موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ٣

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ0%

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 311

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد الريشهري
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 311
المشاهدات: 9410
تحميل: 5161


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 311 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 9410 / تحميل: 5161
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء 3

مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وأمّا ذكرك كثرة العجَم ورهبَتك من جموعهم، فإنّا لم نكن نقاتل على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالكثرة، وإنّما كنّا نُقاتل بالنصر! وأمّا ما بلَغك من اجتماعهم على المسير إلى المسلمين، فإنّ الله لمسيّرهم أكره منك لذلك، وهو أولى بتغيير ما يكره! وإنّ الأعاجم إذا نظروا إليك قالوا: هذا رجلُ العرب، فإنْ قطعتموه فقد قطعتم العرب، فكان أشدَّ لكَلَبهم، وكنت قد ألَّبْتهم (1) على نفسك، وأمدّهم من لم يكن يمدّهم.

ولكنّي أرى أنْ تقرّ هؤلاء في أمصارهم، وتكتب إلى أهل البصرة فليتفرّقوا على ثلاث فرَق: فلتَقُم فرقة منهم على ذراريهم حرَساً لهم، ولتَقُم فرقة في أهل عهدهم لئلاّ ينتقضوا، ولتَسِرْ فرقة منهم إلى إخوانهم مدداً لهم!).

فقال عمر: أجل، هذا الرأي! وقد كنت أُحبُّ أنْ أُتابع عليه. وجعل يكرّر قول أمير المؤمنين (عليه السلام) وينْسقه (2) ؛ إعجاباً به واختياراً له (3) .

1046 - الفتوح: لمّا سمِع عمر مقالة عليّ - كرّم الله وجهه - ومشورته [في حرب الفرس] أقبل على الناس وقال: وَيْحكم! عجزتم كلّكم عن آخركم أنْ تقولوا كما قال أبو الحسن! (4)

د: تقسيم سواد الكوفة

1047 - تاريخ اليعقوبي: شاوَر عمر أصحاب رسول الله في سواد الكوفة، فقال له

____________________

(1) التأليب: التحريض (لسان العرب: 1 / 216).

(2) النَّسَق: ما جاء من الكلام على نظامٍ واحد. وأنْسَقَ الرجلُ: إذا تكلَّم سَجْعاً (تاج العروس: 13 / 457).

(3) الإرشاد: 1 / 207 وراجع الكامل في التاريخ: 2 / 180 وتاريخ الطبري: 4 / 122 - 125 والفتوح: 2 / 289 - 295 والأخبار الطوال: 134.

(4) الفتوح: 2 / 295.

١٠١

بعضهم: تقسمها بيننا، فشاور عليّاً، فقال: (إنْ قسمتها اليوم لم يكن لمن يجيء بعدنا شيء، ولكن تقرّها في أيديهم يعملونها، فتكون لنا ولِمَن بعدنا). فقال: وفّقك الله، هذا الرأي! (1)

هـ: حَلْي الكعبة

1048 - نهج البلاغة: روي أنّه ذكر عند عمر بن الخطّاب في أيّامه حَلْي الكعبة وكثرته، فقال قوم: لو أخذتَه فجهّزت به جيوش المسلمين كان أعظم للأجر، وما تصنَع الكعبة بالحلي! فهمَّ عمر بذلك، وسأل عنه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال (عليه السلام):

(إنّ هذا القرآن اُنزل على النبيّ (صلّى الله عليه وآله) والأموال أربعة: أموال المسلمين فقسَّمها بين الورثة في الفرائض، والفيء فقسّمه على مستحقّيه، والخُمس فوضَعه الله حيث وضَعه، والصدَقات فجعلها الله حيث جعلها. وكان حَلي الكعبة فيها يومئذ، فتركه الله على حاله؛ ولم يتركه نسياناً، ولم يَخفَ عليه مكاناً، فأقِرّه حيث أقرّه الله ورسوله).

فقال له عمر: لولاك لافتضحنا! وترك الحلي بحاله (2) .

و: ما يجوز له صرفه من بيت المال

1049 - تاريخ الطبري عن ابن عمر: جمَع الناسَ عمر بالمدينة حين انتهى إليه فتح القادسيّة ودمشق، فقال: إنّي كنت امرأً تاجراً، يغني الله عيالي بتجارتي، وقد شغلتموني بأمركم، فماذا ترون أنّه يحلّ لي من هذا المال؟ فأكثر القومُ وعليّ (عليه السلام)

____________________

(1) تاريخ اليعقوبي: 2 / 151 وراجع فتوح البلدان: 371 والأموال: 64 / 151 وص 65 / 153.

(2) نهج البلاغة: الحكمة 270، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 368؛ ربيع الأبرار: 4 / 26.

