الكنى والألقاب الجزء ١

الكنى والألقاب0%

الكنى والألقاب مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 479

الكنى والألقاب

مؤلف: عباس بن محمد رضا بن أبي القاسم القمي (المحدث القمي)
تصنيف:

الصفحات: 479
المشاهدات: 439056
تحميل: 12745


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 479 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 439056 / تحميل: 12745
الحجم الحجم الحجم
الكنى والألقاب

الكنى والألقاب الجزء 1

مؤلف:
العربية

(أبوحيان التوحيدى)

علي بن محمد بن عباس الشيرازي النيسابوري البغدادي، شيخ الصوفية فيلسوف الادباء، اديب الفلاسفة، والمتفنن في كثير من العلوم كالنحو والادب والفقه والشعر والكلام.

حكي انه كان قليل الورع بل قالوا انه كان من زنادقة(١) عصره. عزم الصاحب بن عباد والوزير المهلي على قتله فاستتر. وتوفي في حدود سنة ٣٨٠ بشيراز وله مصنفات منها: كتاب سماه مثالب الوزيرين ضمنه معايب ابي الفضل بن العميد والصاحب بن عباد.

قال ابن خلكان: تحامل عليهما وعدد نفائصهما وسلبهما ما اشتهر عنهما من الفضائل والافضال وبالغ في التعصب عليهما وما انصفهما وهذا الكتاب من الكتب المحذورة ما ملكه احد إلا وانعكست احواله ولقد جربت ذلك وجربه غيري على ما اخبرني من اثق به انتهى.

والنوحيدي قيل نسبة إلى التوحيد وهو نوع من التمر كان ابوه يبيعه ببغداد وعليه حمل بعض شراح ديوان المتنبي قوله:

يترشفن من فمي رشفات

هن فيه احلى من التوحيدي

 (أبوحية النميرى البصرى)

الهيثم بن ربيع بن زرارة، شاعر فصيح من مخضرمي الدولتين.

حكي انه كان اهوج جبانا وكان له سيف يقال له لعاب المنية ليس بينه وبين الخشبة فرق، ومن حديت جبنه انه دخل إلى بيته ليلة كلب فظنه لصا، فانتضى سيفه لعاب المنية وهو واقف في وسط الدار يقول: ايها المغتر بنا والمجترئ علينا بئس والله ما اخترت لنفسك خير خليل وسيف صقيل لعاب المنية الذي سمعت به مشهورة

____________________

(١) نقل عن تأريخ ابي الفرج بن الجوزي قال زنادقة الاسلام ثلاثة: ابن الراوندي وابوحيان التوحيدي وابوالعلاء، قال واشرهم على الاسلام ابوحيان لانه مجمخ انتهى (رجل مجمخ الاخلاق كمعظم فاسدها).

٦١

ضربته لا تخاف نبوته، اخرج بالعفو عنك قبل ان ادخل بالعقوبة عليك، وكان يتكلم بمثل هذه المكلمات، ثم فتح الباب على وجل وحذر شديد، فاذا كلب قد خرج، فقال الحمد لله الذي مسخك كلبا وكفاني حربا.

(اقول) ويشبه ذلك خير المجنون الذي كان مقيما بالكوفة وكان الف دكان طحان فاذا اجتمع الصبيان عليه وآذوه يقول: الآن حمى الوطيس وطاب اللقاء وانا على بصيرة من امري، ثم يثبت ويحمحم ويقول:

اريني سلاحي لا ابا لك انني

ارى الحرب لا تزداد إلا تماديا

ثم يتناول قصبته ليركبها فاذا تناولها يقول:

اشد على الكتيبة لا ابالي

احتفي كان فيها أو سواها

فينهزم الصبيان بين يديه فاذا لحق بعضهم يرمي الصبي بنفسه إلى الارض فيقف عليه ويقول: عورة مسلم وحمى مؤمن ولولا ذلك لتلفت نفس عمرو بن العاص يوم صفين، ثم يقول: لاسيرن فيكم سيرة أميرالمؤمنينعليه‌السلام لا اتبع موليا ولا اجهز على جريح ثم يعود إلى مكانه ويقول:

انا الرجل الضرب الذي تعرفونه

خشاش كرأس الحية المتوقد

حكي عن الاصمعي قال رأيت بعض الاعراب يفلي ثيابه فيقتل البراغيث ويدع القمل فقلت يا اعرابي ولم تصنع هذا؟ فقال اقتل الفرسان ثم اعطف على الرجالة.

(أبوخالد الزبالى)

من اصحاب الكاظمعليه‌السلام روى الشيخ الكليني عنه قال لما اقدم بأبي الحسن موسىعليه‌السلام على المهدي القدمة الاولى نزل زبالة فكنت احدثه فرآنى مغموما فقال يا ابا خالد مالي اراك مغموما فقلت وكيف لا اغتم وانت تحمل إلى هذا الطاغية ولا ادري ما يحدث فيك فقال لي ليس علي بأس فاذا كان شهر كذا وكذا ويوم كذا فوافني في اول الميل فما كان لي هم إلا احصاء الشهور والايام حتى كان

٦٢

ذلك اليوم فوافيت الميل فما زلت عنده حتى كادت الشمس ان تغيب ووسوس الشيطان في صدري وتخوفت ان اشك فيما قال فبينا انا كذلك إذ نظرت إلى سواد قد اقبل من ناحية العراق فاستقبلتهم فاذا ابوالحسنعليه‌السلام امام القطار على بغلة فقال: ايهن يا ابا خالد قلت لبيك يا ابن رسول الله فقال لا تشكن ود الشيطان انك شككت، فقلت الحمد لله الذي خلصك منهم، فقال ان لي اليهم عودة لا اتخلص منهم.

(أبوخالد الكابلى)

قال الفضل بن شاذان ولم يكن في زمن علي بن الحسينعليه‌السلام في اول امره إلا خمسة انفس: سعيد بن جبير، سعيد بن المسيب، محمد بن جبير بن مطعم، يحيى بن ام الطويل، ابوخالد الكابلى واسمه وردان ولقبه كنكر انتهى.

