الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة0%

الفقه على المذاهب الخمسة مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 650

الفقه على المذاهب الخمسة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد جواد مغنية
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 650
المشاهدات: 225084
تحميل: 30657

توضيحات:

الفقه على المذاهب الخمسة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 650 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225084 / تحميل: 30657
الحجم الحجم الحجم
الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ولكنّ الإمامية قالوا: إذا طُلّقت تسع مرات للعدة، وتزوجت مرتين فإنّها تحرم مؤبداً، ومعنى طلاق العدة عندهم: أن يطلّقها، ثمّ يراجعها ويطأها، ثمّ يطلّقها في طهر آخر، ثمّ يراجعها ويطأها، ثمّ يطلّقها ويحلّلها المحلِّل، وبعد أن يتزوجها الأوّل بعقد جديد يطلّقها ثلاثاً للعدة، ثمّ يحلّلها المحللِّ، ثمّ يتزوجها الأوّل، فإذا طلّقها ثلاثاً، وثمّ طلاق العدة تسع مرات حرمت على المطلّق تسعاً إلى الأبد، أمّا إذا لم يكن الطلاق للعدة، كما لو طلّقها، ثمّ راجعها، ثمّ طلّقها قبل الدخول، فإنّها لا تحرم مؤبداً، بل تحلّ بمحلّل وإن بلغت الطلقات ما لا يحصيه العد.

الشك في عدد الطلاق:

اتفقوا على أنّ مَن شك في عدد الطلاق - هل وقع مرة أو أكثر؟ - يبني على الأقل، ما عدا المالكية فانّهم قالوا: يغلب جانب الطلاق ويبني على الأكثر.

إخبار المطلّقة بالتحليل:

قال الإمامية والشافعية والحنفية: لو طلّقها ثلاثاً، وغاب عنها أو غابت عنه مدة، ثمّ ادعت أنّها تزوجت، وفارقها الزوج الثاني، ومضت العدة، وكانت المدة تتسع لذلك كله يُقبل قولها بلا يمين، وللأوّل أن يتزوجها إذا اطمأن إلى صدقها ولا يجب عليه الفحص والبحث. (الجواهر، وابن عابدين، ومقصد النبيه).

٤٢١

الخُلع

الخُلع: إبانة الزوجة على مال تفتدي به نفسها من الزوج. وهنا مسائل:

هل يُشترط في الخلع كراهية الزوجة للزوج؟

إذا تراضيا على الخلع، وبذلت مالاً كي يطلّقها، والحال عامرة، والأخلاق ملتئمة بينهما، فهل تصحّ المخالعة؟

قل الأربعة: يصحّ الخلع، وتترتب عليه جميع الأحكام والآثار، ولكنّهم قالوا: إنّه مكروه(١) .

وقال الإمامية: لا يصحّ الخلع، ولا يملك المطلّق الفدية، ولكن يصحّ الطلاق، ويكون رجعياً مع اجتماع شرائطه؛ واستدلوا بأحاديث عن أئمة أهل البيت، وبالآية ٢٢٩ من سورة البقرة:( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) ، حيث علّقت الآية جواز الفدية على الخوف من الوقوع في المعصية إذا استمرت الزوجية.

____________________

(١) فرق الزواج للأستاذ الخفيف ص١٥٩ طبعة ١٩٥٨.

٤٢٢

المخالعة على أكثر من المهر:

اتفقوا على أنّ الفدية يجب أن تكون ذات قيمة، وأنّه يجوز أن تكون بمقدار المهر أو أقلّ أو أكثر.

شروط عوض الخلع:

قال الأربعة: يصحّ الخلع مع غير الزوجة، فإذا قال أجنبي للزوج: طلّق امرأتك بألف عليَّ، وطلّقها على ذلك صحّ، وإن لم تعلم الزوجة ولم ترضَ بعد العلم، ووجب على الأجنبي أن يدفع المبلغ للمطلّق. (رحمة الأُمة وفرق الزواج للأستاذ الخفيف).

وقال الإمامية: لا يصحّ الخلع، ولا يجب على الأجنبي أن يدفع شيئاً، أجل، يصحّ أن يضمن الأجنبي الفدية بإذنها، فيقول للزوج طلّقها بكذا وعليَّ ضمان المبلغ بعد أن تأذن هي بذلك، فإن طلّق على هذا الشرط وجب على الضامن أن يدفع المبلغ للمطلّق ويرجع به على المطلّقة.

ثمّ إنّ كل ما يصحّ أن يكون مهراً يصحّ أن يكون فدية في الخلع بالاتفاق، ولا يُشترط أن يكون معلوماً بالتفصيل إذا آل أمره إلى العلم، مثل: أخلعني على ما في البيت أو في الصندوق أو على ميراثي من أبي أو ثمرة بستاني.

