر و أصل الجلف القشر جلفت الطين من رأس الدن و الجلفة هيئة فتحة القلم التي يستمد بها المداد كما تقول هو حسن الركبة و الجلسة و نحو ذلك من الهيئات.و تقول قد قرمط فلان خطوه إذا مشى مشيا فيه ضيق و تقارب و كذلك القول في تضييق الحروف.فأما التفريج بين السطور فيكسب الخط بهاء و وضوحا

٢٢٣

322

وَ قَالَ ع أَنَا يَعْسُوبُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمَالُ يَعْسُوبُ اَلْفُجَّارِ قال معنى ذلك أن المؤمنين يتبعونني و الفجار يتبعون المال كما تتبع النحل يعسوبها و هو رئيسها هذه كلمة قالها رسول الله ص بلفظين مختلفين تارة أنت يعسوب الدين و تارة أنت يعسوب المؤمنين و الكل راجع إلى معنى واحد كأنه جعله رئيس المؤمنين و سيدهم أو جعل الدين يتبعه و يقفو أثره حيث سلك كما يتبع النحل اليعسوب و هذا نحو قوله و أدر الحق معه كيف دار

٢٢٤

323

وَ قَالَ لَهُ بَعْضُ اَلْيَهُودِ لِبَعْضِ اَلْيَهُودِ حِينَ قَالَ لَهُ مَا دَفَنْتُمْ نَبِيَّكُمْ حَتَّى اِخْتَلَفْتُمْ فِيهِ فَقَالَ ع لَهُ إِنَّمَا اِخْتَلَفْنَا عَنْهُ لاَ فِيهِ وَ لَكِنَّكُمْ مَا جَفَّتْ أَرْجُلُكُمْ مِنَ اَلْبَحْرِ حَتَّى قُلْتُمْ لِنَبِيِّكُمْ اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ما أحسن قوله اختلفنا عنه لا فيه و ذلك لأن الاختلاف لم يكن في التوحيد و النبوة بل في فروع خارجة عن ذلك نحو الإمامة و الميراث و الخلاف في الزكاة هل هي واجبة أم لا و اليهود لم يختلفوا كذلك بل في التوحيد الذي هو الأصل.قال المفسرون مروا على قوم يعبدون أصناما لهم على هيئة البقر فسألوا موسى أن يجعل لهم إلها كواحد منها بعد مشاهدتهم الآيات و الأعلام و خلاصهم من رق العبودية و عبورهم البحر و مشاهدة غرق فرعون و هذه غاية الجهل و قد روي حديث اليهودي على وجه آخر

قيل قال يهودي لعلي ع اختلفتم بعد نبيكم و لم يجف ماؤه يعني غسله ص فقال ع و أنتم قلتم اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ و لما يجف ماؤكم

٢٢٥

324

وَ قِيلَ لَهُ ع بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ غَلَبْتَ اَلْأَقْرَانَ فَقَالَ ع قَالَ مَا لَقِيتُ رَجُلاً أَحَداً إِلاَّ أَعَانَنِي عَلَى نَفْسِهِ قال الرضيرحمه‌الله تعالى يومئ بذلك إلى تمكن هيبته في القلوب قالت الحكماء الوهم مؤثر و هذا حق لأن المريض إذا تقرر في وهمه أن مرضه قاتل له ربما هلك بالوهم و كذلك من تلسبه الحية و يقع في خياله أنها قاتلته فإنه لا يكاد يسلم منها و قد ضربوا لذلك مثالا الماشي على جذع معترض على مهواة فإن وهمه و تخيله السقوط يقتضي سقوطه و إلا فمشيه عليه و هو منصوب على المهواة كمشيه عليه و هو ملقى على الأرض لا فرق بينهما إلا الوهم و الخوف و الإشفاق و الحذر فكذلك الذين بارزوا عليا ع من الأقران لما كان قد طار صيته و اجتمعت الكلمة أنه ما بارزه أحد إلا كان المقتول غلب الوهم عليهم فقصرت أنفسهم عن مقاومته و انخذلت أيديهم و جوارحهم عن مناهضته و كان هو في الغاية القصوى من الشجاعة و الإقدام فيقتحم عليهم و يقتلهم

