كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٢

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 335

كتاب شرح نهج البلاغة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف: الصفحات: 335
المشاهدات: 37674
تحميل: 5938


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 335 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 37674 / تحميل: 5938
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

خسرت و هانت و في أكثر النسخ فلا ظفرت يد المبايع بميم المفاعلة و الظاهر ما رويناه و في بعض النسخ فإنه أحزم للنصر من حزمت الشي‏ء إذا شددته كأنه يشد النصر و يوثقه و الرواية التي ذكرناها أحسن و الأهبة العدة و شب لظاها استعارة و أصله صعود طرف النار الأعلى و السنا بالقصر الضوء و استشعروا الصبر اتخذوه شعارا و الشعار ما يلي الجسد في الثياب و هو ألزم الثياب للجسد يقول لازموا الصبر كما يلزم الإنسان ثوبه الذي يلي جلده لا بد له منه و قد يستغني عن غيره من الثياب

قدوم عمرو بن العاص على معاوية

لما نزل علي ع الكوفة بعد فراغه من أمر البصرة كتب إلى معاوية كتابا يدعوه إلى البيعة أرسل فيه جرير بن عبد الله البجلي فقدم عليه به الشام فقرأه و اغتم بما فيه و ذهبت به أفكاره كل مذهب و طاول جريرا بالجواب عن الكتاب حتى كلم قوما من أهل الشام في الطلب بدم عثمان فأجابوه و وثقوا له و أحب الزيادة في الاستظهار فاستشار أخاه عتبة بن أبي سفيان فقال له استعن بعمرو بن العاص فإنه من قد علمت في دهائه و رأيه و قد اعتزل عثمان في حياته و هو لأمرك أشد اعتزالا إلا أن يثمن له دينه فسيبيعك فإنه صاحب دنيا فكتب إليه معاوية أما بعد فإنه كان من أمر علي و طلحة و الزبير ما قد بلغك و قد سقط إلينا مروان بن الحكم في نفر من أهل البصرة و قدم علينا جرير بن عبد الله في بيعة علي و قد حبست نفسي عليك فأقبل أذاكرك أمورا لا تعدم صلاح مغبتها إن شاء الله

٦١

فلما قدم الكتاب على عمرو استشار ابنيه عبد الله بن عمرو و محمد بن عمرو فقال لهما ما تريان فقال عبد الله أرى أن رسول الله ص قبض و هو عنك راض و الخليفتان من بعده و قتل عثمان و أنت عنه غائب فقر في منزلك فلست مجعولا خليفة و لا تزيد على أن تكون حاشية لمعاوية على دنيا قليلة أوشكتما أن تهلكا فتستويا في عقابها و قال محمد أرى أنك شيخ قريش و صاحب أمرها و أن تصرم هذا الأمر و أنت فيه غافل تصاغر أمرك فالحق بجماعة أهل الشام و كن يدا من أيديها طالبا بدم عثمان فإنه سيقوم بذلك بنو أمية فقال عمرو أما أنت يا عبد الله فأمرتني بما هو خير لي في ديني و أنت يا محمد فأمرتني بما هو خير لي في دنياي و أنا ناظر فلما جنه الليل رفع صوته و أهله يسمعون فقال

تطاول ليلي بالهموم الطوارق

و خوف التي تجلو وجوه العوائق

و إن ابن هند سألني أن أزوره

و تلك التي فيها بنات البوائق

أتاه جرير من علي بخطة

أمرت عليه العيش ذات مضايق

فإن نال مني ما يؤمل رده

و إن لم ينله ذل ذل المطابق

فو الله ما أدري و ما كنت هكذا

أكون و مهما قادني فهو سابقي

أخادعه إن الخداع دنية

أم أعطيه من نفسي نصيحة وامق

٦٢

أم أقعد في بيتي و في ذاك راحة

لشيخ يخاف الموت في كل شارق

و قد قال عبد الله قولا تعلقت

به النفس إن لم تقتطعني عوائقي

و خالفه فيه أخوه محمد

و إني لصلب العود عند الحقائق

فقال عبد الله رحل الشيخ و دعا عمرو غلامه وردان و كان داهيا ماردا فقال ارحل يا وردان ثم قال احطط يا وردان ثم قال ارحل يا وردان احطط يا وردان فقال له وردان خلطت أبا عبد الله أما إنك إن شئت أنبأتك بما في قلبك قال هات ويحك قال اعتركت الدنيا و الآخرة على قلبك فقلت علي معه الآخرة في غير دنيا و في الآخرة عوض من الدنيا و معاوية معه الدنيا بغير آخرة و ليس في الدنيا عوض من الآخرة و أنت واقف بينهما قال قاتلك الله ما أخطأت ما في قلبي فما ترى يا وردان قال أرى أن تقيم في بيتك فإن ظهر أهل الدين عشت في عفو دينهم و إن ظهر أهل الدنيا لم يستغنوا عنك قال الآن لما أشهرت العرب سيري إلى معاوية فارتحل و هو يقول

