كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٩

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 334

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 334
المشاهدات: 49690
تحميل: 4638


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 334 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 49690 / تحميل: 4638
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 9

مؤلف:
العربية

صلاته صاح بأصحابه المستسلحين أن خذوا عثمان بن حنيف فأخذوه بعد أن تضارب هو و مروان بن الحكم بسيفيهما فلما أسر ضرب ضرب الموت و نتف حاجباه و أشفار عينيه و كل شعرة في رأسه و وجهه و أخذوا السبابجة و هم سبعون رجلا فانطلقوا بهم و بعثمان بن حنيف إلى عائشة فقالت لأبان بن عثمان اخرج إليه فاضرب عنقه فإن الأنصار قتلت أباك و أعانت على قتله فنادى عثمان يا عائشة و يا طلحة و يا زبير إن أخي سهل بن حنيف خليفة علي بن أبي طالب على المدينة و أقسم بالله إن قتلتموني ليضعن السيف في بني أبيكم و أهليكم و رهطكم فلا يبقى أحد منكم فكفوا عنه و خافوا أن يقع سهل بن حنيف بعيالاتهم و أهلهم بالمدينة فتركوه.و أرسلت عائشة إلى الزبير أن اقتل السبابجة فإنه قد بلغني الذي صنعوا بك قال فذبحهم و الله الزبير كما يذبح الغنم ولي ذلك منهم عبد الله ابنه و هم سبعون رجلا و بقيت منهم طائفة مستمسكين ببيت المال قالوا لا ندفعه إليكم حتى يقدم أمير المؤمنين فسار إليهم الزبير في جيش ليلا فأوقع بهم و أخذ منهم خمسين أسيرا فقتلهم صبرا.قال أبو مخنف فحدثنا الصقعب بن زهير قال كانت السبابجة القتلى يومئذ أربعمائة رجل قال فكان غدر طلحة و الزبير بعثمان بن حنيف أول غدر كان في الإسلام و كان السبابجة أول قوم ضربت أعناقهم من المسلمين صبرا قال و خيروا عثمان بن حنيف بين أن يقيم أو يلحق بعلي فاختار الرحيل فخلوا سبيله فلحق بعلي ع فلما رآه بكى و قال له فارقتك شيخا و جئتك أمرد فقال علي إنا لله و إنا إليه راجعون قالها ثلاثا.

٣٢١

قلت السبابجة لفظة معربة قد ذكرها الجوهري في كتاب الصحاح قال هم قوم من السند كانوا بالبصرة جلاوزة و حراس السجن و الهاء للعجمة و النسب قال يزيد بن مفرغ الحميري:

و طماطيم من سبابيج خزر

يلبسوني مع الصباح القيودا

قال فلما بلغ حكيم بن جبلة ما صنع القوم بعثمان بن حنيف خرج في ثلاثمائة من عبد القيس مخالفا لهم و منابذا فخرجوا إليه و حملوا عائشة على جمل فسمي ذلك اليوم يوم الجمل الأصغر و يوم علي يوم الجمل الأكبر.و تجالد الفريقان بالسيوف فشد رجل من الأزد من عسكر عائشة على حكيم بن جبلة فضرب رجله فقطعها و وقع الأزدي عن فرسه فجثا حكيم فأخذ رجله فرمى بها الأزدي فصرعه ثم دب إليه فقتله متكئا عليه خانقا له حتى زهقت نفسه فمر بحكيم إنسان و هو يجود بنفسه فقال من فعل بك قال وسادي فنظر فإذا الأزدي تحته و كان حكيم شجاعا مذكورا.قال و قتل مع حكيم إخوة له ثلاثة و قتل أصحابه كلهم و هم ثلاثمائة من عبد القيس و القليل منهم من بكر بن وائل فلما صفت البصرة لطلحة و الزبير بعد قتل حكيم و أصحابه و طرد ابن حنيف عنهما اختلفا في الصلاة و أراد كل منهما أن يؤم بالناس و خاف أن تكون صلاته خلف صاحبه تسليما له و رضا بتقدمه فأصلحت بينهما عائشة بأن جعلت عبد الله بن الزبير و محمد بن طلحة يصليان بالناس هذا يوما و هذا يوما.قال أبو مخنف ثم دخلا بيت المال بالبصرة فلما رأوا ما فيه من الأموال قال الزبير( وَعَدَكُمُ اَللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ ) فنحن أحق