٢٢٦

325

وَ قَالَ ع لاِبنْهِ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَنَفِيَّةِ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ اَلْفَقْرَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ فَإِنَّ اَلْفَقْرَ مَنْقَصَةٌ لِلدِّينِ مَدْهَشَةٌ لِلْعَقْلِ دَاعِيَةٌ لِلْمَقْتِ

نبذ من الأقوال الحكيمة في الفقر و الغنى

هذا موضع قد اختلف الناس فيه كثيرا ففضل قوم الغنى و فضل قوم الفقر فقال أصحاب الغنى قد وصف الله تعالى المال فسماه خيرا فقال( إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ اَلْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي ) و قال ممتنا على عباده واعدا لهم بالإنعام و الإحسان( وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ ) و قال( وَ جَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً ) .وقال النبي ص المال الحسب إن أحساب أهل الدنيا هذا المال وقال ع نعم العون على تقوى الله المال.

٢٢٧

قالوا و لا ريب أن الأعمال الجليلة العظيمة الثواب لا يتهيأ حصولها إلا بالمال كالحج و الوقوف و الصدقات و الزكوات و الجهاد.

و قد جاء في الخبر خير المال سكة مأبورة أو مهرة مأمورة.و قالت الحكماء المال يرفع صاحبه و إن كان وضيع النسب قليل الأدب و ينصره و إن كان جبانا و يبسط لسانه و إن كان عيا به توصل الأرحام و تصان الأعراض و تظهر المروءة و تتم الرئاسة و يعمر العالم و تبلغ الأغراض و تدرك المطالب و تنال المآرب يصلك إذا قطعك الناس و ينصرك إذا خذلوك و يستعبد لك الأحرار و لو لا المال لما بان كرم الكريم و لا ظهر لؤم اللئيم و لا شكر جواد و لا ذم بخيل و لا صين حريم و لا أدرك نعيم.و قال الشاعر:

المال أنفع للفتى من علمه

و الفقر أقتل للفتى من جهله

ما ضر من رفع الدراهم قدره

جهل يناط إلى دناءة أصله

و قال آخر:

دعوت أخي فولى مشمئزا

و لبى درهمي لما دعوت

و قال آخر:

و لم أر أوفى ذمة من دراهمي

و أصدق عهدا في الأمور العظائم

فكم خانني خل وثقت بعهده

و كان صديقا لي زمان الدراهم

و قال آخر:

أبو الأصفر المنقوش أنفع للفتى

من الأصل و العلم الخطير المقدم

٢٢٨

أحــــــــــــــــب

أحــــــــــــــــب

و ما مدح العلم امرؤ ظفرت به

يداه و لكن كل مقو و معدم

و قال الشاعر:

أحــــــــــــــــب

أحــــــــــــــــب

و لم أر بعد الدين خيرا من الغنى

و لم أر بعد الكفر شرا من الفقر

و قال العتابي الناس لصاحب المال ألزم من الشعاع للشمس و هو عندهم أرفع من السماء و أعذب من الماء و أحلى من الشهد و أزكى من الورد خطؤه صواب و سيئته حسنة و قوله مقبول يغشى مجلسه و لا يمل حديثه و المفلس عندهم أكذب من لمعان السراب و من رؤيا الكظة و من مرآة اللقوة و من سحاب تموز لا يسأل عنه إن غاب و لا يسلم عليه إذا قدم إن غاب شتموه و إن حضر طردوه مصافحته تنقض الوضوء و قراءته تقطع الصلاة أثقل من الأمانة و أبغض من السائل المبرم.و قال بعض الشعراء الظرفاء و أحسن كل الإحسان مع خلاعته:

أصون دراهمي و أذب عنها

لعلمي أنها سيفي و ترسي

و أذخرها و أجمعها بجهدي

و يأخذ وارثي منها و عرسي

فيأكلها و يشربها هنيئا

على النغمات من نقر و جس

و يقعد فوق قبري بعد موتي

و لا يتصدقن عني بفلس

أحب إلي من قصدي عظيما

كبيرا أصله من عبد شمس

أمد إليه كفي مستميحا

و أصبح عبد خدمته و أمسي

و يتركني أجر الرجل مني

و قد صارت كنفس الكلب نفسي

٢٢٩

و قال أصحاب الفقر الغنى سبب الطغيان قال الله تعالى( كَلاَّ إِنَّ اَلْإِنْسانَ لَيَطْغى‏ أَنْ رَآهُ اِسْتَغْنى‏ ) و قال تعالى( وَ إِذا أَنْعَمْنا عَلَى اَلْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَ نَأى‏ بِجانِبِهِ ) و كان يقال الغنى يورث البطر و غنى النفس خير من غنى المال.و قال محمود البقال:

الفقر خير فاتسع و اقتصد

إن من العصمة ألا تجد

كم واجد أطلق وجدانه

عنانه في بعض ما لم يرد

و مدمن للخمر غاد على

سماع عود و غناء غرد

لو لم يجد خمرا و لا مسمعا

يرد بالماء غليل الكبد

كم من يد للفقر عند امرئ

طأطأ منه الفقر حتى اقتصد

و كان يقال الفقر شعار الصالحين و الفقر لباس الأنبياء و لذلك قال البحتري:

فقر كفقر الأنبياء و غربة

و صبابة ليس البلاء بواحد

و كان يقال الفقر مخف و الغني مثقل.

و في الخبر نجا المخفون و ما أحسن قول أبي العتاهية:

أ لم تر أن الفقر يرجى له الغنى

و أن الغنى يخشى عليه من الفقر

و قد ذم الله تعالى المال فقال( إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) .

٢٣٠

و كان يقال المال ملول المال ميال المال غاد و رائح طبع المال كطبع الصبي لا يوقف على وقت رضاه و لا وقت سخطه المال لا ينفعك حتى يفارقك و إلى هذا المعنى نظر القائل:

و صاحب صدق ليس ينفع قربه

و لا وده حتى تفارقه عمدا

يعني الدينار.و ما أحسن ما قاله الأول:

و قد يهلك الإنسان حسن رياشه

كما يذبح الطاوس من أجل ريشه

و قال آخر:

رويدك إن المال يهلك ربه

إذا جم و استعلى و سد طريقه

و من جاوز الماء الغزير فمجه

و سد طريق الماء فهو غريقه

٢٣١

326

وَ قَالَ ع لِسَائِلٍ سَأَلَهُ عَنْ مُعْضِلَةٍ مَسْأَلَةٍ سَلْ تَفَقُّهاً وَ لاَ تَسْأَلْ تَعَنُّتاً فَإِنَّ اَلْجَاهِلَ اَلْمُتَعَلِّمَ شَبِيهٌ بِالْعَالِمِ وَ إِنَّ اَلْعَالِمَ اَلْمُتَعَسِّفَ اَلْمُتَعَنِّتَ شَبِيهٌ بِالْجَاهِلِ اَلْمُتَعَنِّتِ قد ورد نهي كثير عن السؤال على طريق الإعنات.

و قال أمير المؤمنين ع في كلام له من حق العالم ألا تكثر عليه بالسؤال و لا تعنته في الجواب و لا تضع له غامضات المسائل و لا تلح عليه إذا كسل و لا تأخذ بثوبه إذا نهض و لا تفش له سرا و لا تغتابن عنده أحدا و لا تنقلن إليه حديثا و لا تطلبن عثرته و إن زل قبلت معذرته و عليك أن توقره و تعظمه لله ما دام حافظا أمر الله و لا تجلس أمامه و إذا كانت له حاجة فاسبق أصحابك إلى خدمته.و قال ابن سيرين لسائل سأله سل أخاك إبليس إنك لن تسأل و أنت طالب رشد.و قالوا اللهم إنا نعوذ بك أن تعنت كما نعوذ بك أن نعنت و نستكفيك أن تفضح كما نستكفيك أن نفضح.و قالوا إذا آنس المعلم من التلميذ سؤال التعنت حرم عليه تعليمه