يا قاتل الله وردانا و قدحته

أبدى لعمرك ما في النفس وردان

لما تعرضت الدنيا عرضت لها

بحرص نفسي و في الأطباع إدهان

نفس تعف و أخرى الحرص يغلبها

و المرء يأكل تبنا و هو غرثان

أما علي فدين ليس يشركه

دنيا و ذاك له دنيا و سلطان

٦٣

فاخترت من طمعي دنيا على بصر

و ما معي بالذي أختار برهان

إني لأعرف ما فيها و أبصره

و في أيضا لما أهواه ألوان

لكن نفسي تحب العيش في شرف

و ليس يرضى بذل العيش إنسان

فسار حتى قدم على معاوية و عرف حاجة معاوية إليه فباعده من نفسه و كايد كل واحد منهما صاحبه فقال له معاوية يوم دخل عليه أبا عبد الله طرقتنا في ليلتنا ثلاثة أخبار ليس فيها ورد و لا صدر قال و ما ذاك قال منها أن محمد بن أبي حذيفة كسر سجن مصر فخرج هو و أصحابه و هو من آفات هذا الدين و منها أن قيصر زحف بجماعة الروم ليغلب على الشام و منها أن عليا نزل الكوفة و تهيأ للمسير إلينا فقال عمرو ليس كل ما ذكرت عظيما أما ابن أبي حذيفة فما يتعاظمك من رجل خرج في أشباهه أن تبعث إليه رجلا يقتله أو يأتيك به و إن قاتل لم يضرك و أما قيصر فأهد له الوصائف و آنية الذهب و الفضة و سله الموادعة فإنه إليها سريع و أما علي فلا و الله يا معاوية ما يسوي العرب بينك و بينه في شي‏ء من الأشياء و إن له في الحرب لحظا ما هو لأحد من قريش و إنه لصاحب ما هو فيه إلا أن تظلمه هكذا في رواية نصر بن مزاحم عن محمد بن عبيد الله و روى نصر أيضا عن عمر بن سعد قال قال معاوية لعمرو يا أبا عبد الله إني أدعوك إلى جهاد هذا الرجل الذي عصى الله و شق عصا المسلمين و قتل الخليفة و أظهر الفتنة و فرق

٦٤

الجماعة و قطع الرحم فقال عمرو من هو قال علي قال و الله يا معاوية ما أنت و علي بحملي بعير ليس لك هجرته و لا سابقته و لا صحبته و لا جهاده و لا فقهه و لا علمه و و الله إن له مع ذلك لحظا في الحرب ليس لأحد غيره و لكني قد تعودت من الله تعالى إحسانا و بلاء جميلا فما تجعل لي إن شايعتك على حربه و أنت تعلم ما فيه من الغرر و الخطر قال حكمك فقال مصر طعمة فتلكأ عليه معاوية قال نصر و في حديث غير عمر بن سعد فقال له معاوية يا أبا عبد الله إني أكره لك أن تتحدث العرب عنك أنك إنما دخلت في هذا الأمر لغرض الدنيا قال عمرو دعني عنك فقال معاوية إني لو شئت أن أمنيك و أخدعك لفعلت قال عمرو لا لعمر الله ما مثلي يخدع لأنا أكيس من ذلك قال معاوية ادن مني أسارك فدنا منه عمرو ليساره فعض معاوية أذنه و قال هذه خدعة هل ترى في البيت أحدا ليس غيري و غيرك قلت قال شيخنا أبو القاسم البلخيرحمه‌الله تعالى قول عمرو له دعني عنك كناية عن الإلحاد بل تصريح به أي دع هذا الكلام لا أصل له فإن اعتقاد الآخرة و أنها لا تباع بعرض الدنيا من الخرافات و قالرحمه‌الله تعالى و ما زال عمرو بن العاص ملحدا ما تردد قط في الإلحاد و الزندقة و كان معاوية مثله و يكفي من تلاعبهما بالإسلام حديث السرار المروي و أن معاوية عض أذن عمرو أين هذا من سيرة عمر و أين هذا من أخلاق علي ع و شدته في ذات الله و هما مع ذلك يعيبانه بالدعابة

