كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٩

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 430

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 430
المشاهدات: 35499
تحميل: 4474


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35499 / تحميل: 4474
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 19

مؤلف:
العربية

کتاب شرح نهج البلاغة

الجزء التاسع عشر

ابن ابي الحديد

١

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنين (عليهما‌السلام ) للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.

٢

٣

٤

٥

٦

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الواحد العدل

186

وَ قَالَ ع إِنَّمَا اَلْمَرْءُ فِي اَلدُّنْيَا غَرَضٌ تَنْتَضِلُ فِيهِ اَلْمَنَايَا وَ نَهْبٌ تُبَادِرُهُ اَلْمَصَائِبُ وَ مَعَ كُلِّ جُرْعَةٍ شَرَقٌ وَ فِي كُلِّ أَكْلَةٍ غَصَصٌ وَ لاَ يَنَالُ اَلْعَبْدُ نِعْمَةً إِلاَّ بِفِرَاقِ أُخْرَى وَ لاَ يَسْتَقْبِلُ يَوْماً مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ بِفِرَاقِ آخَرَ مِنْ أَجَلِهِ فَنَحْنُ أَعْوَانُ اَلْمَنُونِ وَ أَنْفُسُنَا نَصْبُ اَلْحُتُوفِ فَمِنْ أَيْنَ نَرْجُو اَلْبَقَاءَ وَ هَذَا اَللَّيْلُ وَ اَلنَّهَارُ لَمْ يَرْفَعَا منْ شَيْ‏ءٍ شَرَفاً إِلاَّ أَسْرَعَا اَلْكَرَّةَ فِي هَدْمِ مَا بَنَيَا وَ تَفْرِيقِ مَا جَمَعَا قد سبق ذرء من هذا الكلام في أثناء خطبته ع و قد ذكرنا نحن أشياء كثيرة في الدنيا و تقلبها بأهلها.و من كلام بعض الحكماء طوبى للهارب من زخارف الدنيا و الصاد عن زهرة دمنتها و الخائف عند أمانها و المتهم لضمانها و الباكي عند ضحكها إليه و المتواضع عند إعزازها له و الناظر بعين عقله إلى فضائحها و المتأمل لقبح مصارعها و التارك

٧

لكلابها على جيفها و المكذب لمواعيدها و المتيقظ لخدعها و المعرض عن لمعها و العامل في إمهالها و المتزود قبل إعجالها.قوله تنتضل النضل شي‏ء يرمى و يروى تبادره أي تتبادره و الغرض الهدف.و النهب المال المنهوب غنيمة و جمعه نهاب.و قد سبق تفسير قوله لا ينال العبد نعمة إلا بفراق أخرى و قلنا إن الذي حصلت له لذة الجماع حال ما هي حاصلة له لا بد أن يكون مفارقا لذة الأكل و الشرب و كذلك من يأكل و يشرب يكون مفارقا حال أكله و شربه لذة الركض على الخيل في طلب الصيد و نحو ذلك.قوله فنحن أعوان المنون لأنا نأكل و نشرب و نجامع و نركب الخيل و الإبل و نتصرف في الحاجات و المآرب و الموت إنما يكون بأحد هذه الأسباب إما من أخلاط تحدثها المآكل و المشارب أو من سقطة يسقط الإنسان من دابة هو راكبها أو من ضعف يلحقه من الجماع المفرط أو لمصادمات و اصطكاكات تصيبه عند تصرفه في مآربه و حركته و سعيه و نحو ذلك فكأنا نحن أعنا الموت على أنفسنا.قوله نصب الحتوف يروى بالرفع و النصب فمن رفع فهو خبر المبتدإ و من نصبه جعله ظرفا

٨

187

وَ قَالَ ع لاَ خَيْرَ فِي اَلصَّمْتِ عَنِ اَلْحُكْمِ كَمَا أَنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي اَلْقَوْلِ بِالْجَهْلِ قد تكرر ذكر هذا القول و تكرر منا شرحه و شرح نظائره و كان يقال ما الإنسان لو لا اللسان إلا بهيمة مهملة أو صورة ممثلة.و كان يقال اللسان عضو إن مرنته مرن و إن تركته خزن

٩

188

وَ قَالَ ع يَا اِبْنَ آدَمَ مَا كَسَبْتَ فَوْقَ قُوتِكَ فَأَنْتَ فِيهِ خَازِنٌ لِغَيْرِكَ أخذ هذا المعنى بعضهم فقال :

