موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ٥

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ0%

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 360

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد الريشهري
تصنيف: الصفحات: 360
المشاهدات: 144425
تحميل: 5103


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 360 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 144425 / تحميل: 5103
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء 5

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ووارثاً وخليفة ووصيّاً. فقلت: يا ربّ، مَن هو؟ فأوحى إلي عزّ وجلّ: يا محمّد، إنّه إمام أُمّتك، وحجّتي عليها بعدك. فقلت: يا ربّ مَن هو؟ فأوحى إلي عزّ وجلّ: يا محمّد ذاك مَن أُحبّه ويحبّني، ذاك المجاهد في سبيلي، والمُقاتل لناكِثي عهدي والقاسطين في حُكمي والمارقين مِن ديني، ذاك وليّي حقّاً، زوج ابنتك، وأبو ولدك، علي بن أبي طالب) (1) .

1997 - شرح نهج البلاغة - في شرح قوله (عليه السلام): (فلمّا نهضتُ بالأمر نكثت طائفة، ومرقت أُخرى، وفسق آخرون) -: فأمّا الطائفة الناكثة، فهم أصحاب الجَمل، وأمّا الطائفة الفاسقة، فأصحاب صفّين، وسمّاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) القاسطين، وأمّا الطائفة المارقة، فأصحاب النهروان.

وأشرنا نحن بقولنا: (سمّاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) القاسطين) إلى قوله (عليه السلام): (ستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين)، وهذا الخبر من دلائل نبوّته (صلى الله عليه وآله) ; لأنّه إخبار صريح بالغيب، لا يحتمل التمويه والتدليس كما تحتمله الأخبار المُجملة، وصدّق قوله (عليه السلام): (والمارقين) قوله أوّلاً في الخوارج: (يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)، وصدّق قوله (عليه السلام): (الناكثين) كونهم نكثوا البيعة بادئ بدء، وقد كان (عليه السلام) يتلو وقت مبايعتهم له: ( فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ) (2) .

وأمّا أصحاب صفّين، فإنّهم عند أصحابنا مخلّدون في النار ; لفسقهم، فصحّ فيهم قوله تعالى: ( وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ) (3) (4) .

____________________

(1) الأمالي للصدوق: 641 / 867 عن ابن عبّاس، بحار الأنوار: 38 / 107 / 35.

(2) الفتح: 10.

(3) الجنّ: 15.

(4) شرح نهج البلاغة: 1 / 200.

٢١

٢٢

الفصل الثالث

أمرُ النبيّ بقتالِ المفتونين

1998 - الإمام علي (عليه السلام) - يوم النهروان -: (أمرَني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين) (1) .

1999 - عنه (عليه السلام): (عهد إليّ النبي (صلى الله عليه وآله) أن أُقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين) (2) .

2000 - عنه (عليه السلام): (أُمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين) (3) .

____________________

(1) تاريخ بغداد: 8 / 340 / 4447 عن خليد العصري، تاريخ دمشق: 42 / 468 عن زيد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه، عنه (عليهم السلام) وص 470 عن خليد القصري، البداية والنهاية: 7 / 306 عن خليد المصري، شرح الأخبار: 1 / 338 / 306 عن خالد بن الأعصري وج 2 / 38 / 408.

(2) مسند أبي يعلى: 1 / 269 / 515، تاريخ دمشق: 42 / 468، أُسد الغابة: 4 / 108 / 3789، البداية والنهاية: 7 / 305 كلّها عن عليّ بن ربيعة.

(3) الخِصال: 145 / 171 عن علقمة، علل الشرائع: 222، عيون أخبار الرضا: 2 / 61 / 241 عن الحسن بن عبد الله الرازي، عن الإمام الرضا، عن آبائه، عنه (عليهم السلام)، الخرائج والجرائح: 1 / 199 / 39، =

٢٣

2001 - عنه (عليه السلام): (أُمرت أن أُقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، ففعلت ما أُمرت به، فأمّا الناكثون: فهم أهل البصرة وغيرهم من أصحاب الجَمل، وأمّا المارقون: فهم الخوارج، وأمّا القاسطون: فهم أهل الشام وغيرهم من أحزاب معاوية) (1) .

2002 - عنه (عليه السلام) - في لوم العُصاة -: (ألا وقد قطعتم قيد الإسلام، وعطّلتم حدوده، وأمتّم أحكامه. ألا وقد أمرني الله بقتال أهل البغي والنكث والفساد في الأرض، فأمّا الناكثون فقد قاتلتُ، وأمّا القاسطون فقد جاهدتُ، وأمّا المارقة فقد دوّخت، وأمّا شيطان الردهة فقد كفيته بصعقة سمعت لها وَجْبَة (2) قلبه، ورجّة (3) صدره) (4) .