وفي خبر الحواريين انه من حواري علي بن الحسينعليه‌السلام وقد شاهد كثيرا من دلائل الائمهعليه‌السلام ويأتى في الطاقى رواية تتعلق به ويظهر من رسالة ابي غالب الزراري ان آل اعين وهم اكبر بيت في الكوفة من الشيعة ان اول من عرف منهم عبدالملك عرفه من صالح بن ميثم ثم عرفه حمران من ابي خالد الكابلي.

(أبوخديجة)

سالم بن مكرم بن عبدالله مولى بني اسد الجمال كناه ابوعبداللهعليه‌السلام ابا سلمة وثقه (جش) وكان جمالا من اهل الكوفة، ذكر انه حمل ابا عبداللهعليه‌السلام من مكة إلى المدينة، وروي انه كان من اصحاب ابي الخطاب وكان في المسجد يوم بعث عيسى بن موسى بن علي بن عبدالله بن العباس وكان عامل المنصور على الكوفة إلى ابي الخطاب لما بلغة انهم اظهروا الاباحات ودعوا الناس إلى نبوة ابي الخطاب وانهم يجتمعون في المسجد ولزموا الاساطين يرون الناس انهم قد لزموها للعبادة وبعث اليهم رجلا فقتلهم جميعا لم يفلت إلا رجل واحد اصابته جراحات فسقط بين

٦٣

القتلى يعد فيهم فلما جنه الليل خرج من بينهم فتخلص وهو ابوسلمة سالم بن مكرم فذكر بعد ذلك انه تاب وكان ممن يروي الحديث.

(أبوالخطاب)

محمد بن مقلاص الاسدي الكوفي لعنه الله غال ملعون وردت روايات في ذمه ولعنه وكان ممن اعير الايمان.

وقال الصادقعليه‌السلام لعن الله ابا الخطاب وقتله بالحديد فاستجاب الله دعاء‌ه قتله عيسى بن موسى العباسي حكى القاضي نعمان في ذكر قصة الغلاة ان المغيرة بن سعد استزله الشيطان واستحل هو واصحابه المحارم كلها واباحوها وعطلوا الشرائع وتركوها وانسلخوا من الاسلام جملة، واشهر ابوجعفر عليه السلام لعنهم والبراء‌ة منهم وكان أبوالخطاب لعنه الله في عصر مولانا جعفر ابن محمدعليه‌السلام من اجل دعانه ثم اصابه ما اصاب المغيره بن سعيد لعنه الله فانسلخ من الدين فكفر وادعى النبوة وزعم ان جعفراعليه‌السلام إله، تعالى الله عزوجل عن قوله واستحل المحارم كلها ورخص لاصحابه فيها وكانوا كلما ثقل عليهم أداء فرض اتوه فقالوا يا ابا الخطاب خفف عنا فيأمرهم بتركه حتى تركوا جميع الفرائض واستحلوا جميع المحارم واباح لهم ان يشهد بعضهم لبعض بالزور، وقال من عرف الامام حل له كل شئ كان حرم عليه، فبلغ امره جعفر بن محمدعليه‌السلام فلم يقدر عليه بأكثر من ان لعنه وتبرأ منه، وجمع اصحاب فعرفهم ذلك وكتب إلى البلدان بالبرائة منه وباللعنة عليه وعظم امره على ابي عبدالله عليه السلام واستفضعه واستهاله انتهى.

(أبوداود)

سليمان بن الاشعث بن اسحاق السجستاني، احد حفاظ اهل السنة صاحب كتاب السنن المشهور، احد صحاحهم الست.

٦٤

حكي عنه قال: كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله خمسمائه الف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب يعني السنن، جمعت فيه اربعة آلاف وثمانمائة حديث، ذكرت الصحيح ما يشبه ويقاربه ويكفي الانسان لدينه، ومن ذلك اربعة احاديث قوله صلى الله عليه وآله: انما الاعمال بالنيات، والثاني قوله صلى الله عليه وآله : من حسن اسلام المرء تركه مالا يعنيه، والثالث قوله صلى الله عليه وآله: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرضى لاخيه ما يرضى لنفسه، والرابع قوله صلى الله عليه وآله: الحلال بين والحرام بين، وبين ذلك امور مشتبهات الحديث بكماله.

قال ابن خلكان قال ابراهيم الحربى: لما صنف ابوداود كتاب السنن الين له الحديث كما الين لداودعليه‌السلام الحديد.

سكن البصرة وتوفي بها سنة ٢٧٥ (رعه) وابنه عبدالله بن سليمان كان من اكابر الحفاظ ببغداد، وشارك اباه في شيوخه، وله كتاب المصابيح توفي سنة ٣١٦ (شيو) والسجستاني تقدم في ابوحاتم السجستاني.

(أبودجانة)

بالضم والتخفيف هو سماك بالكسر والتخفيف ابن خرشة بالفتحات ابن لوزان كسكران صحابي انصاري بطل شجاع عد من الذابين عن الاسلام وقد ظهر منه في جهاده وحروبه ما يدل على ذلك فمما شوهد منه ما حكي عن بعض التواريخ في وقعة اليمامة سنة ١١ ان مسيلمة الكذاب وبني حنيفة لما دخلوا الحديقة واغلقوا عليهم بابها وتحصنوا فيها قال ابودجانة اجعلونى في جنة ثم ارفعونى بالرماح والقوني عليهم في الحديقة فاحتملوه حتى اشرف على الجدار، فوثب عليهم كالاسد فجعل يقاتلهم ثم احتملوا البراء بن مالك فاقتحمها عليهم وقاتل على الباب وفتحه للمسلمين ودخلوها عليهم فاقتتلوا اشد قتال وكثر القتلى في الفريقين لا سيما في بنى حنيفة، فلم يزالوا كذلك حتى قتل مسيلمة، واشترك في قتله وحشي وابودجانة، وقتل في هذه الواقعة جماعة كثيرة من الصحابة، وقتل ايضا ابودجاجة وقيل بل عاش بعد ذلك وشهد صفين مع امير المؤمنين والله اعلم.

