الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة0%

الفقه على المذاهب الخمسة مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 650

الفقه على المذاهب الخمسة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد جواد مغنية
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 650
المشاهدات: 225286
تحميل: 30663

توضيحات:

الفقه على المذاهب الخمسة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 650 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225286 / تحميل: 30663
الحجم الحجم الحجم
الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

كانت معتدة من طلاق بائن، أو فسخ تستحق فيه النفقة من أبي الطفل. وأجرة الحضانة تجب في مال الولد إن كان له مال، وإلاّ فعلى مَن تجب نفقته عليه. (الأحوال الشخصية أبو زهرة).

السفر بالطفل:

إذا أخذت الأُم الطفل بالحاضنة، وأراد الأب السفر بولده ليستوطن به في بلد آخر، قال الإمامية والحنفية: ليس له ذلك.

وقال الشافعية والمالكية والحنابلة: بل له ذلك.

أمّا إذا كانت الأُم هي التي تريد السفر بالطفل، فقال الحنفية: لها أن تسافر به بشرطين: أن تنتقل إلى بلدها، وأن يكون العقد وقع ببلدها الذي تنتقل إليه، فإن فات أحد الشرطين مُنعت إلاّ إلى موضع قريب يمكن المضي إليه والعودة قبل الليل.

وقال الشافعية والمالكية وأحمد في إحدى الروايتين عنه: الأب أحق بولده سواء أكان هو المنتقِل أو هي. (رحمة الأُمة في اختلاف الأئمة).

وقال الإمامية: ليس للأُم المطلّقة أن تسافر بالولد الذي تحضنه إلى بلد بعيد بغير رضا أبيه، وليس للأب أن يسافر بالولد إلى غير بلد الأُم حال حضانتها له.

التبرع بالرضاع والحضانة:

الفرق بين الحضانة والرضاع أنّ الحضانة عبارة عن تربية الطفل ورعايته، والرضاع إطعامه وتغذيته، ومن هنا جاز أن تسقط الأُم حقها بالرضاع ويبقى حقها بالحضانة، فقد اتفق الإمامية والحنفية على أنّه لو تبرعت امرأة بإرضاع الطفل مجاناً، وأبت الأُم إلاّ الأجرة على الرضاع، تُقدّم

٣٨١

المتبرعة على الأُم، ويسقط حقها في الإرضاع، أمّا حقها في الحضانة فيبقى على ما هو، ويكون الطفل في رعايتها، تأتي إليه المرضعة أو يُحمَل هو إليها.

وإذا تبرعت امرأة بالحضانة فلا ينتزع الطفل من الأُم عند الإمامية، وغيرهم ممّن لم يوجبوا للحاضنة أجرة على الحضانة، حيث لا موضوع للتبرع ما دامت الحاضنة لا تستحق الأجرة.

أمّا الحنفية الذين أوجبوا الأجرة على الحضانة فإنّهم قالوا: إذا أبت الأُم أن تحضن إلاّ بأجرة، ووجِدت متبرعة بالحضانة فالأُم أولى إذا كانت الأجرة على الأب، أو كانت المتبرعة من الأجنبيات وليس من قرابة الطفل الحاضنات، أمّا إذا كانت المتبرعة من الأرحام الحاضنات، وكانت الأجرة على الأب المعسر، أو كانت الأجرة من مال الطفل فالمتبرعة أولى؛ لأنّ الأجرة في هذه الحال تكون على الطفل، والمتبرعة توفّر عليه، فتُقدّم على الأُم من أجل مصلحة الطفل. (الأحوال الشخصية أبو زهرة).

التنازل عن الحضانة:

هل الحضانة حق خاص للحاضنة يسقط بالإسقاط بحيث يجوز لها التنازل عنه، كما تتنازل عن حق الشفعة - مثلاً -، أو هي حق للطفل تُلزَم به الحاضنة، وليس لها إسقاطه، كما لا يمكنها أن تتنازل عن حق الأُمومة؟

قال الإمامية والشافعية والحنابلة: إنّه حق لها تتنازل عنه متى تشاء، ولا تُجبَر عليه إذا امتنعت، وفيه رواية عن مالك، واستدل على ذلك صاحب الجواهر بأنّ العلماء لم يجمعوا على إلزام الحاضنة بالحضانة، والشرع لم ينص على ذلك، بل يدلّ ظاهر النصوص على أنّ الحضانة كالرضاع؛ وعليه فلها إسقاطها متى تشاء.

٣٨٢

ويترتب على ذلك أنّ الأُم لو خالعت زوجها على أن تترك له حق الحضانة، أو يترك لها هو حق انضمام الطفل إليه بعد انتهاء مدة حضانتها يصحّ الخلع، وليس لأحدهما العدول بعد تمامه إلاّ مع رضا الطرفين، وكذلك لو تصالحها على ترك حقها في الحضانة أو ترك حقه في الانضمام، فإنّ المصالحة - والحال هذه - تكون لازمة يجب الوفاء بها.