2003 - عنه (عليه السلام): (أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقتال الناكِثَين - طلحة والزبير - والقاسطين - معاوية وأهل الشام - والمارقين - وهم أهل النهروان - ولو أمرني بقتال الرابعة لقاتلتهم) (5) .

____________________

= تاريخ دمشق: 42 / 469 عن عمرو وأبي سعيد التيمي وإبراهيم بن علقمة، المعجم الأوسط: 8 / 213 / 8433 عن ربيعة بن ناجد، البداية والنهاية: 7 / 305 عن علقمة.

(1) دعائم الإسلام: 1 / 388، شرح الأخبار: 1 / 339 / 308، تاريخ دمشق: 42 / 469، البداية والنهاية: 7 / 306، كلاهما عن سعد بن جنادة، المناقب للخوارزمي: 176 / 212 عن أبي سعيد التميمي، وكلّها نحوه.

(2) وَجْبَة قلبه: أي خَفَقانه (النهاية: 5 / 154).

(3) رَجّة صدره: اضطرابه (اُنظر النهاية: 2 / 198).

(4) نهج البلاغة: الخطبة 192، غرر الحِكَم: 2790، عيون الحِكَم والمواعظ: 109 / 2397، بحار الأنوار: 14 / 457 / 37.

(5) الأمالي للطوسي: 726 / 1526 عن عبد الله بن شريك عن أبيه، الملاحم والفتن: 222 / 320 عن عبد الله بن شريك نحوه.

٢٤

2004 - عنه (عليه السلام): (أما والله لقد عهد إليّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقال لي: يا علي، لتقاتلنّ الفئة الباغية، والفئة الناكثة، والفئة المارقة) (1)

2005 - عنه (عليه السلام) - في خطبته الزهراء -: (والله، لقد عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، غير مرّة ولا اثنتين ولا ثلاث ولا أربع، فقال: (يا علي، إنّك سُتقاتل بعدي الناكثين والمارقين والقاسطين)، أفأُُضيّع ما أمرني به رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أو أكفر بعد إسلامي؟!) (2)

2006 - شرح نهج البلاغة - في شرح قوله (عليه السلام): (ألا وقد أمرني الله بقتال أهل البغي والنكث والفساد في الأرض، فأمّا الناكثون فقد قاتلت، وأمّا القاسطون فقد جاهدت، وأمّا المارقة فقد دوّخت) -: قد ثبت عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال له (عليه السلام): (ستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين)، فكان الناكثون أصحاب الجمل ; لأنّهم نكثوا بيعته (عليه السلام)، وكان القاسطون أهل الشام بصفّين، وكان المارقون الخوارج في النهروان. وفي الفِرق الثلاث قال الله تعالى: ( فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَي نَفْسِهِ ) (3) ، وقال: ( وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ) (4) ، وقال النبي (صلى الله عليه وآله): (يخرج مِن ضئضئ هذا قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة، ينظر أحدكم في النصل فلا يجد شيئاً، فينظر في الفوق فلا يجد شيئاً، سبق الفرث والدم)، وهذا الخبر من أعلام نبوّته (صلى الله عليه وآله)، ومن أخباره المفصّلة بالغيوب (5) .

____________________

(1) تفسير العيّاشي: 2 / 78 / 25 عن الحسن البصري، مجمع البيان: 5 / 18، المناقب لابن شهر آشوب: 3 / 147 وزاد في آخره: ( إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ) .

(2) تفسير القمّي: 1 / 283.

(3) الفتح: 10.

(4) الجنّ: 15.

(5) شرح نهج البلاغة: 13 / 182.

٢٥

٢٦

الفصل الرابع

دعاءُ النبيّ على المفتونين

2007 - الإمام عليّ (عليه السلام): (والذي خلقني ولم أكُ شيئاً، لقد علم المستحفظون من أصحاب محمّد (صلى الله عليه وآله) أنّ الناكثين والقاسطين والمارقين ملعونون على لسان النبيّ الأُمّي، ( وَقَدْ خَابَ مَنْ افْتَرَى ) ) (1) (2) .

2008 - عنه (عليه السلام): (لقد علم المستحفظون من أصحاب محمّد أنّ أهل صفّين قد لعنهم الله على لسان نبيّه، ( وَقَدْ خَابَ مَنْ افْتَرَى ) ) (3) .

2009 - الاحتجاج: جاء رجل من أهل البصرة إلى عليّ بن الحسين (عليهما السلام)، فقال: يا عليّ بن الحسين، إنّ جدّك عليّ بن أبي طالب قتل المؤمنين، فهَمَلت عينا عليّ

____________________

(1) طه: 61.