١٠٢

ساكت، فقال: ما تقول يا عليّ؟ فقال: (ما أصلَحك وأصلَح عيالَك بالمعروف؛ ليس لك مِن هذا المال غيره). فقال القوم: القول قول ابن أبي طالب (1) .

. اجع: القسم التاسع / عليّ عن لسان أصحاب النبيّ / عمر بن الخطّاب

. القسم الثاني عشر / نماذج من قضاياه بعد النبيّ

____________________

(1) تاريخ الطبري: 3 / 616، الكامل في التاريخ: 2 / 135، شرح نهج البلاغة: 12 / 220.

١٠٣

١٠٤

الفصل الثالث

مبادئ خلافة عثمان

3 / 1

وصيّة عمر بخصوص الخلافة

1050 - الطبقات الكبرى عن المِسْور بن مخرمة: كان عمر بن الخطّاب وهو صحيح يُسأل أنْ يستخلِف فيأبى، فصعِد يوماً المنبر فتكلّم بكلمات وقال: إنْ متُّ فأمركم إلى هؤلاء الستّة الذين فارقوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهو عنهم راض: عليّ بن أبي طالب، ونظيره الزبير بن العوّام، وعبد الرحمان بن عوف، ونظيره عثمان بن عفّان، وطلحة بن عبيد الله، ونظيره سعد بن مالك. ألا وإنّي أُوصيكم بتقوى الله في الحكم، والعدل في القَسْم (1) .

1051 - الكامل في التاريخ عن عمر بن الخطّاب - قبل الوفاة -: قد كنتُ أجمعت بعد مقالتي لكم أنْ أنظر فأُولّي رجلاً أمرَكم؛ هو أحْراكم أنْ يحملكم على الحقّ -

____________________

(1) الطبقات الكبرى: 3 / 61، كنز العمّال: 5 / 732 / 14249.

١٠٥

وأشار إلى عليّ - فرهقتني غَشية، فرأيتُ رجلاً دخل جنّة، فجعل يقطف كلّ غضّة ويانعة، فيضمّه إليه ويصيِّره تحته، فعلمتُ أنّ الله غالبٌ على أمره ومتوفٍّ عُمر، فما أردتُ أنْ أتحمّلها حيّاً وميّتاً.

عليكم هؤلاء الرهط الذين قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): إنّهم من أهل الجنّة. وهم: عليّ، وعثمان، وعبد الرحمان، وسعد، والزبير بن العوّام، وطلحة بن عبيد الله؛ فليختاروا منهم رجُلاً، فإذا ولّوا والياً فأحسِنوا مؤازرته وأعينوه....

وما أظنّ يلي إلاّ أحدُ هذين الرجلين: عليّ أو عثمان. فإنْ وليَ عثمان فرجلٌ فيه لِين، وإنْ وليَ عليّ ففيه دُعابة، وأحرى به أنْ يحملهم على طريق الحقّ....

وقال لصهيب: صلِّ بالناس ثلاثة أيّام، وأدخِل هؤلاء الرهط بيتاً، وقم على رؤوسهم؛ فإنْ اجتمع خمسة وأبى واحد فاشدخ رأسه بالسيف، وإنْ اتّفق أربعة وأبى اثنان فاضرب رأسيهما، وإنْ رضى ثلاثة رجلاً وثلاثة رجلاً فحكَّموا عبد الله بن عمر، فإنْ لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمان بن عوف، واقتلوا الباقين إنْ رغبوا عمّا اجتمع فيه الناس (1) .

1052 - تاريخ اليعقوبي: صيّر [عمر ]الأمر شُورى بين ستّة نفَر من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله): عليّ بن أبي طالب، وعثمان بن عفّان، وعبد الرحمان بن عوف، والزبير بن العوّام، وطلحة بن عبد الله (2) ، وسعد بن أبي وقّاص. وقال: أخرجتُ سعيد بن زيد لقرابته منّي.

____________________

(1) الكامل في التاريخ: 2 / 220، تاريخ الطبري: 4 / 228، تاريخ المدينة: 3 / 924 وفيه من ي (و ما أظنّ يلي...)، العقد الفريد: 3 / 284 كلّها نحوه.

(2) كذا في المصدر، والصحيح (عبيد الله).

١٠٦

فقيل له في ابنه عبد الله بن عمر، قال: حسْب آل الخطّاب ما تحمّلوا منها! إنّ عبد الله لم يحسن يُطلِّق امرأته!

وأمر صُهَيْباً أنْ يصلّي بالناس حتى يتراضَوا من الستّة بواحد، واستعمل أبا طلحة زيد بن سهل الأنصاري، وقال: إنْ رضي أربعة وخالَف اثنان، فاضرب عنق الاثنين، وإنْ رضى ثلاثة وخالف ثلاثة، فاضرب أعناق الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمن، وإن جازت الثلاثة الأيام ولم يتراضوا بأحد، فاضرب أعناقهم جميعاً (1) .