ونقل ابن عابدين الخلاف بين الحنفية في ذلك، وأشار إلى أنّ الأولى أن تكون الحضانة حقاً للولد، وعليه فلا يحق للأُم إسقاطها ولا المصالحة عليها، ولا جعلها عوضاً عن الخلع.

والمحاكم الشرعية السنّية في لبنان تحكم بصحة الخلع، وفساد الشرط إذا خالعت الزوجة زوجها على ترك حضانة ولدها، وتحكم ببطلان المصالحة من الأساس لو صالحته على أن تترك حقها في الحضانة، أمّا المحاكم الشرعية الجعفرية فتحكم بصحة الخلع والشرط والمصالحة.

٣٨٣

استحقاق النفقة

أجمع المسلمون على أنّ الزوجة سبب من أسباب وجوب النفقة، وكذلك القرابة، وقد نص الكتاب الكريم على نفقة الزوجة بقوله:( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ) (٢٣٢ البقرة)، والمراد بهنّ الزوجات، والمولود له الزوج. ومن الحديث: (حق المرأة على زوجها أن يشبع بطنها، ويكسو جنبها، وإن جهلت غفر لها). وأشار القرآن إلى نفقة الأقارب بقوله:( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) . وقال النبي (ص): (أنت ومالك لأبيك). ويقع الكلام في مقامين: الأوّل: نفقة الزوجة والمعتدة. الثاني: نفقة الأقارب.

نفقة الزوجة والمعتدة:

اتفقوا على وجوب الإنفاق على الزوجة بالشروط الآتية، وعلى المعتدة من طلاق رجعي، وعلى عدم استحقاق المعتدة عدة وفاة النفقة، حائلاً كانت أو حاملاً، إلاّ أنّ الشافعية والمالكية قالوا: إنّ المتوفى عنها زوجها تستحق من النفقة السكن فقط. وقال الشافعية: إذا أبانها،

٣٨٤

وهي حامل ثمّ توفي عنها فإنّ نفقتها لا تنقطع. وقال الحنفية: إذا كانت معتدة رجعياً ومات المطلِّق أثناء العدة انتقلت عدتها إلى عدة وفاة، وتسقط نفقتها إلاّ إذا كانت مأمورة أن تستدين النفقة، وقد استدانتها بالفعل، فإنّها - والحال هذه - لا تسقط.

واتفقوا على أنّ المعتدة من وطء الشبهة لا نفقة لها.

واختلفوا في نفقة المعتدة من الطلاق البائن، فقال الحنفية: لها النفقة ولو كانت مطلّقة ثلاثاً، حائلاً كانت أو حاملاً، بشرط أن لا تخرج من البيت الذي أعده المطلِّق لتقضي فيه عدتها. وحكم المعتدة عن فسخ العقد الصحيح حكم المطلّقة بائناً عندهم.

وقال المالكية: إن كانت حائلاً فليس لها من النفقة إلاّ السكنى، وإن كانت حاملاً فلها النفقة بجميع أنواعها، ولا تسقط بخروجها من بيت العدة؛ لأنّ النفقة للحمل لا للحامل.

وقال الشافعية والإمامية والحنابلة: لا نفقة لها إن كانت حائلاً، ولها النفقة إن كانت حاملاً، ولكنّ الشافعية قالوا: إذا خرجت من بيت العدة لغير حاجة تسقط نفقتها.

ولم يلحق الإمامية فسخ العقد الصحيح بالطلاق البائن، حيث قالوا: إنّ المعتدة من فسخ العقد لا نفقة لها حائلاً كانت أو حاملاً.

الناشزة:

اتفقوا على أنّ الزوجة الناشزة لا نفقة لها، واختلفوا في تحديد النشوز الذي تسقط به النفقة، فالحنفية يرون أنّ الزوجة متى حبست نفسها في منزل الزوج، ولم تخرج منه إلاّ بإذنه تكون مطيعة وإن امتنعت عنه في الفراش من غير مبرر شرعي، فإنّ امتناعها هذا وإن كان حراماً عليها ولكن لا تسقط به النفقة. فسبب الإنفاق عندهم هو حبس

٣٨٥

المرأة نفسها في منزل الزوج، ولا دخل أبداً للفراش والاستمتاع. وقد خالفوا بهذا جميع المذاهب، فإنّ كلمتها واحدة على أنّ الزوجة إذا لم تمكّن الزوج من نفسها، وتخلي بينها وبينه، مع عدم المانع شرعاً وعقلاً تُعد ناشزة لا تستحق شيئاً من النفقة، بل قال الشافعية: إنّ مجرد التمكين والتخلية بينها وبينه لا يكفي ما لم تعرض نفسها على الزوج، وتقول له صراحة: إنّي مسلِّمة نفسي إليك.

