لأكون مع الصادقين

لأكون مع الصادقين0%

لأكون مع الصادقين مؤلف:
الناشر: ستارة
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 449

لأكون مع الصادقين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الدكتور محمد التيجاني السماوي
الناشر: ستارة
تصنيف: الصفحات: 449
المشاهدات: 51209
تحميل: 5921

توضيحات:

لأكون مع الصادقين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 449 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 51209 / تحميل: 5921
الحجم الحجم الحجم
لأكون مع الصادقين

لأكون مع الصادقين

مؤلف:
الناشر: ستارة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

قلت : فكيف توفّق بين القولين : اختيار اللّه ، واختيار الناس بالشورى؟

قال : بما أنّ المسلمين اختاروا أبا بكر فقد اختاره اللّه!

قلت : أنزل عليهم الوحي في السقيفة يدلّهم على اختيار الخليفة؟

قال : أستغفر اللّه ، ليس هناك وحي بعد محمّد كما يعتقد الشيعة! ( والشيعة كما هو معروف لا يعتقدون بهذا ، وإنّما هي تهمة ألصقها بهم أعداؤهم )(1) .

__________________

1 ـ أتهم صاحب كتاب كشف الجاني : 158 الشيعة بأنّها تؤمن بوجود الوحي بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأخذ يستهزئ بما ذكره المؤلّف من أنّ الشيعة لا تؤمن بوجود وحي بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولإيضاح المسألة للقارئ نقول : اتفقت الأُمّة الإسلامية بجميع طوائفها شيعة وسنّة على أن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين ، وأنّ شريعته ودينه خاتم الأديان والشرائع ، وأنّه لا وحي بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال الإمام عليعليه‌السلام في نهج البلاغة : الخطبة 129 : « أرسله على حين فترة من الرسل وتنازع من الألسن ، فقضى به الرسل ، وختم به الوحي ».

وقالعليه‌السلام كما في خطبته الأُولى من النهج : « إلى أن بعث اللّه محمّداً لإنجاز عدته وإتمام نبوته ».

إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة المؤكّدة لهذا الأمر.

وهناك أمرٌ آخر لابدّ من بيانه ، وهو : إنّ الوحي الذي ينزل بالرسالة السماوية وهو جبرائيلعليه‌السلام يختلف عن رؤية الملائكة أو الموجودات السماوية

٢٤١

__________________

الملكوتية ، فالوحي بالرسالة لا ينزل ولا يأتي إلاّ للأنبياء المرسلين المأمورين بتبليغ شرائع اللّه ، وبما أنّ آخر الأنبياء نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد ختمت رسالته جميع الرسائل ، فلا يوجد وحي بعدها ولا تأتي رسالة سماوية أُخرى ، ولكن هناك عبادٌ صالحون وأئمة مطهّرون معصومون يرون الملائكة ويحدّثونهم ويتعلّمون منهم ، وهذا شيء لا ربط له بالوحي الخاصّ الذي ينزل بالرسالة السماوية ، والقرآن شاهد على ذلك ، فهذه مريمعليها‌السلام رأت ملكاً يبشّرها بعيسىعليه‌السلام وهي ليست نبيّة ، ورأت زوجة إبراهيمعليه‌السلام الملك وبشّرها بإسحاق ويعقوب ، ورأت زوجة لوط الملائكة وأخبرت قومها بهم ، ورأى السامري الملك وأخذ قبضة من أثره ، مع أنّ هؤلاء جميعاً ليسوا أنبياء.

وجاء في صحيح مسلم 7 : 72 ، كتاب الفضائل ، باب قتال جبريل وميكائيل عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم أحد : « عن سعد بن أبي وقاص قال : رأيت عن يمين رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن شماله يوم أُحد رجلين عليهما ثياب بيض ما رأيتهما قبل ولا بعد ، يعني جبرئيل وميكائيلعليهما‌السلام ».

قال النووي : « وفيه فضيلة الثياب البيض ، وأنّ رؤية الملائكة لا تختصّ بالأنبياء ، بل يراهم الصحابة والأولياء ، وفيه منقبة لسعد ابن أبي وقاص الذي رأى الملائكة » 1 : 66.

