موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ٥

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ0%

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 360

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد الريشهري
تصنيف: الصفحات: 360
المشاهدات: 143083
تحميل: 5014


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 360 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 143083 / تحميل: 5014
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء 5

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مَوسوعةُ

الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

في الكِتابِ والسُنّة والتاريخ

محمد الرَيشهري

بمساعدة

محمد كاظم الطباطبائي - محمود الطباطبائي

المُجلّد الخامس

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

٣

موسوعة الإمام علي (عليه السلام) في الكِتاب والسُنّة

المؤلف: محمّد الريشهري

المُساعدان: السيّد كاظم الباطبائي، السيّد محمود الطباطبائي نجاد

التحقيق: دار الحديث للطباعة والنشر

الطبعة: الثانية، 1425

٤

القسم السادس

حروب الإمام علي عليه السلام

في أيّام الإمارة

نظرة عامّة في حُروب الإمام

الحرب الأُولى: وقعة الجَمل

الحرب الثانية: وقعة صفّين

الحرب الثالثة: وقعة النهروان

٥

٦

نظرة عامّة في حروب الإمام

وفيه فصول:

الفصل الأوّل: تحذير النبيّ من مُحاربة الإمام

الفصل الثاني: إخبار النبيّ بالفتن بعده

الفصل الثالث: أمر النبيّ بقتال المفتونين

الفصل الرابع: دعاء النبيّ على المفتونين

الفصل الخامس: دوافع البُغاة في قتال الإمام

الفصل السادس: أهداف الإمام في قتال البُغاة

الفصل السابع: نُبذة من الآراء في قتال البُغاة

٧

٨

المدخل

تسلّم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) مقاليد الخلافة بعد انثيال الناس عليه، وإقبالهم المُنقطع النظير، وإصرارهم المتواصل. وبيّن سياسته في الحكم بصراحة في أوّل خطبة حماسيّة جليلة له، وذكر فيها أنّه لن يطيق الامتيازات التي لا أساس لها في الإسلام، وأنّه سوف يُحدث تغييراً جذريّاً في المجتمع، ويقضي على التفاضل والتمايز الموهوم في كافّة زوايا المجتمع ; لأنّ ذلك كلّه من سِمات الجاهليّة التي عادت إلى الناس كهيئتها قبل البعثة النبويّة الشريفة (1) .

ومن الواضح أنّ الكثيرين لم يتحمّلوا تلك المساواة، وامتعضوا من فُقدانهم منزلتهم وامتيازاتهم، ولم يهدأ أولئك الذين عكّروا الماء عند هجومهم على عثمان ليصطادوا لهم منصباً، ولم يُطِق هذه السياسة الثوريّة العاصفة الوصوليّون النفعيّون الذين تسلّطوا على الأُمّة بلا سابقة ولا شرف باذخ، وفعلوا ما شاؤوا، غير مبالين بالحكومة المركزيّة.

____________________

(1) راجع: القسم الخامس / الإصلاحات العلويّة.

٩

ولهذا لم تكَد تمضي أيّام قلائل على حكومة الإمام صلوات الله عليه حتى بدأت المواجهات، وتكشّفت الذرائع والحُجج الواهية التي اتّصلت فصبغت السنوات الخمس - التي هي مدّة حُكم الإمام (عليه السلام) - بصِبغة الحروب والدماء.

وكانت تلك المواجهات عسيرة ثقيلة إذا ما نظرنا إلى جذورها، وكيفيّة تبلور الكيان الذي كان عليه مُوقدوها، لا سيما أصحاب الجمل والنهروان، وأصحر الإمام (عليه السلام) بذلك مراراً، فقال: (لو لم أكُ فيكم ما قُوتل أصحاب الجَمل وأهل النهروان) (1) .

وقال: (إنّي فقأت عين الفتنة، ولم يكن ليجترئ عليها أحد غيري، بعد أن ماج غَيهَبها (2) ، واشتدّ كَلَبُها (3) ) (4) .