والحقيقة أنّ المعوّل على صدق الطاعة والانقياد عند أهل العرف، وليس من شك أنّهم يرون الزوجة مطيعة إذا لم تمتنع عن الزوج حين طلبه، ولا يشترطون أن تعرض نفسها عليه غدوة وعشية، ومهما يكن فهنا مسائل تتعلق بالطاعة والنشوز:

١ - إذا كانت الزوجة صغيرة لا تطيق الفراش، والزوج كبيراً يطيقه، فهل تجب النفقة؟

قال الحنفية: الصغيرة على ثلاثة أنواع:

١ - صغيرة لا يمكن الانتفاع بها، لا في الخدمة ولا في المؤانسة، وهذه لا نفقة لها.

٢ - صغيرة يمكن الدخول بها، وهذه حكمها حكم الكبيرة.

٣ - صغيرة يمكن الانتفاع بها في الخدمة أو المؤانسة ولا ينتفع بها في الفراش، وهذه لا نفقة لها.

وقالت بقية المذاهب: لا نفقة للصغيرة، وإن كان الزوج كبيراً.

٢ - إذا كانت الزوجة كبيرة تطيق الفراش، والزوج صغيراً لا يطيقه، قال الحنفية والشافعية والحنابلة: تجب لها النفقة؛ لأنّ المانع منه لا منها.

وقال المالكية والمحققون من الإمامية: لا تجب؛ لأنّ مجرد التمكين من قبلها لا أثر له ما دام العجز الطبيعي متحققاً من الزوج، والصغير غير مكلّف، وتكليف وليه لا دليل عليه.

٣٨٦

٣ - لو كانت الزوجة مريضة أو رتقاء أو قرناء لا تسقط نفقتها عند الإمامية والحنابلة والحنفية(١) ، وتسقط عند المالكية إذا كانت مريضة مرضاً شديداً، أو كان الزوج مريضاً كذلك.

٤ - إذا ارتدت الزوجة المسلمة تسقط نفقتها بالاتفاق، تجب النفقة للزوجة الكتابية كما تجب للمسلمة دون تفاوت.

٥ - إذا خرجت من بيته بدون إذنه، أو امتنعت عن سكنى البيت اللائق بها تُعد ناشزة، ولا تستحق النفقة بالاتفاق، إلاّ أنّ الشافعية والحنابلة قالوا: إذا خرجت بإذنه لحاجة الزوج فلا تسقط النفقة، وإن كانت لغير الزوجة تسقط نفقتها حتى ولو أذن لها.

٦ - إذا سافرت لحج الفريضة قال الشافعية والحنفية: تسقط نفقتها، وقال الإمامية والحنابلة: لا تسقط.

٧ - لو كانت الزوجة مطيعة لزوجها في الفراش، وتساكنه حيث يشاء، ولكنّها تخاشنه في الكلام، وتقطب في وجهه، وتعانده في أمور كثيرة. كما هي حال الكثيرات، فهل تسقط نفقتها أو لا؟

لم أطّلع على أقوال المذاهب في هذا الفرض، والذي أراه أنّ الزوجة إذا كانت حادة الطبع بفطرتها، وكانت هذه معاملتها مع جميع الناس حتى مع أُمها وأبيها فلا تُعد - والحال هذه - ناشزة، أمّا إذا لم يكن ذلك من طبعها، وكانت حسنة المعشر مع الجميع إلاّ مع الزوج فتكون ناشزة، لا تستحق النفقة.

٨ - إذا امتنعت الزوجة عن متابعة الزوج حتى تقبض معجل مهرها، فهل تُعد ناشزة؟ وقد فصّلت المذاهب - كما تقدّم في مبحث المهر -

____________________

(١) قال الحنفية: إذا مرضت وهي في بيته فلها النفقة، وإذا مرضت قبل الزفاف، ولا يمكنها الانتقال إلى بيته فلا نفقة لها، عملاً بمبدئهم من أنّ النفقة عوض عن الاحتباس في منزل الزوج.

٣٨٧

بين أن تمتنع منه قبل أن تمكّنه من نفسها، وبين امتناعها بعد أن مكنته طوعاً قبل القبض، ففي الحال الأُولى يكون امتناعها لمبرر شرعي فلا تُعد ناشزة، وفي الحال الثانية يكون بغير مبرر فتُعدّ ناشزة.

٩ - رأيت قولاً للحنابلة بأنّ الزوجة إذا حبست زوجها من أجل نفقتها أو صداقها، فإن كان معسراً يعجز عن حقوقها المادية تنقطع نفقتها، وإن كان موسراً مماطلاً فإنّ نفقتها لا تنقطع(١) .