(2) مَن لا يحضره الفقيه: 4 / 420 / 5918، الأمالي للصدوق: 703 / 961، بشارة المصطفى: 191 كلّها عن الأصبغ بن نباتة، بحار الأنوار: 39 / 336 / 4.

(3) عيون أخبار الرضا: 2 / 64 / 275 عن أبي محمّد الحسن بن عبد الله الرازي، عن الإمام الرضا، عن آبائه (عليهم السلام)، بحار الأنوار: 33 / 162 / 427.

٢٧

ابن الحسين (عليهما السلام) دموعاً حتى امتلأت كفّه منها، ثُمّ ضرب بها على الحصى، ثمّ قال: (يا أخا أهل البصرة، لا والله ما قتل عليّ مؤمناً، ولا قتل مسلماً، وما أسلم القوم، ولكن استسلموا وكتموا الكفر وأظهروا الإسلام، فلمّا وجدوا على الكفر أعواناً أظهروه، وقد علمَت صاحبة الخِدَبّ (1) والمستحفظون من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) أنّ أصحاب الجَمل وأصحاب صفّين وأصحاب النهروان لُعنوا على لسان النبيّ الأُمّي، ( وَقَدْ خَابَ مَنْ افْتَرَى ) .

فقال شيخٌ من أهل الكوفة: يا عليّ بن الحسين، إنّ جدّك كان يقول: (إخواننا بغوا علينا).

فقال عليّ بن الحسين (عليهما السلام): (أما تقرأ كتاب الله: ( وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ) (2) ، فهم مثلهم، أنجى الله عزّ وجلّ هوداً والذين معه، وأهلك عاداً بالريح العقيم) (3) .

2010 - الإمام عليّ (عليه السلام): (عَلِم المستحفظون من أصحاب محمّد (صلى الله عليه وآله) وعائشة بنت أبي بكر أنّ أصحاب الجمل وأصحاب النهروان ملعونون على لسان النبيّ (صلى الله عليه وآله)، ولا يدخلون الجنّة حتى يَلِج الجمل في سمّ الخياط) (4) .

____________________

(1) الخِدَبُّ: الجَمَل الشديدُ الصُّلب الضخم القويّ (تاج العروس: 1 / 452).

(2) الأعراف: 65.

(3) الاحتجاج: 2 / 135 / 176، بحار الأنوار: 32 / 343 / 327.

(4) تفسير فرات: 141 / 170 عن أبي الطفيل، بحار الأنوار: 32 / 127 / 104.

٢٨

الفصل الخامس

دوافع البُغاة في قتال الإمام

5 / 1 الاستعلاء

2011 - الإمام عليّ (عليه السلام): (فلمّا نهضتُ بالأمر نكثتْ طائفة، ومرقت أُخرى، وقسط آخرون، كأنّهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول: ( تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرض وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (1) ، بلى والله لقد سمعوها، ووعوها، ولكنّهم حليت الدنيا في أعينهم، وراقَهم (2) زبرجها (3) ) (4) .

____________________

(1) القصص: 83.

(2) الرَّوق: الإعجاب، وراقني الشيء: أعجبني (لسان العرب: 10 / 134).

(3) الزِّبْرِج: الزينة والذهب (النهاية: 2 / 294).

(4) نهج البلاغة: الخطبة 3، معاني الأخبار: 361 / 1، علل الشرائع: 151 / 12 وفيهما: (فَسَقتْ أُخرى) بدل (قسط آخرون) ، الإرشاد: 1 / 289، الاحتجاج: 1 / 457 / 105 والأربعة الأخيرة عن ابن عبّاس، تذكرة الخواصّ: 125 نحوه.

٢٩

2012 - شرح نهج البلاغة: جاء الزبير وطلحة إلى عليّ (عليه السلام) بعد البيعة بأيّام، فقالا له: يا أمير المؤمنين، قد رأيتَ ما كنّا فيه من الجفوة في ولاية عثمان كلّها، وعلمتَ رأي عثمان كان في بني أُميّة، وقد ولاّك الله الخلافة مِن بعده، فولّنا بعض أعمالك.

فقال لهما: (ارضيا بقسم الله لكما، حتى أرى رأيي، واعلما أنّي لا أُشرك في أمانتي إلاّ مَن أرضى بدينه وأمانته من أصحابي، ومَن قد عرفتُ دخيلته (1) )، فانصرفا عنه وقد دخلهما اليأس (2) .

2013 - الإمام عليّ (عليه السلام) - في وصف طلحة والزبير -: (كلّ واحد منهما يرجو الأمر له، ويعطفه عليه دون صاحبه، لا يمتّان إلى الله بحبل، ولا يمدّان إليه بسبب، كلّ واحد منهما حامل ضبٍّ لصاحبه، وعمّا قليل يُكشف قناعه به، والله، لئن أصابوا الذي يريدون لَينتَزِعَنّ هذا نفسَ هذا، ولَيأتينَّ هذا على هذا.

