الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة0%

الفقه على المذاهب الخمسة مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 650

الفقه على المذاهب الخمسة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد جواد مغنية
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 650
المشاهدات: 223584
تحميل: 30546

توضيحات:

الفقه على المذاهب الخمسة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 650 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 223584 / تحميل: 30546
الحجم الحجم الحجم
الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

دخل فعليه أن يعطيها ثلاثة، وان لم يدخل فهو مخير بين أن يدفع الثلاثة، وبين فسخ العقد ويعطيها نصف المسمّى.

شروط المهر:

ويصحّ أن يكون المهر نقداً ومصاغاً وعقاراً وحيواناً ومنفعة وعروض تجارة، وغير ذلك ممّا له قيمة، ويُشترط أن يكون معلوماً إمّا بالتفصيل كألف ليرة، وإمّا بالإجمال كهذه القطعة من الذهب أو هذه الصبرة من الحنطة، وإذا كان مجهولاً من جميع الجهات بحيث لا يمكن تقويمه بحال صح العقد وبطل المهر عند الجميع ما عدا المالكية فإنّهم قالوا: يقع العقد فاسداً ويُفسخ قبل الدخول، ويثبت بعده بمهر المثل.

ومن شروط المهر: أن يكون حلالاً، ومتقوّماً بمال في الشريعة الإسلامية، فإذا سمّى لها خمراً أو خنزيراً أو ميتة أو غير ذلك ممّا لا يصحّ ملكه، قال المالكية: يفسد العقد قبل الدخول، وإذا دخل يثبت العقد وتستحق مهر المثل.

وقال الشافعية والحنفية والحنابلة وأكثر الإمامية: يصحّ العقد ولها مهر المثل. وقيّد بعض الإمامية استحقاقها لمهر المثل بالدخول، وبعضهم أطلق كالمذاهب الأربعة.

وإذا سمّى لها مهراً مغصوباً، كما لو تزوجها بعقار ظهر أنّه لأبيه أو لغيره، قال المالكية: إذا كان العقار معلوماً لهما وهما راشدان فسد العقد، ويُفسخ قبل الدخول ويثبت بعده بمهر المثل.

وقال الإمامية والحنفية: العقد صحيح على كل حال، أمّا المهر فإذا أجاز المالك فلها عين المسمّى، وإن لم يجز كان لها بدل المسمّى من

٣٤١

المثل أو القيمة؛ لأنّ المسمّى - والحال هذه - يصحّ ملكه في نفسه، والبطلان كان من أجل التعيين بخلاف الخمر والخنزير فأنّهما لا يُملكان.

مهر المِثل:

الثاني: مهر المثل، ويُعتبر في حالات:

١ - اتفقوا على أنّ المهر ليس ركناً من أركان العقد، كما هي الحال في البيع، بل هو أثر من آثاره فيصحّ عقد الزواج بدونه، ويثبت مهر المثل بالدخول، وإذا طلّقها قبل الدخول فلا تستحق مهراً، ولها المتعة، وهي هدية يقدمها الرجل للمرأة بحسب حاله، كخاتمٍ وثوبٍ وما إلى ذلك، فإن تراضيا عليها فبها وإلاّ فرضها الحاكم، أمّا كون الخلوة بحكم الدخول أو لا فيأتي الكلام.

وقال الحنفية والحنابلة: إذا مات أحدهما قبل الدخول يثبت للزوجة مهر المثل تماماً كا لو دخل. (مجمع الأنهر، والمغني باب الزواج).

وقال المالكية والإمامية: لا مهر لها إذا مات أحدهما قبل الدخول. (المغني، والوسيلة).

وللشافعية قولان: أحدهما يجب المهر، والثاني لا يجب شيء. (مقصد النبيه).

٢ - إذا جرى العقد على ما لا يُملك، كالخمر والخنزير، وقد تقدم.

٣ - الوطء بشبهة يوجب مهر المثل بالاتفاق، والوطء بشبهة هو الوطء الذي ليس بمستحق في الواقع، مع جهل فاعله بعدم الاستحقاق، كمن تزوج امرأة يجهل أنّها أخته من الرضاعة ثمّ تبين ذلك، أو قاربها بمجرد أن وكلت وكيلاً بزواجها منه ووكل هو بزواجه منها باعتقاد

٣٤٢

أنّ هذا الوكيل كاف لجواز المقاربة، وبتعبير ثان أنّ ضابط الشبهة أن تحصل المقاربة بدون زواج صحيح، ولكن مع وجود مبرر شرعي يسقط الحد، ومن هنا أدخل الإمامية في باب الشبهة وطء المجنون والنائم والسكران.