1053 - صحيح البخاري عن عمرو بن ميمون: قالوا [لعمر بعد إصابته]: أوصِ يا أمير المؤمنين استَخلِفْ. قال: ما أجد أحداً أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفَر - أو الرهط - الذين توفّى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهو عنهم راض، فسمّى عليّاً وعثمان والزبير وطلحة وسعداً وعبد الرحمان، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء - كهيئة التعزية له - فإنْ أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك، وإلاّ فليستعِن به أيّكم ما أُمِّر، فإنّي لم أعزله عن عجزٍ ولا خيانة (2) .

3 / 2

رأى عمر فيمن رشّحهم للخلافة

1054 - تاريخ اليعقوبي: روي عن ابن عبّاس قال: طرقني عمر بن الخطّاب بعد هدأةٍ من الليل، فقال: اخرج بنا نحرس نواحي المدينة. فخرج، وعلى عنقه

____________________

(1) تاريخ اليعقوبي: 2 / 160 وراجع شرح نهج البلاغة: 1 / 187.

(2) صحيح البخاري: 3 / 1355 / 3497، السنن الكبرى: 8 / 259 / 16579، الطبقات الكبرى: 3 / 338، كنز العمّال: 5 / 730 / 14245.

١٠٧

دِرَّته (1) حافياً حتى أتى بَقِيعَ الغَرْقَد (2) ، فاستلقى على ظهره، وجعل يضرب أخمصَ (3) قدميه بيده، وتأوَّهَ صَعَداً (4) .

فقلت له: يا أمير المؤمنين، ما أخرجك إلى هذا الأمر؟!

قال: أمر الله يابن عبّاس!

قال: [قلت:] (5) إنْ شئتَ أخبرتُك بما في نفسك.

قال: غُصْ غَوّاصُ (6) ، إنْ كنت لتقول فتُحسن!

قال: [قلت:]ذكرت هذا الأمر بعينه وإلى مَن تصيّره.

قال: صدَقت!

قال: فقلت له: أين أنت عن عبد الرحمان بن عوف؟

فقال: ذاك رجلٌ مُمسك، وهذا الأمر لا يصلح إلاّ لمُعطٍ في غيرِ سرَفٍ، ومانع في غير إقتار.

قال: فقلت: سعد بن أبي وقّاص؟

قال: مؤمنٌ ضعيف.

____________________

(1) الدِّرَّة: دِرَّة السلطان التي يُضرب بها، عربيّة معروفة (تاج العروس: 6 / 397).

(2) بَقِيع الغَرْقد: موضع بظاهر المدينة فيه قبور أهلها، كان به شجَر الغَرْقَد، فذهب وبقي اسمُه (النهاية: 1 / 146 وج 3 / 362).

(3) الأخْمَص من القَدَم: الموضع الذي لا يَلْصَق بالأرض منها عند الوطْء (النهاية: 2 / 80).

(4) تَأَوَّه: تَوَجَّعَ (المصباح المنير: 31). وصَعَدٌ: أي شديدٌ (لسان العرب: 3 / 252).

(5) ما بين المعقوفين في هذا المورد والذي يليه إضافة يقتضيها السياق.

(6) أي يا غَوّاصُ، وهو مجاز (انظر: تاج العروس: 9 / 319).

١٠٨

قال: فقلت: طلحة بن عبد الله (1) ؟

قال: ذاك رجلٌ يناول للشرف والمديح، يعطي ماله حتى يصل إلى مالِ غيره، وفيه بَأْوٌ (2) وكِبْرٌ.

قال: فقلت: فالزبير بن العوّام؛ فهو فارس الإسلام؟

قال: ذاك يومٌ إنسان ويومٌ شيطان، وعفّة نفس، إنْ كان ليكادح على المِكْيَلة من بُكرةٍ إلى الظهر حتى يفوته الصلاة!

قال: فقلت: عثمان بن عفّان؟

قال: إنْ وليَ حمَل ابن أبي مُعَيط وبني اُميّة على رقاب الناس، وأعطاهم مال الله، ولئن وليَ ليفعلنّ والله، ولئن فعل لتسيرنّ العرب إليه حتى تقتله في بيته! ثمّ سكَت.

قال: فقال: امضها، يابن عبّاس، أ ترى صاحبكم لها موضعاً؟

قال: فقلت: وأين يتبعّد من ذلك مع فضله وسابقته وقرابته وعلمه!

قال: هو والله كما ذكَرت، ولو وليهم تحمَّلَهم على منهج الطريق؛ فأخذ المحجّة الواضحة! إلاّ أنّ فيه خِصالا: الدعابة في المجلس، واستبداد الرأي، والتَّبْكِيت (3) للناس مع حداثة السنّ.

قال: قلت: يا أمير المؤمنين، هلاّ استحدثتم سنّه يوم الخندق إذ خرج عمرو

____________________

(1) كذا في المصدر، والصحيح (عبيد الله).