وجاء في صحيح البخاري 4 : 20 كتاب المناقب ، باب مناقب عمر عن أبي هريرة قال : « قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لقد كان فيما قبلكم من الأُمم ناس محدّثون ، فإن يك في أُمتي أحد فإنّه عمر ».

قال ابن حجر في شرحه للرواية : « قوله : محدّثون ، بفتح الدال قالوا

٢٤٢

__________________

المحدّث بالفتح هو الرجل الصادق الظنّ ، وهو من اُلقي في روعه شيء من قبل الملأ الأعلى وقيل مكلّم ، أي تكلّمه الملائكة بغير نبّوة ، وهذا ورد في حديث أبي سعيد الخدري ولفظه : قيل : يارسول اللّه وكيف يحدّث؟ قال : تتكلّم الملائكة على لسانه ، رويناه في فوائد الجوهري » فتح الباري 7 : 62 كتاب فضائل أصحاب النبي ، في مناقب عمر.

وذكر القسطلاني في إرشاد الساري 8 : 204 نحوه وقال : « وليس قوله : فإن يكن ، للترديد ، بل للتأكيد ، كقولك : إن يكن لي صديق ففلان ، إذ المراد اختصاصه بكمال الصداقة لا نفي الأصدقاء ، وإذا ثبت أنّ هذا وجد في غير هذه الأُمّة المفضولة فوجوده في هذه الأُمّة الفاضلة أحرى ».

وقال المناوي : 6097 : « وقد كان فيما مضى قبلكم من الأُمم أُناس محدّثون ، قال القرطبي : الرواية بفتح الدال اسم مفعول جمع محدّث بالفتح ، شيء على وجه الإلهام والمكاشفة من الملأ الأعلى أو تكلمه الملائكة بلا نبّوة. ومعنى هذا الخبر قد تحقق ووجد في عمر قطعاً ، وإن كان النبي لم يجزم بالوقوع ، دلّ على وقوعه لعمر أشياء كثيرة » فيض القدير في شرح الجامع الصغير 6 : 664.

إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة وكلمات علماء السنّة التي تصرّح بأنّ عمر بن الخطاب محدّث ، تحدّثه الملائكة ، لا أنّه يراها فقط.

فإذا كان هناك روايات عند أهل السنّة تصرّح بذلك ، فلا معنى لإلقاء التهم على الشيعة والطعن فيهم والتحامل عليهم بأنُهم لا يؤمنون بانقطاع الوحي ، فإن كان تحديث الملائكة لشخص يعني عدم الإيمان بانقطاع الوحي ، فهذا مشترك بين السنّة والشيعة ؛ لأنّه كما توجد روايات عند الشيعة بتحديث

٢٤٣

قلت : دعنا من الشيعة وأباطيلهم ، واقنعنا بما عندك! كيف علمت بأنّ اللّه اختار أبا بكر؟

قال : لو أراد اللّه خلاف ذلك لما تمكّن المسلمون ولا العالمون خلاف مايريده اللّه تعالى؟

عرفتّ حينئذ أنّ هؤلاء لا يفكّرون ولا يتدبّرون القرآن ، وعلى رأيهم سوف لن تستقيم أيّة نظرية فلسفية أو علمية.

وهذا يذكّرني بقصة أُخرى كنت أمشي مع صديق في حديقة كان بها نخل كثير ، وكنت أُحدّثه في القضاء والقدر ، فسقطت فوق رأسي تمرة ناضجة أخذتها من فوق الحشائش لأكلها وضعتها في فيَّ.

تعجّب صديقي قائلاً : لا تأكل إلاّ ماكتبه اللّه لك! هذه التمرة سقطت باسمك.

__________________

الملائكة لأئمة أهل البيت ، فكذلك توجد روايات عند أهل السنّة بتحديث الملائكة لعمر ، وإن كان تحديث الملائكة لشخص يختلف عن معنى الوحي والرسالة فهذا ما تؤمن به الشيعة أيضاً من أن الوحي والرسالة شيء وهو قد ختم بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والتحديث شيء آخر يختلف عنه ، فلا داعي للتشنيع على الشيعة بأمر هو موجود عند أهل السنّة ومروي في أصح كتبهم ، بل تجاوز أهل السنّة الحدّ في ذلك حيث جعلوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غير عالم بأنّ عمر بن الخطاب محدَّث من قبل الملائكة ، ولذا أخبر على نحو التعليق لا الجزم!!