٤ - قال الإمامية والشافعية والحنابلة: مَن أكره امرأة على الزنا فعليه مهر المثل، وإن طاوعته لم يجب لها شيء.

٥ - إذا تزوجها بشرط عدم المهر صح العقد، باتفاق الجميع ما عدا المالكية فإنّهم قالوا: يفسد العقد قبل الدخول، ويثبت بعده بمهر المثل. وقال كثير من الإمامية: يعطيها شيئاً قلّ أو كثر، وفيه روايات عن أهل البيت.

وقال الإمامية والحنفية: إذا جرى عقد فاسد، وسُمّي فيه مهر معيّن وحصل وطء، فإن كان المسمّى دون مهر المثل فلها المسمّى؛ لأنّها قد رضيت به، وإن كان أكثر من مهر المثل فلها مهر المثل؛ لأنّها لا تستحق أكثر منه.

ويقاس مهر المثل عند الحنفية بمثيلاتها من قبيلة أبيها لا من قبيلة أُمها. وعند المالكية يقاس بصفاتها خَلقاً وخُلقاً. وعند الشافعية بنساء العصبات، أي زوجة الأخ والعم، ثمّ الأخت الشقيقة الخ. وعند الحنابلة الحاكم يفرض مهر المثل بالقياس إلى نساء قرابتها كأُم وخالة.

وقال الإمامية: ليس لمهر المثل تحديد في الشرع، فيُحكّم فيه أهل العرف الذين يعلمون حال المرأة نسباً وحسباً، ويعرفون أيضاً ما له دخل وتأثير في زيادة المهر ونقصانه على شريطة أن لا يتجاوز مهر السنة، وهو ما يعادل ٥٠٠ درهم.

تعجيل المهر وتأجيله:

اتفقوا على أنّ المهر يجوز تعجيله وتأجيله كلاً وبعضاً على شريطة أن يكون معلوماً بالتفصيل، كما لو قال: تزوجتكِ بمئة، منها خمسون

٣٤٣

معجّلة ومثلها مؤجلة إلى سنة، أو معلوماً بالإجمال، كما لو قال: مؤجلة إلى أحد الأجلين الموت أو الطلاق - يأتي أنّ الشافعية منعوا من هذا التأجيل -، أمّا إذا كان مجهولاً جهالة فاحشة، كقوله: إلى أن يأتي المسافر، فيبطل الأجل(١) .

وقال الإمامية والحنابلة: إذا ذكر المهر وأهمل التعجيل والتأجيل كان المهر حالاً بكامله.

وقال الحنفية: بل يؤخذ بعرف أهل البلد، فيعجّل من المهر بقدر ما يعجّلون، ويؤجّل بقدر ما يؤجّلون.

وقال الحنفية: إذا أجّل ولم يذكر الأجل، كما لو قال: نصفه معجل ونصفه مؤجل، يبطل الأجل، ويكون المهر حالاً.

وقال الحنابلة: بل يُحمل الأجل على الموت أو الطلاق.

وقال المالكية: يفسد عقد الزواج ويفسخ قبل الدخول، ويثبت بعده بمهر المثل.

وقال الشافعية: إذا لم يكن الأجل معلوماً بالتفصيل، وكان معلوماً بالإجمال مثل أحد الأجلين تفسد التسمية، ويجب مهر المثل. (الفقه على المذاهب الأربعة ج٤).

(فرع) قال الحنفية والحنابلة: إذا اشترط أبو المرأة شيئاً لنفسه من مهر ابنته فالمهر صحيح، والشرط لازم يجب الوفاء به.

وقال الشافعية: يفسد المسمّى، ويثبت مهر المثل.

____________________

(١) ذكرتُ في كتاب الفصول الشرعية أنّ التأجيل لأقرب الأجلين الموت أو الطلاق غير صحيح فراراً من الجهالة، ثمّ تبين لي أنّه صحيح؛ لأنّ المهر يحتمل من الجهالة ما لا يحتمله الثمن في البيع، فليس هو عوضاً حقيقة، ولذا يكتفى فيه بالمشاهدة والقبضة وتعليم ما يحسن من القرآن، هذا بالأصالة إلى أنّ أحد الأجلين معلوم في الواقع، وإن لم يكن معلوماً عند العاقدين فأحد الأمرين من الطلاق أو الموت واقع لا محالة، ثمّ إنّ الزواج يصلح بلا ذكرِ المهر، وبالتفويض إلى مَن يُعينه.

