الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة0%

الفقه على المذاهب الخمسة مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 650

الفقه على المذاهب الخمسة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد جواد مغنية
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 650
المشاهدات: 225481
تحميل: 30670

توضيحات:

الفقه على المذاهب الخمسة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 650 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225481 / تحميل: 30670
الحجم الحجم الحجم
الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

تُحبس، وتُضرب أوقات الصلاة حتى تتوب أو تموت، ولا تُقسّم تركتها إلاّ بعد الموت. (وسيلة النجاة للسيد أبو الحسن، وسفينة النجاة للشيخ أحمد كاشف الغطاء باب الإرث).

ميراث أهل الملل:

قال المالكية والحنابلة: لا يرث أهل الملل بعضهم من بعض، فلا يرث اليهودي من النصراني، ولا النصراني من اليهودي، وكذا مَن عداهما من أهل الأديان المختلفة.

وقال الإمامية والحنفية والشافعية: بل يرث بعضهم من بعض؛ لأنّهم ملّة واحدة، كلهم غير مسلمين. ولكنّ الإمامية اشترطوا في إرث غير المسلم من مثله عدم وجود الوارث المسلم، فإن وجِد وإن كان بعيداً يحجب غير المسلم وإن كان قريباً، وهذا الشرط غير معتبر عند الأربعة؛ لأنّ المسلم عندهم لا يرث غير المسلم، كما قدّمنا. (غاية المنتهى ج٢، وميزان الشعراني، والجواهر والمسالك).

الغلاة:

اتفق المسلمون كلمة واحدة على أنّ الغلاة مشركون ليسوا من الإسلام والمسلمين في شيء، ولكنّ الإمامية بوجه خاص تشددوا في أمر الغلاة إلى أقصى الحدود؛ لأنّ الكثير من أخوانهم السنّة قد حملوهم أوزار الغلاة ظلماً وعدواناً، فقد صرح علماء الإمامية في كتب العقائد والفقه بكفر الغلاة، من ذلك ما جاء في كتاب (شرح عقائد الصدوق) للشيخ المفيد ص٦٣ طبعة ١٣٧١ﻫ، قال: (الغلاة المتظاهرون بالإسلام هم الذين نسبوا علياً أمير المؤمنين والأئمة من ذرّيته إلى الإلوهية والنبوة،

٥٠١

ووضعوهم من الفضل في الدين والدنيا إلى ما تجاوزوا فيه الحد، وخرجوا عن القصد، وهم ضلاّل كفّار حكم فيهم أمير المؤمنين بالقتل والتحريق بالنار، وقضت عليهم الأئمة بالإكفار والخروج عن الإسلام).

وذكروهم في كتب الفقه في باب الطهارة، حيث حكموا بنجاستهم، وذكروهم أيضاً في باب الزواج، حيث قالوا بعدم جواز تزويجهم والزواج منهم، مع أنّهم أجازوا الزواج بالكتابيات، وذكروهم في باب الجهاد، حيث جعلوهم من المشركين - في حالة الحرب - كيف اتفق، كإلقاء النار عليهم وقذفهم بها، وذكروهم في باب الإرث، حيث منعوهم من ميراث المسلمين(١) .

منكِر الضرورة:

اتفقوا على كفر مَن أنكر شيئاً ثابتاً ومعلوماً من الدين بالضرورة - فقال للحرام: هذا حلال، وللحلال: هذا حرام - ودان بذلك فعندها يخرج من الإسلام ويدخل في الكفر، ومن هذا الباب مَن كفّر مسلماً.

ومن الخير أن نشير هنا إلى أمرين ذكرهما بنحو التفصيل الشيخ المتبحر شيخ علماء الإمامية أغا رضا الهمداني في الجزء الأوّل من (مصباح الفقيه).

____________________

(١) والذي أعتقده أنّه لا وجود اليوم لمن يؤلّه علياً وأولاده، وأنّ هذه الطائفة قد بادت، وأنّي زرت بنفسي بلاد العلويين في سورية الذين اتُّهِموا بهذا الافتراء، ومكثت بينهم أياماً، وتنقلت في بلادهم من قرية إلى أخرى، فرأيتهم يقيمون شعائر الإسلام كأيّ بلد مسلم دون أدنى تفاوت، ومإذا نقول لمن يُعلن على المآذن في أوقات الصلاة: (لا إله إلاّ الله، محمد رسول لله)؟ أليس نفي الإلوهية عمّن عدا الله سبحانه يتنافى مع القول بإلوهية غيره؟! فكيف إذن تصحّ نسبة الغلوّ إليهم؟! وقال الله سبحانه:( وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً ) (٩٣ النساء).