٣٢٢

بها من أهل البصرة فأخذا ذلك المال كله فلما غلب علي ع رد تلك الأموال إلى بيت المال و قسمها في المسلمين.و قد ذكرنا فيما تقدم كيفية الوقعة و مقتل الزبير فارا عن الحرب خوفا أو توبة و نحن نقول إنها توبة و ذكرنا مقتل طلحة و الاستيلاء على أم المؤمنين و إحسان علي ع إليها و إلى من أسر في الحرب أو ظفر به بعدها

منافرة بين ولدي علي و طلحة

كان القاسم بن محمد بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله التيمي يلقب أبا بعرة ولي شرطة الكوفة لعيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس كلم إسماعيل بن جعفر بن محمد الصادق ع بكلام خرجا فيه إلى المنافرة فقال القاسم بن محمد لم يزل فضلنا و إحساننا سابغا عليكم يا بني هاشم و على بني عبد مناف كافة فقال إسماعيل أي فضل و إحسان أسديتموه إلى بني عبد مناف أغضب أبوك جدي بقوله ليموتن محمد و لنجولن بين خلاخيل نسائه كما جال بين خلاخيل نسائنا فأنزل الله تعالى مراغمة لأبيك( وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اَللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً ) و منع ابن عمك أمي حقها من فدك و غيرها من ميراث أبيها و أجلب أبوك على عثمان و حصره حتى قتل و نكث بيعة علي و شام السيف

٣٢٣

في وجهه و أفسد قلوب المسلمين عليه فإن كان لبني عبد مناف قوم غير هؤلاء أسديتم إليهم إحسانا فعرفني من هم جعلت فداك

منافرة عبد الله بن الزبير و عبد الله بن العباس

و تزوج عبد الله بن الزبير أم عمرو ابنة منظور بن زبان الفزارية فلما دخل بها قال لها تلك الليلة أ تدرين من معك في حجلتك قالت نعم عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى.قال ليس غير هذا قالت فما الذي تريد قال معك من أصبح في قريش بمنزلة الرأس من الجسد لا بل بمنزلة العينين من الرأس قالت أما و الله لو أن بعض بني عبد مناف حضرك لقال لك خلاف قولك فغضب و قال الطعام و الشراب علي حرام حتى أحضرك الهاشميين و غيرهم من بني عبد مناف فلا يستطيعون لذلك إنكارا قالت إن أطعتني لم تفعل و أنت أعلم و شأنك.فخرج إلى المسجد فرأى حلقة فيها قوم من قريش منهم عبد الله بن العباس و عبد الله بن الحصين بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف فقال لهم ابن الزبير أحب أن تنطلقوا معي إلى منزلي فقام القوم بأجمعهم حتى وقفوا على باب بيته فقال ابن الزبير يا هذه اطرحي عليك سترك فلما أخذوا مجالسهم دعا بالمائدة فتغذى القوم فلما فرغوا قال لهم إنما جمعتكم لحديث ردته علي صاحبة الستر و زعمت أنه لو كان بعض بني عبد مناف حضرني لما أقر لي بما قلت و قد حضرتم جميعا و أنت يا ابن عباس ما تقول إني أخبرتها أن معها في خدرها من أصبح في قريش بمنزلة

٣٢٤

الرأس من الجسد بل بمنزلة العينين من الرأس فردت علي مقالتي فقال ابن عباس أراك قصدت قصدي فإن شئت أن أقول قلت و إن شئت أن أكف كففت قال بل قل و ما عسى أن تقول أ لست تعلم أني ابن الزبير حواري رسول الله ص و أن أمي أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين و أن عمتي خديجة سيدة نساء العالمين و أن صفية عمة رسول الله ص جدتي و أن عائشة أم المؤمنين خالتي فهل تستطيع لهذا إنكارا.قال ابن عباس لقد ذكرت شرفا شريفا و فخرا فاخرا غير أنك تفاخر من بفخره فخرت و بفضله سموت قال و كيف ذلك قال لأنك لم تذكر فخرا إلا برسول الله ص و أنا أولى بالفخر به منك قال ابن الزبير لو شئت لفخرت عليك بما كان قبل النبوة قال ابن عباس