٢٤٤

قلت : ما دمت تؤمن بأنّها مكتوبة فسوف لن آكلها ، ولفظتها.

قال : سبحان اللّه! إذا كان الشي غير مكتوب لك يُخرجه اللّه حتى من بطنك.

قلت : إذاً سآكلها والتقطتها من جديد لأثبت بأنّي مخيّر في أكلها أو تركها ، بقي صديقي يرقبني حتى مضغتها وابتلعتها ، عند ذلك قال : هي واللّه كاتبة لك ( يقصد كتبها اللّه إليك ) ، وانتصر عليّ بتلك الطريقة؛ لأنه لا يمكن لي بعد ، أن أخرج التمرة من جوفي.

نعم ، هذه عقيدة أهل السنّة في خصوص القضاء والقدر ، أو قل : هذه عقيدتي عندما كنتُ سنياً.

ومن الطبيعي أن أعيش بهذه العقيدة مشوّش الفكر بين المتناقضات ، ومن الطبيعي أن نبقى في جمود دائم وننتظر أن يغيّر اللّه ما بنا عوض أن نغيّر نحن ما بأنفسنا لكي يغيّر اللّه ما بنا ، ونتهرّب من المسؤولية التي تحمّلناها ونلقي بها عليه سبحانه ، فإذا قلت للزاني أو للسارق أو حتى للمجرم الذي اغتصب فتاة قاصرة وقتلها بعد شهوته فسيجيبك : اللّه غالب ، قدّر ربّي. سبحان هذا الربّ الذي يأمر الإنسان بدفن ابنته ثمّ يسأله بأيّ ذنب قتلت؟! سبحانك إن هذا إلاّ بهتان عظيم!

ومن الطبيعي أن يزدري بنا علماء الغرب ويضحكون لسخافة

٢٤٥

عقولنا ، بل وينبزوننا بالألقاب فيسمونه « مكتوب العرب » ويجعلونه سبباً رئيسياً لجهلنا وتخلّفنا.

ومن الطبيعي أيضاً أن يعرف الباحثون بأنّ هذا الاعتقاد نشأ من حكّام الدولة الأموية ، الذين كانوا يروّجون بأنّ اللّه سبحانه هو الذي أعطاهم الملك وأمّرهم على رقاب الناس ، فيجب على الناس إطاعتهم وعدم التمرّد عليهم؛ لأنّ مطيعهم مطيع للّه ، والخارج عليهم هو متمرّد على اللّه يجب قتله ، ولنا في ذلك شواهد عديدة من التاريخ الإسلامي :

فهذا عثمان بن عفّان عندما يطلبون منه أن يعتزل يرفض ويقول : لا أخلع قميصاً قمّصنيه اللّه(1) ، فعلى رأيه الخلافة هي لباس له وقد ألبسه اللّه إياه ، فلا ينبغي لأحد من الناس أن ينزعه عنه إلاّ اللّه سبحانه ، يعني بالوفاة.

وهذا معاوية أيضاً يقول : إنّي لم أُقاتلكم لتصوموا ولتزكّوا ، وإنّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم ، وقد أعطاني اللّه ذلك وأنتم كارهون(2) .

فهذا يذهب شوطاً أبعد من عثمان؛ لأنّه يتّهم ربّ العزة والجلالة

__________________

1 ـ تاريخ الطبري 3 : 405.

2 ـ المصنّف لابن أبي شيبة 7 : 251 ح 23 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16 : 46 ، تاريخ دمشق 59 : 150 ، البداية والنهاية 8 : 140.

٢٤٦

بأنّه أعانه على قتل المسلمين ليتأمّر عليهم ، وخطبة معاوية مشهورة.

وحتّى في اختياره ليزيد ابنه وتوّليه على الناس رغم أُنوفهم ، فقد ادّعى معاوية أنّ اللّه هو الذي استخلف ابنه يزيداً على الناس ، وذلك مارواه المؤرّخون وعندما كتب بَيعتهُ إلى الآفاق ، وكان عامله على المدينة مروان بن الحكم ، فكتب إليه يذكر الذي قضى اللّه به على لسانه من بيعة يزيد(1) .