ما لي أراك الدهر تجمع دائبا

أ لبعل عرسك لا أبا لك تجمع

و عاد الحسن البصري عبد الله بن الأهتم في مرضه الذي مات فيه فأقبل عبد الله يصرف بصره إلى صندوق في جانب البيت ثم قال للحسن يا أبا سعيد فيه مائة ألف لم يؤد منها زكاة و لم توصل بها رحم قال الحسن ثكلتك أمك فلم أعددتها قال لروعة الزمان و مكاثرة الإخوان و جفوة السلطان ثم مات فحضر الحسن جنازته فلما دفن صفق بإحدى راحتيه الأخرى و قال إن هذا تاه شيطانه فحذره روعة زمانه و جفوة سلطانه و مكاثرة إخوانه فيما استودعه الله إياه فادخره ثم خرج منه كئيبا حزينا لم يؤد زكاة و لم يصل رحما ثم التفت فقال أيها الوارث كل هنيئا فقد أتاك هذا المال حلالا فلا يكن عليك وبالا أتاك ممن كان له جموعا منوعا يركب فيه لجج البحار و مفاوز القفار من باطل جمعه و من حق منعه لم ينتفع به في حياته و ضره بعد وفاته جمعه فأوعاه و شده فأوكاه إلى يوم القيامة يوم ذي حسرات و إن أعظم الحسرات أن ترى مالك في ميزان غيرك بخلت بمال أوتيته من رزق الله أن تنفقه في طاعة الله فخزنته لغيرك فأنفقه في مرضاة ربه يا لها حسرة لا تقال و رحمة لا تنال إنا لله و إنا إليه راجعون

١٠

189

وَ قَالَ ع إِنَّ لِلْقُلُوبِ شَهْوَةً وَ إِقْبَالاً وَ إِدْبَاراً فَأْتُوهَا مِنْ قِبَلِ شَهْوَتِهَا وَ إِقْبَالِهَا فَإِنَّ اَلْقَلْبَ إِذَا أُكْرِهَ عَمِيَ قد تقدم القول في هذا المعنى.و العلة في كون القلب يعمى إذا أكره على ما لا يحبه أن القلب عضو من الأعضاء يتعب و يستريح كما تتعب الجثة عند استعمالها و أحمالها و تستريح عند ترك العمل كما يتعب اللسان عند الكلام الطويل و يستريح عند الإمساك و إذا تواصل إكراه القلب على أمر لا يحبه و لا يؤثره تعب لأن فعل غير المحبوب متعب أ لا ترى أن جماع غير المحبوب يحدث من الضعف أضعاف ما يحدثه جماع المحبوب و الركوب إلى مكان غير محبوب متعب و لا يشتهى يتعب البدن أضعاف ما يتعبه الركوب إلى تلك المسافة إذا كان المكان محبوبا و إذا أتعب القلب و أعيا عجز عن إدراك ما نكلفه إدراكه لأن فعله هو الإدراك و كل عضو يتعب فإنه يعجز عن فعله الخاص به فإذا عجز القلب عن فعله الخاص به و هو العلم و الإدراك فذاك هو عماه

١١

190

وَ كَانَ ع يَقُولُ : مَتَى أَشْفِي غَيْظِي إِذَا غَضِبْتُ أَ حِينَ أَعْجِزُ عَنِ اَلاِنْتِقَامِ فَيُقَالُ لِي لَوْ صَبَرْتَ أَمْ حِينَ أَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيُقَالُ لِي لَوْ عَفَوْتَ قد تقدم القول في الغضب مرارا.و هذا الفصل فصيح لطيف المعنى قال لا سبيل لي إلى شفاء غيظي عند غضبي لأني إما أن أكون قادرا على الانتقام فيصدني عن تعجيله قول القائل لو غفرت لكان أولى و إما ألا أكون قادرا على الانتقام فيصدني عنه كوني غير قادر عليه فإذن لا سبيل لي إلى الانتقام عند الغضب.و كان يقال العقل كالمرآة المجلوة يصدئه الغضب كما تصدأ المرآة بالخل فلا يثبت فيها صورة القبح و الحسن.و اجتمع سفيان الثوري و فضيل بن عياض فتذاكرا الزهد فأجمعا على أن أفضل الأعمال الحلم عند الغضب و الصبر عند الطمع

١٢

191

وَ قَالَ ع وَ قَدْ مَرَّ بِقَذَرٍ عَلَى مَزْبَلَةٍ هَذَا مَا بَخِلَ بِهِ اَلْبَاخِلُونَ وَ رُوِيَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ هَذَا مَا كُنْتُمْ تَتَنَافَسُونَ فِيهِ بِالْأَمْسِ قد سبق القول في مثل هذا و أن الحسن البصري مر على مزبلة فقال انظروا إلى بطهم و دجاجهم و حلوائهم و عسلهم و سمنهم و الحسن إنما أخذه من كلام أمير المؤمنين ع و قال ابن وكيع في قول المتنبي :