٢٣٢

327

وَ قَالَ ع لِعَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْعَبَّاسِرضي‌الله‌عنه وَ قَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ فِي شَيْ‏ءٍ لَمْ يُوَافِقْ رَأْيَهُ لَكَ أَنْ تُشِيرَ عَلَيَّ وَ أَرَى فَإِنْ فَإِذَا عَصَيْتُكَ فَأَطِعْنِي الإمام أفضل من الرعية رأيا و تدبيرا فالواجب على من يشير عليه بأمر فلا يقبل أن يطيع و يسلم و يعلم أن الإمام قد عرف من المصلحة ما لم يعرف.و لقد أحسن الصابي في قوله في بعض رسائله و لو لا فضل الرعاة على الرعايا في بعد مطرح النظرة و استشفاف عيب العاقبة لتساوت الأقدام و تقاربت الأفهام و استغنى المأموم عن الإمام

٢٣٣

328

وَ رُوِيَ : أَنَّهُ ع لَمَّا وَرَدَ اَلْكُوفَةَ قَادِماً مِنْ صِفِّينَ مَرَّ بِالشِّبَامِيِّينَ فَسَمِعَ بُكَاءَ اَلنِّسَاءِ عَلَى قَتْلَى صِفِّينَ وَ خَرَجَ إِلَيْهِ حَرْبُ بْنُ شُرَحْبِيلَ الشِّبَامِيِّ وَ كَانَ مِنْ وُجُوهِ قَوْمِهِ فَقَالَ ع لَهُ أَ تَغْلِبُكُمْ يَغْلِبُكُمْ نِسَاؤُكُمْ عَلَى مَا أَسْمَعُ أَ لاَ تَنْهَوْنَهُنَّ عَنْ هَذَا اَلرَّنِينِ وَ أَقْبَلَ حَرْبٌ يَمْشِي مَعَهُ وَ هُوَ ع رَاكِبٌ فَقَالَ لَهُ اِرْجِعْ فَإِنَّ مَشْيَ مِثْلِكَ مَعَ مِثْلِي فِتْنَةٌ لِلْوَالِي وَ مَذَلَّةٌ لِلْمُؤْمِنِ قد ذكرنا نسب الشباميين فيما اقتصصناه من أخبار صفين في أول الكتاب.و الرنين الصوت و إنما جعله فتنة للوالي لما يتداخله من العجب بنفسه و الزهو و لا ريب أيضا في أنه مذلة للمؤمن فإن الرجل الماشي إلى ركاب الفارس أذل الناس

٢٣٤

329

وَ قَالَ ع وَ قَدْ مَرَّ بِقَتْلَى اَلْخَوَارِجِ يَوْمَ اَلنَّهْرَوَانِ بُؤْساً لَكُمْ لَقَدْ ضَرَّكُمْ مَنْ غَرَّكُمْ فَقِيلَ لَهُ مَنْ غَرَّهُمْ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ اَلشَّيْطَانُ اَلْمُضِلُّ وَ اَلْأَنْفُسُ اَلنَّفْسُ اَلْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ غَرَّتْهُمْ بِالْأَمَانِيِّ وَ فَسَحَتْ لَهُمْ بِالْمَعَاصِي فِي اَلْمَعَاصِي وَ وَعَدَتْهُمُ اَلْإِظْهَارَ فَاقْتَحَمَتْ بِهِمُ اَلنَّارَ يقال بؤسى لزيد و بؤسا بالتنوين لزيد فبؤسى نظيره نعمى و بؤسا نظيره نعمة ينتصب على المصدر.و هذا الكلام رد على المجبرة و تصريح بأن النفس الأمارة بالسوء هي الفاعلة.و الإظهار مصدر أظهرته على زيد أي جعلته ظاهرا عليه غالبا له أي وعدتهم الانتصار و الظفر