وما ظهر منه في احد من اخذه السيف عن النبي صلى الله عليه وآله واختياله في مشيه بين

٦٥

الصفين وقول النبي: إن هذه لمشية يبغضها الله تعالى إلا في مثل هذا الموطن.

وثباته في نصرة النبي مشهور، وينسب اليه الحرز المروي عن النبي لدفع الجن والسحر المعروف بحرز ابي دجانة، وهو حرز طويل.

وفي ارشاد المفيد روى المفضل ابن عمر عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال يخرج مع القائمعليه‌السلام من ظهر الكوفة سبعة وعشرون رجلا خمسة عشر من قوم موسىعليه‌السلام الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من اهل الكهف، ويوشع بن نون وسليمان وابودجانة الانصاري والمقداد ومالك الاشتر فيكونون بين يديه انصارا وحكاما.

(أبوالدرداء)

عامر بن زيد الانصاري الصحابي المعروف، كان يعد من علماء الارض الثلاثة.

حكي ابن قتيبة في كتابه الامامة والسياسة قدوم ابي هريرة وابى الدرداء على معاوية وانهما اتيا علياعليه‌السلام بأمر معاوية وقالا له: ان لك فضلا لا يدفع وقد سرت مسير فتى إلى سفيه من السفهاء ومعاوية يسألك ان تدفع اليه قتلة عثمان فان فعلت ثم قاتلك كنا معك قالعليه‌السلام أتعرفانهم قال نعم قال فخذاهم، فاتيا محمد بن ابى بكر وعمار بن ياسر والاشتر، فقالا انتم من قتلة عثمان وقد امرنا بأخذكم فخرج اليهم اكثر من عشرة آلاف رجل فقالوا نحن قتلة عثمان، فقالا نرى امرا شديدا فانصرفا إلى منزلهما بحمص انتهى ملخصا.

وذكر نصر بن مزاحم ان ابا الدرداء وابا امامة الباهلي رجعا من صفين ولم يشهدا شيئا من القتال.

(اقول) روى الشيخ الصدوق عنه انه شهد علي بن ابي طالب بشويحطات النجار قد اعتزل عن مواليه واختفى ممن يليه فافتقده ثم سمع مناجاته بصوت حزين ونغمة شجي وهو يقول: إلهي كم من موبقة حلمت عن مقابلتها بنقمتك، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك إلهي ان طال في عصيانك عمري وعظم في

٦٦

الصحف ذنبي فما انا مؤمل غير غفرانك، ولا انا براج غير رضوانك، قال فشغلنى الصوت واقتفيت الاثر فاذا هو علي بن ابي طالبعليه‌السلام فاستترت له فركع ركعات من جوف الليل ثم فرغ إلى الدعاء والبكاء والبث والشكوى فكان مما به الله ناجى ان قال إلهي افكر في عفوك فتهون علي خطيئتي ثم اذكر العظيم من اخذك فتعظم علي بليتي، ثم قال آه إن انا قرأت في الصحف سيئة انا ناسيها وانت محصيها فتقول خذوه فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشيرته ولا تنفعه قبيلته، ويرحمه الملا اذا اذن فيه بالنداء، ثم قال آه من نار تنضج الاكباد والكلى آه من نار نزاعة للشوى آه من غمرة من ملهبات لظى، قال ثم انعم في البكاء فلم اسمع له حسا ولا حركة فقلت غلب عليه النوم لطول السهر فاتيته فاذا هو كالخشبة الملقاة فحركته فلم يتحرك فقلت إنا لله وانا اليه راجعون مات والله علي بن ابى طالب فاتيت منزله وذكرت قصته فقالت فاطمة هي والله يا ابا الدرداء الغشية التي تأخذه من خشية الله انتهى ملخصا.

(أبودلامة)

بضم الدال زند بن الجون كوفي مولى لبني اسد ادرك آخر بنى امية ونبغ في ايام بنى العباس ومدح عبدالله السفاح والمنصور وهو صاحب البغلة المعروفة التي اشار اليها الحريري بقوله في المقامة التبريزية: وانت تعلم انك احقر من قلامة واعيب من بغلة ابى دلامة.

قالوا من عيوب بغلته انها كانت تحبس بولها، فاذا ركبها ومر بها على جماعة وقفت ورفعت ذنبها وبالت ثم رشتهم ببولها، وكان ابودلامة صاحب نوادر وادب ونظم. وحكي انه كان اسود عبدا حبشيا.

ومن نوادره: انه توفيت لابى جعفر المنصور ابنة عم فحضر جنازتها وجلس لدفنها وهو متألم لفقدها كئيب عليها فاقبل ابو دلامة وجلس قريبا منه فقال له المنصور ويحك ما اعددت لهذا المكان واشار

٦٧

إلى القبر فقال ابنة عم امير المؤمنين فضحك المنصور حتى استلقى ثم قال له ويحك فضحتنا بين الناس.