وإذا وقع الخلع على ما لا يُملك كالخمر والخنزير، قال الحنفية والمالكية والحنابلة: إذا كانا يعلمان بالتحريم يصحّ الخلع، ولا يستحق المطلّق شيئاً، فيكون خلعاً بلا عوض. وقال الشافعية: يصحّ، ولها مثل المهر. (المغني ج٧).

وقال أكثر الإمامية: يبطل الخلع، ويقع الطلاق رجعياً إذا كان

٤٢٣

مورداً له، وإلاّ كان بائناً، وفي جميع الحالات لا يستحق المطلّق شيئاً.

وإذا خالعها على ما يعتقد أنّه حلال، فتبين أنّه حرام، كما لو قالت له: اخلعني على هذا الدن من الخل فظهر خمراً، قال الإمامية والحنابلة: يرجع عليها بمثله خلاً. وقال الحنفية: يرجع عليها بالمهر المسمّى. وقال الشافعية: يرجع عليها بمهر المثل.

وإذ خالعته على مال باعتقاد أنّه لها فبان لغيرها، قال الحنفية وأكثر الإمامية: إذا أجاز المالك صح الخلع، وأخذ الزوج المال، وإن لم يجز كان له البدل من المثل أو القيمة. وقال الشافعية: له مهر المثل استناداً إلى قاعدة عندهم، وهي: (متى ذكر بدل فاسد يبطل البدل، ويثبت مهر المثل.) (مقصد النبيه). وقال المالكية: يقع الطلاق بائناً، ويبطل العوض، وليس للمطلّق شيء حتى ولو أجاز المالك. (الفقه على المذاهب الأربعة ج٤).

وإذا خالعته على إرضاع ولده ونفقته مدة معينة صح ولزمها القيام بالرضاع والنفقة بالاتفاق. وصرح الحنفية والمالكية والحنابلة بأنّه يصحّ للحامل أن تخالع زوجها على نفقة الحمل الذي في بطنها، تماماً كما تصحّ المخالعة على نفقة الولد الموجود. ولم أرَ فيما لدي من مصادر الإمامية والشافعية مَن تعرّض لذلك، ولكنّ القواعد الشرعية لا تمنع منه؛ لأنّ السبب موجود وهو الحمل، ولأنّ تعهدها بمنزلة الشرط على نفسها بأنّ الولد إذا خُلق حياً لزمها أن تقوم بإرضاعها ونفقته مدة معينة، والمسلمون عند شروطهم ما لم يحلّل الشرط حراماً، أو يحرّم حلالاً، وهذا الشرط سائغ في نفسه، ولا يستدعي أيّ لازم باطل، ويجب الوفاء لأنّه أُخذ في عقد لازم. أمّا الجهل بكونه يولد حياً أو ميتاً، وعلى فرض أنّه وِلد حياً ربّما لا يبقى المدة المتفق عليها، أمّا هذا الجهل فيُغتفر في الخلع.

وأقصى ما يمكن أن يبرر به المنع وعدم الجواز هو قياس التعهد بالنفقة على الإبراء منها، فاذا كان الإبراء منها غير جائز لأنّه إسقاط

٤٢٤

لغير الواجب، فكذلك التعهد بالنفقة لا يجوز؛ لأنّها غير واجبة فعلاً. ولكنّ الفرق كبير جداً بين التعهد والإبراء إذ لا بدّ أن يكون الإبراء من شيء موجود ومتحقق بالفعل، أمّا التعهد فلا يلزم فيه ذلك. هذا وقد سبق الكلام في باب الزواج عن الخلع على إسقاط حق الأب أو الأُم على حضانة الولد.

(فرع) إذا خلعها على نفقة الولد، ثمّ عجزت عن الإنفاق عليه، فلها مطالبة أبيه بالنفقة، ويجيز عليها، ولكنّه يرجع على الأُم إذا أيسرت، وإذا مات الولد أثناء المدة المعينة كان للمطلّق استيفاء المدة الباقية منها؛ لعموم قوله تعالى:( فِيمَا افْتَدَتْ بِه ) ، والأولى للمرأة أن تتعهد برضاع الولد ونفقته في المدة المعينة ما دام حياً، وحينئذ لا يحق للمطلّق الرجوع عليها بشيء إذا مات الولد.

شروط الزوجة المخالعة:

اتفقوا على أنّ الزوجة المخالعة يجب أن تكون بالغة عاقلة. واتفقوا أيضاً على أنّ السفيهة لا يصحّ خلعها من غير إذن الولي، واختلفوا في صحة الخلع إذا أذن لها الولي، فقال الحنفية: إن التزم الولي الأداء من ماله الخاص صح الخلع، وإلاّ بطل البذل، ووقع الطلاق على أصحّ الروايتين. (أبو زهرة).

وقال الإمامية والمالكية: مع إذن الولي لها بالبذل يصحّ الخلع من مالها هي لا ماله هو. (الجواهر، والفقه على المذاهب الأربعة).