٣٤٤

وقال المالكية: إذا كان الشرط عند الزواج فالكل للزوجة حتى الذي اشترطه الأب لنفسه، وإن كان بعد الزواج فهو لأبي الزوجة. (المغني، وبداية المجتهد).

وقال الإمامية: لو سمّى لها مهراً ولأبيها شيئاً معيناً كان لها المهر المسمّى، وسقط ما عيّنه للأب.

امتناع الزوجة حتى تقبض المهر:

اتفقوا على أنّ للزوجة أن تطالب الزوج بكامل مهرها المعجل بمجرد إنشاء العقد، وأنّ لها أن تمتنع منه حتى تقبضه، فإن مكنته من نفسها طوعاً قبل أن تقبض فليس لها أن تمتنع منه بعد ذلك باتفاق الجميع، ما عدا أبا حنيفة فانّه قال: لها أن تمتنع بعد التسليم، وخالفه صاحباه محمد وأبو يوسف.

وتستحق النفقة على الزوج إذا امتنعت قبل أن تقبض المهر وتمكنه من نفسها؛ لأنّ امتناعها يكون - والحال هذا - لمبرر شرعي، أمّا إذا امتنعت بعد قبض المهر أو بعد التمكين فتسقط نفقتها إلاّ عند أبي حنيفة.

وإذا كانت الزوجة صغيرة لا تصلح للفراش والزوج كبير فلوليّ الزوجة أن يطالب بالمهر، ولا يجب الانتظار إلى بلوغ الزوجة، وكذلك إذا كانت الزوجة كبيرة والزوج صغيراً فإنّ لها أن تطالب ولي الزوج، ولا يجب عليها الانتظار إلى أن يبلغ.

وقال الإمامية والشافعية: إذا تشاحّ الزوج والزوجة فقالت هي: لا أطيع حتى أقبض المهر. وقال هو: لا أُسلّم حتى تطيع. أُجبر الزوج إلى تسليم المهر إلى أمين، وأُلزمت هي بالطاعة، فإن أطاعت سُلّم إليها المهر واستحقت النفقة، وإن امتنعت فلا تُسلَّم المهر وتسقط نفقتها،

٣٤٥

وإن امتنع هو عن تسليم المهر حُكم عليه بالنفقة إن طلبتها.

وقال الحنفية والمالكية: إنّ تسليم المهر مقدم على تسليم المرأة، فليس للرجل أن يقول: لا أُسلِّم المهر حتى أستلم الزوجة، وإذا أصر على ذلك يُحكم عليه بالنفقة، وإذا قبضت المهر وامتنعت فلا يحق للزوج أن يسترجعه.

وقال الحنابلة: يجبر الزوج على تسليم المهر أوّلاً، كما قال الحنفية، ولكن إذا أبت الزوجة أن تسلّم نفسها بعد قبض المهر فللزوج أن يسترجعه منها. (مقصد النبيه، ومجمع الأنهر، والفقه على المذاهب الأربعة).

عجز الزوج عن المهر:

قال الإمامية والحنفية: إذا عجز الزوج عن دفع المهر فليس للزوجة أن تفسخ الزواج، ولا للقاضي أن يطلقها، وإنّما لها حق الامتناع عنه.

وقال المالكية: إذا ثبت عجزه وكان الزوج لم يدخل بعدُ، أجّله القاضي أمداً يوكل تقديره إلى نظره واجتهاده، فإذا استمر العجز طلّق القاضي، أو تطلّق هي نفسها ويحكم القاضي بصحة طلاقها، أمّا إذا دخل الزوج فلا يحق لها الفسخ بحال.

وقال الشافعية: إذا ثبت إعساره ولم يدخل فإنّ لها الفسخ، وإذا دخل فليس لها أن تفسخ.

وقال الحنابلة: تفسخ، ولو بعد الدخول إذا لم تكن عالمة بعسره قبل الزواج، وإذا كانت عالمة بالعسر من قبل فلا فسخ، وفي حال جواز الفسخ لا يفسخ إلاّ الحاكم.

الأب ومهر زوجة الابن:

قال الشافعية والمالكية والحنابلة: إذا عقد الأب زواج ابنه الفقير

٣٤٦

يكون هو المطالَب بالمهر حتى ولو كان الابن الفقير كبيراً وتولى أبوه زواجه بالوكالة عنه، وإذا مات الأب قبل أن يؤدي المهر الذي وجب عليه فيؤخذ من أصل تركته.