وكذلك فعل ابن زياد الفاسق عندما أدخلوا عليه عليّاً زين العابدين مكبّلاً بالأغلال ، فسأل قائلاً : من هذا؟ فقالوا : عليّ بن الحسين! قال : ألم يقتل اللّه عليّ بن الحسين ، فأجابته زينب عمّته : بل قتلَهُ أعداء اللّه وأعداء رسوله.

فقال لها ابن زياد : كيفَ رأيت فعل اللّه بأهل بيتك.

قالت : مارأيت إلاّ جميلاً ، هؤلاء قومٌ كتبَ اللّه عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع اللّه بينك وبينهم فتحاجّ وتخاصم ، فانظر لمن الفلج يومئذ ، ثكلتك أُمّك يابن مرجانه(2) .

وهكذا تفشّى هذا الاعتقاد من بني أُميّة وأعوانهم وسرى في

__________________

1 ـ الإمامة والسياسة 1 : 210 ( في قدوم معاوية المدينة ).

2 ـ صدر الحديث في مقاتل الطالبين : 80 عن يزيد ، وذيله في مثير الأحزان لابن نما : 71 ، البحار 45 : 115 عن ابن زياد.

٢٤٧

الأُمّة الإسلامية ، عدا شيعة أهل البيت.

عقيدة الشيعة في القضاء والقدر :

وما إن عرفتُ علماء الشيعة(1) وقرأت كتبهم حتّى اكتشفتُ علماً جديداً في القضاء والقدر.

وقد أوضحه الإمام عليّعليه‌السلام بأوضح بيان وأشمله ، إذ قال لمن سأله عن القضاء والقدر :

« ويحك! لعلّك ظننتَ قضاءً لازماً وقدراً حاتماً ، ولو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب ، وسقط الوعد والوعيد.

إن اللّه سبحانه أمر عباده تخييراً ، ونهاهم تحذيراً ، وكلّف يسيراً ، ولم يكلّف عسيراً ، وأعطى على القليل كثيراً ، ولم يُعصَ مغلوباً ، ولم يُطعْ مُكرِهاً ، ولم يرسل الأنبياء لعباً ، ولم ينزل الكتب للعباد عبثاً ، ولا خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً.( ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَـفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَـفَرُوا مِنَ النَّارِ ) »(2) .

فما أوضحه من بيان ، وما قرأت في الموضوع كلاماً أبلغ منه ،

__________________

1 ـ كالسيد محمّد باقر الصدر طيّب اللّه ثراه الذي أفادني كثيراً في هذا الموضوع ، وكالسيّد الخوئي والسيد محمّد علي الطباطبائي والسيّد الحكيم وغيرهم ( المؤلّف ).

2 ـ نهج البلاغة 4 : 17 ، الخطبة 78.

٢٤٨

وبرهاناً أدّل على الحقيقة منه ، فالمسلم يقتنع بأنّ أعماله هي من محض إرادته واختياره ، لأنّ اللّه سبحانه أمرنا ، ولكنّه ترك لنا حرية الاختيار ، وهو قول الإمام : « إن اللّه أمر عباده تخييراً ».

كما أنّه سبحانه نهانا وحذّرنا عقابَ مخالفته ، فدلّ كلامه على أنّ للإنسان حرية التصرّف وبإمكانه أن يخالف أوامر اللّه ، وفي هذه الحالة يستوجب العقاب ، وهو قول الإمام : « ونهاهم تحذيراً ».

وزاد الإمام عليعليه‌السلام توضيحاً للمسألة فقال : بأن اللّه سبحانه « لم يُعصَ مغلوباً » ، ومعنى ذلك بأنّ اللّه لو أراد جبْرَ عباده وإرغامهم على شيء لم يكن بمقدورهم جميعاً أن يغلبوه على أمره ، فدلّ ذلك على أنّه ترك لهم حريّة الاختيار في الطاعة والمعصية ، وهو مصداقٌ لقوله تعالى :( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ ) (1) .

ثمّ بعد ذلك يخاطب الإمام عليّ ضمير الإنسان ليصل إلى أعماق وجدانه ، فيأتي بالدليل القاطع على أنّه لو كان الإنسان مجبوراً على أفعاله ـ كما يعتقده البعض ـ لكان إرسال الأنبياء وإنزال الكتب ضرباً من اللعب والعبث الذي يتنزّه اللّه جلّ جلاله عنه؛ لأنّ دور الأنبياء سلام اللّه عليهم أجمعين وإنزال الكتب هو لإصلاح الناس ،

__________________

1 ـ الكهف : 29.