تُرى مَن كان قادراً على إبصار ذلك السحاب المركوم من الأفكار الفاسدة، والجهل المُطبق، والشرك المُعقّد، في ظلّ العناوين البرّاقة الخادعة، كعنوان: الصحابة، وعنوان السابقين، ووجوه المتنسّكين الجهلة المتحجّرين أصحاب الجباه التي أثفنها السجود؟! ومَن كان متمكّناً من الأمر بقمع هؤلاء وإبادتهم؟!

أجل، كان عمل علي (عليه السلام) عملاً عسيراً، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرى ذلك كلّه في

____________________

(1) الغارات: 1 / 7 وص 16، تاريخ اليعقوبي: 2 / 193، كتاب سليم بن قيس: 2 / 870 / 48 نحوه، بحار الأنوار: 33 / 366 / 559، خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 324 / 188، كنز العمّال: 11 / 298 / 31565.

(2) الغَيهَب: الظُّلمة (لسان العرب: 1 / 653).

(3) الكَلَب: داء يعرض للإنسان مِن عضّ الكَلْب الكَلِب، فيصيبُه شبه الجنون فلا يَعضّ أحداً إلاّ كَلِبَ، ويمتنع من شرب الماء حتى يموت عطشاً (لسان العرب: 1 / 723).

(4) نهج البلاغة: الخطبة 93، الغارات: 1 / 6، تاريخ اليعقوبي: 2 / 193، بحار الأنوار: 41 / 348 / 61 ; ينابيع المودّة: 3 / 433 / 3.

١٠

مرآة الزمن، فأشار إليه مراراً، وقال مخاطباً الإمام: (تقاتل على التأويل كما قاتلتُ على التنزيل)، وقال: (إنّ علي بن أبي طالب أخي ووصيّي، يُقاتل بعدي على تأويل القرآن كما قاتلتُ على تنزيله). وأكثر من ذلك أنّه (صلى الله عليه وآله) كشف هويّة مُسعّري الحروب ضدّ الإمام، فقال: (هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين بعدي).

من هنا كان بعض الصحابة يتحدّثون عن هذه الحقيقة قبل أن تَقبل الخلافة علي الإمام (عليه السلام) (1) .

وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكلّفاً برسالة إبلاغ الدين، كما كان على عاتقه مُهمّة الكشف عمّا سيحدث لهذه الأُمّة في المستقبل ; لأنّ دينه يتّصف بالخُلود، وهو لكلّ زمان ومكان، فكان يُخبر بتلك المواجهات، ويعرّف الناس بمُوقدي نار الفتنة - كما مرّ - فذكرهم في عِداد أهل الباطل، وعرّفهم على أنّهم شرذمة فتنة، وفئة باغية، وقال (صلى الله عليه وآله): (يا علي، ستُقاتلك الفئة الباغية، وأنت على الحقّ، فمَن لم ينصرك يومئذ فليس منّي) (2) .

ومن جانب آخر، فقد صرّح (صلى الله عليه وآله) للجميع بأحقّية الإمام (عليه السلام) في حروبه، واستقامته فيها، بعد أن كان يُطري على شخصيّة الإمام، ويؤكّد أنّه مع الحقّ والحقّ معه دائماً (3) ، فقال (صلى الله عليه وآله): (أنت... تقاتل عن سنّتي) (4) ، وقال: (حرب عليّ

____________________

(1) راجع: إخبار النبي بالفتن بعده، وأمر النبي بقتال المفتونين.

(2) تاريخ دمشق: 42 / 473 / 9044، كنز العمّال: 11 / 613 / 32970.

(3) تاريخ بغداد: 14 / 321 / 7643، تاريخ دمشق: 42 / 449 / 9205. راجع: القسم الثاني / أحاديث العصمة / علي مع الحقّ.

(4) مسند أبي يعلى: 1 / 271 / 524، المناقب للخوارزمي: 129 / 143، ينابيع المودّة: 1 / 374 / 3، =

١١

حرب الله) (1) ، وقال: (حربك حربي) (2) ، أو: (حربك حربي، وسلمك سلمي) (3) ، إلى غيرها من الأحاديث.