وقال الشافعية والحنابلة: لا يصحّ الخلع من السفيه مطلقاً، أذِنَ الولي لها أو لم يأذن، واستثنى الشافعية صورة واحدة، وهي: إذا خشي الولي أن يبدد الزوج أموالها، فحينئذ يأذن لها الولي بالاختلاع منه صيانة لمالها. ثمّ إنّ الشافعية قالوا: يفسد الخلع، ويقع الطلاق رجعياً. وقال

٤٢٥

الحنابلة: لا يقع خلعاً ولا طلاقاً إلاّ أن ينوي الزوج الطلاق من الخلع، أو يكون الخلع بلفظ الطلاق.

وإذا خالعت المرأة وهي في مرض الموت صح الخلع عند الجميع، ولكن اختلفوا فيما إذا بذلت أكثر من ثلث مالها، أو كان المبذول أكثر من ميراثه منها على فرض موتها في العدة، وقلنا بالتوارث بينهما في هذه الحال:

قال الإمامية والشافعية: إن خالعته بمهر مثلها جاز، ونفذ من الأصل، أمّا إذا زاد عن مهر المثل فتخرج الزيادة من ثلث المال.

وقال الحنفية: يصحّ الخلع، ويستحق المطلّق العوض بشرط أن لا يزيد عن الثلث، ولا عن نصيبه في الميراث إن ماتت أثناء العدة، أي يأخذ أقلّ المقادير الثلاثة من بدل الخلع وثلث التركة ونصيبه من الميراث، فإذ كان بدل الخلع ٥ ونصيبه ٤ والثلث ٣، استحق ٣.

وقال الحنابلة: إذا خالعته بمقدار ميراثه منها فما دون صح بكل ما خالعته عليه، وإن خالعته بزيادة بطلت الزيادة فقط. (المغني ج٧).

ثمّ إنّ الإمامية اشترطوا في المختلعة جميع ما اشترطوه في المطلّقة: من كونها في طهر لم يواقعها فيه إذا كانت مدخولاً بها، وغير آيسة ولا حامل، ولا صغيرة دون التسع، كما اشترطوا لصحة الخلع وجود شاهدين عدلين. أمّا بقية المذاهب فيصحّ الخلع عندها على أيّة حال تكون عليها المختلعة تماماً كالمطلّقة.

شروط الزوج المخالِع:

اتفقوا على اشتراط البلوغ والعقل في الزوج، ما عدا الحنابلة فانّهم قالوا: يصحّ الخلع من المميِّز كما يصحّ منه الطلاق. وتقدّم في أوّل الطلاق أنّ الحنفية يجيزون طلاق الهازل والمكرَه والسكران، وأنّ الشافعية

٤٢٦

والمالكية يوافقونهم في طلاق الهازل. ويصحّ الخلع مع الغضب إذا لم يكن رافعاً للقصد.

واتفقوا على صحة الخلع من السفيه، ولكنّ المال يُسلّم إلى وليه، ولا يصحّ تسليمه له.

أمّا الخلع من المريض مرض الموت فيصحّ بلا ريب؛ لأنّه لو طلّق بغير عوض لصح، فالطلاق بعوض أولى.

صيغة الخلع:

أجاز الأربعة أن تكون الصيغة باللفظ الصريح، كالخلع والفسخ، وبالكناية مثل بارأتكِ وأبنتكِ. وقال الحنفية: يجوز بلفظ البيع والشراء، فيقول الزوج للزوجة: بعتكِ نفْسكِ بكذا. فتقول هي: اشتريتُ. أو يقول لها: اشتري طلاقك بكذا. فتقول قبلتُ. وكذلك عند الشافعية يصحّ أن يكون الخلع بلفظ البيع.

وأجاز الحنفية التعليق والخيار، والفاصل بين البذل والخلع، فلو كان الزوج غائباً وبلغه أنّها قالت: اختلعتُ نفسي بكذا وقَبِل لصح. وكذلك عند المالكية لا يضر الفاصل.

ويصحّ الخلع عند الحنابلة من دون نية إذا كان اللفظ صريحاً كالخلع والفسخ والمفادة، ولكنّهم اشترطوا اتحاد المجلس وعدم التعليق.

وقال الإمامية: لا يقع الخلع بلفظ الكناية، ولا بشيء من الألفاظ الصريحة إلاّ بلفظتين فقط، وهما: الخلع والطلاق، فإن شاء جمع بينهما معاً أو اكتفى بواحدة، فتقول هي: بذلتُ لك كذا لتطلّقني. فيقول هو: خلعتكِ على ذلك فأنتِ طالق - وهذه الصيغة هي الأحوط

٤٢٧

والأولى عند جميع الإمامية -، ويكفي أن يقول لها: أنتِ طالق على ذلك، أو خلعتكِ على ذلك. ويشترط الإمامية الفور وعدم الفاصل بين البذل والخلع وأن يكون الخلع مطلقاً غير معلّق على شيء، تماماً كما هي الحال في الطلاق.