قد قامت الفئة الباغية، فأين المحتسبون! فقد سُنّت لهم السُنن، وقُدّم لهم الخبر، ولكلّ ضَلّة عِلّة، ولكلّ ناكث شبهة.

والله لا أكون كمستمع اللَّدْم ; يَسمع الناعي، ويَحضُر الباكي، ثُمّ لا يعتبر) (3)

2014 - الإرشاد: لمّا اتّصل به [عليّ (عليه السلام) ] مسير عائشة وطلحة والزبير إلى البصرة من مكّة، حَمِد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: (قد سارت عائشة وطلحة والزبير، كلّ واحد منهما يدّعي الخلافة دون صاحبه، فلا يدّعي طلحة الخلافة إلاّ أنّه ابن عمّ

____________________

(1) دَخيلة الرجل: نيّته ومذهبه وخَلَده وبِطانته (لسان العرب: 11 / 240).

(2) شرح نهج البلاغة: 1 / 231، بحار الأنوار: 32 / 6 / 1.

(3) نهج البلاغة: الخطبة 148، بحار الأنوار: 32 / 80 / 52.

٣٠

عائشة، ولا يدّعيها الزبير إلاّ أنّه صهر أبيها، والله لئن ظفرا بما يريدان لَيضربَنّ الزبيرُ عُنقَ طلحة، وليَضربَنّ طلحةُ عُنقَ الزبير، ينازع هذا على الملك هذا) (1) .

2015 - تاريخ الطبري، عن عتبة بن المغيرة بن الأخنس: خلا سعيد [بن العاص بن مروان] بطلحة والزبير، فقال: إن ظفرتما، لمَن تجعلان الأمر؟ أصدقاني.

قالا: لأحدنا، أيّنا اختاره الناس.

قال: بل اجعلوه لولد عثمان ; فإنّكم خرجتم تطلبون بدمه.

قالا: ندَع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأبنائهم (2) .

2016 - تاريخ الطبري، عن ابن عبّاس: خرج أصحاب الجَمل في ستّمئة، معهم عبد الرحمان بن أبي بكرة، وعبد الله بن صفوان الجمحي، فلمّا جاوزا بئر ميمون (3) إذا هم بجزور قد نُحرت ونحرها ينثعب (4) ، فتطيّروا.

وأذّن مروان حين فصل من مكّة، ثمّ جاء حتى وقف عليهما، فقال: أيّكما أُسلّم بالإمرة، وأُؤذّن بالصلاة؟!

فقال عبد الله بن الزبير: على أبي عبد الله، وقال محمّد بن طلحة: على أبي محمّد.

فأرسلت عائشة إلى مروان، فقالت: مالَكَ! أتريد أن تُفرّق أمرنا؟! لِيُصلّ ابن أُختي، فكان يصلّي بهم عبد الله بن الزبير حتى قدم البصرة.

____________________

(1) الإرشاد: 1 / 246، الكافئة: 19 / 19، شرح نهج البلاغة: 1 / 233 نحوه.

(2) تاريخ الطبري: 4 / 453، الكامل في التاريخ: 2 / 315، وفيه: (لأيتام) بدل (لأبنائهم).

(3) بِئْر مَيْمُون: بئر بمكّة منسوبة إلى ميمون بن خالد الحضرمي (مُعجم البلدان:1 / 302).

(4) ثَعَبَ الماءَ والدمَ ونحوهما: فَجَّره، فانثَعَب كما ينثعبُ الدم من الأنف (لسان العرب: 1 / 236).

٣١

فكان معاذ بن عبيد الله يقول: والله لو ظفرنا لافتتنّا، ما خلّى الزبير بين طلحة والأمر، ولا خلّى طلحة بين الزبير والأمر (1)

2017 - الجَمل: لمّا أصبحوا [الناكثون بعد استيلائهم على البصرة]، اجتمع الناس إليهم، وأذّن مؤذّن المسجد لصلاة الغداة، فرامَ (2) طلحة أن يتقدّم للصلاة بهم، فدفعه الزبير وأراد أن يصلّي بهم، فمنعه طلحة، فما زالا يتدافعان حتى كادت الشمس أن تطلع، فنادى أهل البصرة: الله الله يا أصحاب رسول الله في الصلاة، نخاف فوتَها!

فقالت عائشة: مُروا أن يصلّي بالناس غيرهما.

فقال لهم يعلى بن منية: يصلّي عبد الله بن الزبير يوماً، ومحمّد بن طلحة يوماً، حتى يتّفق الناس على أمير يرضونه. فتقدّم ابن الزبير، وصلّى بهم ذلك اليوم (3) .