وهو حسن ومتين؛ لأنّها إن حبسته وهو معسر عاجز تكون ظالمة له، وإن حبسته وهو موسر مماطل يكون ظالماً لها، وقد نطقت الآية الكريمة:( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) . وجاء في الحديث: (لي الواجد تُحلّ عقوبته وعرضه). وإنّ علياً كان يحبس الرجل إذا التوى على غرمائه ويخلي سبيله إذا تبين إفلاسه. وعلى هذا فإنّ القاضي إذا تثبت وتحقق من إعسار الزوج واستحقاق الزوجة للنفقة، يقرر أنّها دين في ذمته تستوفيه بإشعار آخر، وإذا افترض وأطلق الحكم عليه بالنفقة، وحبسته الزوجة مع عسره وإفلاسه كان للزوج أن يطلب من القاضي إسقاط نفقتها من تاريخ الحبس، وعلى القاضي أن يجيبه إلى طلبه.

١٠ - إذا طُلّقت الزوجة في حال نشوزها فلا تستحق النفقة، وإذا كانت معتدة من طلاق رجعي ونشزت في أثناء العدة تسقط نفقتها، وإن عادت إلى الطاعة تعود نفقتها من تاريخ علمه برجوعها إلى الطاعة.

١١ - إذا بقيت الزوجة بعد إجراء العقد مدة في بيت أبيها، ثمّ طالبته بنفقة تلك المدة، فهل تثبت لها النفقة؟

قال الحنفية: تستحق النفقة وإن لم تنتقل إلى منزل الزوج إذا لم يطلبها، أو طلبها وامتنعت حتى تقبض المهر. (ابن عابدين).

____________________

(١) قال المالكية: تسقط نفقة الزوجة بعسر الزوج سواء أكانت مدخولاً بها أو لا، وإذا أيسر بعد ذلك فليس لها حق المطالبة بالنفقة حال العسر.

٣٨٨

وقال المالكية والشافعية: لها النفقة إذا كان قد دخل بها، أو عرضت نفسها عليه.

وقال الحنابلة: إذا لم تعرض عليه نفسها فلا نفقة لها ولو بقيت على ذلك سنين.

وقال الإمامية: تثبت من تاريخ الدخول إذا كان قد دخل بها عند أهلها، ومن يوم الطلب إذا طالبته بأن ينقلها إليه.

ومن هذا يتبين أنّ الجميع متفقون أنّها لو عرضت نفسها وأظهرت الاستعداد التام للمتابعة تثبت النفقة، وكذا إذا كان قد دخل بها، إلاّ أنّ الحنفية لا يكتفون بالدخول ما لم تظهر الاستعداد للاحتباس. هذا، وقد تقدمت الإشارة في المسألة الثامنة من هذا البحث إلى أنّ لها أن تمتنع حتى تقبض معجل المهر، وأنّ امتناعها له مبرر شرعي لا يسقط نفقتها.

١٢ - قال المالكية والشافعية والحنابلة: إنّ الزوج الغائب كالحاضر بالنسبة لأحكام النفقة، فإن كان للزوج الغائب مال ظاهر حكم القاضي لها بالنفقة، ونفذ الحكم في ماله، وإن لم يكن له مال ظاهر حكم عليه بالنفقة، واستدانت عليه، وهذا هو المعوّل به في مصر. (الأحوال الشخصية أبو زهرة).

وفي كتاب الأحوال الشخصية لمحمد محيي الدين عبد الحميد ص٢٦٩ و٢٧٢ طبعة ١٩٤٢: (مذهب الحنفية أنّه يُفرض في مال الغائب إن ترك مالاً لزوجته وإن لم يترك مالاً أصلاً فإنّ القاضي يفرض النفقة عليه، ويأمر الزوجة أن تستدينها عليه، فإن شكت أنّها لا تجد مَن تستدين منه أمر من تجب عليه نفقتها بإدانتها - على فرض أنّها ليست بذات زوج - وإذا امتنع الذي تجب عليه نفقتها لو كانت غير مزوجة حبسه القاضي).

وقال الإمامية: لو غاب الزوج بعد أن مكّنته من نفسها وجبت نفقتها عليه، مع فرض بقائها على الصفة التي فارقها عليها، وإن غاب

٣٨٩

قبل أن يدخل، فحضرت عند القاضي وأظهرت الطاعة والاستعداد للتمكين، أرسل إليه القاضي وأعلمه بذلك، فإن حضر هو أو أرسل في طلبها أو أرسل إليها النفقة فيها، وإن لم يفعل شيئاً من ذلك يقدّر القاضي المدة التي يستغرقها الإعلام والجواب، أو أرسال النفقة، ولا يحكم بشيء في هذه المدة، ثمّ يحكم من تاريخ انتهائها، فلو كانت المدة بمقدار شهرين - مثلاً - يجعل ابتداء النفقة من تاريخ انتهاء الشهرين. ولو أعلمته بحالها من غير توسط الحاكم، وأثبتت ذلك لكفى، واستحقت النفقة من التاريخ المذكور.