٤٢٨

العدة

أجمع المسلمون كافة على وجوب العدة في الجملة، والأصل فيه الكتاب والسنّة، فمن الكتاب قوله تعالى:( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ ) ، ومن السنّة قوله (صلّى الله عليه وسلّم): لفاطمة بنت قيس:(اعتدّي في بيت ابن أُم مكتوم) . ويقع الكلام في عدة مَن فارقها الزوج بطلاق أو فسخ، وفي عدة المتوفى عنها زوجها، وفي عدة مَن وطِئت بشبهة، واستبراء الزانية، وفي عدة زوجة المفقود.

عدة المطلَّقة:

اتفقوا على أنّ المطلّقة قبل الدخول والخلوة لا عدة عليها، وقال الحنفية والمالكية والحنابلة: إن خلا بها الزوج ولم يصبها، ثمّ طلّقها فعليها العدة، تماماً كالمدخول بها. وقال الإمامية والشافعية: لا أثر للخلوة. وتقدّمت الإشارة إلى ذلك، كما أشرنا - عند تقسيم الطلاق إلى رجعي وبائن - إلى رأي الإمامية من عدم وجوب العدة على الآيسة المدخول بها، وما استندوا إليه من الدليل.

٤٢٩

وكل فرقة بين زوجين ما عدا الموت فعدتها عدة الطلاق، سواء أكانت بخلع أو لعانٍ، أو بفسخ بعيب أو انفساخ برضاع أو اختلاف دين(١) .

ومهما يكن، فقد اتفقوا على وجوب العدة على مَن طُلّقت بعد الدخول، وأنّها تعتد بواحد من ثلاثة على التفصيل التالي:

١ - تعتد بوضع الحمل بالاتفاق إذا كانت حاملاً؛ لقوله تعالى:( وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) . وإذ كان الحمل أكثر من واحد فلا تخرج من العدة إلاّ بوضع الأخير بالإجماع. واختلفوا في السقط إذا لم يكن مخلقاً - أي تام الخلقة - قال الحنفية والشافعية والحنابلة: لا تخرج من العدة بانفصاله عنها. وقال الإمامية والمالكية: بل تخرج، ولو كان قطعة لحم ما دام مبدأ إنسان.

وأقصى مدة الحمل عند الحنفية سنتان، وعند الشافعية والحنابلة أربع، وعند المالكية خمس كما في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، وعن مالك أربع كما في كتاب المغني، وتقدّم التفصيل في باب الزواج.

والحامل لا يمكن أن تحيض عند الحنفية والحنابلة، ويمكن أن تحيض عند الإمامية والشافعية والمالكية.

٢ - أن تعتد بثلاثة أشهر هلالية، وهي التي بلغت ولم ترَ الحيض أبداً، والتي بلغت سن اليأس(٢) . وحد اليأس عند المالكية سبعون سنة، وعند الحنابلة خمسون، وعند الحنفية خمس وخمسون، وعند الشافعية اثنتان وستون على الأصح، وعند الإمامية ستون للقرشية وخمسون لغيرها.

____________________

(١) قال الإمامية: إذا ارتد الزوج، وكان ارتداده عن فطرة اعتدّت زوجته عدة وفاة، وإن كان ارتداده عن ملة اعتدت عدة طلاق.

(٢) تقدّم أنّ الإمامية لا يوجبون العدة على الآيسة، ولكنّهم قالوا: إذا طلّقها ورأت حيضة ثمّ يئست أكملت العدة بشهرين. وقال الأربعة: بل تستأنف العدة بثلاثة أشهر، ولا تُحسب الحيضة من العدة.

٤٣٠

أمّا الزوجة المدخول بها قبل أن تكمل التسع فقال الحنفية: تجب عليها العدة، ولو كانت طفلة. وقال المالكية والشافعية: لا تجب العدة على الصغيرة التي لا تطيق الوطء، وتجب على مَن تطيقه وإن كانت دون التسع. وقال الإمامية والحنابلة: لا تجب العدة على مَن لم تكمل التسع وإن طاقت الوطء. (الفقه على المذاهب الأربعة ج٤ مبحث عدة المطلّقة الآيسة).

٣ - تعتد بثلاثة قروء، وهي مَن أكملت التسع ولم تكن حاملاً، ولا آيسة، وكانت من ذوات الحيض بالاتفاق. وقد فسر الإمامية والمالكية والشافعية القرء بالطهر، فإذا طلّقها في آخر لحظة من طهرها احتسب من العدة، وأكملت بعده طهرين. وفسره الحنفية والحنابلة بالحيض، فلا بدّ من ثلاث حيضات بعد الطلاق، ولا يحتسب حيض طُلّقت فيه. (مجمع الأنهر).