٦٥

قال نصر فأنشأ عمرو يقول:

معاوي لا أعطيك ديني و لم أنل

به منك دنيا فانظرن كيف تصنع

فإن تعطني مصرا فأربح بصفقة

أخذت بها شيخا يضر و ينفع

و ما الدين و الدنيا سواء و إنني

لآخذ ما تعطي و رأسي مقنع

و لكنني أغضي الجفون و إنني

لأخدع نفسي و المخادع يخدع

و أعطيك أمرا فيه للملك قوة

و ألفي به إن زلت النعل أصرع

و تمنعني مصرا و ليست برغبة

و إني بذا الممنوع قدما لمولع

قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ كانت مصر في نفس عمرو بن العاص لأنه هو الذي فتحها في سنة تسع عشرة من الهجرة في خلافة عمر فكان لعظمها في نفسه و جلالتها في صدره و ما قد عرفه من أموالها و سعة الدنيا لا يستعظم أن يجعلها ثمنا من دينه و هذا معنى قوله

و إني بذا الممنوع قدما لمولع

قال نصر فقال له معاوية يا أبا عبد الله أ ما تعلم أن مصر مثل العراق قال بلى و لكنها إنما تكون لي إذا كانت لك و إنما تكون لك إذا غلبت عليا على العراق قال و قد كان أهل مصر بعثوا بطاعتهم إلى علي ع فلما حضر عتبة بن أبي سفيان قال لمعاوية أ ما ترضى أن تشتري عمرا بمصر

٦٦

إن هي صفت لك ليتك لا تغلب على الشام فقال معاوية يا عتبة بت عندنا الليلة فلما جن الليل على عتبة رفع صوته ليسمع معاوية و قال

أيها المانع سيفا لم يهز

إنما ملت على خز و قز

إنما أنت خروف ماثل

بين ضرعين و صوف لم يجز

أعط عمرا إن عمرا تارك

دينه اليوم لدنيا لم تحز

يا لك الخير فخذ من دره

شخبه الأول و ابعد ما غرز

و اسحب الذيل و بادر فوقها

و انتهزها إن عمرا ينتهز

أعطه مصرا و زده مثلها

إنما مصر لمن عز فبز

و اترك الحرص عليها ضلة

و اشبب النار لمقرور يكز

إن مصرا لعلي أو لنا

يغلب اليوم عليها من عجز

قال فلما سمع معاوية قول عتبة أرسل إلى عمرو فأعطاه مصر فقال عمرو لي الله عليك بذلك شاهد قال نعم لك الله علي بذلك إن فتح الله علينا الكوفة فقال عمرو( و اَللَّهُ عَلى‏ ما نَقُولُ وَكِيلٌ ) فخرج عمرو من عنده فقال له ابناه ما صنعت قال أعطانا مصر طعمة قالا و ما مصر في ملك العرب قال لا أشبع الله بطونكما إن لم تشبعكما مصر قال و كتب معاوية له بمصر كتابه و كتب على ألا ينقض شرط طاعة فكتب عمرو على ألا تنقض طاعة شرطا فكايد كل واحد منهما صاحبه قلت قد ذكر هذا اللفظ أبو العباس محمد بن يزيد المبرد في كتابه الكامل

٦٧

و لم يفسره و تفسيره أن معاوية قال للكاتب اكتب على ألا ينقض شرط طاعة يريد أخذ إقرار عمرو له أنه قد بايعه على الطاعة بيعة مطلقة غير مشروطة بشي‏ء و هذه مكايدة له لأنه لو كتب ذلك لكان لمعاوية أن يرجع في إعطائه مصر و لم يكن لعمرو أن يرجع عن طاعته و يحتج عليه برجوعه عن إعطائه مصر لأن مقتضى المشارطة المذكورة أن طاعة معاوية واجبة عليه مطلقا سواء أ كانت مصر مسلمة إليه أم لا فلما انتبه عمرو إلى هذه المكيدة منع الكاتب من أن يكتب ذلك و قال بل اكتب على ألا تنقض طاعة شرطا يريد أخذ إقرار معاوية له بأنه إذا كان أطاعه لا تنقض طاعته إياه ما شارطه عليه من تسليم مصر إليه و هذا أيضا مكايدة من عمرو لمعاوية و منع له من أن يغدر بما أعطاه من مصر قال نصر و كان لعمرو بن العاص عم من بني سهم أريب فلما جاء عمرو بالكتاب مسرورا عجب الفتى و قال أ لا تخبرني يا عمرو بأي رأي تعيش في قريش أعطيت دينك و تمنيت دنيا غيرك أ ترى أهل مصر و هم قتلة عثمان يدفعونها إلى معاوية و علي حي و أ تراها إن صارت لمعاوية لا يأخذها بالحرف الذي قدمه في الكتاب فقال عمرو يا ابن أخي إن الأمر لله دون علي و معاوية فقال الفتى:

ألا يا هند أخت بني زياد

رمي عمرو بداهية البلاد

رمي عمرو بأعور عبشمي

بعيد القعر مخشي الكياد

له خدع يحار العقل منها

مزخرفة صوائد للفؤاد

فشرط في الكتاب عليه حرفا

يناديه بخدعته المنادي

٦٨

و أثبت مثله عمرو عليه

كلا المرأين حية بطن واد

ألا يا عمرو ما أحرزت مصرا

و لا ملت الغداة إلى الرشاد

أ بعت الدين بالدنيا خسارا

فأنت بذاك من شر العباد

فلو كنت الغداة أخذت مصرا

و لكن دونها خرط القتاد

وفدت إلى معاوية بن حرب

فكنت بها كوافد قوم عاد

و أعطيت الذي أعطيت منها

بطرس فيه نضح من مداد

أ لم تعرف أبا حسن عليا

و ما نالت يداه من الأعادي

عدلت به معاوية بن حرب

فيا بعد البياض من السواد

و يا بعد الأصابع من سهيل

و يا بعد الصلاح من الفساد

أ تأمن أن تدال على خدب

يحث الخيل بالأسل الحداد

ينادي بالنزال و أنت منه

قريب فانظرن من ذا تعادي

فقال عمرو يا ابن أخي لو كنت عند علي لوسعني و لكني الآن عند معاوية قال الفتى إنك لو لم ترد معاوية لم يردك و لكنك تريد دنياه و هو يريد دينك و بلغ معاوية قول الفتى فطلبه فهرب فلحق بعلي ع فحدثه أمره فسر به و قربه قال و غضب مروان و قال ما بالي لا أشتري كما اشتري عمرو فقال معاوية إنما يشترى الرجال لك

فلما بلغ عليا ع ما صنع معاوية قال:

يا عجبا لقد سمعت منكرا

كذبا على الله يشيب الشعرا

يسترق السمع و يعشي البصرا

ما كان يرضى أحمد لو أخبرا

٦٩

أن يقرنوا وصيه و الأبترا

شاني الرسول و اللعين الأخزرا

كلاهما في جنده قد عسكرا

قد باع هذا دينه فأفجرا

من ذا بدنيا بيعه قد خسرا

بملك مصر أن أصاب الظفرا

إني إذا الموت دنا و حضرا

شمرت ثوبي و دعوت قنبرا

قدم لوائي لا تؤخر حذرا

لا يدفع الحذار ما قد قدرا

لما رأيت الموت موتا أحمرا

عبأت همدان و عبوا حميرا

حي يمان يعظمون الخطرا

قرن إذا ناطح قرنا كسرا

قل لابن حرب لا تدب الخمرا

أرود قليلا أبد منك الضجرا

لا تحسبني يا ابن هند غمرا

و سل بنا بدرا معا و خيبرا

يوم جعلناكم ببدر جزرا

لو أن عندي يا ابن هند جعفرا

أو حمزة القرم الهمام الأزهرا

رأت قريش نجم ليل ظهرا

قال نصر فلما كتب الكتاب قال معاوية لعمرو ما ترى الآن قال أمض الرأي الأول فبعث مالك بن هبيرة الكندي في طلب محمد بن أبي حذيفة فأدركه فقتله و بعث إلى قيصر بالهدايا فوادعه ثم قال ما ترى في علي قال أرى فيه