وحكي ان روح بن حاتم المهلبي وكان واليا على البصرة خرج إلى حرب الجيوش الخراسانية ومعه ابودلامة فخرج من صف العدو مبارز فخرج اليه جماعة فقتلهم فتقدم روح إلى ابي دلامة بمبارزته فامتنع فالزمه فاستعفاه فلم يعفه فانشد ابودلامة:

اني اعوذ بروح إن تقدمني

إلى القتال فيخزي بي بنو اسد

إن المهلب حب الموت اورثكم

ولم ارث انا حب الموت من احد

إن الدنو إلى الاعداء اعلمه

مما يفرق بين الروح والجسد

لو ان لي مهجة اخرى لجدت بها

لكنها خلقت فردا فلم احد

فاقسم عليه ليخرجن وقال لماذا تأخذ رزق السلطان؟ قال لاقاتل عنه، قال فما بالك لا تبرز إلى عدو الله؟ فقال ايها الامير ان خرجت اليه لحقت بمن مضى، وما الشرط ان اقتل عن السلطان بل اقاتل عنه؟ فحلف الروح لتخرجن اليه فتقتله أو تأسره او تقتل دون ذلك فلما رأى ابودلامة الجد منه، قال ايها الامير تعلم ان هذا اول يوم من ايام الآخرة ولابد فيه من الزوادة فامر له بذلك فاخذ رغيفا مطويا على دجاجة ولحم وسطيحة (أي مزادة) من شراب وشيئا من نقل، وشهر سيفه وحمل وكان تحته فرس جواد، فأقبل يجوك ويلعب في الرمح، وكان مليحا في الميدان والفارس يلاحظ ويطلب منه غرة حتى اذا وجدها حمل عليه والغبار كالليل، فأغمد ابودلامة سيفه وقال للرجل لا تعجل واسمع مني عافاك الله كلمات القيهن اليك فانما اتيتك في مهم فوقف مقابله وقال ما المهم؟ قال اتعرفني؟ قال لا، قال انا ابودلامة، قال قد سمعت بك حياك الله، فكيف برزت إلي وطمعت في بعد من قتلت من اصحابك؟ فقال ما خرجت لاقتلك ولا لاقاتلك ولكني رأيت لياقتك وشهامتك فاشتهيت ان تكون لي صديقا واني لادلك على ما هو احسن من قتالنا، قال قل على بركة الله تعالى، قال اراك قد تعبت وانت بغير شك

٦٨

سغبان ظمآن، قال كذلك هو، قال فما علينا من خراسان والعراق، ان معي خبزا ولحما وشرابا ونقلا كما يتمنى المتمني وهذا غدير ماء نمير بالقرب منا فهلم بنا اليه نصطبح واترنم لك بشئ من حداء الاعراب فقال هذا غاية املي فقال ها انا استطرد لك فاتبعني حتى نخرج من حلق الطعان ففعلا، وروح يتطلب ابا دلامة فلا يجده، والخراسانية تطلب فارسها فلا تجده، فلما طابت نفس الخراسانى قال له ابودلامة: ان روحا كما علمت من ابناء الكرام وحسبك بابن المهلب جوادا وانه يبذل لك خلعة فاخرة وفرسا جوادا ومركبا مفضضا وسيفا محلى ورمحا طويلا وجارية بربرية وينزلك في اكثر العطاء وهذا خاتمه معي لك بذلك، قال ويحك وما اصنع بأهلي وعيالي، قال استخر الله وسر معي ودع اهلك فالكل يخلف عليك فقال سر بنا على بركة الله، فسارا حتى قدما من وراء العسكر فهجما على روح فقال يا ابا دلامة اين كنت؟ قال في حاجتك، اما قتل الرجل فما اطقته، واما سفك دمي فما طبت به نفسا، واما الرجوع خائبا فلم اقدم عليه، وقد تلطفت واتيتك به، اسير كرمك، وقد بذلت له عنك كيت وكيت، فقال ممضي اذا وثق لي، قال بماذا؟ قال بنقل اهله، قال الرجل اهلي على بعد ولا يمكننى نقلهم الآن ولكن امدد يدك اصافحك واحلف لك متبرعا بطلاق الزوجة انى لا اخونك فان لم اف اذا حلفت بطلاقها لم ينفعك نقلها قال صدقت، فحلف له وعاهده ووفى له بما ضمنه ابودلامة وزاد عليه وانقلب معهم الخراسانى يقاتل الخراسانية وينكي فيهم اشد نكاية وكان اكبر اسباب ظفر روح.

ونقل انه اتفق ان ابا دلامة تأخر عن الحضور بباب ابي جعفر اياما ثم حضر فأمر بالزامه القصر، والزمه بالصلاة في المسجد ووكل به من يلاحظه في ذلك، فمر به ابوايوب المرزبانى وزير ابي جعفر فدفع اليه ابودلامة رقعة مختومة وقال هذه ظلامة لامير المؤمنين فاوصلها اليه بخاتمها، فاوصلها اليه فاذا فيها:

ألم تعلموا ان الخليفة لزنى

بمسجده والقصر مالى وللقصر

٦٩

اصلي به الاولى مع العصر دائما

فويلي من الاولى وويلي من العصر

ووالله مالي نية في صلاتهم

ولا البر والاحسان والخير من امري

وما ضره والله يصلح امره

لو ان ذنوب العالمين على ظهري

فضحك المنصور واحضره وقال ما قصتك؟ قال دفعت إلى ابى ايوب رقعة مختومة اسأل فيها اعفائي من لزوم الذي امرتني بلزومه، فقال له ابوجعفر اقرأها قال ما احسن ان اقرأ، وعلم إن قرأها يحده بذكر الصلاة، فلما رآه يتنصل من ذلك قال له احببت لو كنت اقررت لاضربك الحد ثم قال اعفيتك من لزومالمسجد فقال ابودلامة أو كنت ضاربي يا أميرالمؤمنين لو اقررت قال نعم قال مع قول الله عزوجل (يقولون ما لا يفعلون) فضحك منه واعجب من اسراعه ووصله.

حكي انه لما قدم المهدى بن المنصور من الري إلى بغداد دخل عليه ابودلامة للسلام والتهنئة بقدومه فاقبل عليه المهدي وقال له كيف انت يا ابا دلامة؟ فقال يا امير المؤمنين:

إنى حلفت لئن رأيتك سالما

بقرى العراق وانت ذو وفر

لتصلين على النبي محمد

ولتملان دراهما حجري

فقال المهدي: اما الاولى فنعم واما الثانية فلا، فقال جعلنى الله فداك انهما كلمتان لا يفرق بينهما، فقال يملا حجر ابى دلامة دراهم فقعد وبسط حجره فملئ دراهم، فقال له قم الآن يا ابا دلامة، فقال يخترق قميصي يا امير المؤمنين حين اشيل الدراهم واقوم فردها إلى الاكياس، ثم قام وله اشعار كثيرة.