وإذا أخبرت المطلّقة التي اعتدّت بالأقراء بانقضاء عدتها تُصدّق إذا مضت مدة تحتمل انقضاء العدة، وأقلّ ما تُصدّق به المعتدة بالأقراء ستة وعشرون يوماً عند الإمامية ولحظتان، بأن يقدّر أنّه طلّقها في آخر لحظة من الطهر، ثمّ تحيض ثلاثة أيام، وهي أقلّ مدة الحيض، ثمّ ترى أقلّ الطهر وهو عشرة أيام عند الإمامية، ثمّ تحيض ثلاثة أيام، ثمّ ترى أقلّ الطهر عشرة أيام، ثمّ تحيض، فبمجرد رؤية الدم الأخير تخرج من العدة، واللحظة الأُولى من الحيض الثالث لا بدّ منها للعمل بتمامية الطهر الأخير. ودم النفاس عند الإمامية كدم الحيض، وعليه يمكن أن تنقضي العدة بثلاثة وعشرين يوماً، كما إذا طلّقها بعد الوضع وقبل رؤية الدم، وبعد الطلاق رأت الدم لحظة، ثمّ مضى أقلّ الطهر عشرة أيام، ثمّ أقلّ الحيض ثلاثة، ثمّ أقلّ الطهر عشرة، فيكون المجموع ثلاثة وعشرين يوماً.

وأقلّ ما تُصدّق به عند الحنفية تسعة وثلاثون يوماً، بأن يقدّر أنّه طلّقها

٤٣١

في آخر الطهر، ويقدّر أقلّ مدة للحيض وهي ثلاثة أيام، وأقلّ مدة الطهر وهي خمسة عشر يوماً عند الحنفية، فثلاث حيضات بتسعة أيام يتخللها طهران بثلاثين يوماً فيكون المجموع تسعة وثلاثين.

أطول عدة:

قدّمنا أنّها إذا بلغت ولم ترَ الدم أصلاً فعدتها ثلاثة أشهر بالإجماع، أمّا إذا رأته ثمّ انقطع عنها بسبب رضاع أو مرض: فقال الحنابلة والمالكية: تعتد سنة كاملة. وقال الشافعي في الجديد من أحد قوليه: بل تبقى في العدة أبداً حتى تحيض، أو تبلغ سن الإياس، وتعتد بعدها بثلاثة أشهر. (المغني ج٧ باب العدد).

وقال الحنفية: إذا حاضت مرة واحدة ثمّ انقطع عنها الحيض لمرض أو رضاع، ولم تره أبداً فلا تنقضي عدتها حتى تبلغ سن اليأس، وعليه فقد تبلغ العدة عند الحنفية والشافعية أكثر من ٤٠ سنة. (الفقه على المذاهب الأربعة ج٤ مبحث عدة المطلّقة إذ كانت من ذوات الحيض).

وقال الإمامية: إذا انقطع الحيض عنها لعارض بعد رؤيته ثمّ طُلّقت تعتد بثلاثة أشهر، كالتي لم ترَ الحيض أصلاً، وإذا عاد إليها بعد الطلاق تعتد بأسبق الأمرين من ثلاثة أشهر أو ثلاثة أقراء، بمعنى أنّه مضى لها ثلاثة أقراء قبل ثلاثة أشهر انقضت عدتها أيضاً، وإن مضى ثلاثة أشهر بيض قبل أن تتم الأقراء انقضت عدتها أيضاً، وإن رأت الحيض قبل انقضاء الأشهر الثلاثة ولو بلحظة صبرت تسعة أشهر، ولا يجديها نفعاً أن تمرّ بعد ذلك ثلاثة أشهر بلا دم، وبعد انتهاء الأشهر التسعة فإن وضعت قبل انتهاء السنة خرجت من العدة، وكذلك إذا حاضت وأتمت الأطهار، وإذا لم تلد ولم تتم الأقراء قبل سنة اعتدّت

٤٣٢

بثلاثة مضافة إلى التسعة، فيكون المجموع سنة كاملة، وهذه أطول عدة عند الإمامية(١) .

عدة الوفاة:

اتقوا على أنّ عدة المتوفى عنها زوجها وهي غير حامل، أربعة أشهر وعشرة أيام، كبيرة كانت أو صغيرة، آيسة أو غيرها، دخل بها أو لم يدخل؛ لقوله تعالى:( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) . هذا إذ حصل لها الجزم بأنّها غير حامل، أمّا إذا ظنّت أو احتملت الحمل فعليها الانتظار حتى تضع أو يحصل الجزم بعدم الحمل عند كثير من فقهاء المذاهب.

وقال الأربعة: إنّ عدة الحامل المتوفى عنها زوجها تنقضي بوضع الحمل، ولو بعد وفاته بلحظة، بحيث يحلّ لها أن تتزوج بعد انفصال الحمل ولو قبل دفن زوجها؛ لقوله تعالى:( وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) .