٥٠٢

الأمر الأوّل: لو أنّ إنساناً أظهر الإسلام ونطق بالشهادتين ولم نعلم هل أظهر ذلك رياءً بدون إيمان واعتقاد، أو نطق بهما مؤمناً؟ لو كان الأمر كذلك يُحكم بإسلامه من غير خلاف، أمّا إذا علمنا بكذبه وأنّه لا يؤمن بالله ولا بالرسول، وإنّما أظهر الإسلام رياءً ونفاقاً لمأرب خاص، فهل نرتّب عليه آثار الإسلام؟

ويتلخص قول الشيخ بأنّ لهذا المنافق واقعاً وظاهراً، فواقعه غير مسلم وظاهره الإسلام، وعلينا أن نترك أمر الواقع لله سبحانه، وليس من شكّ أنّه يعامله معاملة غير المسلم؛ لأنّ المفروض أنّه كذلك واقعاً، أمّا نحن معاشر المسلمين فنأخذ بالظاهر فنخالطه مخالطة المسلمين من المناكحة والتوارث؛ لأنّنا مأمورون بذلك، فقد جاء في الحديث: (مَن قال لا إله إلاّ الله حُقِن دمه وماله) أي يجري عليه حكم الإسلام، سواء علمنا بصدقه أو بكذبه أو شككنا، ويشهد بذلك معاملة الرسول مع المنافقين كمعاملته مع سائر المسلمين، مع أنّه على علم بنفاقهم.

الأمر الثاني: إنّ السر لإجماع المسلمين على كفر مَن أنكر حكماً ضرورياً هو أنّ هذا الإنكار يستدعي إنكار رسالة الرسول بالذات، ويتفرع عن ذلك أنّ المنكِر إذا تنبّه إلى أنّ إنكاره مستلزم لإنكار نبوة محمد ورسالته يكون غير مسلم بلا شك، وأمّا إذا لم يتنبّه إلى ذلك وكان غافلاً عنه بالمرة، أو كان معتقداً أنّ إنكاره لا يستدعي إنكار النبوة فهل يكون غير مسلم؟

ويتلخص جواب الشيخ بأنّ لهذا الغافل حالات، فتارة تنشأ غفلته عن انهماكه في المعاصي وعدم مبالاته بالحرام، كمن داوم على الزنا من يومه الأوّل واستمر إلى الكهولة، وتولّد عن هذا الاستمرار الاعتقاد بحلّه وعدم حرمته، وهذا كافر قطعاً.

وتارة تنشأ غفلته عن تقليد مَن لا يجوز تقليده والأخذ بقوله، وهذا

٥٠٣

غير مسلم أيضاً، حتى ولو اعتقد أنّ إنكاره لا يستدعي إنكار الرسالة(١) .

وثالثاً لا يكون سبب الغفلة أحد هذين، بل كان ذهوله ناشئاً عن عدم الانتباه لمقام الرسالة، بحيث إذا تنبّه إليها رجع عن إنكاره، وهذا مسلم بلا ريب؛ لأنّه أشبه بمن أنكر على الرسول أمراً وهو يجهله، ولما عرف أنّه الرسول رجع وأناب.

وهناك حالات أخرى ذكرها صاحب مصباح الفقيه تركناها لضيق المقام، ومَن أحبّ التفصيل فليرجع إلى المجلد الأوّل من الكتاب المذكور.

القتل:

اتفقوا على أنّ القتل عمداً بغير حق يمنع من الإرث؛ لحديث: (لا ميراث للقاتل)، ولأنّه تعجّل الميراث فعومل بخلاف قصده، واختلفوا فيما عدا ذلك:

قال الإمامية: مَن قتل قريبه قصاصاً أو دفاعاً عن نفسه، أو بأمر الحاكم العادل، وما إلى ذاك من المسوغات الشرعية، فالقتل - والحال هذه - لا يمنع من الإرث، وكذلك القتل خطأ غير مانع(٢) .

وقال صاحب الجواهر: (عمد الصبي والمجنون بحكم الخطأ، كما أنّ الخطأ يشمل شبه العمد)، ومثال شبه العمد أن يضرب أبٌ ولدَه بقصد التأديب فيموت بسبب الضرب. وقال السيد أبو الحسن الأصفهاني في الوسيلة: (بعض التسبيبات التي قد يترتب عليها التلف: كحفر البئر في الطريق إذا وقع القريب فيها يرث الحافر من قريبه وإن وجب عليه الضمان ودفع الدية)؛ وعلى هذا فلا مانعة جمع بين دفع الدية واستحقاق الإرث.