قد أنصف القارة من راماها

نشدتكم الله أيها الحاضرون عبد المطلب أشرف أم خويلد في قريش قالوا عبد المطلب قال أ فهاشم كان أشرف فيها أم أسد قالوا بل هاشم قال أ فعبد مناف أشرف أم عبد العزى قالوا عبد مناف فقال ابن عباس:

تنافرني يا ابن الزبير و قد قضى

عليك رسول الله لا قول هازل

و لو غيرنا يا ابن الزبير فخرته

و لكنما ساميت شمس الأصائل

٣٢٥

قضى لنا رسول الله ص بالفضل في قوله ما افترقت فرقتان إلا كنت في خيرهما فقد فارقناك من بعد قصي بن كلاب أ فنحن في فرقة الخير أم لا إن قلت نعم خصمت و إن قلت لا كفرت.فضحك بعض القوم فقال ابن الزبير أما و الله لو لا تحرمك بطعامنا يا ابن عباس لأعرقت جبينك قبل أن تقوم من مجلسك قال ابن عباس و لم أ بباطل فالباطل لا يغلب الحق أم بحق فالحق لا يخشى من الباطل.فقالت المرأة من وراء الستر إني و الله لقد نهيته عن هذا المجلس فأبى إلا ما ترون.فقال ابن عباس مه أيتها المرأة اقنعي ببعلك فما أعظم الخطر و ما أكرم الخبر فأخذ القوم بيد ابن عباس و كان قد عمي فقالوا انهض أيها الرجل فقد أفحمته غير مرة فنهض و قال:

ألا يا قومنا ارتحلوا و سيروا

فلو ترك القطا لغفا و ناما

فقال ابن الزبير يا صاحب القطاة أقبل علي فما كنت لتدعني حتى أقول و ايم الله لقد عرف الأقوام أني سابق غير مسبوق و ابن حواري و صديق متبجح في الشرف الأنيق خير من طليق.فقال ابن عباس دسعت بجرتك فلم تبق شيئا هذا الكلام مردود من امرئ حسود فإن كنت سابقا فإلى من سبقت و إن كنت فاخرا فبمن فخرت فإن كنت أدركت هذا الفخر بأسرتك دون أسرتنا فالفخر لك علينا و إن كنت إنما أدركته بأسرتنا فالفخر لنا عليك و الكثكث في فمك و يديك و أما ما ذكرت

٣٢٦

من الطليق فو الله لقد ابتلي فصبر و أنعم عليه فشكر و إن كان و الله لوفيا كريما غير ناقض بيعة بعد توكيدها و لا مسلم كتيبة بعد التأمر عليها.فقال ابن الزبير أ تعير الزبير بالجبن و الله إنك لتعلم منه خلاف ذلك.قال ابن عباس و الله إني لا أعلم إلا أنه فر و ما كر و حارب فما صبر و بايع فما تمم و قطع الرحم و أنكر الفضل و رام ما ليس له بأهل.

و أدرك منها بعض ما كان يرتجي

و قصر عن جري الكرام و بلدا

و ما كان إلا كالهجين أمامه

عناق فجاراه العناق فأجهدا

فقال ابن الزبير لم يبق يا بني هاشم غير المشاتمة و المضاربة.فقال عبد الله بن الحصين بن الحارث أقمناه عنك يا ابن الزبير و تأبى إلا منازعته و الله لو نازعته من ساعتك إلى انقضاء عمرك ما كنت إلا كالسغب الظمآن يفتح فاه يستزيد من الريح فلا يشبع من سغب و لا يروى من عطش فقل إن شئت أو فدع و انصرف القوم