وقال الإمامية: إنّ عدتها أبعد الأجلين من وضع الحمل والأربعة أشهر وعشرة أيام، فإن مضت الأربعة والعشرة قبل الوضع اعتدّت بالوضع، وإن وضعت قبل مضي الأربعة والعشرة اعتدّت بالأربعة والعشرة، واستدلوا على ذلك بضرورة الجمع بين آية( يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) وآية( أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) ، فالآية الأُولى جعلت العدة أربعة وعشرة، وهي تشمل الحامل وغير الحامل، والثانية

____________________

(١) نقل صاحب الجواهر وصاحب المسالك المشهور على ذلك عملاً بخبر سودة بن كليب، وقد أطالا الكلام في هذه المسألة، ونقلا أقوالاً غير مشهورة، وكثير من فقهاء الإمامية تجاهلها وأهملها.

٤٣٣

جعلت عدة الحامل وضع الحمل، وهي تشمل المطلّقة ومَن توفّى عنها الزوج، فيحصل التنافي بين ظاهر الآيتين في المرأة الحامل التي تضع قبل الأربعة والعشرة، فمبوجب الآية الثانية تنتهي العدة؛ لأنّها وضعت الحمل، وبموجب الآية الأُولى لا تنتهي؛ لأنّ الأربعة والعشرة لم تنته، ويحصل التنافي أيضاً إذا مضت الأربعة والعشرة ولم تضع، فمبوجب الآية الأُولى تنتهي العدة؛ لأنّ مدة الأربعة والعشرة مضت، وبموجب الآية الثانية لم تنته؛ لأنّها لم تضع الحمل، وكلام القرآن واحد يجب أن يلائم بعضه بعضاً. وإذا جمعنا الآيتين هكذا( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ،وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) يكون المعنى: إنّ عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام لغير الحامل، وللحامل التي تضع قبل مضي الأربعة والعشرة وضع الحمل.

وإذا قال قائل: كيف جعل الإمامية عدة الحامل المتوفى عنها الزوج أبعد الأجلين، من وضع الحمل والأربعة والعشرة، مع أنّ آية( وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) صريحة بأنّ الحامل تنتهي عدتها بوضع الحمل؟ أجابه الإمامية: كيف قال الأربعة: إنّ عدة الحامل المتوفى عنها الزوج سنتان إذا استمر الحمل هذه المدة مع أنّ آية( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) صريحة بأنّ العدة أربعة وعشرة، واذا قال القائل: عملاً بآية أُولات الأحمال، قال الإمامية عملاً بآية والذين يتوفّون. إذن لا مجال للعمل بالآيتين إلاّ القول بأبعد الأجلين.

واتفقوا على وجوب الحداد على المتوفى عنها زوجها كبيرة كانت أو صغيرة، مسلمة أو غير مسلمة، ما عدا الحنفية فإنّهم ذهبوا إلى عدم وجوبه على الذمية والصغيرة؛ لأنّهما غير مكلّفتين.

ومعنى الحداد: أن تجتنب المرأة الحادة على زوجها كل ما يُحسّنها،

٤٣٤

ويُرغّب في النظر إليها، ويدعو إلى اشتهائها، وتشخيص ذلك يعود إلى أهل العرف.

قال الإمامية: إنّ مبدأ عدة الطلاق من حين وقوعه حاضراً كان الزوج أو غائباً، ومبدأ عدة الوفاة من حين بلوغها الخبر إذا كان الزوج غائباً، أمّا إذا كان حاضراً وافتُرض عدم علمها بموته إلاّ بعد حين، فمبدأ العدة من حين الوفاة على ما هو المشهور بين فقهاء الإمامية.

واتفقوا على أنّ المطلّقة طلاقاً رجعياً إذا توفي زوجها وهي في أثناء العدة فعليها أن تستأنف عدة الوفاة من حين موته، سواء أكان الطلاق في حال مرض الموت، أو في حال الصحة؛ لأنّ العصمة بينها وبين المطلّق لم تنقطع بعد، أمّا لو كان الطلاق بائناً فيُنظر، فإن كان قد طلّقها في حال الصحة أتمت عدة الطلاق، ولا عدة عليها بسبب الموت بالاتفاق، حتى ولو كان الطلاق بدون رضاها، وكذلك الحال إذا طلّقها في مرض الموت بطلب منها. أمّا إذا طلّقها في مرضه بدون طلب منها، ثمّ مات قبل أن تنتهي العدة فهل تتحول إلى عدة الوفاة كالرجعية، أو تستمر في عدة الطلاق؟

قال الإمامية والمالكية والشافعية: تمضي في عدة الطلاق، ولا تتحول إلى عدة الوفاة.

وقال الحنفية والحنابلة: بل تتحول إلى عدة الوفاة. فتلخّص أنّ المطلّقة الرجعية تستأنف عدة الوفاة إذا توفّي المطلّق قبل انتهاء العدة، والبائنة تستمر في عدة الطلاق باتفاق الجميع، ما عدا الحنفية والحنابلة فإنّهم استثنوا من البائنة ما إذا وقع الطلاق في مرض موت المطلّق بدون رضى المطلّقة.