____________________

(١) هذا إذا كان قادراً على تحصيل الواقع وأهمل، أمّا العاجز فمعذور.

(٢) نقل صاحب الجواهر عن كثير من فقهاء الإمامية منع القاتل خطأ من الدية خاصة دون باقي التركة.

٥٠٤

وذهب كل واحد من الأئمة الأربعة في ذلك إلى رأي: فرأي الإمام مالك يتفق مع الإمامية. ورأي الإمام الشافعي: إنّ قتل الخطأ يمنع من الإرث كقتل العمد، وكذا إذا كان القاتل مجنوناً أو صبياً. ورأي الإمام أحمد: إنّ القتل المانع من الإرث هو القتل الذي يوجب عقوبة ولو مالية، فيخرج القتل بحق، فمن قتل قصاصاً أو دفعاً عن النفس أو قتل العادلُ الباغيَ في الحرب فإنّه يرثه. ورأي الإمام أبي حنيفة: إنّ القتل المانع من الإرث هو الذي يوجب قصاصاً أو دية أو كفارة، ويدخل في ذلك قتل الخطأ، ولا يدخل القتل بالتسبيب، ولا قتل المجنون والصغير. (المغني ج٦، وأبو زهرة في ميراث الجعفرية).

٥٠٥

توزيع التركة

أشرنا فيما سبق إلى أنّ الإرث يكون بالزواج وبالقرابة، ولا خلاف في أنّ الزوجين يشاركان جميع الورثة، وأنّ للزوج الربع مع الولد والنصف عند فقده، وأنّ للزوجة الثمن معه والربع عند عدمه، وإنّما الخلاف في ولد البنت: هل هو في حكم الولد للصلب، ويحجب أحد الزوجين عن نصيبه الأعلى إلى نصيبه الأدنى، أو أنّ وجود ولد البنت وعدمه سواء؟ وياتي التفصيل في ميراث الزوجين.

وأيضاً لا خلاف في أنّه يبدأ أوّل ما يبدأ في توزيع التركة بأصحاب الفروض المقدّرة في كتاب الله، وأنّ الفروض ستة لا غير، وإنّما الخلاف في عدد أصحابها المستحقين لها، وفيمن يستحق الفاضل عن الفروض.

وأيضاً اختلفوا في إرث أولاد البنت والعمات والأعمام لأُم والأخوال والخالات والجد لأُم، وأشرنا فيما سبق أنّ هؤلاء من ذوي الأرحام عند الأربعة، وحكمهم يختلف عن حكم أصحاب الفروض والعصبات.

٥٠٦

الفروض وأصحابها:

الفرض: هو السهم المقدّر في كتاب الله، والسهام المقدّرة فيه ستة بالاتفاق: النصف، والربع، والثُمن، والثلثان، والسدس، وبعضهم اختصر التعبير، وقال: الثلث والربع، وضعف كل ونصفه.

والنصف (للبنت الواحدة) إذا لم يكن معها ابن، وبنت الابن كالبنت الصلبية عند الأربعة، وكأبيها عند الإمامية. ويُعطى النصف أيضاً (للأخت الواحدة) لأبوين أو لأب إذا لم يكن معها أخ كذلك، و(للزوج) إذا لم يكن للزوجة ولد.

والربع (للزوج) إذا كان للزوجة ولد، و(للزوجة) إذا لم يكن للزوج ولد.

والثُمن (للزوجة) إذا كان للزوج ولد.

والثلثان (للبنتين) فأكثر مع عدم وجود أولاد ذكور، و(للأختين) فأكثر لأبوين أو لأب مع وجود الأخ كذلك.

والثلث (للأُم) مع عدم وجود الولد الذكر للميت، ولا أخوة يحجبونها عمّا زاد عن السدس بالتفصيل الآتي، و(للاثنين) فصاعداً من الإخوة والأخوات من الأُم.

والسدس (للأب) مع الولد، و(للأُم) كذلك أو مع وجود الإخوة للميت، و(للأخ أو الأخت) للأُم مع عدم التعدد. وتوريث السدس لهؤلاء الثلاثة بالفرض محل وفاق، وزاد الأربعة توريث السدس بالفرض (لبنت ابن) فأكثر مع بنت صُلبية، فإذا كان للميت بنت وبنت ابن أخذت الأُولى النصف، والثانية السدس، فإذا كان له بنتان فأكثر وبنت ابن تُحرَم بنت الابن من الميراث إلاّ أن يكون مع بنت الابن غلام بحذائها، كما لو كان أخاها أو أسفل منها، كما لو كان ابن أخيها، أي ابن ابن ابن الميت. وأيضاً يُعطى السدس (للجد)

٥٠٧

لأب مع عدم وجود الأب، و(للجدة) تماماً كالأُم، وإنّما ترث الجدة ذلك إذا كانت أُم الأُم أو أُم الأب أو أُم أب الأب، فإذا كانت أُم أب الأُم فإنّها لا ترث، وإذا اجتمع جدتان متحاذيتان كأُم الأُم وأُم الأب فالسدس بينهما على السوية(١) .