٢٤٩

وإخراجهم من الظلمات إلى النور ، وإعطائهم العلاج النافع لأمراضهم النفسية ، وتوضيح الطريقة المثلى للحياة السعيدة ، قال تعالى :( إنّ هذا القرآن يهدي للّتي هي أقومُ ) (1) .

ويختم الإمام عليّ بيانه بأنّ الاعتقاد بالجبر هو نفس الاعتقاد بخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً ، وهو كفرّ توعّد اللّه القائلين به بالنار.

وإذا محّصنا قول الشيعة في القضاء والقدر وجدناه قولاً سديداً ورأياً رشيداً ، فبينما فرّطت طائفة فقالت بالجبر ، وأفرطت أُخرى فقالت بالتفويض ، جاء أئمة أهل البيت سلام اللّه عليهم ليصحّحوا المفاهيم والمعتقدات ، ويرجعوا بهؤلاء وأُولئك ، فقالوا : « لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين »(2) .

وقد ضرب الإمام جعفر الصادق لذلك مثلاً مبسّطاً يفهمه كلّ الناس وعلى قدر عقولهم ، فقال للسائل عندما سأله : ما معنى قولك : « لا جبر ولا تفويض ولكن أمرٌ بين أمرين »؟ أجابهعليه‌السلام : « ليس مشيُك على الأرض كسقوطك عليها ».

ومعنى ذلك أنّنا نمشي على الأرض باختيارنا ، ولكنّنا عندما

__________________

1 ـ الإسراء : 9.

2 ـ الكافي 1 : 160 ح 13 ، التوحيد للصدوق : 362 ح 8.

٢٥٠

نسقط على الأرض فهو بغير اختيارنا ، فمن منّا يُحبّ السقوط الذي قد يُسبّبْ كسر بعض الأعضاء من جسمنا فنصبح معاقين.

فيكون القضاء والقدر أمراً بين أمرين ، أي قسم هو من عندنا وباختيارنا ونحن نفعله بمحض إرادتنا ، وقسم ثان هو خارج عن إرادتنا ونحن خاضعون له ، ولا نقدر على دفعه ، فنُحاسَبُ على الأوّل ، ولا نُحاسبُ على الثاني.

والإنسان في هذه الحالة مُخيّرٌ ومسيّرٌ في نفس الوقت :

أ ـ مُخيّرٌ في أفعاله التي تصدر منه بعد تفكير ورويّة ، إذ يمرّ بمرحلة التخيير والصراع بين الإقدام والإحجام ، وينتهي به الأمر إمّا بالفعل أو الترك ، وهذا ما أشار إليه سبحانه بقوله :( وَنَفْس وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) (1) .

فالتزكية للنفس والدسّ لها هما نتيجة اختيار الضمير في كلّ إنسان ـ كما أنّ الفلاح والخيبة هما نتيجة حتمية وعادلة لذلك الاختيار.

ب ـ مُسيّرٌ بكلّ مايحيط به من نواميس الكون وحركته الخاضعة كلّها لمشيئة اللّه سبحانه بكلّ أجزائها ومركبّاتها وأجرامها وذرّاتها ،

__________________

1 ـ الشمس : 7 ـ 10.

٢٥١

فالإنسان ليس له أن يختار جنسه من ذكورة وأُنوثة ، ولا أن يختار لونه ، فضلاً عن اختيار أبويه ليكون في أحضان أبوين موسرين بدلاً من أن يكونوا فقراء ، ولا أن يختار حتى طول قامته وشكل جسده.