وبهذا كلّه أفصح رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن مقام الإمام الإلهي ; لتستبين في المستقبل حقائق الأشخاص والأعمال، وتتجلّى صفة الحقّ والباطل.

وبعد هذه النظرة المُقتضبة سنكون مع إضمامة من الأخبار والأسانيد التي تتكفّل بإضاءة ما أوردناه.

____________________

= كنز العمّال: 1 / 13 / 374، كنز الفوائد: 2 / 179، شرح الأخبار: 1 / 113 / 35، كتاب سليم بن قيس: 2 / 569 / 2 وص 769 / 25، المناقب للكوفي: 1 / 351 / 278.

(1) الخصال: 496 / 5، الأمالي للصدوق: 149 / 146 وص 85 / 52، بشارة المصطفى: 20.

(2) المناقب لابن المغازلي: 50 / 73، تفسير فرات: 266 / 360.

(3) الأمالي للطوسي: 364 / 763، كنز الفوائد: 2 / 179، شرح الأخبار: 2 / 102، المناقب لابن شهر آشوب: 3 / 217، المناقب للخوارزمي: 129 / 143.

١٢

الفصل الأوّل

تحذيرُ النبيّ مِن مُحاربة الإمام

1978 - رسول الله (صلى الله عليه وآله): (حرب عليّ حرب الله، وسِلم عليّ سِلم الله) (1) .

1979 - عنه (صلى الله عليه وآله): (ولاية عليّ بن أبي طالب ولاية الله، وحبّه عبادة الله، واتّباعه فريضة الله، وأولياؤه أولياء الله، وأعداؤه أعداء الله، وحربه حرب الله، وسِلمه سِلم الله عزّ وجلّ) (2) .

1980 - عنه (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام) -: (قاتَل الله مَن قاتلك، وعادَى مَن عاداك) (3) .

____________________

(1) الخصال: 496 / 5، الأمالي للصدوق: 149 / 146، بشارة المصطفى: 20، جامع الأخبار: 51 / 56 كلّها عن جابر بن عبد الله الأنصاري.

(2) الأمالي للصدوق: 85 / 52، بشارة المصطفى: 153، روضة الواعظين: 114، جامع الأخبار: 50 / 54 كلّها عن ابن عبّاس.

(3) الجَمل: 81، الاحتجاج: 1 / 330 / 55، عن جابر الجعفي، عن الإمام الباقر، عن الإمام علي (عليهما السلام) عنه (صلى الله عليه وآله)، بشارة المصطفى: 166، مئة منقبة: 99 / 43 كلاهما عن رافع مولى عائشة، الأمالي =

١٣

1981 - عنه (صلى الله عليه وآله): (يا علي، حربك حربي، وحربي حرب الله) (1) .

1982 - عنه (صلى الله عليه وآله): (حربك - يا علي - حربي، وسِلمك سِلمي) (2) .

1983 - الإمام علي (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه تلا هذه الآية: ( فَأُولَـٰئـِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) (3) ، قيل: يا رسول الله مَن أصحاب النار؟ قال: (مَن قاتَل عليّاً بعدي، أُولئك هم أصحاب النار مع الكفّار، فقد كفروا بالحقّ لمّا جاءهم، ألا وإنّ عليّاً منّي، فمَن حاربه فقد حاربني وأسخط ربّي).

ثمّ دعا عليّاً (عليه السلام)، فقال: (يا علي، حربك حربي، وسِلمك سِلمي، وأنت العَلَم فيما بيني وبين أُمّتي بعدي) (4) .

1984 - رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يا علي حربك حربي، وسِلمك سِلمي، وحربي حَرب الله، ومَن سالمك فقد سالمني، ومَن سالمني فقد سالم الله عزّ وجلّ) (5) .

____________________

= للصدوق: 757 / 1021، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن الإمام الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) عنه (صلى الله عليه وآله) وفيه صدره، الإصابة: 3 / 82 / 3254 عن ابن الزبير.