(2) البَأْو: الكِبْر والتعظيم (النهاية: 1 / 91).

(3) التَّبْكِيت: التَّقْرِيع والتَّوبيخ (النهاية: 1 / 148).

١٠٩

بن عبد ودّ، وقد كُعِم (1) عنه الأبطال وتأخّرت عنه الأشياخ! ويوم بدر إذ كان يَقُطّ (2) الأقرانَ قطّاً، ولا سبقتموه بالإسلام إذ كان جعلته السعب (3) وقريش يستوفيكم!

فقال: إليك يابن عبّاس! أ تريد أنْ تفعل بي كما فعل أبوك وعليّ بأبي بكر يوم دخَلا عليه؟!

قال: فكرهت أنْ أُغضبه فسَكَتُّ.

فقال: والله، يابن عبّاس، إنّ عليّاً ابن عمّك لأحقّ الناس بها! ولكنّ قريشاً لا تحتمله. ولئن وَلِيَهم ليأخذنّهم بمرّ الحقّ لا يجدون عنده رخصة؛ ولئن فعل لينكُثُنّ بيعته ثمّ ليتحاربُنّ! (4)

1055 - شرح نهج البلاغة عن ابن عبّاس: كنت عند عمر، فتنفّس نفَساً ظننت أنّ أضلاعه قد انفرجت، فقلت: ما أخرج هذا النفَس منك يا أمير المؤمنين إلاّ همٌّ شديد!

قال: إي والله يابن عبّاس! إنّي فكّرت فلم أدرِ فيمَن أجعل هذا الأمر بعدي. ثمّ قال: لعلّك ترى صاحبَك لها أهلاً!

قلت: وما يمنعه من ذلك مع جهاده وسابقته وقرابته وعلمه!

____________________

(1) كَعَمَهُ الخوفُ فلا يَرجع: أي أمسَكَ فاهُ وسَدَّه عن الكلام، وهو مجاز. وفي الأساس: كَعَمَهُ الخَوفُ فلا يَنْبسُ بكلمة (تاج العروس: 17 / 623).

(2) قَطَّهُ: قَطَعَهُ عَرْضاً نصفَين (النهاية: 4 / 81).

(3) كذا في المصدر، ويحتمل وجود سقط أو تصحيف.

(4) تاريخ اليعقوبي: 2 / 158 وراجع تاريخ المدينة: 3 / 882 والفتوح: 2 / 325 والاستيعاب: 3 / 215.

١١٠

قال: صدقت! ولكنّه امرؤ فيه دعابة.

قلت: فأين أنت عن طلحة؟

قال: ذو البأْو، وبإصبعه المقطوعة!

قلت: فعبد الرحمان؟

قال: رجلٌ ضعيف؛ لو صار الأمر إليه لوضع خاتمه في يد امرأته!

قلت: فالزبير؟

قال: شَكِسٌ لَقِس (1) يلاطم في النَّقِيع في صاع من بُرّ!

قلت: فسعد بن أبي وقّاص؟

قال: صاحب سلاح ومِقْنَب (2) .

قلت: فعثمان؟ قال: أوِّه! - ثلاثاً - والله، لئن ولِيَها ليَحملنّ بني أبي مُعَيط على رقاب الناس، ثمّ لتنهض العرب إليه!....

ثمّ أقبل علَيَّ بعد أنْ سكَت هنيهةً، وقال: أجرؤهم والله، إنْ وليها، أنْ يحملهم على كتاب ربّهم وسنّة نبيّهم (صلّى الله عليه وآله) لَصاحبك! أما إنْ وليَ أمرهم حملهم على المحجّة البيضاء والصراط المستقيم! (3)

1056 - المصنّف عن عبد الرحمان القاري: إنّ عمر بن الخطّاب ورجلاً من

____________________

(1) الشَّكِس: السَّيِّءُ الخُلق. وقيل: هو السيّءُ الخُلق في المبايعة وغيرها. واللَّقِس: الشَّرِهُ النفْس الحريصُ على كلّ شيء، والسيِّء الخُلق.(لسان العرب: 6 / 112 و208).

(2) المِقْنَب: جماعة الخيل والفُرسان. يريد أنّه صاحب حرب وجيوش، وليس بصاحب هذا الأمر (النهاية: 4 / 111).

(3) شرح نهج البلاغة: 12 / 51 وج 6 / 326.

١١١

الأنصار كانا جالسين... ثمّ قال عمر للأنصاري: من ترى الناس يقولون يكون الخليفة بعدي؟

فعدّد رجالاً من المهاجرين، ولم يُسمِّ عليّاً.

