الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة0%

الفقه على المذاهب الخمسة مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 650

الفقه على المذاهب الخمسة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد جواد مغنية
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 650
المشاهدات: 225629
تحميل: 30686

توضيحات:

الفقه على المذاهب الخمسة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 650 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225629 / تحميل: 30686
الحجم الحجم الحجم
الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الاكتحال

جاء في كتاب (التذكرة): أجمع علماؤنا - أي الإمامية - على أنّه لا يجوز الاكتحال بالسواد، ولا بكحل فيه طيب، سواء أكان المـُحرِم رجلاً أم امرأة، ويجوز فيما عدا ذلك.

وجاء في كتاب (المغني): الكحل بالإثمد مكروه ولا فدية فيه، لا أعلم في ذلك خلافاً. أمّا الكحل بغير الإثمد فلا كراهة فيه ما لَم يكن فيه طيب.

الأظافر والشعر والشجر

اتفقوا على عدم جواز قص الاظافر والشعر وحلقه، سواء أكان على الرأس أم على البدن، وإن خالف عليه كفارة(١) .

أمّا قطع ما في الحرم مِن أشجار ونبات: فقد اتفقوا على عدم جواز قطع أو قلع ما أنبته الله دون توسط آدمي، حتى ولو كان شوكاً إلاّ نوعاً يُسمّى الأذخر. واختلفوا فيما نبت بتوسط آدمي، فقال الشافعي: لا فرق في عدم الجواز بين النوعين، وتجب الفدية في الجميع، وفي الشجرة العظيمة بقرة، وفيما دونها شاة.

وقال مالك: يأثم بالقطع، ولا شيء عليه، سواء أكان المقطوع ممّا أنبته الله أو بتوسط الآدمي.

وقال الإمامية والحنفية والحنابلة: يجوز قطع ما أنبته الآدمي، ولا شيء فيه، أمّا ما أنبته الله ففيه كفارة، وهي عند الإمامية بقرة في قطع الشجرة

____________________

(١) قال الإمامية: إذا قلّم يديه ورجليه فشاة مع اتحاد المجلس، وإن تعدد فشاتان، وفي تقليم كل ظفر مُدّ مِن طعام. والمد يقرب مِن ٨٠٠ غرام.

٢٢١

الكبيرة وفي الصغيرة شاة. وقال الحنفية: يؤخذ بقيمته هدي. (فقه السنّة، واللمعة للإمامية).

واتفقوا على أنّه ليس في قطع اليابس شيء، شجراً كان أو حشيشاً.

النظر في المرآة

لا يجوز للمحرم أن ينظر في المرآة، وإذا فعل فلا فدية عليه بالاتفاق. ولا مانع مِن النظر في الماء.

الحناء

قال الحنابلة: يجوز للمحرم الاختضاب بالحناء، ذكراً أو أنثى، في أي جزء مِن بدنه ما عدا الرأس.

وقال الشافعية: يجوز ذلك، ما عدا اليدين والرجلين.

وقال الحنفية: لا يجوز الاختضاب للمحرم بحال، رجلاً كان أو امرأة. (فقه السنّة).

والمشهور عند الإمامية أنّ الخضاب مكروه وليس بمحرّم. (اللمعة).

الاستطلال وتغطية الرأس

اتفقوا على أنّ المـُحرِم لا يجوز له أن يغطي رأسه اختياراً. وقال المالكية والإمامية: وأيضاً لا يجوز له أن يرتمس في الماء بحيث يعلو فوق رأسه. ويجوز أن يغسل رأسه، ويفيض عليه الماء بالاتفاق إلاّ المالكية، فإنّهم قالوا: لا يجوز للمـُحرِم إزالة الوسخ بالغسل إلاّ اليدين.

٢٢٢

ولو غطى رأسه ناسياً، قال الإمامية والشافعية: لا شيء عليه.

وقال الحنفية: عليه الفدية.