(1) كفاية الأثر: 184 عن أُم سلمة، بحار الأنوار: 36 / 348 / 216.

(2) الإفصاح: 128، كنز الفوائد: 2 / 179 عن جابر بن عبد الله الأنصاري، المناقب لابن شهر آشوب: 3 / 217، تفسير فرات: 266 / 360، شرح الأخبار: 2 / 102، عوالي اللآلي: 4 / 87 / 108 ; المناقب لابن المغازلي: 50 / 73 عن ابن عبّاس، المناقب للخوارزمي: 129 / 143 عن زيد بن علي، عن الإمام زين العابدين، عن آبائه (عليهم السلام) عنه (صلى الله عليه وآله)، شرح نهج البلاغة: 20 / 221.

(3) البقرة: 275.

(4) الأمالي للطوسي: 364 / 763 عن علي بن علي بن رزين، عن الإمام الرضا، عن آبائه (عليهم السلام)، وراجع تفسير فرات: 477 / 623 و624.

(5) الأمالي للصدوق: 656 / 891، بشارة المصطفي: 180 كلاهما عن الحسن بن راشد، عن الإمام الصادق، عن آبائه (عليهم السلام)، فضائل الشيعة: 56 / 17 عن أبي بصير، عن الإمام الصادق (عليه السلام)، عنه (صلى الله عليه وآله) نحوه.

١٤

1985 - الأمالي للطوسي: عن عطيّة بن سعد العوفي، عن محدوج بن زيد الذهلي، وكان في وفد قومه إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فتلا هذه الآية: ( لاَ يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائـِزُونَ ) (1) ، قلت: يا رسول الله مَن أصحاب الجنّة؟ قال: (مَن أطاعني وسلّم لهذا مِن بعدي)، قال: وأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكفّ علي (عليه السلام) - وهو يومئذ إلى جنبه - فرفعها، وقال: (ألا إنّ عليّاً منّي وأنا منه، فمَن حادّه فقد حادّني، ومَن حادّني فقد أسخط الله عزّ وجلّ، ثمّ قال: يا علي، حربُك حربي، وسِلمك سِلمي، وأنت العَلَم بيني وبين أُمّتي).

قال عطيّة: فدخلت علي زيد بن أرقم في منزله، فذكرت له حديث محدوج بن زيد، فقال: ما ظننت أنّه بقي ممّن سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول هذا غيري، أشهدُ لقد حدّثنا به رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثمّ قال: لقد حادّه رجال سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله هذا، وقد ردّوا (2) .

1986 - رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) -: (أنا حَرب لمَن حاربتم، وسِلم لمَن سالمتم) (3) .

1987 - مسند ابن حنبل، عن أبي هريرة: نظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى علي والحسن والحسين

____________________

(1) الحشر: 20.

(2) الأمالي للطوسي: 485 / 1063، بحار الأنوار: 24 / 261 / 15 وج 38 / 119 / 62، ينابيع المودّة: 1 / 172 / 19 نحوه.

(3) سُنن الترمذي: 5 / 699 / 3870، سُنن ابن ماجة: 1 / 52 / 145، المستدرك على الصحيحين: 3 / 161 / 4714، المعجم الكبير: 3 / 40 / 2619 وح 2620، كشف الغمّة: 2 / 154 كلّها عن زيد بن أرقم.

١٥

وفاطمة، فقال: (أنا حَرب لمَن حاربكم، وسِلم لمَن سالمكم) (1) .

1988 - رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يا علي، ستقاتلك الفئة الباغية، وأنت على الحقّ، فمَن لم ينصرك يومئذ فليس منّي) (2)

____________________

(1) مسند ابن حنبل: 3 / 446 / 9704، المستدرك على الصحيحين: 3 / 161 / 4713، تاريخ بغداد: 7 / 137 / 3582، المعجم الكبير: 3 / 40 / 2621، أُسد الغابة: 3 / 7 / 2481 عن صبيح، المناقب لابن المغازلي: 64 / 90، الأمالي للطوسي: 336 / 680 عن زيد بن أرقم، الاعتقادات: 105.