٣٢٧

174 و من خطبة له ع

أَمِينُ وَحْيِهِ وَ خَاتَمُ رُسُلِهِ وَ بَشِيرُ رَحْمَتِهِ وَ نَذِيرُ نِقْمَتِهِ أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِنَّ أَحَقَّ اَلنَّاسِ بِهَذَا اَلْأَمْرِ أَقْوَاهُمْ عَلَيْهِ وَ أَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ اَللَّهِ فِيهِ فَإِنْ شَغَبَ شَاغِبٌ اُسْتُعْتِبَ فَإِنْ أَبَى قُوتِلَ وَ لَعَمْرِي لَئِنْ كَانَتِ اَلْإِمَامَةُ لاَ تَنْعَقِدُ حَتَّى تَحْضُرَهَا عَامَّةُ اَلنَّاسِ مَا فَمَا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ وَ لَكِنْ أَهْلُهَا يَحْكُمُونَ عَلَى مَنْ غَابَ عَنْهَا ثُمَّ لَيْسَ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَرْجِعَ وَ لاَ لِلْغَائِبِ أَنْ يَخْتَارَ أَلاَ وَ إِنِّي أُقَاتِلُ رَجُلَيْنِ رَجُلاً اِدَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ وَ آخَرَ مَنَعَ اَلَّذِي عَلَيْهِ صدر الكلام في ذكر رسول الله ص و يتلوه فصول.أولها أن أحق الناس بالإمامة أقواهم عليها و أعلمهم بحكم الله فيها و هذا لا ينافي مذهب أصحابنا البغداديين في صحة إمامة المفضول لأنه ما قال إن إمامة غير الأقوى فاسدة و لكنه قال إن الأقوى أحق و أصحابنا لا ينكرون أنه ع أحق ممن تقدمه بالإمامة مع قولهم بصحة إمامة المتقدمين لأنه لا منافاة بين كونه أحق و بين صحة إمامة غيره.

٣٢٨

فإن قلت أي فرق بين أقواهم عليه و أعلمهم بأمر الله فيه قلت أقواهم أحسنهم سياسة و أعلمهم بأمر الله أكثرهم علما و إجراء للتدبير بمقتضى العلم و بين الأمرين فرق واضح فقد يكون سائسا حاذقا و لا يكون عالما بالفقه و قد يكون سائسا فقيها و لا يجري التدبير على مقتضى علمه و فقهه.و ثانيها أن الإمامة لا يشترط في صحة انعقادها أن يحضرها الناس كافة لأنه لو كان ذلك مشترطا لأدى إلى ألا تنعقد إمامة أبدا لتعذر اجتماع المسلمين من أطراف الأرض و لكنها تنعقد بعقد العلماء و أهل الحل و العقد الحاضرين ثم لا يجوز بعد عقدها لحاضريها أن يرجعوا من غير سبب يقتضي رجوعهم و لا يجوز لمن غاب عنها أن يختار غير من عقد له بل يكون محجوجا بعقد الحاضرين مكلفا طاعة الإمامة المعقود له و على هذا جرت الحال في خلافة أبي بكر و عمر و عثمان و انعقد إجماع المسلمين عليه و هذا الكلام تصريح بصحة مذهب أصحابنا في أن الاختيار طريق إلى الإمامة و مبطل لما تقوله الإمامية من دعوى النص عليه و من قولهم لا طريق إلى الإمامة سوى النص أو المعجز.و ثالثها أن الخارج على الإمام يستعتب أولا بالكلام و المراسلة فإن أبى قوتل و هذا هو نص الكتاب العزيز( وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى اَلْأُخْرى‏ فَقاتِلُوا اَلَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اَللَّهِ ) .و رابعها أنه يقاتل أحد رجلين إما رجلا ادعى ما ليس له نحو أن يخرج على الإمام من يدعي الخلافة لنفسه و إما رجلا منع ما عليه نحو أن يخرج على الإمام رجل لا يدعي الخلافة و لكنه يمتنع من الطاعة فقط.فإن قلت الخارج على الإمام مدع الخلافة لنفسه مانع ما عليه أيضا لأنه قد امتنع من الطاعة فقد دخل أحد القسمين في الآخر.