ثمّ إنّ الفروض يجتمع بعضها مع بعض، فالنصف يجتمع مع مثله كزوج وأخت، لكل منهما النصف، ويجتمع مع الربع كزوج وبنت، لها النصف وله الربع، ويجتمع مع الثمن كزوجة وبنت، للأُولى الثمن وللثانية النصف، ومع الثلث كزوج وأُم مع عدم الحاجب، له النصف ولها الثلث، ويجتمع مع السدس كزوج وواحد من كلالة الأُم، للزوج النصف وللكلالة السدس.

ويجتمع الربع مع الثلثين كزوج وبنتين، له الربع ولهما الثلثان، ويجتمع مع الثلث كزوجة ومتعدد من كلالة الأُم، للزوجة الربع وللكلالة المتعددة الثلث، ويجتمع أيضاً مع السدس كزوجة ومتحد من كلالة الأُم، للزوجة الربع وللكلالة السدس.

والثُمن يجتمع مع الثلثين كزوجة وبنتين، للزوجة الثُمن وللبنتين الثلثان، ويجتمع مع السدس كزوجة وأحد الأبوين مع الولد.

والثلثان يجتمعان مع الثلث كأختين فصاعداً لأب مع الإخوة لأُم، ويجتمعان مع السدس كبنتين وأحد الأبوين.

ويجتمع السدس مع السدس كالأبوين مع الولد، ولا يجتمع ربع وثُمن، ولا ثُمن وثلث، ولا ثلث وسدس.

____________________

(١) الميراث في الشريعة الإسلامية لعبد المتعال الصعيدي ص١٤ الطبعة الخامسة.

٥٠٨

العُصبات:

العصبات النسبية(١) ثلاثة أنواع: عُصبة بنفسها، وعُصبة بغيرها، وعُصبة مع غيرها.

أمّا العصبة بالنفس فكل ذَكَر لا يدخل في نسبته إلى الميت أنثى، ومعنى العصوبة بالنفس: إنّها لا تفتقر إلى الغير، وإنّ صاحبها عاصب في جميع الصور والحالات. أمّا العصوبة بالغير ومع الغير فيكون صاحبها عاصباً في حالة دون أخرى، كما يتبين فيما يأتي. والعصوبة بالنفس أقرب العصبات، ويرث أهلها على الترتيب التالي:

الابن.

ثمّ ابن الابن وإن نزل فإنّه يقوم مقام أبيه.

ثمّ الأب.

ثمّ الجد لأب وإن علا.

ثمّ الأخ لأبوين.

ثمّ الأخ لأب.

ثمّ ابن الأخ لأبوين.

ثمّ ابن الأخ لأب.

ثمّ العم لأبوين.

ثمّ العم لأب.

ثمّ ابن العم لأبوين.

ثمّ ابن العم لأب.

وإذا اجتمع بعض هؤلاء مع بعض قُدّم الابن على الأب، بمعنى أنّ الأب يأخذ فرضه وهو السدس، وما بقي يأخذه الابن بالعصبة

____________________

(١) العصبية قسمان: نسبية وسببية، وهي ولاء المعتق وأبنائه.

٥٠٩

عند الأربعة، وكذلك يُقدّم ابن الابن على الأب، ويُقدّم الأب على الجد لأب، وقد اختلف في هذا الجد: هل يُقدّم على الإخوة في الميراث أو أنّهم يرثون معه، ويكونون جميعاً في درجة واحدة؟ قال أبو حنيفة: الجد يُقدّم على الإخوة، ولا يرثون معه شيئاً. وقال الإمامية والشافعية والمالكية: يرثون معه؛ لأنّهم في درجته.

ويُقدّم - في العصبات - ذو القرابتين على ذي القرابة الواحدة، فالأخ لأبوين مقدّم على الأخ لأب، وابن الأخ لأبوين أولى من ابن الأخ لأب، وكذا الشأن في الأعمام، ويُعتبر في أصنافهم قرب الدرجة، وتقديم الأقرب فالأقرب، فعم الميت أولى من عم أبيه، وعم أبيه أولى من عم جده.