لو أفكر العاشق في منتهى

حسن الذي يسبيه لم يسبه

إنه أراد لو أفكر في حاله و هو في القبر و قد تغيرت محاسنه و سالت عيناه قال و هذا مثل قولهم لو أفكر الإنسان فيما يئول إليه الطعام لعافته نفسه.و قد ضرب العلماء مثلا للدنيا و مخالفة آخرها أولها و مضادة مباديها عواقبها فقالوا إن شهوات الدنيا في القلب لذيذة كشهوات الأطعمة في المعدة و سيجد الإنسان عند الموت لشهوات الدنيا في قلبه من الكراهة و النتن و القبح ما يجده للأطعمة اللذيذة إذا طبختها المعدة و بلغت غاية نضجها و كما أن الطعام كلما كان ألذ طعما و أظهر حلاوة كان رجيعه أقذر و أشد نتنا فكذلك كل شهوة في القلب أشهى و ألذ و أقوى

١٣

فإن نتنها و كراهتها و التأذي بها عند الموت أشد بل هذه الحال في الدنيا مشاهدة فإن من نهبت داره و أخذ أهله و ولده و ماله تكون مصيبته و ألمه و تفجعه في الذي فقد بمقدار لذته به و حبه له و حرصه عليه فكل ما كان في الوجود أشهى و ألذ فهو عند الفقد أدهى و أمر و لا معنى للموت إلا فقد ما في الدنيا.و قد روي أن النبي ص قال للضحاك بن سفيان الكلابي أ لست تؤتى بطعامك و قد قزح و ملح ثم تشرب عليه اللبن و الماء قال بلى قال فإلى ما ذا يصير قال إلى ما قد علمت يا رسول الله قال فإن الله عزوجل ضرب مثل الدنيا بما يصير إليه طعام ابن آدم و روى أبي بن كعب أن رسول الله ص قال إن أنت ضربت مثلا لابن آدم فانظر ما يخرج من ابن آدم و إن كان قزحه و ملحه إلى ما ذا صار و قال الحسنرحمه‌الله قد رأيتهم يطيبونه بالطيب و الأفاويه ثم يرمونه حيث رأيتم قال الله عزوجل( فَلْيَنْظُرِ اَلْإِنْسانُ إِلى‏ طَعامِهِ ) قال ابن عباس إلى رجيعه.و قال رجل لابن عمر إني أريد أن أسألك و أستحيي فقال لا تستحي و سل قال إذا قضى أحدنا حاجته فقام هل ينظر إلى ذلك منه فقال نعم إن الملك يقول له انظر هذا ما بخلت به انظر إلى ما ذا صار

١٤

192

وَ قَالَ ع لَمْ يَذْهَبْ مِنْ مَالِكَ مَا وَعَظَكَ مثل هذا قولهم إن المصائب أثمان التجارب.و قيل لعالم فقير بعد أن كان غنيا أين مالك قال تجرت فيه فابتعت به تجربة الناس و الوقت فاستفدت أشرف العوضين

١٥

193

وَ قَالَ ع إِنَّ هَذِهِ اَلْقُلُوبَ تَمَلُّ كَمَا تَمَلُّ اَلْأَبْدَانُ فَابْتَغُوا لَهَا طَرَائِفَ اَلْحِكْمَةِ هذا قد تكرر و تكرر منا ذكر ما قيل في إجمام النفس و التنفيس عنها من كرب الجد و الإحماض و فسرنا معنى قوله ع فابتغوا لها طرائف الحكمة و قلنا المراد ألا يجعل الإنسان وقته كله مصروفا إلى الأنظار العقلية في البراهين الكلامية و الحكمية بل ينقلها من ذلك أحيانا إلى النظر في الحكمة الخلقية فإنها حكمة لا تحتاج إلى إتعاب النفس و الخاطر.فأما القول في الدعابة فقد ذكرناه أيضا فيما تقدم و أوضحنا أن كثيرا من أعيان الحكماء و العلماء كانوا ذوي دعابة مقتصدة لا مسرفة فإن الإسراف فيها يخرج صاحبه إلى الخلاعة و لقد أحسن من قال :