٧٠

خيرا إنه قد أتاك في طلب البيعة خير أهل العراق و من عند خير الناس في أنفس الناس و دعواك أهل الشام إلى رد هذه البيعة خطر شديد و رأس أهل الشام شرحبيل بن السمط الكندي و هو عدو لجرير المرسل إليك فابعث إليه و وطن له ثقاتك فليفشوا في الناس أن عليا قتل عثمان و ليكونوا أهل رضا عند شرحبيل فإنها كلمة جامعة لك أهل الشام على ما تحب و إن تعلقت بقلب شرحبيل لم تخرج منه بشي‏ء أبدا فكتب إلى شرحبيل أن جرير بن عبد الله قدم علينا من عند علي بن أبي طالب بأمر مفظع فاقدم و دعا معاوية يزيد بن أسد و بسر بن أرطاة و عمرو بن سفيان و مخارق بن الحارث الزبيدي و حمزة بن مالك و حابس بن سعد الطائي و هؤلاء رءوس قحطان و اليمن و كانوا ثقات معاوية و خاصته و بني عم شرحبيل بن السمط فأمرهم أن يلقوه و يخبروه أن عليا قتل عثمان فلما قدم كتاب معاوية على شرحبيل و هو بحمص استشار أهل اليمن فاختلفوا عليه فقام إليه عبد الرحمن بن غنم الأزدي و هو صاحب معاذ بن جبل و ختنه و كان أفقه أهل الشام فقال يا شرحبيل بن السمط إن الله لم يزل يزيدك خيرا منذ هاجرت إلى اليوم و إنه لا ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من الناس و إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم إنه قد ألقي إلى معاوية أن عليا قتل عثمان و لهذا يريدك فإن كان قتله فقد بايعه المهاجرون و الأنصار و هم الحكام على الناس و إن لم يكن قتله فعلام تصدق معاوية عليه لا تهلكن نفسك و قومك فإن كرهت أن يذهب بحظها جرير فسر إلى علي فبايعه عن شامك و قومك فأبى شرحبيل إلا أن يسير إلى معاوية فكتب إليه عياض الثمالي و كان ناسكا

٧١

يا شرح يا ابن السمط إنك بالغ

بود علي ما تريد من الأمر

و يا شرح إن الشام شامك ما بها

سواك فدع عنك المضلل من فهر

فإن ابن هند ناصب لك خدعة

تكون علينا مثل راغية البكر

فإن نال ما يرجو بنا كان ملكنا

هنيئا له و الحرب قاصمة الظهر

فلا تبغين حرب العراق فإنها

تحرم أطهار النساء من الذعر

و إن عليا خير من وطئ الثرى

من الهاشميين المداريك للوتر

له في رقاب الناس عهد و ذمة

كعهد أبي حفص و عهد أبي بكر

فبايع و لا ترجع على العقب كافرا

أعيذك بالله العزيز من الكفر

و لا تسمعن قول الطغاة فإنهم

يريدون أن يلقوك في لجة البحر

و ما ذا عليهم أن تطاعن دونهم

عليا بأطراف المثقفة السمر

فإن غلبوا كانوا علينا أئمة

و كنا بحمد الله من ولد الطهر

و إن غلبوا لم يصل بالخطب غيرنا

و كان علي حربنا آخر الدهر

يهون على عليا لؤي بن غالب

دماء بني قحطان في ملكهم تجري

فدع عنك عثمان بن عفان إنما

لك الخبر لا تدري بأنك لا تدري

على أي حال كان مصرع جنبه

فلا تسمعن قول الأعيور أو عمرو

قال فلما قدم شرحبيل على معاوية أمر الناس أن يتلقوه و يعظموه فلما

٧٢

دخل على معاوية تكلم معاوية فحمد الله و أثنى عليه ثم قال يا شرحبيل إن جرير بن عبد الله قدم علينا يدعونا إلى بيعة علي و علي خير الناس لو لا أنه قتل عثمان بن عفان و قد حبست نفسي عليك و إنما أنا رجل من أهل الشام أرضى ما رضوا و أكره ما كرهوا فقال شرحبيل أخرج فأنظر فلقيه هؤلاء النفر الموطئون له فكلهم أخبره أن عليا قتل عثمان فرجع مغضبا إلى معاوية فقال يا معاوية أبى الناس إلا أن عليا قتل عثمان و الله إن بايعت له لنخرجنك من شامنا أو لنقتلنك فقال معاوية ما كنت لأخالف عليكم ما أنا إلا رجل من أهل الشام قال فرد هذا الرجل إلى صاحبه إذن فعرف معاوية أن شرحبيل قد نفذت بصيرته في حرب أهل العراق و أن الشام كله مع شرحبيل و كتب إلى علي ع ما سنورده فيما بعد إن شاء الله تعالى