أمّا العصبة بالغير فأربع من الإناث:

١ - البنت أو البنات.

٢ - بنت ابن أو بنات ابن.

٣ - أخت أو أخوات لأبوين.

٤ - أخت أو أخوات لأب. ومعلوم أنّ جميع هؤلاء يرثن بالفرض إذا لم يكن معهن أخ(١) .

للواحدة النصف ومع التعدد الثلثان، وإذا كان معهن أخ يرثن بالعصبة - عند غير الإمامية - ولكن لا بأنفسهن، بل بأخيهن، ويقتسمن معه للذكر مثل حظ الأنثيين.

أمّا العصبة مع الغير: فالأخت أو الأخوات لأبوين أو لأب مع البنت أو بنت الابن، فالأخت والأخوات يرثن بالفرض إذا لم يكن معهنّ

____________________

(١) البنت والبنات يرثن بالفرض وبالرد عند الإمامية، وكذلك الأخت والأخوات، أمّا بنت الابن أو بنات الابن فإنّهم يأخذن نصيب مَن يتقربن به، وهو الابن.

٥١٠

بنت أو بنت ابن، ويرثن بالعصبة مع البنت أو بنت الابن، فتأخذ البنت أو بنت الابن فرضها، وما بقي تأخذه الأخت أو الأخوات الشقيقات أو لأب، فقد صرن عصبة مع البنت.

وبهذا يتبين أنّ الأخت لأبوين أو لأب لها ثلاث حالات: ترث بالفرض إذا لم يكن معها أخ ولم يكن للميت بنت، وترث بالعصبة بالغير إذا كان معها أخ، وترث بالعصبة مع الغير إذا كان للميت بنت، وكذلك الأخوات، وتبيّن أيضاً أنّ الأعمام لأبوين أو لأب لا يشتركون في الميراث مع البنت إلاّ عند فقد الإخوة والأخوات لأبوين أو لأب.

واتفق الأربعة على أنّ العاصب إذا انفرد عن ذي فرض يأخذ المال بكامله، وإذا اجتمع معه يأخذ ما فضل عن فرضه، وإذا لم يكن عصبة يُعطى الفاضل لبيت المال عند الشافعية والمالكية، ويرد على أصحاب الفروض عند الحنفية والحنابلة، ولا تُعطى التركة لبيت المال إذا لم يكن ذو فرض ولا عصبة ولا ذو رحم.

وأنكر الإمامية الميراث بالعصبة، وحصروه بصاحب الفرض والقرابة دون فرق بين قرابة النساء والرجال، فكما يختص الابن المنفرد بالميراث كذلك تختص به البنت المنفردة والأخت المنفردة، وجعلوا الوارثين ذكوراً وإناثاً على مراتب ثلاث:

الأُولى: الأبوان والأولاد وإن نزلوا.

الثانية: الإخوة والأخوات وإن نزلوا، والأجداد والجدّات وإن علوا من جميع الجهات.

الثالثة: الأعمام والعمات والأخوال والخالات من أيّة جهة وأولادهم(١) .

____________________

(١) وهذه المراتب الثلاث للوارثين طبيعية، إذ لا واسطة بين الميت وبين أبويه وأولاده فيأتون بالمرتبة الأُولى، ويأتي بعدهم مباشرة الإخوة والأجداد، حيث يتصلون بالميت بواسطة واحدة وهي الأب والأُم، فيكونون في المرتبة الثانية، ويتلوها مرتبة الأعمام والأخوال؛ لأنّهم يتصلون بالميت بواسطتين: الجد أو الجدة، والأب أو الأُم، فتكون مرتبتهم في الثالثة.

٥١١

ومتى وجِد واحد أو واحدة من المرتبة المتقدمة حجب عن الأرث كل مَن كان في المرتبة المتأخرة، وعند سائر المذاهب تتداخل هذه المراتب، ويشترك بعضها مع بعض، وقد تجتمع الثلاث في بعض الحالات، كأُم وأُخت لأُم وعم لأبوين، فللأُم الثلث، وللأخت السدس، وللعم الباقي.

٥١٢

التعصيب

الفروض الستة المقدّرة في كتاب الله تارة تتساوى مع مجموع التركة، كبنتين وأبوين، وحينئذ لا عول ولا تعصيب، حيث تأخذ البنتان الثلثين، والأبوان الثلث.

وأخرى تنقص الفروض عن التركة، كبنت واحدة، فإنّ فرضها النصف، أو بنتين فإنّ فرضهما الثلثان، وهذا هو التعصيب.