وذكر ابن المنجم في كتاب البارع في اخبار شعر المحدثين منها جملة: وخرج المهدي وعلي بن سليمان إلى الصيد ومعهما ابودلامة فرمى المهدي ظبيا فاصابه، ورمى علي بن سليمان ظبيا فأخطأه واصاب كلبا فضحك المهدي وقال يا ابا دلامة قل في هذا فقال:

قد رمى المهدي ظبيا

شك بالسهم فؤاده

٧٠

وعلي بن سليما

ن رمى كلبا فصاده

فهنيئا لكما كل امـ‍

ـرئ يأكل زاده

فأمر له بثلاثين الف درهم.

ودخل ابودلامة على المهدي فقال يا امير المؤمنين ماتت ام دلامة وبقيت ليس احد يعاطيني، فقال إنا لله اعطوه الف درهم يشتري بها امة تعاطيه، وكان قد دس ام دلامة على الخيزران فقالت يا سيدتي مات ابودلامة وبقيت ضائعة، فأمرت لها بألف درهم، فدخل المهدي على الخيزران وهو حزين، فقالت ما بال امير المؤمنين قال ماتت ام دلامة، فقالت انما مات ابودلامة، فقال قاتل الله ابا دلامة وام دلامة قد خدعانا والله ومما يحكى من اخبار ابي دلامة ايضا: انه مرض ولده فاستدعى طبيبا ليداويه وشرط له جعلا معلوما، فلما برئ قال له والله ما عندنا شئ نعطيك ولكن ادع على فلان اليهودي وكان ذا مال كثير بمقدار الجعل وانا وولدي نشهد بذلك فمضى الطبيب إلى القاضي بالكوفة وكان هو ابن ابي ليلى او ابن شبرمة وادعى على اليهودي ذلك وشهد ابودلامة وابنه له فخاف القاضي من لسان ابي دلامة ان يرد شهادتهما، فقال كلامك مسموع وشهادتك مقبولة ثم غر المبلغ من عنده واطلق اليهودي منه، توفي سنة ١٦١ (قسا) وزند بفتح الزاي وسكون النون، وقيل اسمه زيد بالباء الموحدة والاول اثبت والجون بفتح الجيم وسكون الواو آخرها نون.

(أبودلف)

بضم الدال المهملة وفتح اللام وهو قاسم بن عيسى العجلي، كان سيد اهله ورئيس عشيرته من عجل وغيرها من ربيعة، وكان معدودا من الامراء وكان شاعرا مجيدا شجاعا بطلا.

حكي انه طعن فارسا فنفذت الطعنة إلى ان وصل السنان آخرا كان خلفه فقتلهما فقال بكر بن بطاح:

٧١

قالوا وينظم فارسين بطعنة

يوم الهياج وما تراه كليلا

لا تعجبوا لو ان طول قناته

ميل إذا نظم الفوارس ميلا

وكان جوادا وقد مدحه الشعراء بمدائح عظيمة، ويأتى في العكوك ما يتعلق به وكان شيعيا.

روى المسعودي في مروج الذهب قصة تدل على ان ابنه دلف كان ينتقص علياعليه‌السلام ويضع منه ومن شيعته وكان عدوا لابيه وكان سببه انه كان لزنية وحيضة والقصة معروفة، فعلى هذا الاعتبار بما حكى ابن خلكان عن الدلف الناصب ان رأى اباه بعد موته عريانا واضعا رأسه بين ركبتيه، ثم انشأ ابياتا تدل على وحشته وشدة ما يلاقيه.

والعجب من ابن خلكان ! كيف اعتمد عليه؟ مع نقله قصة من ابي دلف من احسانه إلى العلويين والقاء السرور في قلوبهم رجاء لشفاعة جدهم، والقصة هذه قال: رأيت في بعض المجاميع ان ابا دلف لما مرض مرض موته حجب الناس عن الدخول لثقل مرضه فاتفق انه افاق في بعض الايام فقال لحاجبه من بالباب من المحاويج فقال عشرة من الاشراف وقد وصلوا من خراسان ولهم بالباب عدة ايام لم يجدوا طريقا فقعد على فراشه واستدعاهم، فلما دخلوا رحب بهم وسألهم عن بلادهم واحوالهم وسبب قدومهم فقالوا ضاقت بنا الاحوال وسمعنا بكرمك فقصدناك فامر خازنه باحضار بعض الصناديق واخرج منه عشرين كيسا في كل كيس الف دينار، ودفع لكل واحد منهم كيسين ثم اعطى كل واحد مؤنة طريقه وقال لهم لا تمسوا الاكياس حتى تصلوا بها سالمة إلى اهلكم واصرفوا هذا في مصالح الطريق ثم قال ليكتب لي كل واحد منكم خطه انه فلان بن فلان حتى ينتهي إلى علي بن ابى طالبعليه‌السلام ويذكر جدته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ثم ليكتب يا رسول الله اني وجدت ضائفة وسوء حال في بلدي وقصدت ابا دلف العجلي فاعطانى الفي دينار كرامة لك وطلبا لمرضاتك ورجاء لشفاعتك فكتب كل واحد منهم ذلك وتسلم الاوراق، واوصى من يتولى تجهيزه إذا مات ان يضع تلك الاوراق في كفنه حتى يلقى بها رسول الله ويعرضها عليه. توفى سنة ٢٢٦ (كور).

٧٢

(أبوالدوانيق)

انظر الدوانيقى.

(أبوالذبان)

عبدالملك بن مروان، قال ابن شحنة الحنفي سمي بذلك لانه كان شديد البخر فكان اذا مر الذباب بفمه مات، وكان يلقب لبخله برشح الحجر انتهى.