فهو خاضع لعدّة عوامل قاهرة ( كالأمراض الوراثية مثلاً ) ، ولعدّة نواميس طبيعيّة تعمل لفائدته بدون أن يتكلّف ، فهو ينام عندما يتعب ، ويستيقظ عندما يرتاح ، ويأكل عندما يجوع ، ويشرب عندما يعطش ، ويضحك وينشرح عندما يفرح ، ويبكي وينقبض عندما يحزن ، وفي داخله معامل ومصانع تصنع الهرومونات والخلايا الحيّة ، والنطفْ القابلة للتحوّل ، وتبني في نفس الوقت جسمه في توازن منسّق عجيب ، وهو في كلّ ذلك غافل لايدري بأنّ العناية الإلهيّة محيطة به في كلّ لحظة من لحظات حياته بل وحتى بعد مماته! يقول اللّه عزّ وجلّ في هذا المعنى :

( أيَحْسَبُ الإنسَانُ أنْ يُـتْرَكَ سُدىً * ألَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَـقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَـيْنِ الذَّكَرَ وَالاُنثَى * ألَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِر عَلَى أنْ يُحْيِيَ المَوْتَى ) (1) .

بَلى ، سبحانك وبحمدك ربّنا الأعلى أنت الذي خلقْتَ فَسّويتَ ، وأنتَ الذي قدّرتَ فهديت ، وأنت الذي أمَتَّ ثمّ أحَيْيتَ ، تباركت

__________________

1 ـ القيامة : 36 ـ 40.

٢٥٢

وتعاليت ، فتعساً وبعداً لمن خالفك ونأى عنك ولم يقدّرك حقّ قدرك.

ولنختم هذا البحث بما قاله الإمام علي بن موسى الرضا ، وهو الإمام الثامن من أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ، وقد اشتهر بالعلم في عهد المأمون ، ولم يبلغ الرابعة عشر من عمره حتّى كان أعلم أهل زمانه.

سأله سائل عن معنى قول جدّه الإمام الصادق : « لا جبر ولا تفويض بل أمرٌ بين أمرين » فأجابه الإمام الرضا :

« من زعم أنّ اللّه يفعل أفعالنا ثمّ يعذبنا عليها فقد قال بالجبر ، ومن زعم أن اللّه فوّض أمر الخلق والرزق إلى حُججه ـ أي الأئمة ـ فقد قال بالتفويض ، والقائل بالجبر كافرٌ ، والقائل بالتفويض مشركٌ.

أمّا معنى الأمر بين الأمرين فهو وجود السبيل إلى إتيان ما أمر اللّه به ، وترك ما نهى عنه ، أي إنّ اللّه سبحانه أقدره على فعل الشرّ وتركه ، كما أقدره على فعل الخير وتركه ، وأمره بهذا ونهاه عن ذاك »(1) .

وهذا لعمري بيان كاف وشاف على مستوى العقول ، ويفهمه كلّ الناس من المثقفين وغير المثققين.

وصدق رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ قال في حقّهم :

__________________

1 ـ عيون أخبار الرضاعليه‌السلام 2 : 114 ح 17 ، الاحتجاج للطبرسي 2 : 198.

٢٥٣

« لا تتقدّموهم فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم »(1) .

تعليقة على الخلافة ضمن القضاء والقدر :

والطريف في هذا الموضوع أنّ أهل السنّة والجماعة رغم اعتقادهم بالقضاء والقدر الحتمي ، وأنّ اللّه سبحانه هو الذي يسيّرُ عباده في أعمالهم ، وليس لهم الخيرة في شيء ، ولكنّهم في أمر الخلافة يقولون بأن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مات وترك الأمر شورى بين الناس ليختاروا لأنفسهم.

والشيعة على العكس تماماً ، فرغم اعتقادهم بأنّ الإنسان مخيّرٌ في أعماله ، وأنّ عباد اللّه يفعلون ماشاؤوا ( ضمن مقولة لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين ) ، إلاّ أنّهم في أمر الخلافة يقولون بأنّه لا حقَّ لهم في الاختيار!

ويبدو هذا وكأنّه تناقضٌ من الطرفين ، السنّة والشيعة لأوّل وهلة ، ولكنّ الحقيقة ليست كذلك.

فالسنّة عندما يقولون بأنّ اللّه سبحانه هو الذي يسيّر عباده في أعمالهم يتناقضون مع الواقع ، إذ أنّ اللّه سبحانه ( عندهم ) هو المخيّر

__________________

1 ـ مضى تخريجه فيما تقدّم.