وحين تزيد الفروض على مجموع التركة، كزوج وأبوين وبنت، فإنّ فرض الزوج الربع، والبنت النصف، والأبوين الثلث، والتركة لا تتحمل ربعاً ونصفاً وثلثاً، وهذا هو العول، ويأتي الكلام عنه في الفصل التالي.

التعصب:

عرّفوا التعصب هنا بأنّه توريث العصبة مع ذي فرض قريب، كما إذا كان للميت بنت أو أكثر، وليس له ولد ذكر، أو لم يكن له أولاد أصلاً لا ذكور ولا إناث، وله أخت أو أخوات، وليس له

٥١٣

أخ، وله عم، فإنّ مذاهب السنّة تجعل أخ الميت شريكاً مع البنت أو البنات، فيأخذ مع البنت النصف، ومع البنتين فأكثر الثلث، كما تجعل العم أيضاً شريكاً مع الأخت او الأخوات كذلك.

وقال الإمامية: إنّ التعصيب باطل، وإنّ ما بقي من الفرض يجب رده على صاحب الفرض القريب، فالتركة عندهم بكاملها للبنت أو للبنات، وليس لأخ الميت شيء، وإذا لم يكن له أولاد ذكور ولا إناث وكان له أخت أو أخوات، فالمال كله للأخت أو الأخوات، ولا شيء للعم؛ لأنّ الأخت أقرب منه، والأقرب يحجب الأبعد.

ومرجع الخلاف بين السنّة والإمامية في ذلك إلى حديث طاووس، فلقد اعترف به السنّة وأنكره الإمامية، وهو(ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأُولي عصبة ذكر) ، وروي بلسان آخر:(فما بقي فهو لرجل ذكر) ، فالبنت صاحبة فرض وهو النصف، وأقرب رجل إلى الميت بعدها أخوه فيُعطى النصف الباقي. وكذا إذا لم يكن له ولد أبداً وله أخت، وليس له أخ، تأخذ الأخت النصف بالفرض، والنصف الآخر يأخذه عم الميت؛ لأنّه أقرب رجل إليه بعد أخته.

والإمامية لا يثقون بحديث طاووس، وينكرون نسبته إلى النبي (ص)؛ لأنّ طاووس ضعيف عندهم، ولو وثقوا به لقالوا بمقالة أهل السنّة، كما أنّ أهل السنّة لولا ثقتهم بهذا الحديث لقالوا بمقالة الإمامية، وبعد أن أبطل الإمامية نسبة الحديث إلى النبي استدلوا على بطلان التعصيب بالآية ٦ من سورة النساء:( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً ) .

فقد دلت هذه الآية على المساواة بين الذكور والإناث في استحقاق الإرث؛ لأنّها حكمت بالنصيب للنساء كما حكمت به للرجال، مع أنّ القائلين بالتعصيب قد فرقوا بين النساء والرجال، وقالوا بتوريث الرجال

٥١٤

دون النساء فيما إذا كان للميت بنت وابن أخ، فإنّهم يعطون النصف للبنت والنصف الآخر لابن الأخ، ولا شيء لأخته، مع أنّها في درجته ومساوية له. وكذا لو كان له أخت وعم وعمة، فإنّهم يوزّعون التركة بين البنت والعم دون العمة. فالقرآن يورّث النساء والرجال، وهم يورّثون الرجال ويهملون النساء، وبهذا يتبين أنّ القول بالتعصيب باطل؛ لأنّه مستلزم للباطل(١) .

وقيل إنّ توريث التركة بكاملها للبنت أو البنات يتنافى مع الآية ١٠ من سورة النساء:( فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَِلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ) ، وكذلك توريث التركة للأخت وحدها مخالف لنص الآية ١٧٥ من النساء:

( إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ ) .

حكم القرآن بالنصف للبنت وبالثلثين للبنتين فأكثر، وحكم أيضاً بالنصف للأخت وبالثلثين للأختين، وخالف الإمامية هذا الحكم صراحة.

وأجاب الإمامية عن الآية الأُولى:

١ - إنّ القرآن فرض الثلثين للبنتين فأكثر، وفرض النصف للبنت المنفردة، ولا بدّ من وجود شخص ما يُردّ عليه الباقي من الفرض، والقرآن لم يعيّن هذا الشخص بالذات، وإلاّ لم يقع الخلاف، والسنّة أيضاً لم تتعرض له من قريب أو بعيد؛ لأنّ حديث(ألحقوا الفرائض) غير صحيح كما قدّمنا، فلم يبقَ ما يدلّ على تعيين من يُردّ عليه الباقي إلاّ الآية ٥ من سورة الأحزاب:( وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ

____________________

(١) تعرض الشيخ أبو زهرة في كتاب (الميراث عند الجعفرية) لأدلة الإمامية على نفي التعصيب، ولم يشر إلى دليلهم هذا من قريب أو بعيد.