وقال الحنفية: لا يجب المهر على الأب، سواء أكان الابن غنياً أم فقيراً، وكبيراً أم صغيراً. (الأحوال الشخصية - أبو زهرة).

وقال الإمامية: إذا كان للولد الصغير مال وزوّجه أبوه فالمهر في مال الطفل، وليس على الأب شيء، وإذا لم يكن للصغير مال حين العقد فالمهر على الأب وليس على الزوج شيء وإن أصبح غنياً بعد ذلك.

ولا يلزم الأب بمهر زوجة ولده الكبير إلاّ إذا ضمنه بعد إجراء العقد.

الدخول والمهر:

إذا دخل رجل بامرأة فلا يخلو دخوله بها عن أحد أسباب ثلاثة:

١ - أن يكون عن زنا بحيث تعلم هي بالتحريم، ومع ذلك تقدم، وهذه لا تستحق شيئاً بل عليها الحد.

٢ - أن يكون عن شبهة من جهتها، كأن تعتقد الحل ثمّ يتبين التحريم، وهذه يُدرأ عنها الحد ولها مهر المثل، سواء أَجهل هو بالتحريم أَم علم به.

٣ - أن يكون الدخول عن زواج شرعي، وهذه لها المهر المسمّى، إن كان هناك تسمية صحيحة للمهر، ولها مهر المثل إن لم يُذكر المهر أصلاً في العقد، أو ذُكر مهراً فاسداً، كالخمر والخنزير.

وإذا مات أحد الزوجين قبل الدخول فلها تمام المهر المسمّى عند الأربعة. واختلف فقهاء الإمامية، فمنهم مَن أوجب لها تمام المهر كالمذاهب الأربعة، ومنهم مَن قال: لها نصف المسمّى كالمطلّقة، ومن

٣٤٧

هؤلاء السيد أبو الحسن الأصفهاني في كتاب الوسيلة، والشيخ أحمد كاشف الغطاء في سفينة النجاة.

جناية الزوجة على الزوج:

قال الشافعية والمالكية والحنابلة: إنّ الزوجة إذا قتلت زوجها قبل الدخول سقط مهرها كله.

وقال الحنفية والإمامية: لا يسقط حقها في المهر، وإن كان يسقط في الارث.

الخلوة:

قال الشافعية وأكثر الإمامية: لا تأثير لخلوة الزوج بزوجته بالنسبة إلى المهر، ولا إلى غيره، والمعوّل على الدخول الحقيقي.

وقال الحنفية والحنابلة: إنّ الخلوة الصحيحة تؤكد المهر، وتثبت النسب، وتوجب العدة في الطلاق ولو لم يحصل في الاجتماع دخول حقيقي. وزاد الحنابلة على الحنفية حيث ذهبوا أنّ النظر بشهوة اللمس أو التقبيل بدون خلوة يؤكد المهر، كالدخول. ومعنى الخلوة الصحيحة: أن يجتمع الزوجان في مكان يأمنان فيه اطلاع الغير، ولم يكن أي مانع في أحدهما من المقاربة.

وقال المالكية: إذا خلا الزوج بها وطالت مدة الخلوة، استقر عليه المهر وإن لم يدخل، وحدد بعضهم طول المدة بسنة كاملة. (الأحوال الشخصية - أبو زهرة، ورحمة الأمّة للدمشقي).

نصف المهر:

اتفقوا على أنّ العقد إذا جرى مع ذكر المهر، ثم طلق الزوج قبل

٣٤٨

الدخول والخلوة - عند مَن اعتبرها - سقط نصف المهر، وإذا جرى العقد بدون ذكر المهر فلا شيء لها إلاّ المتعة، كما تقدم، الآية ٢٣٦ من سورة البقرة:( لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِين * وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ) . فإذا لم يكن الزوج قد دفع شيئاً لمن سمّى لها مهراً وطلّقها قبل الدخول فعليه أن يدفع لها نصف المهر، وإن كان دفعه كاملاً استعاد نصفه إن كان باقياً، ونصف بدله من المثل أو القيمة إن تلف.

ولو تركا ذكر المهر في العقد ثمّ تراضيا عليه وبعد التراضي طلّقها قبل أن يدخل، فهل تأخذ نصف ما تراضيا عليه، كما لو كان المهر مذكوراً في العقد، أو لا شيء لها سوى المتعة كما لو لم يتراضيا أصلاً؟

قال الشافعية والإمامية(١) والمالكية: لها نصف المهر المفروض بعد العقد.