أفد طبعك المكدود بالجد راحة

تجم و علله بشي‏ء من المزح

و لكن إذا أعطيته ذاك فليكن

بمقدار ما يعطى الطعام من الملح

١٦

194

وَ قَالَ ع لَمَّا سَمِعَ قَوْلَ اَلْخَوَارِجِ لاَ حُكْمَ إِلاَّ لِلَّهِ كَلِمَةُ حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ معنى قوله سبحانه( إِنِ اَلْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ ) أي إذا أراد شيئا من أفعال نفسه فلا بد من وقوعه بخلاف غيره من القادرين بالقدرة فإنه لا يجب حصول مرادهم إذا أرادوه أ لا ترى ما قبل هذه الكلمة( يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَ اُدْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَ ما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اَللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِنِ اَلْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ ) خاف عليهم من الإصابة بالعين إذا دخلوا من باب واحد فأمرهم أن يدخلوا من أبواب متفرقة ثم قال لهم وَ ما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اَللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ أي إذا أراد الله بكم سوءا لم يدفع عنكم ذلك السوء ما أشرت به عليكم من التفرق ثم قال( إِنِ اَلْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ ) أي ليس حي من الأحياء ينفذ حكمه لا محالة و مراده لما هو من أفعاله إلا الحي القديم وحده فهذا هو معنى هذه الكلمة و ضلت الخوارج عندها فأنكروا على أمير المؤمنين ع موافقته على التحكيم و قالوا كيف يحكم و قد قال الله سبحانه( إِنِ اَلْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ ) فغلطوا لموضع اللفظ المشترك و ليس هذا الحكم هو ذلك الحكم فإذن هي كلمة حق يراد بها باطل لأنها حق على المفهوم الأول و يريد بها الخوارج نفي كل ما يسمى حكما إذا صدر عن غير الله تعالى و ذلك باطل لأن الله تعالى قد أمضى حكم المخلوقين في كثير من الشرائع

١٧

195

وَ قَالَ ع فِي صِفَةِ اَلْغَوْغَاءِ هُمُ اَلَّذِينَ إِذَا اِجْتَمَعُوا غَلَبُوا وَ إِذَا تَفَرَّقُوا لَمْ يُعْرَفُوا وَ قِيلَ بَلْ قَالَ ع هُمُ اَلَّذِينَ إِذَا اِجْتَمَعُوا ضَرُّوا وَ إِذَا تَفَرَّقُوا نَفَعُوا فَقِيلَ قَدْ عَرَفْنَا عَلِمْنَا مَضَرَّةَ اِجْتِمَاعِهِمْ فَمَا مَنْفَعَةُ اِفْتِرَاقِهِمْ فَقَالَ ع يَرْجِعُ أَصْحَابُ أَهْلُ اَلْمِهَنِ إِلَى مِهْنَتِهِمْ مِهَنِهِمْ فَيَنْتَفِعُ اَلنَّاسُ بِهِمْ كَرُجُوعِ اَلْبَنَّاءِ إِلَى بِنَائِهِ وَ اَلنَّسَّاجِ إِلَى مَنْسَجِهِ وَ اَلْخَبَّازِ إِلَى مَخْبَزِهِ كان الحسن إذا ذكر الغوغاء و أهل السوق قال قتلة الأنبياء و كان يقال العامة كالبحر إذا هاج أهلك راكبه و قال بعضهم لا تسبوا الغوغاء فإنهم يطفئون الحريق و ينقذون الغريق و يسدون البثوق.و قال شيخنا أبو عثمان الغاغة و الباغة و الحاكة كأنهم أعذار عام واحد أ لا ترى أنك لا تجد أبدا في كل بلدة و في كل عصر هؤلاء بمقدار واحد و جهة واحدة من السخف و النقص و الخمول و الغباوة و كان المأمون يقول كل شر و ظلم في العالم

١٨

فهو صادر عن العامة و الغوغاء لأنهم قتلة الأنبياء و المغرون بين العلماء و النمامون بين الأوداء و منهم اللصوص و قطاع الطريق و الطرارون و المحتالون و الساعون إلى السلطان فإذا كان يوم القيامة حشروا على عادتهم في السعاية فقالوا( رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا اَلسَّبِيلاَ رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ اَلْعَذابِ وَ اِلْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً )

١٩

196

وَ قَالَ ع وَ قَدْ أُتِيَ بِجَانٍ وَ مَعَهُ غَوْغَاءُ فَقَالَ لاَ مَرْحَباً بِوُجُوهٍ لاَ تُرَى إِلاَّ عِنْدَ كُلِّ سَوْأَةٍ أخذ هذا اللفظ المستعين بالله و قد أدخل عليه ابن أبي الشوارب القاضي و معه الشهود ليشهدوا عليه أنه قد خلع نفسه من الخلافة و بايع للمعتز بالله فقال لا مرحبا بهذه الوجوه التي لا ترى إلا يوم سوء.و قال من مدح الغوغاء و العامة إن

في الحديث المرفوع أن الله ينصر هذا الدين بقوم لا خلاق لهم.و كان الأحنف يقول أكرموا سفهاءكم فإنهم يكفونكم النار و العار.و قال الشاعر :

و إني لأستبقي امرأ السوء عدة

لعدوة عريض من الناس جائب

أخاف كلاب الأبعدين و هرشها

إذا لم تجاوبها كلاب الأقارب

٢٠