ونقل ابن خلكان: ان لبابة بنت عبدالله بن جعفر بن ابي طالب كانت عند عبدالملك فعض تفاحة ثم رمى بها اليها وكان ابخر، فدعت بسكين فقال ما تصنعين بها، فقالت اميط عنها الاذى فطلقها فتزوجها علي بن عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب.

البخر بالموحدة والخاء المعجمة المفتوحتين النتن في الفم وغيره انتهى.

بويع ليلة الاحد غرة شهر رمضان سنة ٦٥ (سه) وتوفي بدمشق يوم السبت لاربع عشرة مضت من شوال سنة ست وثمانين.

حكي انه لما ثقل وكان قصره يشرف على بردى وهو نهر بدمشق رأى غسالا يلوي بيده ثوبا فقال وددت انى كنت غسالا مثل هذا اعيش بما اكتسب يوما فيوما ولم آل الخلافة وتمثل بقول امية بن ابى الصلت:

كل حي وإن تطاول دهرا

آيل امره إلى ان يزولا

ليتني كنت قبل ماقد بدا لي

في رؤوس الجبال ارعى الوعولا

فذكر ذلك لابى حازم فقال الحمد لله الذي جعلهم عند الموت يتمنون ما نحن فيه ولا نتمنى عند الموت ما هم فيه، وقبره بدمشق بجوار معاوية بن ابى سفيان. ويأتى في ابن الزرقاء ذكر والده مروان.

وكان عبدالملك يحب الشعر والفخر والتفريظ والمدح، وكان عماله على مثل مذهبه قالوا وقد اخبر امير المؤمنين عليه السلام عنه بقوله: كأنى انظر إلى ضليل قد نعق بالشام وفحص راياته في ضواحي كوفان.

٧٣

(أبوذر الغفارى)

وهو جندب بالجيم المضمومة وسكون النون وفتح الدال المهملة ابن جنادة بضم الجيم، وقيل جندب بن السكن، مهاجري احد الاركان الاربعة.

روي عن الباقرعليه‌السلام انه لم يرتد. مات في زمن عثمان بالربذة، له خطبة يشرح فيها الامور بعد النبي.

وقال فيه النبي صلى الله عليه وآله: ما اظلت الخضراء ولا اقلت الغبراء على ذي لهجة اصدق من ابي ذر.

وما ورد في فضله وفضل صاحبيه سلمان والمقداد اكثر من ان يذكر وقد اشرنا إلى جملة مما يتعلق به في كتاب سفينة البحار، فلتكتف هنا بذكر ثلاث روايات نافعة.

(الاولى) روى الشيخ عن العبد الصالحعليه‌السلام قال بكى ابوذر من خشية الله حتى اشتكت بصره فقيل له لو دعوت الله يشفي بصرك، فقال انى عن ذلك مشغول وما هو بأكبر همي، قالوا وما يشغلك عنه؟ قال العظيمتان، الجنة والنار.

(الثانية) روى الثقة الجليل الحسين بن سعيد الاهوازي عن ابى جعفرعليه‌السلام قال: اتى ابا ذر رجل فبشره بغنم له قد ولدت فقال يا ابا ذر قد ولدت غنمك وكثرت فقال ما يسرنى كثرتها فما احب ذلك فما قل وكفى احب إلي مما كثر وألهى، انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: على حافتي الصراط يوم القيامة الرحم والامانة فاذا مر عليه الوصول للرحم المؤدي للامانة لم يتكفأ به في النار (حافتا الوداي) جانباه) وفي رواية اخرى واذا مر الخائن للامانة القطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل ويكفأ به الصراط في النار.

(الثالثة) في البحار عن الدعائم عن جعفر بن محمدعليه‌السلام قال: وقف ابوذر رحمه الله عند باب الكعبة فقال ايها الناس انا جند بن السكن الغفارى انى لكم ناصح شفيق فهلموا فاكتنفه الناس فقال: ان احدكم لو اراد سفر لاتخذ من الزاد

٧٤

ما يصحله ولا بد منه فطريق يوم القيامة احق ما تزودتم له، فقام رجل فقال فارشدنا يا ابا ذر، فقال: حج حجة لعظائم الامور وصم يوما لزجرة النشور وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور وكلمة حق تقولها وكلمة سوء تسكت عنها صدقة منك على مسكين فلعلك تنجو من يوم عسير. توفي سنة ٣١ أو ٣٢.

(أبوذويب الهذلى)

خويلد بن خالد ينتهي نسبه إلى نزار، شاعر مخضرمي ادرك الجاهلية والاسلام ولم يلق النبي صلى الله عليه وآله في حال حياته.

روى الشيخ الاجل الاقدم عبيد الله ابن عبدالله الاسد آبادي باسناده عن ابى عمرو بن العلاء قال قال ابوذويب الهذلي: بلغنا ان رسول الله عليل فأوجسنا ذلك خيفة واشعرنا حزنا وغما فبت بليلة ثابتة النجوم طويلة الاناء لا ينجاب ديجورها ولا يطلع نورها فصرت اقاسي طولها ولا افارق غولها حتى إذا كان دون المسفر وقرب السحر هتف هاتف:

خطب جليل فت في الاسلام

بين النخيل ومقعد الاصنام

قبض النبي محمد فعيوننا

تذري الدموع عليه بالاسجام

قال ابوذويب فوثبت من نومي مزؤدا (اي مذعورا) فنظرت إلى السماء فلم أر إلا سعد الذابح فتفألت وقلت ذبحا وقتلا تقع في العرب فعلمت ان النبي قبض أو هو مقبوض في علته تلك، فركبت ناقتي وسرت حتى اذا اصبحت طلبت شيئا ازجر عليه فعن لي شيهم (اي قنفذ كبير) قد لزم على صل (اي حية رفيعة) وهو يتلوى والشيهم يقضمه حتى اكله فتفألت ذلك شيئا هما، وقلت تلوي الصل انفلات الناس عن الحق إلى القائم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ثم تأولت قضم الشيهم قضمه الامر وضمه اليه فحثثت راحلتي حتى قدمت المدينة ولاهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج اذا اهلوا بالاحرام فقلت مه فقيل قبض رسول الله صلى الله عليه وآله فجئت إلى المسجد فوجدته خاليا واتيت بيت رسول الله فاصبت بابه مرتجا وقيل هو