وفي كتاب المغني للحنابلة ج٦ باب الزواج: (لها نصف ما فُرض بعد العقد ولا متعة ...).

هذا تمام الكلام في استحقاق المهر كله، واستحقاق النصف فقط، أمّا سقوط المهر بكامله فيُعرف ممّا قدمناه في باب العيوب ومهر المثل.

____________________

(١) قال صاحب الجواهر في المسألة الثالثة من مسائل التفويض: متى حصل التراضي على شيء يكون هذا الشيء مهراً يدخل فعلاً في ملك الزوجة عيناً كان أو ديناً، حالاً أو مؤجلاً، ويجري عليه حينئذ ما يجري على المذكور في العقد.

٣٤٩

لو افتض الزوج بكارة الزوجة بغير المعتاد

إذا افتض الزوج بكارة زوجته بأصبعه أو بآلة، فهل يكون ذلك بحكم الدخول بالقياس إلى استقرار المهر أم لا؟

وليس من شك أنّه إذا دخل بعد هذه العملية ترتبت جميع الآثار الشرعية من استقرار المهر والعدة والنسب، وما إلى ذلك. وإنّما الكلام والتساؤل فيما لو طلّق بعد هذا الإفتضاض وقبل أن يدخل، فهل يثبت لها نصف المهر المسمّى فقط؛ لأنّه لم يدخل حقيقة، أو تمامه؛ لزوال البكارة بسببه؟

وقد سألتُ آية الله السيد (أبو القاسم الخوئي) عن ذلك فأجاب:

(على الزوج المهر بتمامه بسبب الإفتضاض؛ لرواية علي بن رئاب، فقد جاء فيها قوله: (فإن كنّ كما دخلن عليه فإنّ لها نصف الصداق الذي فُرض لها)). وظاهر هذه القضية الشرطية أنّ الطلاق إنّما يكون سبباً لانتصاف المهر إذا كانت الزوجة حال الطلاق كما هي حال اجتماع

٣٥٠

الزوج بها، فتدلّ القضية بإطلاق مفهومها على أنّ الزوجة إذا لم تكن كما كانت فعلى الزوج المهر كاملاً، ولا ينتصف بالطلاق، سواء كان تغيرها وزوال بكارتها بسبب الجماع أو بسبب آخر(١) .

____________________

(١) جاء في رواية يونس بن يعقوب: (لا يوجب الصداق إلاّ الوقاع في الفرْج). وهذه الرواية بيان لرواية ابن رئاب، وعليه فيختص قول الإمام (فإن كنّ كما دخلن) بالوقاع والدخول المعروف، ولا يشمل الافتضاض بالبكارة، ويسقط الاستدلال برواية ابن رئاب. ومهما يكن فإنّ فتوى السيد الخوئي تتفق مع ما جاء في (منهاج الصالحين) للسيد الحكيم حيث قال: (إذا أزال بكارتها بإصبعه من دون رضاها استقر المهر)، ومع فتوى الشيخ أحمد كاشف الغطاء في سفينة النجاة، باب الحدود.

٣٥١

اختلاف الزوجين

اختلاف الزوجين تارة يكون في أصل الدخول، وأخرى في تسمية المهر، وثالثاً في مقداره، ورابعاً في قبضه، وخامساً في أنّ الذي قبضَته هدية أو مهر، فهنا مسائل:

١ - إذا اختلف الزوجان في الدخول فللحنفية قولان، أرجحهما أنّ المرأة إذا ادعت الوطء أو الخلوة وأنكر الزوج كان القول قولها؛ لأنّها تنكر سقوط نصف صداقها. (الفقه على المذاهب الأربعة).

وقال المالكية: (إن زارته في بيته، وادعت الوطء وأنكر صُدّقت بعد أن تحلف اليمين، وإن زارها هو في بيتها، وادعت الوطء وأنكر عُمل بقوله مع يمينه، وكذلك إذا زارا أجنبياً في بيته، وادعت الوطء وأنكر كان القول قوله).

وقال الشافعية: إذا اختلفا في الوطء فالقول قول الزوج. (مقصد النبيه).

وقال الإمامية: إذا اختلف الزوجان في الدخول، فقالت هي: لم يدخل؛ لتُثبت أنّ لها حق الامتناع عنه حتى تقبض معجل المهر.

٣٥٢

وقال هو: دخلت؛ ليُثبت أنّ امتناعها بغير مبرر شرعي. أو قال هو: لم أدخل؛ كي يسقط عنه نصف المهر بالطلاق، وقالت هي: دخل؛ لتُثبت المهر كاملاً ونفقة العدة. فالمعول على قول منكِر الدخول، سواء أكان الزوج أم الزوجة. ولا أثر للخلوة كما تقدم.