راجع: وقعة الجمل / تأهّب الناكثين للخروج على الإمام / بدء الخلاف.

5 / 2 الحقد

2018 - الإمام عليّ (عليه السلام) - عند التهيّؤ لقتال القاسطين -: (ألا إنّ خِضاب النساء الحنّاء، وخضاب الرجال الدماء، والصبر خير في عواقب الأُمور، ألا إنّها إحَنٌ (4)

____________________

(1) تاريخ الطبري: 4 / 454، الكامل في التاريخ: 2 / 314 نحوه.

(2) رامَ الشيء: طلبه (لسان العرب: 12 / 258).

(3) الجَمل: 281، تاريخ اليعقوبي: 2 / 181 نحوه، وراجع مروج الذهب: 2 / 367، وشرح نهج البلاغة: 9 / 320 والفتوح: 2 / 459.

(4) الإحنَة: الحقد في الصدر، والجمع إحَن وإحنات (لسان العرب: 13 / 8).

٣٢

بدريّة، وضغاين أُحُديّة، وأحقاد جاهليّة، وقرأ: ( فَقَاتِلُوا أَئـِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ) ) (1) (2) .

2019 - الإقبال - في دعاء النُدبة في وصف الإمام عليّ (عليه السلام) -: (ويقاتل على التأويل، ولا تأخذه في الله لومة لائم، قد وَتَر (3) فيه صناديد (4) العرب، وقَتلَ أبطالَهم، وناوَش (5) ذؤبانهم، وأودع قلوبهم أحقاداً بدريّة، وخيبريّة، وحُنينيّة، وغيرهنّ، فأضبّت (6) على عداوته، وأكبّت على مُنابذته، حتى قتل الناكثين والقاسطين والمارقين) (7) .

2020 - بلاغات النساء، عن أُمّ الخير بنت الحريش البارقيّة - في وصف أعداء الإمام عليّ (عليه السلام) في حرب صفّين -: إنّها إحَنٌ بدريّة، وأحقاد جاهليّة، وضغائن أُحديّة، وثب بها معاوية حين الغفلة ; ليدرك بها ثارات بني عبد شمس (8) .

2021 - وقعة صفّين عن عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي - في حرب

____________________

(1) التوبة: 12.

(2) المناقب لابن شهر آشوب: 3 / 180، بحار الأنوار: 32 / 587 / 472.

(3) يقال: وَتَرتُ الرجل، إذا قتلت له قتيلا وأخذت له مالا (لسان العرب: 5 / 274).

(4) الصناديد: الواحد صِنديد، وهو كلّ عظيم غالب (لسان العرب: 3 / 260).

(5) ناوَشَهم: قاتلَهم، والمناوشة في القتال: تداني الفريقين وأخذ بعضهم بعضاً (النهاية: 5 / 128).

(6) أضبّ الشيء: أخفاه (لسان العرب: 1 / 540).

(7) الإقبال: 1 / 507، المزار الكبير: 577، مصباح الزائر: 448 وفيهما (ناهش) بدل (ناوش)، وفي صدر الحديث: قال محمّد بن عليّ بن أبي قرّة: نقلت من كتاب محمّد بن الحسين بن سنان البزوفري دعاء الندبة، وذكر أنّه الدعاء لصاحب الزمان صلوات الله عليه.

(8) بلاغات النساء: 57، العقد الفريد: 1 / 345 وفيه: (واثب) بدل (معاوية)، صبح الأعشى: 1 / 250 ; الطرائف: 28.

٣٣

صفّين -: يا أمير المؤمنين، إنّ القوم لو كانوا اللهَ يريدون أو لله يعملون ما خالفونا، ولكنّ القوم إنّما يُقاتلون فراراً من الأُسوة (1) ، وحبّاً للأثرة (2) ، وضَنّاً (3) بسلطانهم، وكرهاً لفراق دنياهم التي في أيديهم، وعلى إحَن في أنفسهم، وعداوة يجدونها في صدورهم لوقائع أوقعتَها يا أمير المؤمنين بهم قديمة، قتلتَ فيها آباءهم وإخوانهم.

ثُمّ التفت إلى الناس فقال: فكيف يبايع معاويةُ عليّاً وقد قتل أخاه حنظلة، وخاله الوليد، وجدّه عُتبة في موقف واحد! والله ما أظنّ أن يفعلوا، ولن يستقيموا لكم دون أن تُقصّد (4) فيهم المرّانُ (5) ، وتُقطّع على هامهم السيوف، وتُنثر حواجبهم بعَمَد الحديد، وتكون أُمور جمّة بين الفريقين (6) .