٧٣

27 و من خطبة له ع

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اَلْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ اَلْجَنَّةِ فَتَحَهُ اَللَّهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ وَ هُوَ لِبَاسُ اَلتَّقْوَى وَ دِرْعُ اَللَّهِ اَلْحَصِينَةُ وَ جُنَّتُهُ اَلْوَثِيقَةُ فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ أَلْبَسَهُ اَللَّهُ ثَوْبَ اَلذُّلِّ وَ شَمِلَهُ اَلْبَلاَءُ وَ دُيِّثَ بِالصَّغَارِ وَ اَلْقَمَاءَةِ وَ ضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالْإِسْهَابِ [ اَلْأَسْدَادِ ] وَ أُدِيلَ اَلْحَقُّ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ اَلْجِهَادِ وَ سِيمَ اَلْخَسْفَ وَ مُنِعَ اَلنَّصَفَ أَلاَ وَ إِنِّي قَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلَى قِتَالِ [ حَرْبِ ] هَؤُلاَءِ اَلْقَوْمِ لَيْلاً وَ نَهَاراً وَ سِرّاً وَ إِعْلاَناً وَ قُلْتُ لَكُمْ اُغْزُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَغْزُوكُمْ فَوَاللَّهِ مَا غُزِيَ قَوْمٌ قَطُّ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ إِلاَّ ذَلُّوا فَتَوَاكَلْتُمْ وَ تَخَاذَلْتُمْ حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ اَلْغَارَاتُ وَ مُلِكَتْ عَلَيْكُمُ اَلْأَوْطَانُ فَهَذَا وَ هَذَا أَخُو غَامِدٍ قَدْ وَرَدَتْ خَيْلُهُ اَلْأَنْبَارَ وَ قَدْ قَتَلَ حَسَّانَ بْنَ حَسَّانَ اَلْبَكْرِيَّ وَ أَزَالَ خَيْلَكُمْ عَنْ مَسَالِحِهَا وَ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ اَلرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى اَلْمَرْأَةِ اَلْمُسْلِمَةِ وَ اَلْأُخْرَى اَلْمُعَاهِدَةِ فَيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا وَ قُلُبَهَا وَ قَلاَئِدَهَا وَ رُعُثَهَا مَا تَمْتَنِعُ [ تَمْنَعُ ] مِنْهُ إِلاَّ بِالاِسْتِرْجَاعِ وَ اَلاِسْتِرْحَامِ ثُمَّ اِنْصَرَفُوا وَافِرِينَ مَا نَالَ رَجُلاً مِنْهُمْ كَلْمٌ وَ لاَ أُرِيقَ لَهُمْ دَمٌ فَلَوْ أَنَّ اِمْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ بَعْدِ هَذَا أَسَفاً مَا كَانَ بِهِ مَلُوماً بَلْ كَانَ بِهِ عِنْدِي جَدِيراً فَيَا عَجَباً عَجَباً وَ اَللَّهِ يُمِيتُ اَلْقَلْبَ وَ يَجْلِبُ اَلْهَمَّ مِنَ اِجْتِمَاعِ هَؤُلاَءِ اَلْقَوْمِ عَلَى بَاطِلِهِمْ وَ تَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ فَقُبْحاً لَكُمْ وَ تَرَحاً حِينَ صِرْتُمْ غَرَضاً يُرْمَى يُغَارُ

٧٤

عَلَيْكُمْ وَ لاَ تُغِيرُونَ وَ تُغْزَوْنَ وَ لاَ تَغْزُونَ وَ يُعْصَى اَللَّهُ وَ تَرْضَوْنَ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي أَيَّامِ اَلْحَرِّ [ اَلصَّيْفِ ] قُلْتُمْ هَذِهِ حَمَارَّةُ اَلْقَيْظِ أَمْهِلْنَا يُسَبَّخْ عَنَّا اَلْحَرُّ وَ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي اَلشِّتَاءِ قُلْتُمْ هَذِهِ صَبَارَّةُ اَلْقُرِّ أَمْهِلْنَا يَنْسَلِخْ عَنَّا اَلْبَرْدُ كُلُّ هَذَا فِرَاراً مِنَ اَلْحَرِّ وَ اَلْقُرِّ فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ اَلْحَرِّ وَ اَلْقُرِّ تَفِرُّونَ فَأَنْتُمْ وَ اَللَّهِ مِنَ اَلسَّيْفِ أَفَرُّ يَا أَشْبَاهَ اَلرِّجَالِ وَ لاَ رِجَالَ حُلُومُ اَلْأَطْفَالِ وَ عُقُولُ رَبَّاتِ اَلْحِجَالِ لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَكُمْ وَ لَمْ أَعْرِفْكُمْ مَعْرِفَةً وَ اَللَّهِ جَرَّتْ نَدَماً وَ أَعْقَبَتْ سَدَماً [ ذَمّاً ] قَاتَلَكُمُ اَللَّهُ لَقَدْ مَلاَتُمْ قَلْبِي قَيْحاً وَ شَحَنْتُمْ صَدْرِي غَيْظاً وَ جَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ اَلتَّهْمَامِ أَنْفَاساً وَ أَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالْعِصْيَانِ وَ اَلْخِذْلاَنِ حَتَّى لَقَدْ قَالَتْ قُرَيْشٌ إِنَّ اِبْنَ أَبِي طَالِبٍ رَجُلٌ شُجَاعٌ وَ لَكِنْ لاَ عِلْمَ لَهُ بِالْحَرْبِ لِلَّهِ أَبُوهُمْ وَ هَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً [ مُقَاماً ] وَ أَقْدَمُ فِيهَا مُقَاماً مِنِّي لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا وَ مَا بَلَغْتُ اَلْعِشْرِينَ وَ هَا أَنَا ذَا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى اَلسِّتِّينَ وَ لَكِنْ لاَ رَأْيَ لِمَنْ لاَ يُطَاعُ هذه الخطبة من مشاهير خطبه ع قد ذكرها كثير من الناس و رواها أبو العباس المبرد في أول الكامل و أسقط من هذه الرواية ألفاظا و زاد فيها ألفاظا و قال في أولها إنه انتهى إلى علي ع أن خيلا وردت الأنبار لمعاوية فقتلوا عاملا له