٢٥٤

الفعلي ، ولكنه يترك لهم الخيار الوهمي ، إذ أن الذي اختار أبا بكر يوم السقيفة هو عمر ثمّ بعض الصحابة ، ولكن في الحقيقة منفّذون لأمر اللّه الذي جعلهم واسطة ليس إلاّ ، على حساب هذا الزعم.

وأمّا الشيعة عندما يقولون بأن اللّه سبحانه خيّر عباده في أفعالهم ، فلا يتناقضون مع قولهم بأنّ الخلافة هي باختيار اللّه وحده( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ ) (1) ؛ لأنّ الخلافة كالنبوة ليست هي من أعمال العباد ولا موكلة إليهم ، فكما أنّ اللّه يصطفي رسوله من بين الناس ويبعثهُ فيهم ، فكذلك بالنسبة لخليفة الرسول ، وللناس أن يطيعوا أمر اللّه ولهم أن يعصوه ، كما وقع بالفعل في حياة الأنبياء وعلى مرّ العصور ، فيكون العباد أحراراً في قبول اختيار اللّه ، فالمؤمن الصالح يقبل ما اختاره اللّه ، والكافر بنعمة ربّه يرفض ما اختاره اللّه له ويتمرّد عليه ، قال تعالى :

( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أتَـتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ اليَوْمَ تُنسَى ) (2) .

__________________

1 ـ القصص : 68.

2 ـ طه : 123 ـ 126.

٢٥٥

ثمّ انظر إلى نظرية أهل السنّة والجماعة في هذه المسألة بالذات فسوف لن تُلقي باللّوم على أحد؛ لأنّ كلّ ما وقع ويقع بسبب الخلافة ، وكلّ الدماء التي أُريقت والمحارم التي هُتكتْ كلّ ذلك من اللّه ، حيث عقب بعض من يدعي العلم منهم بقوله تعالى :( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ) (1) .

أمّا نظرية الشيعة فهي تحمّل المسؤولية كلّ من تَسبب بالانحراف ، وكلّ من عصى أمر اللّه ، وكلٌّ على قدر وزره ووزر من تبع بدعته إلى يوم القيامة « كلّكم راع وكلكّم مسؤول عن رعيته »(2) قال تعالى :( وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ ) (3) .

__________________

1 ـ الأنعام : 112.

2 ـ بحار الأنوار 72 : 38 ، صحيح البخاري 1 : 215 ، كتاب الحجة ، باب ما يقرأ في صلاة الضحى ، صحيح مسلم 6 : 8 ، كتاب الامارة ، باب فضيلة الإمام.

3 ـ الصافات : 24.

٢٥٦

الخمس

وهو أيضاً من المواضيع الذي يختلف فيه الشيعة والسنّة ، وقبل الحكم لهم أو عليهم لابدّ لنا من بحث موجز في موضوع الخمس : ولنبدأ بالقرآن الكريم. قال تعالى :( وَاعْلَمُوا أنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (1) .

وقد قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« أَمركمْ بأربع : الإيمان باللّه ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصيام رمضان ، وأن تؤدّوا للّه خُمس ما غنمتُم »(2) .

فالشيعة ، امتثالاً لأمر رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يُخرجون خمس ماحصلوا عليه من أموال طيلة سنتهم ، ويفسّرون معنى الغنيمة بكلّ ما يكسبه الإنسان من أرباح بصفة عامّة.

أمّا أهل السنّة والجماعة فقد أجمعوا على تخصيص الخمس

__________________

1 ـ الأنفال : 41.

2 ـ صحيح البخاري 2 : 44 ، كتاب فرض الخمس ، باب أداء الخمس من الدين.

٢٥٧

بغنائم الحرب فقط ، وفسّروا قوله سبحانه وتعالى :( وَاعْلَمُوا أنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء ) يعني ما حصّلتم خلال الحرب.

هذه خلاصة أقوال الفريقين في الخمس ، وقد كتب علماء الفريقين عدّة مقالات في المسألة.

ولستُ أدري كيف أُقنِع نفسي أو غيري بآراء أهل السنّة التي اعتمدتْ ـ على ما أظنّ ـ أقوال الحكّام من بني أُميّة ، وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان الذي استأثر بأموال المسلمين ، وخصّ نفسه وحاشيته بكلّ صفراء وبيضاء.