٥١٥

فِي كِتَابِ اللَّهِ ) ، حيث دلّت على أنّ الأقرب أولى ممّن هو دونه في القرابة، وليس من شكّ أنّ البنت أقرب إلى الميت من أخيه؛ لأنّها تتقرب به بلا واسطة، والأخ يتقرب إليه بواسطة الأب أو الأُم أو هما معاً، فيتعين - والحال هذه - الرد على البنت والبنتين دون الأخ.

٢ - قال الحنفية والحنابلة: إذا ترك الميت بنتاً أو بناتاً، ولم يوجد واحد من أصحاب الفروض والعصبات(١) فالمال كله للبنت، النصف بالفرض والباقي بالرد. وكذلك للبنتين الثلثان فرضاً والباقي رداً. وإذا كانت الآية لا تدلّ على نفي الرد على أصحاب الفروض في هذه الحالة فكذلك لا تدلّ على النفي في غيرها؛ لأنّ الدلالة الواحدة لا تتجزأ.

وقال الحنفية والحنابلة أيضاً: إذا ترك أُماً وليس معها أحد من أصحاب الفروض والعصبات، تأخذ الثلث بالفرض والثلثين الباقيين بالرد، وإذا أخذت الأُم جميع التركة فكذلك أيضاً يجب أن تأخذها البنت؛ لأنّ الاثنين من أهل الفروض. (المغني، وميزان الشعراني باب الفرائض).

٣ - اتفق الأربعة على أنّ الميت إذا ترك أباً وبنتاً يأخذ الأب السدس بالفرض، وتأخذ البنت النصف كذلك، والباقي يُردّ على الأب وحده، مع أنّ الله سبحانه قال:( وَِلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ) . فكما أنّ هذا الفرض في هذه الآية لا ينفي أن يكون للأب ما زاد على السدس، كذلك الفرض في قوله تعالى:( فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ) لا ينفي أن يكون للبنات ما زاد على الثلثين، وللبنت ما زاد على النصف؛ بخاصة أنّ فرض البنات والأبوين وارد في آية واحدة، وسياق واحد.

٣ - قال الله سبحانه:( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ

____________________

(١) الأخوات لأبوين أو لأب عصبة مع البنت، ويشتركن معها في الميراث كالإخوة لأبوين أو لأب.

٥١٦

يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ) . نصّت هذه الآية على أنّ الدَّين يثبت بشاهدين، ويثبت أيضاً بشهادة رجل وامرأتين، مع أنّ بعض المذاهب الأربعة أثبته بشاهد ويمين، بل قال مالك: يثبت بشهادة امرأتين ويمين. فكما أنّ هذه الآية لم تدلّ على أنّ الدَّين لا يثبت بشاهد ويمين كذلك آية الميراث لا تدلّ على عدم جواز الرد على البنت والبنات، والأخت والأخوات.

وأجاب الإمامية عن الآية الثانية، وهي:( إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ ) ، بأنّ الولد يُطلق على الذكر والأنثى؛ لأنّ لفظه مشتق من الولادة الشاملة للابن والبنت؛ ولأنّ القاسم المشترك بين الإنسان وأقاربه هو الرحم، والرحم يعمّ الذكور والإناث على السواء، وقد استعمل القرآن لفظ الأولاد بالذكور والإناث، فقال عزّ من قائل:( يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ) ، وقال:( مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ ) أي لا ذكر ولا أنثى، وقال:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى ) ؛ وعليه فكما أنّ الابن يحجب الأخ كذلك البنت تحجبه، هذا بالإضافة إلى أنّ ما أُجيب به عن ميراث البنت يُجاب به ميراث الأخت أيضاً. ثمّ إنّ الإمامية أوردوا على مذاهب السنّة أشكالاً عديدة، وألزموهم بإلزامات يأباها الطبع، ولا تتفق مع القياس الذي يعملون به، من ذلك ما جاء في كتاب الجواهر من أنّه لو كان للميت عشر بنات وابن، فيأخذ الابن في مثل هذه الحال السدس، والبنات خمسة أسداس، ولو كان مكان الابن ابن عم للميت - أي أنّه ترك عشر بنات وابن عم - فعلى القول بالتعصيب يأخذ ابن العم الثلث والبنات الثلثين؛ وعليه يكون الابن أسوأ حالاً من ابن العم.