٧٥

يقال له حسان بن حسان فخرج مغضبا يجر رداءه حتى أتى النخيلة و اتبعه الناس فرقي رباوة من الأرض فحمد الله و أثنى عليه و صلى على نبيه ص

ثم قال أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنة فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله الذل و سيما الخسف و قال في شرح ذلك قوله و سيما الخسف هكذا حدثونا به و أظنه سيم الخسف من قوله تعالى( يَسُومُونَكُمْ سُوءَ اَلْعَذابِ ) و قال فإن نصرنا ما سمعناه فسيما الخسف تأويله علامة الخسف قال الله تعالى( سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ ) و قال( يُعْرَفُ اَلْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ ) و سيما مقصور و في معناه سيمياء ممدود قال الشاعر:

غلام رماه الله بالحسن يافعا

له سيمياء لا تشق على البصر

و نحن نقول إن السماع الذي حكاه أبو العباس غير مرضي و الصحيح ما تضمنه نهج البلاغة و هو سيم الخسف فعل ما لم يسم فاعله و الخسف منصوب لأنه مفعول و تأويله أولي الخسف و كلف إياه و الخسف الذل و المشقة و أيضا فإن في نهج البلاغة لا يمكن أن يكون إلا كما اخترناه لأنه بين أفعال متعددة بنيت للمفعول به و هي ديث و ضرب و أديل و منع

٧٦

و لا يمكن أن يكون ما بين هذه الأفعال معطوفا عليها إلا مثلها و لا يجوز أن يكون اسما و أما قوله ع و هو لباس التقوى فهو لفظة مأخوذة من الكتاب العزيز قال الله سبحانه( قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشاً وَ لِباسُ اَلتَّقْوى ) ‏ و الجنة ما يجتن به أي يستتر كالدرع و الحجفة و تركه رغبة عنه أي زهدا فيه رغبت عن كذا ضد رغبت في كذا و ديث بالصغار أي ذلل بعير مديث أي مذلل و منه الديوث الذي لا غيرة له كأنه قد ذلل حتى صار كذلك و الصغار الذل و الضيم و القماء بالمد مصدر قمؤ الرجل قماء و قماءة أي صار قميئا و هو الصغير الذليل فأما قمأ بفتح الميم فمعناه سمن و مصدره القموء و القموءة و روى الراوندي و ديث بالصغار و القما بالقصر و هو غير معروف و قوله ع و ضرب على قلبه بالإسهاب فالإسهاب هاهنا هو ذهاب العقل و يمكن أن يكون من الإسهاب الذي هو كثرة الكلام كأنه عوقب بأن يكثر كلامه فيما لا فائدة تحته قوله و أديل الحق منه بتضييع الجهاد قد يظن ظان أنه يريد ع و أديل الحق منه بأن أضيع جهاده كالباءات المتقدمة و هي قوله و ديث بالصغار و ضرب على قلبه بالإسهاب و ليس كما ظن بل المراد و أديل الحق منه

٧٧

لأجل تضييعه الجهاد فالباء هاهنا للسببية كقوله تعالى( ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ ) و النصف الإنصاف و عقر دارهم بالضم أصل دارهم و العقر الأصل و منه العقار للنخل كأنه أصل المال و تواكلتم من وكلت الأمر إليك و وكلته إلي أي لم يتوله أحد منا و لكن أحال به كل واحد على الآخر و منه رجل وكل أي عاجز يكل أمره إلى غيره و كذلك وكله و تخاذلتم من الخذلان و شنت عليكم الغارات فرقت و ما كان من ذلك متفرقا نحو إرسال الماء على الوجه دفعة بعد دفعة فهو بالشين المعجمة و ما كان أرسالا غير متفرق فهو بالسين المهملة و يجوز شن الغارة و أشنها و المسالح جمع مسلحة و هي كالثغر و المرقب