فقال عمر: فما لهم من أبي الحسَن! فو الله إنّه لأحْراهم، إنْ كان عليهم، أنْ يقيمهم على طريقةٍ من الحقّ! (1)

1057 - الإمامة والسياسة عن عمر بن الخطّاب - في قضيّة الشورى -: والله، ما يمنعني أنْ أستخلفك يا سعد، إلاّ شدّتك وغلظتك، مع أنّك رجلُ حرب!

وما يمنعني منك يا عبد الرحمان، إلاّ أنّك فرعون هذه الاُمّة!

وما يمنعني منك يا زبير، إلاّ أنّك مؤمن الرضي، كافر الغضب!

وما يمنعني من طلحة إلاّ نَخْوته (2) وكِبْره، ولو وليها وضَع خاتمه في إصبع امرأته!

وما يمنعني منك يا عثمان إلاّ عصبيّتك وحبّك قومَك وأهلَك!

وما يمنعني منك يا عليّ إلاّ حرصك عليها! وإنّك أحرى القوم، إنْ وُلِّيتها، أنْ تقيم على الحقّ المبين، والصراط المستقيم (3) .

1058 - الطبقات الكبرى عن عمرو بن ميمون: شهدتُ عمر يوم طُعِن... ثمّ قال: ادعوا لي عليّاً، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمان بن عوف،

____________________

(1) المصنّف لعبد الرزّاق: 5 / 446 / 9761، الأدب المفرد: 176 / 582 وراجع أنساب الأشراف: 3 / 14 والعقد الفريد: 3 / 284 وتاريخ الطبري: 4 / 228 والكامل في التاريخ: 2 / 220.

(2) النَّخْوة: الكِبْر والعُجْب، والأنَفَة والحَمِيَّة (النهاية: 5 / 34).

(3) الإمامة والسياسة: 1 / 43 وراجع الإيضاح: 500.

١١٢

وسعداً؛ فلم يكلّم أحداً منهم غير عليّ وعثمان.

فقال: يا عليّ، لعلّ هؤلاء القوم يعرفون لك قرابتك من النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وصهرك، وما آتاك الله من الفقه والعلم، فإنْ وليتَ هذا الأمر فاتّقِ الله فيه!

ثمّ دعا عثمان فقال: يا عثمان، لعلّ هؤلاء القوم يعرفون لك صهرك من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وسنّك وشرفك، فإنْ وليتَ هذا الأمر فاتّقِ الله، ولا تَحملنّ بني أبي مُعَيط على رقاب الناس!

ثمّ قال: ادعوا لي صُهيباً، فدُعي، فقال: صلِّ بالناس ثلاثاً، وليَخْلُ هؤلاء القوم في بيت، فإذا اجتمعوا على رجل، فمَن خالفهم فاضربوا رأسه.

فلمّا خرجوا من عند عمر، قال عمر: لو ولَّوها الأجْلَح (1) سلَك بهم الطريق! فقال له ابن عمر: فما يمنعك يا أمير المؤمنين؟ قال: أكره أن أتحمّلها حيّاً وميّتاً (2) .

3 / 3

ما جرى في الشورى

1059 - صحيح البخاري عن عمرو بن ميمون: لما فُرغ من دفنه [أي عمر] اجتمع هؤلاء الرهط، فقال عبد الرحمان: اجعلوا أمركم إلي ثلاثة منكم.

فقال الزبير: قد جعلتُ أمري إلى عليّ، فقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمان بن عوف.

____________________

(1) هو الذي انحَسَر الشَّعَر عن جانبَي رأسه (النهاية: 1 / 284).

(2) الطبقات الكبرى: 3 / 340، تاريخ دمشق: 42 / 427، أنساب الأشراف: 6 / 120 وراجع الإمامة والسياسة: 1 / 43 والكامل في التاريخ: 2 / 442.

١١٣

فقال عبد الرحمان: أيّكما تبرّأ من هذا الأمر فنجعله إليه واللهُ عليه والإسلام، لينظرنّ أفضلهم في نفسه؟ فاُسكِت الشيخان.

فقال عبد الرحمان: أ فتجعلونه إليّ واللهُ عليَّ ألاّ آلوَ عن أفضلِكم؟ قالا: نعم.

فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والقِدَم في الإسلام ما قد علِمتَ، فالله عليك لئن أمّرتُك لتعدِلَنّ، ولئن أمّرتُ عثمان لتسمعنّ ولتُطيعنّ.

ثمّ خلا بالآخر فقال له مثل ذلك. فلمّا أخذ الميثاق قال: ارفعْ يدك يا عثمان، فبايَعَه، فبايع له عليّ، وولج أهل الدار فبايعوه (1) .

1060 - تاريخ الطبري: خرج عبد الرحمان بن عوف وعليه عمامته التي عمّمه بها رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، متقلّداً سيفه، حتى ركب المنبر، فوقف وقوفاً طويلا، ثمّ دعا بما لم يسمعه الناس، ثمّ تكلّم فقال: أيّها الناس! إنّي قد سألتكم سرّاً وجهراً عن إمامكم فلم أجدكم تَعدِلون بأحد هذَين الرجلين: إمّا عليّ وإمّا عثمان، فقم إليّ يا عليّ!