هذا، إلى أنّ الإنسان أرأف بولده منه بإخوته، وهو يرى أنّ وجود ولده ذكراً كان أو أنثى امتداد لوجوده؛ ومن هنا رأينا الكثير من أفراد الأُسر اللبنانية الذين لهم بنات فقط يبدّلون مذهبهم من

٥١٧

التسنن إلى التشيع، لا لشيء إلاّ خوفاً أن يشترك مع أولادهم الإخوان أو الأعمام.

ويفكر الآن الكثير من رجال السنّة بالعدول عن القول بالتعصيب، والأخذ بقول الإمامية من ميراث البنت، تماماً كما عدلوا عن القول بعدم صحة الوصية للوارث، وقالوا بصحتها كما تقول الإمامية، على الرغم من اتفاق المذاهب على عدم الصحة.

٥١٨

العول

العول: أن تزيد السهام على التركة، كما لو ترك الميت زوجة وأبوين وبنتين، ففرض الزوجة الثُمن، وفرض الأبوين الثلث، وفرض البنتين الثلثان، والتركة لا تتسع للثُمن والثلث والثلثين. وكذا لو ماتت امرأة وتركت زوجاً وأختين لأب، فإنّ فرض الزوج النصف، وفرض البنتين الثلثان، ولا تحتمل الفريضة نصفاً وثلثين. والعول لا يتحقق إلاّ بوجود الزوج والزوجة.

واختلفوا: هل يدخل النقص - والحال هذه - على كل واحد من أصحاب الفروض، أو على بعض دون بعض؟

قال الأربعة بالعول، أي بدخول النقص على كل واحد بقدر فرضه، تماماً كأرباب الديون إذا ضاق المال عن حقهم، فإذا وجِدت زوجة مع أبوين وبنتين تكون المسألة عندهم من مسائل العول، وتصبح الفريضة من سبعة وعشرين سهماً بعد أن كانت أربعة وعشرين، تأخذ الزوجة من الـ ٢٧ ثلاثة أسهم - أي يصبح ثمنها تسعاً - ويأخذ الأبوان منها ثمانية، والبنات ستة عشر.

وقال الإمامية بعدم العول، وبقاء الفريضة كما كانت أربعة وعشرين،

٥١٩

ويدخل النقص على البنتين، فتأخذ الزوجة ثمنا كاملاً ٣/٢٤، ويأخذ الأبوان الثلث ٨/٢٤، والباقي للبنتين.

واستدل الأربعة على صحة العول ودخول النقص على الجميع بأنّ امرأة ماتت في عهد الخليفة الثاني عمر عن زوج واختين لأب، فجمع الصحابة، وقال: فرض الله للزوج النصف، وللأختين الثلثين، فإن بدأتُ بالزوج لم يبقَ للأختين الثلثان، وإن بدأتُ بالأختين لم يبقَ للزوج النصف، فأشيروا عليَّ.

فأشار عليه البعض بالعول، وإدخال النقص على الجميع، وأنكر ذلك ابن عباس وبالغ بالإنكار، ولكنّ عمر لم يأخذ بقوله وعمل بقول الآخرين، وقال للورثة: ما أجد في هذا المال شيئاً أحسن من أن أُقسّمه عليكم بالحصص. فعمر أوّل مَن أعال الفرائض، وتبعه جمهور السنّة.

واستدل الإمامية على بطلان العول بأنّه من المستحيل على الله سبحانه أن يجعل في المال نصفاً وثلثين، أو ثُمناً وثلثاً وثلثين، وإلاّ كان جاهلاً أو عابثاً، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. ولذا نُقل عن الإمام علي وتلميذه عبد الله بن عباس أنّهما قالا: (إنّ الذي أحصى رمال عالج لَيعلم أنّ السهام لا تعول على الستة) أي لا تزيد على الستة المقدّرة في كتاب الله، وهي: النصف، والربع، والثُمن، والثلثان، والثلث، والسدس.

والنقص عند الإمامية يدخل دائماً على البنات والأخوات دون الزوج والزوجة والأُم والأب؛ لأنّ البنات والأخوات لهن فرض واحد، ولا يهبطن من فرض أعلى إلى فرض أدنى، فيرثن بالفرض مع عدم وجود الذكر وبالقرابة مع وجوده، وقد يكون لهن معه دون ما كان لهن منفردات. أمّا الزوج فيهبط من النصف إلى الربع، والزوجة من الربع إلى الثمن، والأُم من الثلث إلى السدس، ويرث الأب السدس بالفرض في بعض الحالات. وكل واحد من هؤلاء لا ينقص عن فرضه الأدنى،

٥٢٠