١٣ - لو طلبت الزوجة من القاضي أن يفرض النفقة على الزوج، ولم تعيّن زمناً لابتداء النفقة يحكم لها من تاريخ الطلب بعد التثبت من تحقق الشروط، وإذا عينت أمداً قبل تاريخ الطلب فهل يحكم لها بالنفقة الماضية عن زمن الطلب؟

قال الحنفية: لا يُطالب الزوج بالنفقة الماضية، بل تسقط بمضي المدة إلاّ إذا كانت دون شهر، أو كان القاضي قد حكم بها، فإنّ النفقة المحكوم بها تبقى ديناً في ذمة الزوج مهما طال الزمن.

وقال المالكية: إذا طالبت الزوجة بالنفقة الماضية، وكان زوجها موسراً في تلك المدة فلها حق الرجوع عليه وإن لم يفرضها، أمّا إذا كان معسراً لا يستطيع الإنفاق فليس لها أن ترجع عليه؛ لأنّ العسر عندهم يسقط النفقة، وإذا أعسر بعد اليسر سقط عنه زمن العسر فقط، أمّا زمن اليسر فهو باق في ذمته.

وقال الإمامية والشافعية والحنابلة: تثبت نفقة الزوجة ديناً في ذمته متى تحققت الشروط ومهما طال الزمن، وسواء أكان موسراً أم معسراً، حكم بها القاضي أم لم يحكم.

٣٩٠

تقدير النفقة

اتفقوا على أنّ نفقة الزوجة تجب بأنواعها الثلاثة: المأكل، والملبس، والمسكن. واتفقوا أيضاً على أنّ النفقة تقدّر بنفقة اليسار إذا كان الزوجان موسرين، وبنفقة الإعسار إذا كانا معسرين. والمراد بيسر الزوجة وعسرها: يسر أهلها وعسرهم، ومستوى حياتهم ومعيشتهم.

واختلفوا فيما إذا كان أحد الزوجين موسراً والآخر معسراً، فهل تقدّر بحال الزوج فقط، فيفرض لها نفقة يسار إن كان موسراً وهي معسرة، ونفقة إعسار إن كان معسراً وهي موسرة، أو تقدّر بحسب حالهما معاً، فيفرض لها نفقة الوسط بين الإعسار والإيسار؟

قال المالكية والحنابلة: إذا اختلف الزوجان غنى وفقراً أُخذ بالحالة الوسطى بين الحالين.

وقال الشافعية: تقدّر النفقة بحسب حال الزوج يسراً وعسراً ولا يُنظر إلى حال الزوجة، هذا بالقياس إلى المأكل والملبس، أمّا المسكن فيجب أن يكون لائقاً بها عادة، لا به هو. (الباجوري ج٢ ص ١٩٧ طبعة ١٣٤٣ﻫ).

وللحنفية قولان: أحدهما اعتبار حال الزوجين، والآخر اعتبار حال

٣٩١

الزوج فقط.

وأكثر فقهاء الإمامية أطلقوا القول بأنّ النفقة تقدّر بما تحتاج إليه الزوجة من طعام وإدام وكسوة وإسكان وإخدام وآلة إدهان تبعاً لعادة أمثالها من أهل بلدها، وبعضهم صرح بأنّ المعتبر حال الزوج دون حال الزوجة.

ومهما يكن، فلا بدّ أن نأخذ حالة الزوجة المادية بعين الاعتبار، كما صرح القرآن الكريم:( لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا ) ،( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ) .

وفي القانون المصري رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩: (تقدّر نفقة الزوجة على زوجها بحسب حال الزوج يسراً وعسراً، مهما كانت حالة الزوج).

ومن هنا يتبين أنّ تقديم الخادم وثمن التبغ وأدوات الزينة وأجرة الخياطة، وما إلى ذلك لا بدّ أن يراعى فيه أمران: حال الزوج، وعادة أمثالها، فإذا طلبت أكثر من عادة أمثالها فلا يلزم الزوج إجابتها موسراً كان أو معسراً، وإذا طلبت ما يطلبه أمثالها يُلزم به الزوج مع اليسر، ولا يُلزم به مع العسر. وهنا مسائل:

ثمن الدواء:

إذا احتاجت الزوجة إلى الدواء، أو إلى عملية جراحية، فهل يُلزم الزوج بثمن الدواء وأجرة العملية؟