ولسائلٍ أن يسأل: كيف قال الإمامية هنا: يؤخذ بقول مَن ينكر الدخول، مع أنّهم أخذوا بقول العنين لو ادعى الدخول كما أسلفنا؟

والجواب: إنّ النزاع هنا وقع في أصل الدخول، وهو شيء حادث، والأصل يقتضي عدمه، وعلى مَن يدّعي حدوثه البينة، أمّا النزاع في مسألة العنة فهو نزاع في وجود العيب الموجب لفسخ الزواج، فقول الزوجة (لم يدخل) يرجع إلى دعواها وجود العيب، فتكون مدعية، وقوله هو (دخلت) يرجع إلى نفي العيب فيكون منكِراً.

٢ - إذا اختلفا في أصل التسمية، فقال أحدهما: اقترن العقد بذكر المهر الصحيح، وقال الآخر: بل وقع مجرداً عن التسمية. قال الإمامية والحنفية: البينة على مدعي التسمية، واليمين على مَن أنكرها، ولكن إذا كانت الزوجة هي التي ادعت التسمية والزوج هو المنكِر، وحلف على عدم التسمية بعد عجزها عن الإثبات تُعطى مهر المثل بعد الدخول على شريطة أن لا يزيد مهر المثل عمّا تدّعيه، فلو قالت: جرى العقد بعشرة وأنكر هو، وكان مهر المثل عشرين تُعطى عشرة فقط، عملاً باعترافها بأنّها لا تستحق أكثر من ذلك.

وقال الشافعية: هما متداعيان، أي أنّ كلاً منهما مدعٍ ومنكِر، فإن أقام أحدهما البينة وعجز عنها الآخر حُكم لصاحب البينة، وإن أقاماها معاً أو عجز عنها معاً تحالفا وثبت مهر المثل.

٣ - إذا اتفقا على أصل التسمية، واختلفا في قدر المسمّى، فقالت

٣٥٣

هي: عشرة. وقال هو: خمسة. قال الحنفية والحنابلة: القول قول مَن يدّعي مهر المثل منهما، فإن ادعت المرأة مهر المثل أو أقلّ فالقول قولها، وإن ادعى الزوج مهر المثل أو أكثر فالقول قوله. (المغني، وابن عابدين).

وقال الشافعية: هما متداعيان، فإن لم يكن لأحدهما بينة تحالفا، وثبت مهر المثل.

وقال الإمامية والمالكية: الزوجة مدعية عليها البينة، والزوج منكِر عليه اليمين.

٤ - إذا اختلفا في قبض المهر، فقالت هي: لم أقبض. وقال هو: بل قبضَت. قال الإمامية والشافعية والحنابلة: القول قول الزوجة فهي المنكرة، وهو المدعي عليه الإثبات.

وقال الحنفية والمالكية: القول قول الزوجة إذا كان الاختلاف قبل الدخول، وقول الزوج إذا كان بعد الدخول.

٥ - إذا اتفقا على أنّ الزوجة أخذت شيئاً من الزوج، ثمّ اختلفا، فقالت هي: إنّه هدية. وقال هو: إنّه مهر. قال الإمامية والحنفية: القول قول الزوج؛ لأنّه أدرى بنيته فعليه اليمين، وعليها البينة على أنّه هدية. (الجواهر، وابن عابدين).

هذا إذا لم تكن هناك قرائن حالية من عادة العرف، أو أوضاع الزوج الخاصة تدل على أنّه هدية، كما لو كان من نوع المأكول أو بذلة ثياب، أو ما يسمّيه اللبنانيون في زماننا بالعلامة، والمصريون بالشبكة، وهو خاتم وما أشبه ممّا يهديه الخاطب للمخطوبة كي لا تقبل خاطباً سواه، فإن كان شيء من ذلك يكون القول قول الزوجة لا قول الزوج.

٣٥٤

وإذا عدلت هي عن الزواج بعد أن استلمت علامة الخطبة وقبل إجراء العقد، فعليها إرجاعها لو طالب بها، وإذا عدل هو فالعرف لا يرى له الحق في الاسترجاع، ولكنّ القواعد الشرعية لا تفرق بين عدوله وعدولها، وتلزمها بارجاع الهدية ما دامت عينها باقية ولم تتصرف فيها ببيع أو هبة، أو تغير هيئتها إلى هيئة أخرى.