٢٣٥

330

وَ قَالَ ع اِتَّقُوا مَعَاصِيَ اَللَّهِ فِي اَلْخَلَوَاتِ فَإِنَّ اَلشَّاهِدَ هُوَ اَلْحَاكِمُ إذا كان الشاهد هو الحاكم استغنى عمن يشهد عنده فالإنسان إذن جدير أن يتقى الله حق تقاته لأنه تعالى الحاكم فيه و هو الشاهد عليه

٢٣٦

331

وَ قَالَ ع لَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍرضي‌الله‌عنه إِنَّ حُزْنَنَا عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ سُرُورِهِمْ بِهِ إِلاَّ أَنَّهُمْ نَقَصُوا نُقِصُوا بَغِيضاً وَ نَقَصْنَا نُقِصْنَا حَبِيباً قد تقدم ذكر مقتل محمد بن أبي بكررضي‌الله‌عنه و قال ع إن حزننا به في العظم على قدر فرحهم به و لكن وقع التفاوت بيننا و بينهم من وجه آخر و هو أنا نقصنا حبيبا إلينا و أما هم فنقصوا بغيضا إليهم.فإن قلت كيف نقصوا و معلوم أن أهل الشام ما نقصوا بقتل محمد شيئا لأنه ليس في عددهم.قلت لما كان أهل الشام يعدون في كل وقت أعداءهم و بغضاءهم من أهل العراق و صار ذلك العدد معلوما عندهم محصور الكمية نقصوا بقتل محمد من ذلك العدد واحدا فإن النقص ليس من عدد أصحابهم بل من عدد أعدائهم الذين كانوا يتربصون بهم الدوائر و يتمنون لهم الخطوب و الأحداث كأنه يقول استراحوا من واحد من جملة جماعة كانوا ينتظرون موتهم

٢٣٧

332

وَ قَالَ ع : اَلْعُمُرُ اَلَّذِي أَعْذَرَ اَللَّهُ فِيهِ إِلَى اِبْنِ آدَمَ سِتُّونَ سَنَةً أعذر الله فيه أي سوغ لابن آدم أن يعتذر يعني أن ما قبل الستين هي أيام الصبا و الشبيبة و الكهولة و قد يمكن أن يعذر الإنسان فيه على اتباع هوى النفس لغلبة الشهوة و شرة الحداثة فإذا تجاوز الستين دخل في سن الشيخوخة و ذهبت عنه غلواء شرته فلا عذر له في الجهل.و قد قالت الشعراء نحو هذا المعنى في دون هذه السن التي عينها ع.و قال بعضهم:

إذا ما المرء قصر ثم مرت

عليه الأربعون عن الرجال

و لم يلحق بصالحهم فدعه

فليس بلاحق أخرى الليالي

٢٣٨

333

وَ قَالَ ع مَا ظَفِرَ مَنْ ظَفِرَ اَلْإِثْمُ بِهِ وَ اَلْغَالِبُ بِالشَّرِّ مَغْلُوبٌ قد قال ع نحو هذا و ذكرناه في هذا الكتاب

من قصر في الخصومة ظلم و من بالغ فيها أثم

٢٣٩

334

وَ قَالَ ع إِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ فَرَضَ فِي أَمْوَالِ اَلْأَغْنِيَاءِ أَقْوَاتَ اَلْفُقَرَاءِ فَمَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلاَّ بِمَا مُتِّعَ بِهِ غَنِيٌّ وَ اَللَّهُ تَعَالَى جَدُّهُ سَائِلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ قد تقدم القول في الصدقة و فضلها و ما جاء فيها و قد ورد

في الأخبار الصحيحة أن أبا ذر قال انتهيت إلى رسول الله ص و هو جالس في ظل الكعبة فلما رآني قال هم الأخسرون و رب الكعبة فقلت من هم قال هم الأكثرون أموالا إلا من قال هكذا و هكذا من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله و قليل ما هم ما من صاحب إبل و لا بقر و لا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت و أسمنه تنطحه بقرونها و تطأه بأظلافها كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها حتى يقضي الله بين الناس...

٢٤٠