2022 - وقعة صفّين: ذكروا أنّه اجتمع:... عتبة بن أبي سفيان، والوليد بن عقبة، ومروان بن الحَكم، وعبد الله بن عامر، وابن طلحة الطلحات، فقال عتبة: إنّ أمرنا وأمر عليّ لعجب، ليس منّا إلاّ موتور مُحاجّ، أمّا أنا فقَتل جدّي، واشتَرك في دم عمومتي يوم بدر، وأمّا أنت يا وليد فقَتل أباك يوم الجَمل، وأيتم إخوتك، وأمّا أنت يا مروان فكما قال الأوّل:

وأفلتهنَّ عِلباء جريضاً، ولو أدركْنَهُ صَفِرَ الوِطابُ

____________________

(1) القوم أُسوة في هذا الأمر: أي حالهم فيه واحدة (لسان العرب: 14 / 35).

(2) في الحديث: (إنّكم ستلقون بعدي أثَرَة) ، الأثَرَة: الاسم من آثَرَ إذا أعطى، أراد أنّه يستأثر عليكم فيُفضّل غيركم في نصيبه من الفَيء (لسان العرب: 4 / 8).

(3) ضَنِنتُ بالشيء أضَنُّ، وضنَنتُ أضِنُّ ضَنّاً وضِنّاً: بخِلت به (لسان العرب: 13 / 261).

(4) تَقَصَّدَت الرماح: تكسّرت (لسان العرب: 3 / 355).

(5) المُرّان - بالضمّ -: الرماح الصُّلبة اللَّدْنة، واحدتها مُرّانة (لسان العرب: 13 / 403).

(6) وقعة صفّين: 102، شرح نهج البلاغة: 3 / 180، وفيه: (تُقْصَفَ فيهم قَنا) بدل (تقصّد فيهم)، المعيار والموازنة: 128 نحوه.

٣٤

قال معاوية: هذا الإقرار، فأين الغير؟ قال مروان: أيّ غير تُريد؟ قال: أُريد أن يُشجر بالرماح، فقال: والله إنّك لهازل، ولقد ثقلنا عليك (1) .

2023 - المناقب للخوارزمي: ويروى في يوم السادس والعشرين من حروب صفّين: اجتمع عند معاوية الملأ من قومه، فذكروا شجاعة عليّ وشجاعة الأشتر، فقال عُتبة بن أبي سفيان: إن كان الأشتر شجاعاً، لكنّ عليّاً لا نظير له في شجاعته وصولته وقوّته.

قال معاوية: ما منّا أحد إلاّ وقد قَتل عليّ أباه، أو أخاه، أو وَلده ; قتل يوم بدر أباك يا وليد، وقتل عمّك يا أبا الأعور يوم أُحد، وقتل يابن طلحة الطلحات أباك يوم الجَمل، فإذا اجتمعتم عليه أدركتُم ثاركم منه، وشفيتم صدوركم (2) .

راجع: القسم الخامس / بيعة النور / من تخلّف عن بيعته.

5 / 3 الحَسد

2024 - الأمالي للمفيد، عن الحسن بن سلمة: لمّا بلغ أمير المؤمنين صلوات الله عليه مسير طلحة والزبير وعائشة من مكّة إلى البصرة...، فقام أبو الهيثم بن التيّهان وقال: يا أمير المؤمنين، إنّ حسد قريش إيّاك على وجهين: أمّا خيارهم، فحسدوك مُنافسةً في الفضل، وارتفاعاً في الدرجة، وأمّا أشرارهم، فحسدوك حسداً أحبط الله به أعمالهم، وأثقل به أوزارهم، وما رضوا أن يساووك حتى أرادوا أن يتقدَّموك، فبَعُدَتْ عليهم الغاية، وأسقطهم المضمار، وكنتَ أحقّ

____________________

(1) وقعة صفّين: 417.

(2) المناقب للخوارزمي: 234.

٣٥

قريش بقريش، نصرتَ نبيّهم حيّاً، وقضيتَ عنه الحقوق ميّتاً، والله ما بغيهم إلاّ على أنفسهم، ونحن أنصارك وأعوانك، فمُرنا بأمرك، ثُمّ أنشأ يقول:

إنّ قـوماً بَـغَوا عـليكَ وكادو كَ وعـابوكَ بـالأُمور الـقباحِ

لـيسَ مـن عيبها جَناحُ بعوض فـيكَ حَـقّاً ولا كـعُشرِ جَـناحِ

أبـصَروا نـعمةً عليكَ من اللّ هِ وقَـرماً (1) يَدقُّ قَرنَ النطاحِ

وإمـاماً تـأوي الأُمـور إلـيهِ ولِـجاماً يلينُ غربَ الجماحِ (2)