٣٥٥

الجهاز

اتفق الإمامية والحنفية على أنّ المهر ملك خاص للزوجة، وحق من حقوقها، تفعل به ما تشاء من هبة أو شراء جهاز، وتحتفظ به لنفسها، ولا يحق لأحد معارضتها فيه، وكل ما تحتاج إليه من كسوة وفراش وأدوات ضرورية لإعداد البيت وتجهيزه فهو على الزوج وحده، وليست هي ملزمة بشيء منه؛ لأنّ النفقة بجميع أنواعها تُطلب من الزوج خاصة.

وقال المالكية: على الزوجة أن تشتري ممّا تقبضه من مهرها كل ما جرت به عادة أمثالها من الجهاز، وإذا لم تقبض شيئاً من المهر فلا يجب عليها الجهاز إلاّ في حالتين: الأُولى: إذا كان عُرف بلدها يوجب على المرأة الجهاز، وإن لم تقبض شيئاً. الثانية: أن يشترط الزوج عليها أن تجهز البيت من مالها الخاص.

إذا اختلف الزوجان في شيء من أدوات البيت يُنظر: هل يصلح للرجال فقط، أو للنساء فقط، أو لهما معاً. فالحالات ثلاث:

١ - أن يصلح للرجال فقط، كثياب بدنه، وكتبه، وأدوات الهندسة والطب إن كان مهندساً أو طبيباً وهذا النوع يؤخذ بقول

٣٥٦

الزوج مع يمينه إلاّ أن تقوم البينة على أنّه للزوجة. هذا رأي الإمامية والحنفية.

٢ - أن يصلح للنساء فقط، كثياب بدنها، وحليها، ومكنة الخياطة، وأدوات زينتها ويؤخذ بقولها مع يمينها إلاّ أن تقوم البينة على أنّه للزوج. الإمامية والحنفية.

٣ - أن يصلح لهما معاً، كالسجاجيد والأسرّة، وما إليها، وهذا يُعطى لصاحب البينة منهما، فإن لم يكن لأحدهما بينة يحلف كل منهما على أنّ المتاع له خاصة، وبعد التحالف يقسّم بينهما مناصفة، وإن حلف أحدهما وامتنع الآخر عن اليمين أُعطي المتاع للحالف. هذا هو رأي الإمامية.

أمّا أبو حنيفة وصاحبه محمد فقد ذهبا إلى أنّ القول قول الزوج في كل ما يصلح لهما.

وقال الشافعية: إذا اختلف الزوجان في متاع البيت فهو بينهما، سواء في ذلك ما يصلح لهما وغيره. (ملحقات العروة للسيد كاظم - باب القضاء، والأحوال الشخصية - أبو زهرة).

٣٥٧

النسب

للانسان أن يتكلم ما يشاء، وليس لأحد من الناس أن يحجر عليه القول، ما دام كلامه لا يتنافى مع القانون والأخلاق، ولكنّه لا يجب على أحد أيضاً أن ينظر إلى كلامه بعين الاهتمام والعناية - سواء أكان المتكلم عظيماً أم حقيراً، قديساً أم غير قديس - إذا خرج كلامه عن دائرة اختصاصه، فلو أبدى ضليع في علم القانون رأيه في مسألة طبية أو زراعية لا يجوز للمدّعي أن يحتج به، ولا للقاضي أن يدعم به حكمه.

وكذلك الأنبياء والرسل وأئمة الدين والفقه لا يجب على أحد أن يذعن ويؤمن بقولهم، إذا تكلموا في الأمور الطبيعية كخلق السماوات والأرض، وما بينهما من البعد والمسافة، ومبدأهما ومنتهاهما، وعناصرهما وقواهما، فإنّ القديسين قد يخبرون عن الشيء بصفتهم الدينية وقد يخبرون عنه صفتهم الشخصية، ككل إنسان يقول ما يسمع ويظن، فما كان من النوع الأوّل يجب أن نسمع لهم ونطيع، ما دام حكمهم لا يتجاوز دائرة اختصاصهم، وما كان من النوع الثاني لا يجب التدين به؛ لأنّه ليس إخباراً عن الدين وشؤونه.

فالمتشرع - دينياً كان أو غير ديني - تنحصر وظيفته في بيان الأحكام

٣٥٨

والقوانين في الحث على الفعل أو الزجر عنه، أو بيان الأسباب والموجبات، وأنّ هذا العقد يجب العمل بمقتضاه والوفاء به، وذاك لا يجب، وما إلى ذلك ممّا يحفظ النظام ويحقق الصالح العام.