٣٢٩

قلت لما كان مدعي الخلافة قد اجتمع له أمران إيجابي و سلبي فالإيجابي دعواه الخلافة و السلبي امتناعه من الطاعة كان متميزا ممن لم يحصل له إلا القسم السلبي فقط و هو مانع الطاعة لا غير فكان الأحسن في فن علم البيان أن يشتمل اللفظ على التقسيم الحاضر للإيجاب و السلب فلذلك قال إما مدعيا ما ليس له أو مانعا ما هو عليه : أُوصِيكُمْ عِبَادَ اَللَّهِ بِتَقْوَى اَللَّهِ فَإِنَّهَا خَيْرُ مَا تَوَاصَى اَلْعِبَادُ بِهِ وَ خَيْرُ عَوَاقِبِ اَلْأُمُورِ عِنْدَ اَللَّهِ وَ قَدْ فُتِحَ بَابُ اَلْحَرْبِ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ أَهْلِ اَلْقِبْلَةِ وَ لاَ يَحْمِلُ هَذَا اَلْعَلَمَ إِلاَّ أَهْلُ اَلْبَصَرِ وَ اَلصَّبْرِ وَ اَلْعِلْمِ بِمَوَاقِعِ بِمَوَاضِعِ اَلْحَقِّ فَامْضُوا لِمَا تُؤْمَرُونَ بِهِ وَ قِفُوا عِنْدَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ وَ لاَ تَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ حَتَّى تَتَبَيَّنُوا فَإِنَّ لَنَا مَعَ كُلِّ أَمْرٍ تُنْكِرُونَهُ غِيَراً أَلاَ وَ إِنَّ هَذِهِ اَلدُّنْيَا اَلَّتِي أَصْبَحْتُمْ تَتَمَنَّوْنَهَا وَ تَرْغَبُونَ فِيهَا وَ أَصْبَحَتْ تُغْضِبُكُمْ وَ تُرْضِيكُمْ لَيْسَتْ بِدَارِكُمْ وَ لاَ مَنْزِلِكُمُ اَلَّذِي خُلِقْتُمْ لَهُ وَ لاَ اَلَّذِي دُعِيتُمْ إِلَيْهِ أَلاَ وَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِبَاقِيَةٍ لَكُمْ وَ لاَ تَبْقَوْنَ عَلَيْهَا وَ هِيَ وَ إِنْ غَرَّتْكُمْ مِنْهَا فَقَدْ حَذَّرَتْكُمْ شَرَّهَا فَدَعُوا غُرُورَهَا لِتَحْذِيرِهَا وَ أَطْمَاعَهَا لِتَخْوِيفِهَا وَ سَابِقُوا فِيهَا إِلَى اَلدَّارِ اَلَّتِي دُعِيتُمْ إِلَيْهَا وَ اِنْصَرِفُوا بِقُلُوبِكُمْ عَنْهَا وَ لاَ يَخِنَّنَّ أَحَدُكُمْ خَنِينَ اَلْأَمَةِ عَلَى مَا زُوِيَ عَنْهُ مِنْهَا وَ اِسْتَتِمُّوا نِعْمَةَ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَةِ اَللَّهِ وَ اَلْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا اِسْتَحْفَظَكُمْ مِنْ كِتَابِهِ أَلاَ وَ إِنَّهُ لاَ يَضُرُّكُمْ تَضْيِيعُ شَيْ‏ءٍ مِنْ دُنْيَاكُمْ بَعْدَ حِفْظِكُمْ قَائِمَةَ دِينِكُمْ

٣٣٠

أَلاَ وَ إِنَّهُ لاَ يَنْفَعُكُمْ بَعْدَ تَضْيِيعِ دِينِكُمْ شَيْ‏ءٌ حَافَظْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ أَخَذَ اَللَّهُ بِقُلُوبِنَا وَ قُلُوبِكُمْ إِلَى اَلْحَقِّ وَ أَلْهَمَنَا وَ إِيَّاكُمُ اَلصَّبْرَ لم يكن المسلمون قبل حرب الجمل يعرفون كيفية قتال أهل القبلة و إنما تعلموا فقه ذلك من أمير المؤمنين ع.و قال الشافعي لو لا علي لما عرف شي‏ء من أحكام أهل البغي.قوله ع و لا يحمل هذا العلم إلا أهل البصر و الصبر و ذلك لأن المسلمين عظم عندهم حرب أهل القبلة و أكبروه و من أقدم عندهم عليه أقدم على خوف و حذر فقال ع إن هذا العلم ليس يدركه كل أحد و إنما له قوم مخصوصون.ثم أمرهم بالمضي عند ما يأمرهم به و بالانتهاء عما ينهاهم عنه و نهاهم عن أن يعجلوا بالحكم على أمر ملتبس حتى يتبين و يتضح.ثم قال إن عندنا تغييرا لكل ما تنكرونه من الأمور حتى يثبت أنه يجب إنكارها و تغييرها أي لست كعثمان أصر على ارتكاب ما أنهى عنه بل أغير كل ما ينكره المسلمون و يقتضي الحال و الشرع تغييره.ثم ذكر أن الدنيا التي تغضب الناس و ترضيهم و هي منتهى أمانيهم و رغبتهم ليست دارهم و إنما هي طريق إلى الدار الآخرة و مدة اللبث في ذلك الطريق يسيرة جدا.و قال إنها و إن كانت غرارة فإنها منذرة و محذرة لأبنائها بما رأوه من آثارها في