فقام إليه عليّ فوقف تحت المنبر، فأخذ عبد الرحمان بيده فقال: هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنّة نبيّه وفِعل أبي بكر وعمر؟

قال: (اللهمّ لا، ولكن على جَهدي من ذلك وطاقتي). فأرسَل يدَه.

ثمّ نادى فقال: قم إليّ يا عثمان! فأخذ بيده - وهو في موقف عليّ الذي كان فيه - فقال: هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنّة نبيّه وفِعل أبي بكر وعمر؟

قال: اللهمّ نعم.

____________________

(1) صحيح البخاري: 3 / 1356 / 3497، تاريخ الخلفاء: 158.

١١٤

فرفع رأسه إلى سقف المسجد ويده في يد عثمان، ثمّ قال: اللهمّ اسمع واشهد! اللهمّ إنّي قد جعلت ما في رقَبتي من ذاك في رقَبة عثمان.

وازدحم الناس يُبايعون عثمان حتى غَشُوه عند المنبر، فقعد عبد الرحمان مَقعد النبيّ (صلّى الله عليه وآله) من المنبر، وأقعد عثمان على الدرجة الثانية، فجعل الناس يبايعونه، وتلكّأ عليٌّ، فقال عبد الرحمان: ( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) (1).

فرجع عليٌّ يشقّ الناس حتى بايع وهو يقول: (خدعةٌ وأيّما خدعة!!) (2)

1061 - الكامل في التاريخ: لمّا دُفن عمر، جمع المقداد أهل الشورى... فقال عبد الرحمان: أيّكم يُخرِج منها نفسَه ويتقلّدها على أنْ يُولِّيها أفضلَكم؟ فلم يُجِبه أحد.

فقال: فأنا أنخلع منها، فقال عثمان: أنا أوّل مَن رضي، فقال القوم: قد رضينا، وعليٌّ ساكت.

فقال: ما تقول يا أبا الحسن؟

قال: (أعطني موثقاً لتؤثرنّ الحقّ، ولا تتّبع الهوى، ولا تخصّ ذا رحم، ولا تألو الاُمّة نُصحاً).

فقال: أعطوني مواثيقكم على أنْ تكونوا معي على مَن بدَّل وغيَّر، وأنْ ترضوا مَن اخترتُ لكم؛ وعليَّ ميثاق الله ألاّ أخصّ ذا رحم لرحمه، ولا آلو المسلمين. فأخذ منهم ميثاقاً، وأعطاهم مثله....

____________________

(1) الفتح: 10.

(2) تاريخ الطبري: 4 / 238، تاريخ الإسلام للذهبي: 3 / 305، البداية والنهاية: 7 / 146.

١١٥

ودارَ عبد الرحمان لياليه يلقى أصحابَ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ومَن وافى المدينة من أُمراء الأجناد وأشراف الناس يشاورهم، حتى إذا كان الليلة التي صبيحتها تستكمل الأجل أتى منزل المِسْوَر بن مَخْرَمة فأيقظه، وقال له: لم أذق في هذه الليلة كبيرَ غُمْض (1) ! انطلِق فادْعُ الزبير وسعداً. فدعاهما، فبدأ بالزبير فقال له: خَلِّ بني عبد مناف وهذا الأمر. قال: نصيبي لعليّ. وقال لسعد: اجعلْ نصيبك لي. فقال: إن اخترتَ نفسك فنعَم، وإنْ اخترتَ عثمان فعليٌّ أحبّ إليّ....

فلمّا صلّوا الصبح جمع الرهط، وبعث إلى مَن حضره من المهاجرين وأهل السابقة والفضل من الأنصار، وإلى أمراء الأجناد، فاجتمعوا حتى التجّ (2) المسجد بأهله، فقال: أيّها الناس! إنّ الناس قد أجمعوا أنْ يرجع أهل الأمصار إلى أمصارهم، فأشيروا عليَّ.

فقال عمّار: إنْ أردت ألاّ يختلف المسلمون فبايع عليّاً. فقال المقداد بن الأسود: صدَق عمّار! إنْ بايعتَ عليّاً قلنا: سمعنا وأطعنا.

قال ابن أبي سَرْح: إنْ أردتَ ألاّ تختلف قريش فبايع عثمان. فقال عبد الله بن أبي ربيعة: صدَق! (3) إنْ بايعتَ عثمان قلنا: سمعنا وأطعنا.

فشتم (4) عمّارٌ ابنَ أبي سَرْح وقال: متى كنتَ تنصح المسلمين؟!