فلا غرابة في تأويلهم لآية الخمس على أنّها خاصّة بدار الحرب؛ لأنّ سياق الآية الكريمة جاء ضمن آيات الحرب والقتال ، وكم لهم من تأويل للآيات على سياق ماقبلها أو مابعدها.

فهم يؤولون مثلاً آية إذهاب الرجس والتطهير على أنّها خاصّة بنساء النبي؛ لأن ماقبلها وما بعدها يتكلّم عن نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

كما يؤولون قوله تعالى :( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَاب ألِيم ) (1) على أنّها خاصّة في أهل الكتاب.

وقصة أبي ذر الغفاري ( رضي الله عنه ) مع معاوية وعثمان بن عفّان ونفيه إلى

__________________

1 ـ التوبة : 34.

٢٥٨

الربذة من أجل ذلك مشهورة. إذ أنّه عاب عليهم كنزهم الذهب والفضّة ، وكان يحتجُ بهذه الآية عليهم ، ولكنّ عثمان استشار كعب الأحبار عنها فقال له بأنّها خاصّة بأهل الكتاب ، فشتمه أبو ذر الغفاري وقال له : ثكلتك أُمّك يابن اليهوديّة أَوَ تُعلّمنا ديننا؟ فغضب لذلك عثمان ، ثمّ نفاه إلى الربذة بعدما تعاظم انزعاجه منه ، فمات هناك وحيداً طريداً لم تجد ابنته حتّى من يغسّله ويكفنّه(1) .

وأهل السنّة والجماعة لهم في تأويل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية فنٌ معروف وفقهٌ مشهورٌ ، وذلك اقتداءً بما تأوّله الخلفاء الأوّلون ، والصحابة المشهورون في خصوص النصوص الصريحة من الكتاب والسنّة(2) .

ولو أردنا استقصاء ذلك لاستوجب كتاباً خاصّاً ، ويكفي الباحث

__________________

1 ـ نحوه باختلاف في مسند أحمد 1 : 63 ، وصحّحه محقّق الكتاب الشيخ أحمد شاكر وقال : « وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 10 : 239 ولم يعله إلاّ بابن لهيعة ، وابن لهيعة ثقة. ولأبي ذر حديث آخر في معناه سيأتي في مسنده 5 : 149 ، وهو في مجمع الزوائد 3 : 120 و 1 : 225 ».

وراجع : البحار 31 : 273.

2 ـ جمع السيّد شرف الدين في كتابه النصّ والاجتهاد أكثر من مائة مورد تأوّلوا فيها النصوص الصريحة ، فعلى الباحثين قراءة هذا الكتاب لأنّه ماجمع إلاّ ما أخرجوه علماء السنّة معترفين بصحته ( المؤلّف ).

٢٥٩

أن يرجع إلى كتاب « النصّ والاجتهاد » ليعرف كيف يتلاعب المتأولون بأحكام اللّه سبحانه.

وأنا كباحث ليس لي أن أتأوّل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية حسبَ ما أهوى ، أو حسب مايُمليه علىَّ المذهب الذي أميلُ إليه. ولكّن ماحيلتي إذا كان أهل السنّة والجماعة هم الذين أخرجوا في صحاحهم فرض الخمس في غير دار الحرب ، ونقضوا في ذلك تأويلهم ومذهبهم.

فقد جاء في صحيح البخاري في باب « في الركاز الخُمس » : وقال مالك وابن إدريس : الركازُ دفنُ الجاهلية ، في قليله وكثيره الخُمس ، وليس المعدنُ بركاز ، وقد قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المعدن : « جبارٌ وفي الركاز الخُمس »(1) .

وجاء في باب مايُستخرج من البحرِ : وقال ابن عباس رضي اللّه عنهما : ليس العنبرُ بركاز ، هو شيء دَسرهُ البحرُ ، وقال الحسنُ : في العنْبرِ واللؤلؤ الخمس ، فإنّما جَعلَ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الركاز الخمس ، ليس في الذي يصابُ في الماء(2) .

والباحثُ يفهم من خلال هذه الأحاديث بأنّ مفهوم الغنيمة التي

__________________

1 ـ صحيح البخاري 2 : 136 ، كتاب الزكاة ، باب في الركاز الخمس.

2 ـ صحيح البخاري 2 : 136 ، كتاب الزكاة ، باب مايستخرج من البحر.

٢٦٠