(2) تاريخ دمشق: 42 / 473 / 9044 عن عمّار بن ياسر، كنز العمّال: 11 / 613 / 32970.

١٦

الفصل الثاني إخبار

النبي بالفتن بعده

1989 - الإمام علي (عليه السلام): (لمّا أنزل الله سبحانه قوله: ( الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ ) (1) علمتُ أنّ الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله (صلى الله عليه وآله) بين أظهُرنا، فقلت: يا رسول الله، ما هذه الفتنة التي أخبرك الله تعالى بها؟ فقال: يا علي، إنّ أُمّتي سيُفتنون من بعدي)، فقلت: يا رسول الله، أَوَليس قد قلتَ لي يوم أُحد حيث استُشهد من استُشهد مِن المسلمين وحِيزَتْ (2) عنّي الشهادة فشقّ ذلك عَلَيّ، فقلتَ لي: أبشِر فإنّ الشهادة من ورائك؟! فقال لي: إنّ ذلك لكذلك، فكيف صبرك إذن؟ فقلتُ: يا رسول الله، ليس هذا من مواطن الصبر، ولكن من مواطن البُشرى والشكر.

وقال: يا علي، إنّ القوم سيُفتنون بأموالهم، ويَمُنّون بدِينهم علي ربّهم،

____________________

(1) العنكبوت: 1 و2.

(2) حزتُ الشيء: نحّيتُه (لسان العرب: 5 / 341).

١٧

ويتمنّون رحمته، ويأمنون سَطوَته، ويستحلّون حرامه بالشبهات الكاذبة والأهواء الساهية ; فيستحلّون الخمر بالنبيذ، والسُّحت بالهديّة، والربا بالبيع.

قلت يا رسول الله: فبأي المنازل أُنزلهم عند ذلك؟ أبمنزلة رِدّة، أم بمنزلة فتنة؟ فقال: بمنزلة فتنة) (1) .

1990 - رسول الله (صلى الله عليه وآله)، في قوله تعالي: ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ ) (2) : (نزلت في علي بن أبي طالب ; أنّه ينتقم من الناكثين والقاسطين بعدي) (3) .

1991 - تاريخ دمشق، عن عبد الله: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأتى منزل أُمّ سلمة، فجاء عليّ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يا أُم سلمة، هذا والله قاتلُ القاسطين والناكثين والمارقين بعدي) (4) .

1992 - رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): (تقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين) (5) .

____________________

(1) نهج البلاغة: الخطبة 156، بحار الأنوار: 32 / 241 / 191، كنز العمّال: 16 / 194 / 44216 نقلا عن وكيع، وراجع أُسد الغابة: 4 / 110 / 3789.

(2) الزخرف: 41.

(3) الفردوس: 3 / 154 / 4417، الدرّ المنثور: 7 / 380، نقلا عن ابن مردويه، وكلاهما عن جابر بن عبد الله.

(4) تاريخ دمشق: 42 / 470 / 9041، المناقب للخوارزمي: 190 / 225، البداية والنهاية: 7 / 306، مطالب السؤول: 24، الرياض النَضِرة: 3 / 226، كشف الغمّة: 1 / 126، والثلاثة الأخيرة عن ابن مسعود، بشارة المصطفى: 167 نحوه.

(5) الجُمل: 80، الشافي: 3 / 61، كنز الفوائد: 2 / 175، علل الشرائع: 222 عن الإمام علي (عليه السلام)، عنه =

١٨

1993 - المستدرك على الصحيحين، عن أبي أيّوب الأنصاري: سمعتُ النبي (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي بن أبي طالب: (تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بالطرقات والنهروانات وبالشعفات) (1) .

قال أبو أيّوب: قلت، يا رسول الله، مع مَن تقاتل هؤلاء الأقوام؟ قال: (مع عليّ بن أبي طالب) (2) .