فتكلّم بنو هاشم وبنو أُميّة، فقال عمّار: أيّها الناس! إنّ الله أكرمنا بنبيّه وأعزّنا بدينه، فأنّى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم؟! فقال رجل من بني

____________________

(1) ما ذُقْتُ غُمْضاً: أي ما ذُقْتُ نَوماً (لسان العرب: 7 / 199).

(2) التجّ الظلام: اختلط (المحيط في اللغة: 6 / 408).

(3) في المصدر (صدقت)، وما أثبتناه من تاريخ الطبري؛ وهو المناسب للسياق.

(4) في المصدر: (فتبسَّم)، وما أثبتناه من تاريخ الطبري.

١١٦

مخزوم: لقد عدوتَ طورَك يابن سميّة! وما أنت وتأمير قريش لأنفسها!!

فقال سعد بن أبي وقّاص: يا عبد الرحمان، افرغ قبل أنْ يفتَتِن الناس.

فقال عبد الرحمان: إنّي قد نظرتُ وشاورتُ، فلا تجعلُنّ - أيّها الرهط - على أنفسكم سبيلا. ودعا عليّاً وقال: عليك عهد الله وميثاقه لتعملنّ بكتاب الله وسنّة رسوله وسيرة الخليفتين من بَعده.

قال: (أرجو أنْ أفعل؛ فأعمل بمبلغ علمي وطاقتي).

ودعا عثمان فقال له مثل ما قال لعليّ، فقال: نعم نعمل.

فرفع رأسه إلى سقف المسجد ويدُه في يد عثمان فقال: اللهمّ اسمع واشهد! اللهمّ إنّي قد جعلتُ ما في رقَبتي من ذلك في رقَبة عثمان. فبايَعَه.

فقال عليٌّ: (ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا! ( فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ) (1) ، والله ما ولّيتَ عثمان إلاّ ليردّ الأمر إليك!! والله كلّ يوم في شأن).

فقال عبد الرحمان: يا عليّ، لا تجعل على نفسِكَ حجّةً وسبيلا. فخرَج عليّ وهو يقول: (سيبلغ الكتاب أجله!)

فقال المقداد: يا عبد الرحمان، أما والله لقد تركتَه وإنّه من الذين يقضون بالحقّ وبه يعدِلون!

فقال: يا مقداد، والله لقد اجتهدتُ للمسلمين.

قال: إن كنتَ أردتَ الله فأثابك الله ثواب المحسنين.

____________________

(1) يوسف: 18.

١١٧

  فقال المقداد: ما رأيتُ مثل ما أتى إلى أهل هذا البيت بعد نبيّهم! إنّي لأعجب من قريش أنّهم تركوا رجلاً ما أقول ولا أعلم أنّ رجلاً أقضى بالعدل ولا أعلَم منه!! أما والله لو أجِد أعواناً عليه!

فقال عبد الرحمان: يا مقداد، اتّقِ الله! فإنّي خائفٌ عليك الفتنة.

فقال رجلٌ للمقداد: رحِمَك الله! مَن أهل هذا البيت؟ ومَن هذا الرجل؟

قال: أهل البيت بنو عبد المطّلب، والرجل عليّ بن أبي طالب.

فقال عليّ: (إنّ الناس ينظرون إلى قريش، وقريش تنظر بينها فتقول: إنْ ولّيَ عليكم بنو هاشم لم تخرج منهم أبداً، وما كانت في غيرهم تداولتموها بينكم) (1).

1062 - تاريخ اليعقوبي: كان عبد الرحمان بن عوف الزهري - لمّا توفّي عمر واجتمعوا للشورى - سألَهم أنْ يُخرِج نفسَه منها على أنْ يختار منهم رجلاً، ففعلوا ذلك، فأقام ثلاثة أيّام، وخلا بعليّ بن أبي طالب، فقال: لنا الله عليك، إنْ وُلِّيت هذا الأمر، أنْ تسير فينا بكتاب الله وسنّة نبيّه وسيرة أبي بكر وعمر.

فقال: (أسير فيكم بكتاب الله وسنّة نبيّه ما استطعت).

فخلا بعثمان فقال له: لنا الله عليك، إنْ وُلِّيت هذا الأمر، أنْ تسير فينا بكتاب الله وسنّة نبيّه وسيرة أبي بكر وعمر.

فقال: لكم أنْ أسير فيكم بكتاب الله وسنّة نبيّه وسيرة أبي بكر وعمر.

ثمّ خلا بعليّ فقال له مثل مقالته الأُولى، فأجابه مثل الجواب الأوّل؛ ثمّ خلا

____________________

(1) الكامل في التاريخ: 2 / 221 - 224، تاريخ الطبَري: 4 / 230 - 233، تاريخ المدينة: 3 / 926 - 931، العقد الفريد: 3 / 286 - 288 كلّها نحوه.