و في الحديث كان أدنى مسالح فارس إلى العرب العذيب و المعاهدة ذات العهد و هي الذمية و الحجل الخلخال و من هذا قيل للفرس محجل و سمي القيد حجلا لأنه يكون مكان الخلخال و رعثها شنوفها جمع رعاث بكسر الراء و رعاث جمع رعثة فالأول مثل خمار و خمر و الثاني مثل جفنة و جفان و القلب جمع قلب و هو السوار المصمت و الاسترجاع قوله( إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) و الاسترحام أن تناشده الرحم و انصرفوا وافرين أي تامين وفر الشي‏ء نفسه أي تم فهو وافر و وفرت الشي‏ء متعد أي أتممته و في رواية المبرد موفورين قال من الوفر أي لم ينل أحد منهم بأن يرزأ في بدن أو مال

٧٨

و في رواية المبرد أيضا فتواكلتم و تخاذلتم و ثقل عليكم قولي وَ اِتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا قال أي رميتم به وراء ظهوركم أي لم تلتفتوا إليه يقال في المثل لا تجعل حاجتي منك بظهر أي لا تطرحها غير ناظر إليها قال الفرزدق:

تميم بن مر لا تكونن حاجتي

بظهر و لا يعيا عليك جوابها

و الكلم الجراح

و في رواية المبرد أيضا مات من دون هذا أسفا و الأسف التحسر

و في رواية المبرد أيضا من تضافر هؤلاء القوم على باطلهم أي من تعاونهم و تظاهرهم

و في رواية المبرد أيضا و فشلكم عن حقكم الفشل الجبن و النكول عن الشي‏ء فقبحا لكم و ترحا دعاء بأن ينحيهم الله عن الخير و أن يخزيهم و يسوءهم و الغرض الهدف و حمارة القيظ بتشديد الراء شدة حره و يسبخ عنا الحر أي يخف

و في الحديث أن عائشة أكثرت من الدعاء على سارق سرق منها شيئا فقال لها النبي ص لا تسبخي عنه بدعائك و صبارة الشتاء بتشديد الراء شدة برده و لم يرو المبرد هذه اللفظة

و روى إذا قلت لكم اغزوهم في الشتاء قلتم هذا أوان قر و صر و إن قلت لكم اغزوهم في الصيف قلتم هذه حمارة القيظ أنظرنا ينصرم عنا الحر الصر شدة البرد قال تعالى( كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ ) . و لم يرو المبرد حلوم الأطفال و روى عوضها يا طغام الأحلام و قال الطغام من لا معرفة عنده و منه قولهم طغام أهل الشام و رباب الحجال النساء و الحجال جمع حجلة و هي بيت يزين بالستور و الثياب و الأسرة

٧٩

و السدم الحزن و الغيظ و القيح ما يكون في القرحة من صديدها و شحنتم ملأتم و النغب جمع نغبة و هي الجرعة و التهمام بفتح التاء الهم و كذلك كل تفعال كالترداد و التكرار و التجوال إلا التبيان و التلقاء فإنهما بالكسر و أنفاسا أي جرعة بعد جرعة يقال أكرع في الإناء نفسين أو ثلاثة و ذرفت على الستين أي زدت و رواها المبرد نيفت و روى المبرد في آخرها فقام إليه رجل و معه أخوه فقال يا أمير المؤمنين إني و أخي هذا كما قال الله تعالى( رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَ أَخِي ) فمرنا بأمرك فو الله لننتهين إليه و لو حال بيننا و بينه جمر الغضا و شوك القتاد فدعا لهما بخير و قال و أين تقعان مما أريد ثم نزل

استطراد بذكر كلام لابن نباتة في الجهاد

و اعلم أن التحريض على الجهاد و الحض عليه قد قال فيه الناس فأكثروا و كلهم أخذوا من كلام أمير المؤمنين ع فمن جيد ذلك ما قاله ابن نباتة الخطيب أيها الناس إلى كم تسمعون الذكر فلا تعون و إلى كم تقرعون بالزجر فلا تقلعون كأن أسماعكم تمج ودائع الوعظ و كأن قلوبكم بها استكبار عن الحفظ و عدوكم يعمل

٨٠