٤٣٥

عدة وطء الشبهة:

قال الإمامية: إنّ عدة وطء الشبهة كعدة المطلّقة، فإن كانت حاملاً اعتدّت بوضع الحمل، وإن كانت من ذوات القروء اعتدّت بثلاثة منها، وإلاّ فبثلاثة أشهر بيض، والشبهة عندهم الوطء الذي يعذر فيه صاحبه، ولا يجب عليه الحد، سواء أكانت الموطوءة ممّن يحرم العقد عليها كأخت الزوجة والمتزوجة، أو كانت ممّن يحلّ عليها العقد كالأجنبية الخلية. وقريب من هذا قول الحنابلة حيث ذهبوا إلى أنّ كل وطء يوجب العدة مهما كان نوعه، ولا يختلفون عن الإمامية إلاّ في بعض التفاصيل، وتأتي الإشارة إليها عند الكلام على عدة الزانية.

وقال الحنفية: تجب العدة بوطء الشبهة، وبالعقد الفاسد، ولا تجب بالعقد الباطل، ومثال الشبهة: أن يطأ نائمة بشبهة أنّها زوجته. والعقد الفاسد: أن يعقد على امرأة يحلّ له العقد عليها، ولكن لم تتحق بعض الشروط المعتبرة، كما لو جرى العقد بدون شهود. والعقد الباطل: أن يعقد على امرأة من محارمه كأخته وعمته. وعدة وطء الشبهة عندهم ٣ حيضات إن كانت تحيض وإلاّ فثلاثة أشهر إن لم تكن حاملاً، وإن تكنها فبوضع الحمل. (ابن عابدين، وأبو زهرة، والفقه على المذاهب الأربعة).

وقال المالكية: تستبرئ بقدر العدة ثلاثة قروء وإن لم تحض فبثلاثة أشهر، وإن حاملاً فبوضع الحمل.

ومهما يكن، فإذا مات الواطئ بشبهة فلا تعتد المرأة عدة وفاة؛ لأنّ العدة للوطء لا للعقد.

عدة الزانية:

قال الحنفية والشافعية وأكثر الإمامية: لا تجب العدة من الزنا؛ لأنّه لا حرمة لماء الزاني، فيجوز العقد على الزانية ووطؤها وإن كانت

٤٣٦

حاملاً، ولكنّ الحنفية قالوا: يجوز العقد على الحُبلى من الزنا، ولا يجوز وطؤها، بل يدعها حتى تلد.

وقال المالكية: الوطء بالزنا تماماً كالوطء بالشبهة، فتستبرئ بقدر العدة إلاّ إذا أُريد إقامة الحد عليها فإنّها تستبرئ بحيضة واحدة.

وقال الحنابلة: تجب العدة على الزانية كما تجب على المطلّقة. (المغني ج٦، ومجمع الأنهر).

عدة الكتابية:

اتفقوا على أنّ الكتابية إذا كانت زوجة لمسلم فحكمها حكم المسلمة من حيث وجوب العدة عليها والحداد في عدة الوفاة، أمّا إذا كانت زوجة لكتابي مثلها فقال الإمامية(١) والشافعية والمالكية والحنابلة: تجب عليها العدة، ولكنّ الشافعية والمالكية والحنابلة لم يوجبوا عليها الحداد في عدة الوفاة.

وقال الحنفية: لا عدة على غير المسلمة المتزوجة بغير المسلم. (ميران الشعراني باب العدد والاستبراء).

زوجة المفقود:

الغائب على حالين، أحداهما: أن تكون غيبته غير منقطة بحيث يُعرف موضعه، ويأتي خبره، وهذا لا يحلّ لزوجته أن تتزوج بالاتفاق.

____________________

(١) قال في الجواهر ج٥ باب العدد: (عدة الذمية كالحرة في الطلاق والوفاة بلا خلاف محقّق أجده؛ لإطلاق الأدلة، وصريح السراج عن الصادق قلت له: النصرانية مات زوجها، وهو نصراني ما عدّتها؟ قال: (عدّتها أربعة أشهر وعشرة).

٤٣٧

الحال الثانية: أن ينقطع خبره، ولا يُعلم موضعه، وقد اختلف أئمة المذاهب في حكم زوجته:

قال أبو حنيفة والشافعي في القول الجديد الراجح، وأحمد في إحدى روايتيه: إنّ زوجة هذا المفقود لا تحلّ للأزواج حتى تمضي مدة لا يعيش في مثلها غالباً، وحدَّها أبو حنيفة بمئة وعشرين سنة، والشافعي وأحمد بتسعين.

وقال مالك: تتربص أربع سنوات، ثمّ تعتد بأربعة أشهر وعشرة، وتحلّ بعدها للأزواج.

وقال أبو حنيفة والشافعي في أصحّ القولين: إذا قدم زوجها الأوّل وقد تزوجت، يبطل الزواج الثاني وتكون للزوج الأوّل.

وقال مالك: إذا جاء الأوّل قبل أن يدخل الثاني فهي للأوّل، وإن جاء بعد الدخول تبقى للثاني، ولكن يجب عليه أن يدفع الصداق للأوّل.