حـاكِماً تُـجمعُ الإمـامة فـيهِ هـاشميّاً لـه عـراض البطاحِ

حَـسَداً لـلّذي أتـاك مـن اللّ هِ وعـادوا إلـى قـلوب قـراحِ

ونـفوس هـناك أوعـية الـبغ ضِ عـلَى الـخير للشقاء شحاحِ

مـن مُـسرٍّ يـكنّه حجب الغي بِ ومِـن مُـظهرِ الـعداوةِ لاحِ

يـا وصـيّ النبيّ نحنُ من الح قِّ عـلى مـثلِ بَهجةِ الإصباحِ

فخّذ (3) الأوس والقبيل من الخز رج بـالطعنِ في الوَغي والكفاحِ

لـيس منّا مَن لم يكُن لكَ في اللّ هِ وَلـيّاً علَى الهدى والفلاحِ (4)

2025 - الإمام علي (عليه السلام)، في خطبة له عند خروجه لقتال أهل البصرة، وفيها يذمّ الخارجين عليه: (ما لي ولقريش؟! والله لقد قاتلتهم كافرين، ولأُقاتلنّهم مفتونين، وإنّي لصاحبهم بالأمس كما أنا صاحبهم اليوم. والله ما تنقم منّا قريش

____________________

(1) القَرم من الرجال: السيّد المُعظّم (لسان العرب: 12 / 473).

(2) جَمَحَ الفرسُ: ذهب يجري جرياً غالباً، واعتزّ فارسَه وغَلبَه (لسان العرب: 2 / 426).

(3) فخّذت بينهم: أي فرّقت (لسان العرب: 3 / 502).

(4) الأمالي للمفيد: 154 / 6.

٣٦

إلاّ أنّ الله اختارنا عليهم، فأدخلناهم في حيّزنا، فكانوا كما قال الأوّل:

أدمتَ لعمري شربكَ المَحض صابِحاً وأكلكَ بالزبدِ المُقشّرة البُجرا

ونحنُ وهبناكَ العَلاء ولم تكُنْ عَليّاً وحُطنا حولك الجُرد والسُّمرا (1)

راجع: القسم التاسع / على عن لسان الأعيان / خليل بن أحمد.

القسم الخامس / الإصلاحات العلويّة / تعذّر بعض الإصلاحات.

5 / 4 الحرص

2026 - الأمالي للطوسي، عن مالك بن أوس: بعث [عليّ (عليه السلام) ] إلى طلحة والزبير فدعاهما، ثُمّ قال لهما: (ألم تأتياني وتُبايعاني طائعَين غير مُكرهَين، فما أنكرتُم؟! أجَورٌ في حُكم، أو استئثار في فيء؟!) قالا: لا، قال (عليه السلام): (أَوَ في أمرٍ دعوتُماني إليه من أمر المسلمين فقصّرتُ عنه؟) قالا: معاذ الله.

قال (عليه السلام): (فما الذي كرهتما من أمري حتى رأيتما خلافي؟)

قالا: خلافك عُمر بن الخطّاب في القسم، وانتقاصنا حقّنا من الفيء ; جعلت حظّنا في الإسلام كحظّ غيرنا ممّا أفاء الله علينا بسيوفنا ممّن هو لنا فيء فسوّيت بيننا وبينهم (2) .

2027 - الجَمل: صارا [طلحة والزبير] إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فخطب إليه طلحة ولاية العراق، وطلب منه الزبير ولاية الشام، فأمسك (عليه السلام) عن إجابتهما في شيء

____________________

(1) نهج البلاغة: الخطبة 33، الإرشاد: 1 / 248، الكافئة: 20 / 19 كلاهما نحوه، بحار الأنوار: 32 / 113 / 89.

(2) الأمالي للطوسي: 731 / 1530، بحار الأنوار: 32 / 30 / 9.

٣٧

من ذلك؛ فانصرفا وهما ساخطان منه، فعرفا ما كان غلب في ظنّهما قبلُ من رأيه (عليه السلام)، فتركاه يومين أو ثلاثة أيّام، ثُمّ صارا إليه واستأذنا عليه، فأذن لهما، وكان في علّية في داره، فصعدا إليه وجلسا عنده بين يديه، وقالا: يا أمير المؤمنين، قد عرفتَ حال هذه الأزمنة وما نحن فيه من الشدّة، وقد جئناك لتدفع إلينا شيئاً نُصلح به أحوالَنا، ونقضي به حقوقاً علينا.

فقال (عليه السلام): (قد عرفتُما مالي بينبع (1) ، فإن شئتما كتبت لكما منه ما تيسّر)

فقالا: لا حاجة لنا في مالك بينبع.

فقال لهما: (فما أصنع؟)

فقالا له: أعطِنا من بيت المال شيئاً فيه لنا كفاية.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (سبحان الله! وأيّ يد لي في بيت المال؟! ذلك للمسلمين، وأنا خازنهم وأمين لهم، فإن شئتما رَقيتُ المنبر وسألتهم ذلك ممّا شئتما، فإن أذنوا فيه فعلتُ. وأنّى لي بذلك وهو لكافّة المسلمين، شاهدهم وغائبهم، لكنّي أُبلي لكما عذراً).