ويجرنا الجواب إلى البحث: هل يُعد التطبيب من جملة النفقة أو هو خارج عنها؟ وإذا رجعنا إلى النصوص وجدنا القرآن الكريم يوجب( رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ) ، والأحاديث تقول: (على الزوج أن يسد جوعتها، ويستر عورتها)، ولا ذكر في الكتاب والسنّة للدواء والعلاج. أمّا الفقهاء

٣٩٢

فقد حدّدوا النفقة بالمأكل والملبس والمسكن، ولم يتعرضوا للتطبيب، بل منهم مَن صرح بعدم وجوبه على الزوج. فقد جاء في كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة) نقلاً عن الحنفية: (إنّ الدواء والفاكهة لا تجبان على الزوج في حال التنازع). وفي كتاب (الجواهر) للإمامية ج٥: (لا تستحق الزوجة على زوجها الدواء للمرض، ولا أجرة الحجامة، ولا الحمام إلاّ مع البرد). وقال السيد أبو الحسن في كتاب (الوسيلة): إذا كان الدواء من النوع الذي تكثر الحاجة إليه بسبب الأمراض التي قلّما يخلو منها إنسان فهي من النفقة الواجبة على الزوج، وإذا كان من العلاجات الصعبة التي قلّما تقع، وتحتاج إلى مال كثير فليست من النفقة في شيء، ولا يُلزم بها الزوج.

هذا ملخص ما اطّلعت عليه من أقوال الفقهاء. وقد يقال بأنّ علاج الأمراض اليسيرة، كالملاريا والرمد يدخل في النفقة، كما قال صاحب الوسيلة، أمّا العمليات الجراحية التي تحتاج إلى المال الكثير فينبغي فيها التفصيل، فإن كان الزوج فقيراً والزوجة غنية فعليها، وإن كان غنياً وهي فقيرة فعليه، ولو من باب أنّ الزوج أولى الناس بزوجته والإحسان إليها؛ لأنّها شريكة حياته، وإن كانا فقيرين تعاونا معاً.

وعلى أيّة حال، فإنّ الشرع لم يحدد النفقة، وإنّما أوجبها على الزوج، وترك تقديرها إلى أهل العرف، وعلينا نحن - والحال هذه - أن نرجع إليهم، ولا نحكم بوجوب شيء على الزوج إلاّ بعد العلم بأنّه من النفقة في نظرهم، وليس من شك أنّ أهل العرف يذمّون الزوج القادر، ويستنكرون عليه إذا أهمل زوجته المحتاجة إلى العلاج، وتركها بدون تطبيب، تماماً كما يذمّون الوالد إذا أهمل أولاده المرضى مع قدرته على شراء الدواء وأجرة الطبيب.

٣٩٣

نفقة النفاس:

نفقة النفاس الضرورية وأجرة التوليد على الزوج إذا دعت الحاجة إليه.

تعديل النفقة:

إذا فرض القاضي مبلغاً من المال، أو تراضى عليه الزوجان عوضاً عن النفقة، يجوز تعديله بالزيادة أو النقصان تبعاً لتغير الأسعار، أو تبدل أحوال الزوج يسراً وعسراً.

مسكن الزوجة:

قال الإمامية والحنفية والحنابلة: يجب أن يكون مسكن الزوجة لائقاً بحالهما معاً، خالياً من أهله وولده وغيرهم إلاّ برضاها.

وقال المالكية: إذا كانت الزوجة وضيعة لا قدر لها فليس لها الامتناع من السكن مع أقارب الزوج: وإذا كانت شريفة فلها الامتناع عن السكن معهم إلاّ إذا اشترط عليها ذلك أثناء العقد، فيجب حينئذ أن تسكن في دار أهله على أن يفرض لها غرفة تستطيع الخلوة بنفسها ساعة تشاء، وأن لا تتضرر بإساءة أهله إليها.

وقال الشافعية: يجب لها مسكن يليق بحالها هي، لا بحاله هو، ولو كان معدماً.

والحق أنّه لا بدّ من اعتبار حال الزوج في كل ما يعود إلى النفقة من غير فرق بين المأكل والملبس والمسكن؛ لقوله تعالى:( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ) ، على شريطة أن تستقل بالمسكن، ولا تتضرر بسبب سكناها فيه.

٣٩٤

الزوجة العاملة:

صرح الحنفية بأنّ المرأة إذا كانت عاملة لا تستقرّ في البيت فلا نفقة لها إذا طلب منها الزوج القرار، ولم تجبه إلى طلبه. ويتفق هذا مع ما صرحت به بقية المذاهب من عدم جواز خروجها من بيته إلاّ بإذنه، بل صرح الشافعية والحنابلة بأنّها لو خرجت بإذنه لحاجة لها تسقط نفقتها، كما قدّمنا.