وقال أحمد: إن لم يدخل بها الثاني فهي للأوّل، وإن دخل يكون أمرها بيد الأوّل، فإن شاء أخذها من الثاني ودفع له الصداق، وإن شاء تركها له وأخذ منه الصداق. (المغني ج٧، ورحمة الأُمة)(١) .

وقال الإمامية: إنّ المفقود الذي لا يُعلم موته ولا حياته يُنظر، فإن كان له مال تنفق منه زوجته، أو كان له ولي ينفق عليها، أو وجد متبرع بالإنفاق وجب على زوجته الصبر والانتظار، ولا يجوز لها أن تتزوج بحال حتى تعلم بوفاة الزوج أو طلاقه، وإن لم يكن له مال ولا مَن ينفق عليها فإن صبرت فبها، وإن أرادت الزواج رفعت أمرها إلى الحاكم فيؤجلها أربع سنين من حين رفع الأمر إليه، ثمّ يفحص عنه

____________________

(١) هذا إذا لم ترفع أمرها إلى القاضي، أمّا إذا تضررت من غياب الزوج وشكت أمرها إلى القاضي طالبة التفريق فقد أجاز أحمد ومالك طلاقها، والحال هذه، ويأتي الكلام في فصل طلاق القاضي.

٤٣٨

في تلك المدة، فإن لم يتبين شيء ينظر، فإن كان للغائب وليّ يتولى أموره أو وكيل، أمره الحاكم بالطلاق، وإن لم يكن له وليّ ولا وكيل، أو كان ولكن امتنع الولي أو الوكيل من الطلاق، ولم يمكن إجباره طلّقها الحاكم بولايته الشرعية، وتعتد بعد هذا الطلاق بأربعة أشهر وعشرة، ويحلّ لها بعد ذلك أن تتزوج.

وكيفية الفحص: أن يسأل عنه في مكان وجوده، ويستخبر عنه القادمون من البلد الذي يُحتمل وجوده فيه. وخير وسيلة للفحص أن يستنيب الحاكم مَن يثق به من المقيمين في محل السؤال، ليتولى البحث عنه، ثمّ يكتب للحاكم بالنتيجة. ويكفي من الفحص المقدار المعتاد، ولا يُشترط السؤال في كل مكان يمكن أن يصل إليه، ولا أن يكون البحث بصورة مستمرة. وإذا تم الفحص المطلوب بأقلّ من أربع سنوات بحيث نعلم أنّ متابعة السؤال لا تجدي يسقط وجوب الفحص، ولكن لا بدّ من الانتظار أربع سنوات عملاً بظاهر النص، ومراعاة للاحتياط في الفروج، واحتمال ظهور الزوج أثناء السنوات الأربع.

وبعد هذه المدة يقع الطلاق، وتعتد أربعة أشهر وعشرة، ولكن لا حداد عليها، وتستحق النفقة أيام العدة، ويتوارثان ما دامت فيها، وإذا جاء الزوج قبل انتهاء العدة فله الرجوع إليها إن شاء، كما أنّ له إبقاءها على حالها، وإن جاء بعد انتهاء العدة، وقبل أن تتزوج فالقول الراجح أنّه لا سبيل له عليها، وبالأولى إذا وجدها متزوجة(١) .

____________________

(١) الجواهر وملحقات العروة للسيد كاظم والوسيلة للسيد أبو الحسن وغيرها من كتب الفقه للإمامية، ولكن أكثر التعبير لصاحب الوسيلة؛ لأنّه أجمع وأوضح.

٤٣٩

أحكام العدة:

نقلنا في باب النفقة على أنّ المعتد من طلاق رجعي تستحق النفقة، ونقلنا أيضاً الاختلاف في المعتدة من طلاق بائن. ونتكلم هنا في مسائل:

التوارث بين المطلِّق والمطلَّقة:

اتفقوا على أنّ الرجل إذا طلّق امرأته رجعياً لم يسقط التوارث بينهما ما دامت في العدة، سواء أكان الطلاق في مرض الموت أو في حال الصحة، ويسقط التوارث بانقضاء العدة. واتفقوا أيضاً على عدم التوارث إن طلّقها طلاقاً بائناً في حال الصحة.

طلاق المريض:

واختلفوا فيما إذا طلّقها بائناً، ثمّ مات في مرضه الذي مات فيه، فقال الحنفية: ترثه هي ما دامت في العدة، بشرط أن يعتبر الزوج فاراً من ميراثها، وأن لا يكون الطلاق برضاها، ومع انتفاء أحد هذين الشرطين لا تستحق الميراث.

وقال الحنابلة: ترثه ما لم تتزوج، وإن خرجت من العدة وطالت المدة.

وقال المالكية: ترثه وإن تزوجت.

ونقل عن الشافعي أقوال ثلاثة، أحدها: إنّها لا ترث، حتى ولو مات وهي في العدة، تماماً كالمطلّقة بائناً في الصحة.

٤٤٠