قالا: ما كنّا بالذي يكلّفك ذلك، ولو كلّفناكه لَما أجابك المسلمون.

فقال لهما: (فما أصنع؟)

قالا: سمعنا ما عندك (2) .

2028 - المناقب للخوارزمي، عن أبي بشير الشيباني: لم يكُن [بعد بيعة علي (عليه السلام) ]

____________________

(1) يَنْبُع: بليدة بالقرب من المدينة، بها عيون وحضر وحصن (تقويم البلدان: 89).

(2) الجَمل: 164.

٣٨

إلاّ يسيراً حتى دخل عليه طلحة والزبير، فقالا: يا أمير المؤمنين، إنّ أرضنا أرض شديدة، وعيالنا كثير، ونفقتنا قليلة.

قال: (ألم أقُل لكم إنّي لا أُعطي أحداً دون أحد؟!)

قالا: نعم.

قال: (فأتوني بأصحابكم، فإن رضوا بذلك أعطيتُكم، وإلاّ لم أُعطِكم دونهم، ولو كان عندي شيء أُعطيتُكم من الذي لي لو انتظرتم حتى يخرج عطائي أعطيتكم من عطائي).

فقالا: ما نريد من مالك شيئاً. وخرجا من عنده، فلم يلبثا إلاّ قليلاً حتى دخلا عليه، فقالا: أتأذن لنا في العُمرة؟

قال: (ما تُريدان العمرةَ، ولكن تُريدان الغَدرة) (1) .

2029 - دعائم الإسلام: روينا عن علي (عليه السلام) أنّه أمر عمّار بن ياسر، وعبيد الله بن أبي رافع، وأبا الهيثم بن تيهان، أن يُقسّموا فيئاً بين المسلمين، وقال لهم: (اعدلوا فيه، ولا تفضّلوا أحداً على أحد).

فحسبوا، فوجدوا الذي يصيب كلّ رجل من المسلمين ثلاثة دنانير، فأعطوا الناس، فأقبل إليهم طلحة والزبير، ومع كلّ واحد منهما ابنه، فدفعوا إلى كلّ واحد منهم ثلاثة دنانير، فقال طلحة والزبير: ليس هكذا كان يُعطينا عُمر! فهذا منكم أو عن أمر صاحبكم؟ قالوا: بل هكذا أمرنا أمير المؤمنين (عليه السلام).

فمضيا إليه، فوجداه في بعض أمواله قائماً في الشمس على أجير له يعمل بين

____________________

(1) المناقب للخوارزمي، طبعة مكتبة نينوى: 112 وطبعة مؤسّسة النشر الإسلامي: 178 / 216، وفيه جميع ضمائر المثنّى بصيغة الجمع، تذكرة الخواصّ: 59 نحوه، وراجع الكافئة: 14 / 12 و13.

٣٩

يديه، فقالا: ترى أن ترتفع معنا إلى الظلّ؟ قال: (نعم).

فقالا له: إنّا أتينا إلى عُمّالك على قسمة هذا الفيء، فأعطوا كلّ واحد منّا مثل ما أعطوا سائر الناس.

قال: (وما تريدان؟!)

قالا: ليس كذلك كان يعطينا عمر.

قال: (فما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعطيكما؟)، فسكتا، فقال: (أليس كان (صلى الله عليه وآله) يقسم بالسويّة بين المسلمين من غير زيادة؟)

قالا: نعم.

قال: (أفسُنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أولى بالاتّباع عندكما، أم سُنّة عمر؟!)

قالا: سُنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولكن يا أمير المؤمنين، لنا سابقة وغناء وقرابة، فإن رأيت أن لا تسوّينا بالناس فافعل.

قال: (سابقتُكما أسبق، أم سابقتي؟) قالا: سابقتك.

قال: (فقرابتكما أقرب، أم قرابتي؟) قالا: قرابتك.

قال: (فغناؤكما أعظم أم غنائي؟) قالا: بل أنت يا أمير المؤمنين أعظم غناءً.

قال: (فوَالله، ما أنا وأجيري هذا في هذا المال إلاّ بمنزلة واحدة) (1) .

2030 - مروج الذهب: لمّا رأى معاوية القتل في أهل الشام وكَلَب (2) أهل العراق

____________________

(1) دعائم الإسلام: 1 / 384، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 111 نحوه، وفيه من (قالا: ليس كذلك...)، بحار الأنوار: 41 / 116 / 23.

(2) كَلِب عليه كَلَباً: غضب (لسان العرب: 1 / 723).

٤٠