١١٨

بعثمان فقال له مثل المقالة الأولى، فأجابه مثل ما كان أجابه، ثمّ خلا بعليّ فقال له مثل المقالة الأولى ، فقال:

(إنّ كتاب الله وسنّة نبيّه لا يحتاج معهما إلى إجِّيرَى (1) أحد! أنت مجتهد أنْ تَزوِي هذا الأمر عنّي!!)

فخلا بعثمان فأعاد عليه القول، فأجابه بذلك الجواب، وصفَق على يدِه (2) .

1063 - الأمالي للطوسي عن محمّد بن عمرو بن حزم: إنّ القوم حين اجتمعوا للشورى فقالوا فيها، وناجى عبد الرحمان رجل ٌ(3) منهم على حِدة، ثمّ قال لعليّ (عليه السلام): عليك عهد الله وميثاقه، لئن وُلّيت لتعملنّ بكتاب الله وسُنّة نبيّه وسيرة أبي بكر وعمر.

فقال عليّ (عليه السلام): (علَيَّ عهدُ الله وميثاقه، لئنْ وُلّيت أمرَكم لأعمَلَنّ بكتاب الله وسُنّة رسوله).

فقال عبد الرحمان لعثمان كقوله لعليّ (عليه السلام) فأجابه: أنْ نعم.

فردّ عليهما القول ثلاثاً، كلّ ذلك يقول عليّ (عليه السلام) كقوله، ويجيبه عثمان: أنْ نعم، فبايَع عثمانَ عبدُ الرحمان عند ذلك (4) .

1064 - مسند ابن حنبل عن أبي وائل: قلت لعبد الرحمان بن عوف: كيف بايعتم عثمان وتركتم عليّاً رضيَ الله عنه؟ قال: ما ذنبي؟ قد بدأت بعليّ فقلتُ: أُبايعك على كتاب

____________________

(1) الإجِّيرَى: العادَة (تاج العروس: 6 / 13) والمراد هنا: الطريقة.

(2) تاريخ اليعقوبي: 2 / 162 وراجع الأمالي للطوسي: 557 / 1171 وشرح نهج البلاغة: 9 / 53.

(3) كذا في المصدر، والظاهر أنّ الصحيح: (كلّ رجل منهم).

(4) الأمالي للطوسي: 709 / 1512.

١١٩

الله وسنّة رسوله، وسيرة أبي بكر وعمر. فقال: فيما استطعتُ. ثمَّ عرضتها على عثمان فقبلها (1) .

1065 - الأمالي للطوسي عن أبى ذرّ: إنّ عليّاً (عليه السلام) وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمان بن عوف وسعد بن أبي وقّاص، أمرهم عمر بن الخطّاب أنْ يدخلوا بيتاً ويغلقوا عليهم بابه ويتشاوروا في أمرهم، وأجّلهم ثلاثة أيّام، فإنْ توافق خمسة على قولٍ واحد وأبى رجلٌ منهم، قُتِلَ ذلك الرجل، وإنْ توافق أربعة وأبى اثنان، قُتِلَ الاثنان، فلمّا توافقوا جميعاً على رأيٍ واحد، قال لهم عليُّ بن أبي طالب (عليه السلام): (إنّي أُحبُّ أنْ تسمعوا منّي ما أقول، فإنْ يكن حقّاً فاقبلوه، وإنْ يكن باطلا فأنكروه). قالوا: قل....

فما زال يُناشدهم، ويُذكّرهم ما أكرمه الله تعالى، وأنعم عليه به، حتى قام قائم الظهيرة ودنَت الصلاة، ثمّ أقبل عليهم فقال: (أمّا إذا أقررتم على أنفسكم، وبانَ

____________________

(1) مسند ابن حنبل: 1 / 162 / 557، المنتظم: 4 / 337، تاريخ الإسلام للذهبي: 3 / 304، تاريخ الخلفاء: 182. وفي الإمامة والسياسة 1 / 45: أنّ عبد الرحمان بن عوف أخذ بيد عثمان، فقال له: عليك عهد الله وميثاقه، لئن بايعتك لتقيمنَّ لنا كتاب الله وسنّة رسوله وسنّة صاحبَيك، وشرَط عمر؛ أنْ لا تجعل أحداً من بني أُميّة على رقاب الناس. فقال عثمان: نعم. ثمّ أخذ بيد عليّ (عاليه السلام)، فقال له: أُبايعك على شرط عمر؛ أنْ لا تجعل أحداً من بني هاشم على رقاب الناس. فقال عليٌّ (عاليه السلام) عند ذلك: (ما لك ولهذا إذا قطعتها في عنقي؟ فإنّ علَيَّ الاجتهاد لأُمّة محمّد حيث علِمتُ القوّة والأمانة استعنت بها، كان في بني هاشم أو غيرهم). قال عبد الرحمان: لا والله، حتى تعطيني هذا الشرط. قال عليّ: (والله لا أعطيكه أبداً).

١٢٠