٧٥

مسجى وقد خلا به اهله فقلت اين الناس؟ فقيل هم في سقيفة بني ساعدة صاروا إلى الانصار، فجئت إلى السقيفة فاصبت ابا بكر وعمر والمغيرة بن شعبة وابا عبيدة الجراح وجماعة من قريش ورأيت الانصار فيهم سعد بن دلهم ومعه شعراؤهم امامهم حسان بن ثابت فآويت إلى قريش، وتكلمت الانصار فاطالوا ولم يأتوا بالصواب، ثم بايع الناس ابا بكر في كلام طويل قال ثم انصرف ابوذويب إلى باديته ومات في ايام عثمان بن عفان انتهى.

قالوا: اشعر الاحياء هذيل، واشعر هذيل ابوذويب. وتقدم جميع الشعراء بقصيدته العينية التي قالها وقد هلك له خمسة بنين في عام واحد بالطاعون وكانوا فيمن هاجر إلى مصر فرثاهم بها منها قوله:

أمن المنون وريبة تتوجع

والدهر ليس بمعتب من يجزع

اودى بني فأعقبوني حسرة

عند الرقاد وعبرة لا تقلع

فالعين بعدهم كأن حداقها

كحلت بشوك فهي عور تدمع

سبقوا هواي واعتفوا لهواهم

فتحزموا ولكل جنب مصرعوا

ولقد حرمت بأبن ادافع عنهم

فاذا المنية اقبلت لا تدفع

وإذا المنية انشبت اظفارها

الفيت كل تميمة لا تنفع

وتجلدي للشامتين اريهم

اني لريب الدهر لا اتضعضع

حتى كأنى للحوادث مروة

بصفا المشرق كل يوم تقرع

والدهر لا يبقى على حدثانه

جون السحاب له حدائد اربع

وهي طويلة.

حكي المنصور لما مات ابنه جعفر الاكبر مشى في جنازته إلى مقابر قريش حتى دفنه ثم رجع إلى قصره وقال للربيع انظر من في اهلي ينشدنى قصيدة ابي ذويب العينية حتى اتسلى عن مصيبتي، فخرج الربيع إلى بنى هاشم وهم بأجمعهم حضور فلم يجد فيهم احدا يحفظها فرجع فاخبره، فقال ان مصيبتي في اهل بيتي لا يكون فيهم احد يحفظ هذه القصيدة لقلة رغبتهم في الادب اعظم

٧٦

واشد علي من مصيبتي بابنى، ثم قال انظر هل في القواد والعوام من يعرفها، فاني احب ان اسمعها من انسان ينشدها، فخرج الربيع فوجد شيخا مؤدبا كان يحفظها فاوصله إلى المنصور فانشده إياها فلما قال (والدهر ليس بمعتب من يجزع) قال صدق والله، فانشدني هذا البيت مائة مرة لتردد هذا المصراع علي، فانشده ثم مر فيها فلما انتهى إلى قوله (والدهر لا يبقى.. الخ) قال سلى ابوذويب عند هذا القول ثم امر الشيخ بالانصراف.

(اقول) اعلم اني نقلت في كتاب سفينة البحار كلمات عن اهل بيت النبوة عليهم السلام في التعزية فمنها قول الرضاعليه‌السلام للحسن بن سهل وقد عزاه بموت ولده: التهنية بأجل الثواب اولى من التعزية على عاجل المصيبة.

وعن الصادقعليه‌السلام انه عزى رجلا بابن له فقال له: الله خير لابنك منك وثواب الله خير لك منه.

ونقل ابن خلكان ان الفضل بن سهل اصيب بابن له يقال له العباس، فجزع عليه جزعا شديدا فدخل عليه ابراهيم بن موسى بن جعفر العلوي يعنى اخا ابى الحسن الرضا عليه السلام وانشده:

خير من العباس اجرك بعده

والله خير منك للعباس

(قلت) هذا كلام جده الصادقعليه‌السلام كما عرفت. وتقدم في ابوالحسن التهامي ما يناسب ذلك، ويأتي في ابن الزبير ايضا ما يناسبه، قيل توفي ابوذويب في ايام عثمان في غزوة الروم بمصر سنة ٢٧.

(أبورافع)

القبطي مولى النبي صلى الله عليه وآله اختلف في اسمه والمشهور انه ابراهيم وقيل اسلم، كان مولى العباس عم النبي فوهبه للنبي، واعتقه النبي لما بشر باسلام العباس وروي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ان لكل نبي امينا وان اميني ابورافع.

٧٧

وشهد مع النبي صلى الله عليه وآله مشاهده، ولم يشهد بدرا لانه كان مقيما بمكة فيما ذكروا، ولزم امير المؤمنين بعده. وكان من خيار الشيعة وشهد معه حروبه، وكان صاحب بيت ماله بالكوفة، وكان ابناه عبيد الله وعلى كاتبي امير المؤمنينعليه‌السلام وله كتاب السنن والاحكام والقضايا هو اول من جمع الحديث ورتبه بالابواب.

قال العلامة انه ثقة اعمل على روايته.

(أبوالرضا ضياء الدين الراوندى)

انظر ضياء الدين.

(أبوالريحان البيرونى)

محمد بن احمد الخوارزمي الحكيم الرياضي الطبيب المنجم المعروف كان فيلسوفا عالما بالفلسفة اليونانيه وفروعها وفلسفة الهنود، وبرع في علم الرياضيات والفلك، بل قيل انه اشهر علماء النجوم والرياضيات من المسلمين، كان معاصرا لابن سينا وبينهما مراسلات وابحاث، كان اصله من بيرون بلد في السند، وسافر إلى بلاد الهند اربعين سنة اطلع فيها على علوم الهنود، واقام مدة في خوارزم، واكثر اشتغاله في النجوم والرياضيات والتأريخ، وخلف مؤلفات نفيسة منها: الآثار الباقية عن القرون الخالية، الفه لشمس المعالي قابوس.