ولكن النظر الصائب يستدعي التفصيل بين العالِم حين العقد بأنّها عاملة تمنعها مهنتها من الاستقرار في البيت، وبين الجاهل بذلك حين العقد، فإذا علم وسكت ولم يشترط عليها الترك فلا يحق له - والحال هذه - أن يطلب إليها ترك العمل، وإذا طلب ولم تجب فلا تسقط نفقتها؛ لأنّه أقدم على هذا الأساس، وإنّ كثيراً من الرجال يتزوجون المحترفات رغبة في اشتهارهن حتى إذا عجزوا عن تحقيق هذه الرغبة طلبوا إليهن ترك العمل بقصد الإضرار.

أمّا إذا كان جاهلاً حين العقد بأنّها عاملة فله أن يطلب إليها الترك، فإن لم تمتثل فلا نفقة لها عليه.

ضامن النفقة:

هل للزوجة أن تطالب الزوج بضامن يضمن نفقتها المستقبلة إذا عزم على السفر، ولم يصحبها معه ولم يترك لها شيئاً؟

قال الحنفية والمالكية والحنابلة: لها ذلك، وعليه أن يقدّم ضامناً للنفقة، وإلاّ جاز لها أن تطلب منعه من السفر، بل قال المالكية: لها أن تطالبه بأن يدفع النفقة مقدّماً إذا ادعى أنّه يريد السفر المعتاد، وإذا اتهمته بأنّه يريد سفراً طويلاً غير معتاد كان لها حق المطالبة بأن

٣٩٥

يدفع معجلاً نفقة السفر المعتاد، ويأتي بضامن لما زاد عن العادة.

وقال الإمامية والشافعية: ليس لها أن تطلب ضامناً للنفقة المستقبلة؛ لأنّها لم تثبت بعدُ في ذمة الزوج؛ ولأنّها عرضة لعدم الثبوت بالنشوز أو الطلاق أو الموت.

والذي أراه أنّ لها الحق بطلب الضامن؛ لأنّ سبب الضمان متحقق، وهو أن تكون الزوجة غير ناشزة، ولذا قال الشيخ أحمد كاشف الغطاء في كتاب (سفينة النجاة) باب الضمان: (ولكنّ القول بلا صحة إن لم يكن إجماعاً ليس ببعيد، فتضمن نفقة الزوجة للمستقبل كالماضي والحال).

وإذا وصل الأمر إلى الإجماع يهون عند الإمامية؛ لأنّ كل إجماع ينعقد بعد عهد الأئمة يمكن الطعن فيه على أصولهم، فإذا احتملنا أنّ مستند الإجماع إيمان المجمعين بأنّ النفقة لم تثبت بعد في الذمة، وكل ما هو كذلك لا يصحّ ضمانه - إذا احتملنا هذا - سقط الاستدلال بالإجماع لعروض الاحتمال، ونُظر إلى القاعدة التي استندوا إليها في ذاتها: هل هي صحيحة، ومنطبقة على ما نحن فيه أو لا؟ وقد بينا أنّ وجود السبب كافٍ في الضمان، وعلى هذا يحق للزوجة أن تطلب ضامناً لنفقتها إذا أراد السفر وبخاصة إذا كان غير مأمون تدلّ سيرته على عدم شعوره بالمسؤولية.

اختلاف الزوجين:

إذا اختلف الزوجان في الإنفاق، مع اعتراف الزوج بأنّها تستحق النفقة، فقالت هي: لم ينفق. وقال هو: أنفقتُ. قال الحنفية والشافعية والحنابلة: القول قول المرأة؛ لأنّها منكرة، والأصل معها.

وقال الإمامية والمالكية: إن كان مقيماً معها في بيت واحد فالقول

٣٩٦

قوله، وإلاّ فالقول قول المرأة.

وإذا اعترف الزوج بعدم الإنفاق متذرعاً بعدم استحقاقها النفقة وعدم تسليم نفسها إليه، فالقول قول الزوج عند الجميع، وهذه المسألة فرع عن اتفاق المذاهب على أنّ المهر يثبت بالعقد، ويستقرّ بكامله بالدخول، أمّا النفقة فلا تثبت بمجرد العقد، بل لا بدّ من تسليم نفسها للزوج. وقد جرت عادة المحاكم الشرعية السنّية والشيعية في لبنان إذا اختلف الزوجان في النشوز - فادعى هو أنّها ناشزة، وادعت هي أنّ النشوز منه لا منها - أن تأمر المحكمة الزوج بإيجاد البيت اللائق، ثمّ تدعوها للمساكنة فيه، فإن امتنع هو عن إيجاد البيت اعتُبر النشوز منه، وإن أوجده بكامل شروطه وامتنعت هي عن المساكنة والمتابعة اعتُبر النشوز منها.