٣٣١

سلفهم و إخوتهم و أحبائهم و مناداتها على نفسها بأنها فاعلة بهم ما فعلت بأولئك من الفناء و فراق المألوف.قال فدعوا غرورها لتحذيرها و ذلك لأن جانب تحذيرها أولى بأن يعمل عليه من جانب غرورها لأن غرورها إنما هو بأمر سريع مع التصرم و الانقضاء و تحذيرها إنما هو لأمر جليل عظيم فإن الفناء المعجل محسوس و قد دل العقل و الشرائع كافة على أن بعد ذلك الفناء سعادة و شقاوة فينبغي للعاقل أن يحذر من تلك الشقاوة و يرغب في تلك السعادة و لا سبيل إلى ذلك إلا برفض غرور الدنيا على أنه لو لم يكن ذلك لكان الواجب على أهل اللب و البصيرة رفضها لأن الموجود منها خيال فإنه أشبه شي‏ء بأحلام المنام فالتمسك به و الإخلاد إليه حمق.و الخنين صوت يخرج من الأنف عند البكاء و أضافه إلى الأمة لأن الإماء كثيرا ما يضربن فيبكين و يسمع الخنين منهن و لأن الحرة تأنف من البكاء و الخنين و زوي قبض.ثم ذكر أنه لا يضر المكلف فوات قسط من الدنيا إذا حفظ قائمة دينه يعني القيام بالواجبات و الانتهاء عن المحظورات و لا ينفعه حصول الدنيا كلها بعد تضييعه دينه لأن ابتياع لذة متناهية بلذة غير متناهية يخرج اللذة المتناهية من باب كونها نفعا و يدخلها في باب المضار فكيف إذا انضاف إلى عدم اللذة غير المتناهية حصول مضار و عقوبات غير متناهية أعاذنا الله منها.

٣٣٢

الفهرس

کتاب شرح نهج البلاغة الجزء التاسع ابن ابي الحديد 1

ذكر أطراف مما شجر بين علي و عثمان في أثناء خلافته 3

فصل فيما شجر بين عثمان و ابن عباس من الكلام بحضرة علي 18

أسباب المنافسة بين علي و عثمان 24

فصل في الاعتراض و إيراد مثل منه 42

من أخبار يوم الشورى و تولية عثمان 49

أقوال مأثورة في ذم الغيبة و الاستماع إلى المغتابين 60

حكم الغيبة في الدين 66

فصل في الأسباب الباعثة على الغيبة 69

طريق التوبة من الغيبة 71

الثواب و العقاب عند المسلمين و أهل الكتاب 79

اختلاف الفرق الإسلامية في كون الأئمة من قريش 87

يوم القادسية 96

يوم نهاوند 99

من أخبار يوم الجمل 111

مقتل طلحة و الزبير 113

أبحاث كلامية 147

عقيدة علي في عثمان و رأي المعتزلة في ذلك 153

ذكر الأحاديث و الأخبار الواردة في فضائل علي 166

فصل في ذكر بعض غرائب الطيور و ما فيها من عجائب 183

فصل في ترجمة عائشة و ذكر طرف من أخبارها 190

نبذ من الأخبار و الآثار الواردة في البعد عن زينة الدنيا 234

٣٣٣

حديث عن إمرئ القيس 244

مباحث كلامية 253

موقف علي من قتلة عثمان 293

ذكر يوم الجمل و مسير عائشة إلى القتال 310

منافرة بين ولدي علي و طلحة 323

منافرة عبد الله بن الزبير و عبد الله بن العباس 324

الفهرس 333

٣٣٤