حكي انه كان مكبا على تحصيل العلوم متفننا على التصنيف لا يكاد يفارق يده القلم، وعينه النظر، وقلبه الفكر، وكان مشتغلا في تمام ايام السنة إلا يوم النيروز ويوم المهرجان.

حكي انه دخل عليه بعض اصحابه وهو يجود بنفسه فقال له في تلك الحال كيف قلت لي يوما حساب الجدات الثمانية فقال أفي هذه الحال؟ قال يا هذا اودع الدنيا وانا عالم بها، أليس خيرا من ان اخليها وانا جاهل بها قال فذكرتها له وخرجت فسمعت الصراخ عليه وانا في الطريق توفي حدود سنة ٤٣٠.

حكى (ضا) عن الشيخ صلاح الدين الصفدي انه قال: كان أبوالريحان البيرونى حسن المعاشرة لطيف المحاضرة خليعا في الفاظه عفيفا في افعاله لم يأت الزمان بمثله علما وفهما.

٧٨

واورد له الياقوت في معجم الادباء قوله لشاعر اجتداه:

يا شاعرا جاء‌نى يجزي على الادب

وافى ليمدحنى والذم من ادبي

وجدته ضارطا في لحيتي سفها

كلا فلحيته عثنونها ذنبي

وذاكرا في قوافي شعره حسبي

ولست والله حقا عارفا نسبي

إذ لست اعرف جدي حق معرفة

وكيف اعرف جدي إذ جهلت ابي

ابى ابولهب شيخ بلا ادب

نعم ووالدتى حمالة الحطب

المدح والذم عندي يا ابا حسن

سيان مثل استواء الجد واللعب

(اقول) الريحان نبت طيب الرائحة أو كل نبت كذلك كما في القاموس.

وروي عن الصادقعليه‌السلام قال: من تناول ريحانة فشمها ووضعها على عينيه ثم قال اللهم صل على محمد وآل محمد لم تقع على الارض حتى يغفر له.

وفي كتاب حلية الابرار للسيد البحرانى عن ابي هاشم الجعفري قال: دخلت على ابي الحسن صاحب العسكرعليه‌السلام فجاء صبي من صبيانه فناوله وردة فقبلها ووضعها على عينيه ثم ناولنيها، ثم قال يا ابا هاشم من تناول وردة أو ريحانة ووضعها على عينيه ثم صلى على محمد والائمة صلى الله عليهم كتب الله تعالى له من الحسنات مثل رمل عالج ومحى عنه من السيئات مثل ذلك انتهى. العالج موضع به رمل.

وفي عجائب المخلوقات للقزويني ان الريحان الفارسي لم يكن قبل كسرى انو شيروان وانما وجد في زمانه، وسببه ان كان ذات يوم جالسا للمظالم إذ اقبلت حية عظيمة تنساب تحت سريره فهموا بقتلها فقال كسرى كفوا عنها فانى اظها مظلومة فمرت تنساب فاتبعها كسرى بعض اساورته فلم تزل حتى نزلت على فوهة بئر فنزلت فيها ثم اقبلت تتطلع فنظر الرجل فاذا في قعر البئر حية مقتولة وعلى متنها عقرب اسود فادلى رمحه إلى العقرب ونخسها به واتى الملك فاخبره بحال الحية فلما كان في العام القابل اتت تلك الحية في اليوم الذي كان كسرى جالسا فيه للمظالم وجعلت تنساب حتى وقفت بين يديه فأخرجت من فيها

٧٩

بزرا اسود فأمر الملك ان يزرع فنبت منه الريحان وكان الملك كثير الزكام واوجاع الدماغ فاستعمل منه فنفعه جدا.

(أبوزكريا التبريزى)

انظر الخطيب التبريزى.

(أبوالزناد)

عبدالله بن ذكوان، عالم اهل المدينة بالحساب والفرائض والنحو والشعر والحديث والفقه. وذكوان هو اخو ابولؤلؤة.

ففي الرياض عن الذهبي قال في رجاله: عبدالله بن ذكوان ابوعبدالرحمن هو الامام ابوالزناد المدنى مولى بني امية، وذكوان هو اخو ابولؤلؤة قاتل عمر ثقة ثبت، روى عنه مالك والليث والسفيانى.

مات فجأة في شهر رمضان سنة ١٣١ انتهى.

قال ابن الاثير في الكامل: في سنة ١٠٦ وحج بالناس هذه السنة هشام بن عبدالملك وكتب له ابوالزناد سنن الحج قال ابوالزناد لقيت هشاما فانى لفي الموكب إذ لقيه سعيد بن عبدالله بن الوليد بن عثمان بن عفان فسار إلى جنبه فسمعته يقول يا امير المؤمنين ان الله لم يزل ينعم على اهل بيت امير المؤمنين وينصر خليفته المظلوم ولم يزالوا يلعنون في هذه المواطن ابا تراب فانه مواطن صالحة وامير المؤمنين ينبغي ان يلعنه فيها، فشق على هشام قوله وقال لا قدمنا لشتم احد ولا للعنه، قدما حجاجا، ثم قطع كلامه واقبل علي فسألني عن الحج فاخبرته بما كتبت له قال وشق على سعيد ان سمعته يتكلم بذلك، وكان منكسرا كلما رأني انتهى.

قال ابن قتيبة في المعارف: كان عمر بن عبدالعزيز ولاه خراج العراق مع عبدالحميد بن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب.

ومات ابوالزناد فجأة في مغتسله في شهر رمضان سنة ١٣٠، وابنه عبدالرحمن بن ابى الزناد يكنى ابا محمد ولي خراج المدينة، وقدم بغداد ومات بها سنة ١٧٤ واخوه ابوالقاسم بن ابى الزناد وقد روي عنه.

٨٠