1994 - الإمام الصادق (عليه السلام) - في حديث طويل -: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأُمّ سلمة: يا أُمّ سلمة اسمعي واشهدي، هذا علي بن أبي طالب سيّد المسلمين، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين، وقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين.

قلت: يا رسول الله، مَن الناكثون؟ قال: الذين يبايعونه بالمدينة وينكثونه بالبصرة.

قلت: مَن القاسطون؟ قال: معاوية وأصحابه من أهل الشام.

ثمّ قلت: مَن المارقون؟ قال: أصحاب النهروان) (3) .

1995 - المناقب للخوارزمي، عن عبد الله [ بن العبّاس ]: خرج النبي (صلى الله عليه وآله) من عند زينب بنت جحش، فأتى بيت أُمّ سلمة - وكان يومها من رسول الله (صلى الله عليه وآله) -، فلم

____________________

= (صلى الله عليه وآله)، وفيه: (أُمرت بقتال) بدل (تقاتل بعدي) ، وفي ذيله: ورُويَ هذا الحديث من ثمانية عشر وجهاً، شرح نهج البلاغة: 1 / 201 وج 13 / 183.

(1) الشَعَفَات: جمع شعفة، وهي رؤوس الجبال (تاج العروس: 12/305).

(2) المستدرك على الصحيحين: 3 / 150 / 4675.

(3) معاني الأخبار: 204 / 1 عن المفضّل بن عمر، الأمالي للصدوق: 464 / 620، الأمالي للطوسي: 425 / 952، بشارة المصطفى: 59، والثلاثة الأخيرة عن المفضّل بن عمر، عن الإمام الصادق، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السلام)، الاحتجاج: 1 / 462 / 106 عن أُم سلمة.

١٩

يلبث أن جاء علي، فدقّ الباب دقّاً خفيّاً، فاستثبت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الدقّ وأنكرته أُمّ سلمة، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): (قومي فافتحي له الباب).

فقالت: يا رسول الله، مَن هذا الذي بلغ من خِطَره ما أفتح له الباب، فأتلقّاه بمعاصمي، وقد نزلت فيّ آية مِن كتاب الله بالأمس؟!

فقال لها - كالمُغضب -: (إنّ طاعة الرسول طاعة الله، ومَن عصى الرسول فقد عصى الله، إنّ بالباب رجلاً ليس بالنَّزِق (1) ولا بالخَرِق، يحبّ الله ورسوله، ويحبُّه الله ورسوله).

ففتحتُ له الباب، فأخذ بعُضادتَي الباب حتى إذا لم يسمع حسّاً ولا حركة وصِرتُ إلى خدري استأذن، فدخل، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أتعرفينه؟) قلت: نعم، هذا علي بن أبي طالب، قال: (صدقتِ، سِحنَتُه (2) من سِحنَتي، ولحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو عَيبة (3) علمي. اسمعي واشهدي، هو قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين من بعدي، اسمعي واشهدي، هو والله محيي سنّتي، اسمعي واشهدي، لو أنّ عبداً عَبدَ الله ألف عام من بعد ألف عام بين الركن والمقام ثُمّ لقي الله مبغضاً لعلي لأكبّه الله يوم القيامة على مِنخَريه في النار) (4) .

1996 - رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إنّ الله تبارك وتعالى أوحى إليّ أنّه جاعل لي من أُمّتي أخاً

____________________

(1) النَّزَق: خِفّة في كلّ أمر وعجلة في جهل وحُمق، نَزِق ينزَق فهو نَزِق (لسان العرب: 10 / 352).

(2) السِّحْنَة: بَشَرة الوجه وهيأتُه وحاله (النهاية: 2 / 348).

(3) العَيبَة: وعاء من أدَم يكون فيها المتاع، والعرب تكنّي عن الصدور والقلوب التي تحتوي علي الضمائر المُخفاة بالعِياب (لسان العرب: 1 / 634).

(4) المناقب للخوارزمي: 86 / 77، تاريخ دمشق: 42 / 470 / 9042، علل الشرائع: 65 / 3 عن عبد الله بن عبّاس وكلاهما نحوه.

٢٠