أمّا الأشياء الطبيعية، كأقل مدة الحمل وأقصاها، فليس للشارع إثباتها ولا نفيها ولا تعديلها؛ لأنّ سنن الطبيعة وأسبابها لا تختلف ولا تتغير بتغير الأوضاع والأزمان، على العكس من الأمور التشريعية فإنّ وجودها ونفيها وتعديلها يرتبط بإرادة المشرّع ومشيئته.

أجل، لرجل التشريع أن يأخذ من الأعيان الطبيعية الخارجية موضوعاً لأحكامه - مثلاً - له أن يقول: للحمل نصيب في ميراث مَن تولد من مائه، وإنّه يزداد في راتب الموظف إذا ولد له، وإنّه إذا زاد إنتاج الحنطة عن مؤونة المزارعين يحجز الزائد لحساب الميرة، وهكذا.

أمّا بيان هذه المواضيع التي أُنيطت بها الأحكام والقوانين، فمن وظيفة أهل الخبرة والمعرفة، وإذا جاء بيانها وتحديدها على لسان أئمة الفقه يكون بيانهم إمضاء لتقرير الخبراء ليس غير، كما يستعين القاضي بهم عند الاقتضاء، وإذا انكشف الواقع وتبين خطأ التحديد فلا يجب العمل بقول الفقهاء؛ لانّنا نعلم علم اليقين أنّهم يتكلمون عن شيء موجود قبل التشريع، وأنّ مرادهم من التحديد هو الكشف والحكاية عن ذلك الموجود، وقد تبين العكس، فيكون العمل بقولهم - والحالة هذه - مخالفاً لما يريدون ويقصدون، والفقهاء أنفسهم يسمّون هذا النوع من الخطأ (اشتباه في التطبيق) كقول القائل: أعطني هذا القدح. مشيراً إلى حجر يشبه القدح.

وبعد هذا التمهيد ندخل في صُلب الموضوع: لما كان الولد موضوعاً لكثير من الأحكام الشرعية، كاستحقاق الإرث من أبيه، وتحريم الزواج من الأخت، وثبوت الولاية للأب عليه وعلى ماله إلى أن يبلغ، ووجوب النفقة، وما إلى ذلك من الحقوق الشرعية والأخلاقية، لما كان الأمر كذلك

٣٥٩

تعرض الفقهاء لتحديد أقلّ مدة الحمل وأكثرها. وبديهة أنّ هذا البحث من اختصاص الأطباء لا الفقهاء؛ وعليه لا يجب العمل بقولهم إذا خالف العيان والواقع؛ لأنّ منطق الواقع أقوى من منطقهم، وحجته أقوى من حجتهم في هذه المواضيع، وقد اندحرَت أمامه أقوال الفلاسفة وعلماء الطبيعة، فبالأحرى أن تندحر أمامه أقوال مَن تكلموا عن الأشياء التي لا تمتّ إلى اختصاصهم بصلة قريبة ولا بعيدة. ونحن ننقل أقوال المذاهب الإسلامية في مدة الحمل قلة وكثرة على هذا الأساس، أساس عدم وجوب التدين بشيء من ظاهر أقوالهم إذا خالفت الواقع والحقيقة.

أقلّ مدة الحمل:

اتفقت كلمة المذاهب الإسلامية من السنة والشيعة على أنّ أقلّ مدة الحمل ستة أشهر؛ لأنّ الآية ١٥ من سورة الأحقاف نصّت على أنّ حمل الولد ورضاعه ثلاثون شهراً( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً ) ، والفصال: هو الرضاع. ثمّ نصّت الآية ١٤ من سورة لقمان على أنّ الرضاع يكون في عامين كاملين( وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ) ، ومتى أسقطنا العامين من الثلاثين شهراً يبقى ستة أشهر، وهي أقلّ مدة الحمل، والطب الحديث أيّد ذلك، وبه أخذ المشرِّع الفرنسي.

وينتج عن ذلك أحكام:

١ - إذا تزوج رجل وامرأة، ثمّ وضعت ولداً حياً كامل الصورة قبل مضي ستة أشهر، فلا يُلحق الولد بالزواج، وقال الشيخ المفيد والشيخ الطوسي من الإمامية والشيخ محي الدين عبد الحميد من الحنفية: يكون أمر الولد في هذا الحال بيد الزوج إن شاء نفاه وإن شاء أقرّ به وألحقه بنفسه، ومتى أقرّ به - والحالة هذه - يكون ولداً شرعياً

٣٦٠