دعوى الزوجة الطرد:

إذا خرجت الزوجة من بيت الزوج مدّعية الطرد وأنكر هو، فعليها البينة وعليه اليمين، حيث لا يجوز لها الخروج إلاّ بمبرر، وقد ادعت وجوده فعليها الإثبات.

تلف النفقة:

إذا رفع الزوج لزوجته نفقة الأيام المقبلة، ثم سُرقت أو تلفت في يدها، فلا يجب على الزوج الدفع ثانية، سواء أكان ذلك لسبب قهري أو بتهاون منها.

٣٩٧

دين الزوج على الزوجة:

لو كان للزوج دين على زوجته، وأراد أن يحتسبه من نفقتها الحاضرة أو المستقبلة، فهل له ذلك؟

لقد تعرض فقهاء الإمامية لهذا الغرض، وقالوا: إذا كانت الزوجة موسرة وامتنعت عن الوفاء يجوز له أن يقاصها يوماً فيوماً، أي يجعل ماله عليها من دين نفقة لها في كل يوم على حدة، أمّا إذا كانت معسرة فلا يجوز له ذلك؛ لأنّ وفاء الدين إنّما يكون فيما يفضل عن قوت يوم وليلة.

٣٩٨

نفقة الأقارب

مَن هم الذين تجب النفقة لهم وعليهم؟ وما هي شروط الوجوب؟

تحديد نفقة القريب:

الحنفية يرون الشرط الأساسي لوجوب نفقة القريب على قريبه أن تكون القرابة موجبة لحرمة الزوج، بحيث لو فُرض أنّ أحد القريبين رجلاً والآخر امرأة لامتنع الزواج بينهما للقرابة، فيشمل الوجوب الآباء وإن علوا، والأبناء وإن نزلوا، ويشمل أيضاً الأخوة والأخوات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات؛ لأنّ الزواج ممتنع بين هؤلاء جميعاً.

ويقدّم الأقرب فالأقرب دون أي اعتبار لاستحقاق الإرث، فلو وجد واحد من العمودين وهم: الآباء والأبناء، تجب عليه النفقة وإن لم يستحق الإرث، ولا تجب على واحد من الحاشية وإن كان وارثاً، فلو كان لإنسان ابن بنت وأخ لوجبت النفقة على ابن البنت دون الأخ، مع أنّ الإرث كله للأخ، ولا شيء لابن البنت. (الدرر في شرح الغرر ج١ باب النفقات).

٣٩٩

وكذلك يقدّم الأقرب على الأبعد في المرتبة الواحدة، وإن كان الأقرب غير وارث والأبعد هو الوارث، فلو كان لطفل أب لجده أبي أبيه وجد لأُمه فإنّ النفقة تجب على جده لأُمه دون أب الجد لأبيه، مع أنّ الوارث هو أب الجد لا الجد من جهة الأُم، والسر أنّ أب الأُم أقرب وإن لم يكن وارثاً، وأب الجد أبعد وإن كان وارثاً. وقالوا: على الابن الموسر نفقة زوجة أبيه المعسر، وعليه أيضاً تزويجه مع الحاجة إلى الزوجة.

المالكية قالوا: تجب النفقة على الأبوين والأولاد من الصلب فقط دون بقية الأصول والفروع، فلا تجب على الولد نفقة جده ولا جدته لا من جهة الأب ولا من جهة الأُم، كما لا تجب على الجد نفقة ابن الابن ولا بنت الابن. وبالجملة ينحصر وجوب النفقة في الأبوين والأبناء الأدنين دون آباء الآباء وأبناء الأبناء.

وقالوا: يجب على الولد الموسر أن ينفق على خادم والديه المعسرين وإن لم يحتاجا إليه، ولا تجب على الأب نفقة خادم الابن، ويجب على الولد أيضاً أن ينفق على زوجة أبيه وخادمها، وأن يزوج أباه بواحدة أو أكثر إن لم تكفه الواحدة.

الحنابلة قالوا: تجب النفقة على الآباء ولهم وإن علوا، وعلى الأبناء ولهم وإن نزلوا، سواء أكانوا محجوبين أو وارثين، وتجب أيضاً لغير العمودين من الحواشي بشرط أن يكون المنفِق وارثاً للمنفق عليه بفرض أو تعصيب، أمّا إذا كان القريب من غير عمودي النسب محجوباً فلا تجب عليه النفقة، فلو كان له ابن فقير وأخ موسر فلا نفقة عليهما؛ لأنّ عسر الابن ينفي عنه وجوب النفقة، والأخ وإن كان موسراً إلاّ أنّه محجوب بالابن. (المغني ج٧ باب النفقات).

وقالوا: يجب على الابن تزويج أبيه ونفقة زوجته، كما يجب على الأب تزويج إبنه إذا كان محتاجاً إلى الزواج.

٤٠٠