واتفقوا - ما عدا الشافعية - على أنّ الرجل المـُحرِم يحرم عليه أن يستظل في حال السير، فلا يجوز له ركوب سيارة أو طيارة وما إليهما إن كان لها سقف. أمّا إذا كان ماشياً فيجوز له أن يمر تحت الظل عابراً(١) .

ولو اضطر إلى الاستظلال، وهو مسافر لمرض أو حَرٍّ أو برد جاز، وعليه كفارة عند الإمامية.

واتفقوا على أنّ للمـُحرِم أن يستظل بالسقف والحائط والشجرة والخيمة، وما إلى ذاك في حال الاستقرار وعدم السير.

وقال الإمامية: يجوز للمرأة أن تستظل وهي سائرة. (التذكرة).

لِبس المخيط والخاتم

اتفقوا على أنّ الرجل المـُحرِم ممنوع مِن لِبس المخيط، والمحيط أيضاً كالعمامة والطربوش ونحوه، وأجازوه للمرأة إلاّ القفاز وثوباً مسه طيب.

وقال الإمامية: لو لبس المخيط ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه، ومَن لبسه عن قصد ليتقي الحر أو البرد فعليه شاة. وأيضاً قالوا: لا يجوز لِبس الخاتم للزينة، ويجوز لغيرها، كما أنّه لا يجوز للمرأة لِبس الحُلي للزينة.

الفسوق والجدال

قال تعالى في الآية ١٩٧ مِن سورة البقرة:( فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ

____________________

(١) نقل صاحب التذكرة عن أبي حنيفة: عدم جواز الاستظلال حال السير، ونقل عنه صاحب (رحمة الأمّة): الجواز.

٢٢٣

جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) . ومعنى الرفث: الجماع، وتقدم الحديث عنه. ومعنى الفسوق: الكذب، وقيل: السباب، وقيل: المعاصي. ومهما يكن، فهو محرّم على الحاج وغير الحاج، ولكنّه يتأكد في حقه أكثر مِن سواه. ومعنى الجدال: المجادلة. وروى الإمامية عن الإمام الصادق: إنّه قولُ الرجل لغيره: (لا والله وبلى والله) كذا. وهذا أدنى مراتب الجدال.

وقال الإمامية: إذا كذب مرة فعليه شاة، ومرتين فبقرة، وثلاثاً فبدنة. وإذا حلف صادقاً فلا شيء عليه إلاّ إذا تكرر الحلف ثلاث مرات فعليه شاة.

الحجامة

اتفقوا على جواز الحجامة للضرورة، وأجازها الأربعة لغير ضرورة إذا لَم تستدعِ إزالة الشعر.

واختلف فقهاء الإمامية فيما بينهم، فمنهم مَن أجازها، ومنهم مَن منعها. (التذكرة، والفقه على المذاهب الأربعة).

القمل

جاء في كتاب (اللمعة) للإمامية: لا يجوز للمـُحرِم قتل هوام الجسد، كالقمل والقراد، ويجوز نقله. وقال السيد الحكيم في المنسك: يجوز قتل البق والبرغوث؛ ليدفعه عن نفسه. أمّا نحن فلا نشك أبداً في جواز إزالة كل مؤذٍ، وإن توقّف على القتل جاز.

ومِن الطريف ما نُقل عن ابن عباس أنّه سئل عن مُحرِم رأى قملة على جسده فألقى بها على الأرض، ثُمّ خشي أن يكون ذلك غير جائز، فطلبها ليردها إلى مكانها، فلم يجدها؟

فقال ابن عباس: تلك ضالة لا تبتغى. وجاء في كتاب (المغني): ولا يتفلى

٢٢٤

المـُحرِم؛ لأنّ التفلي عبارة عن إزالة القمل، وهو ممنوع منه فإن خالف وتفلّى وقتل قملاً فلا فدية فيه - أي عند الحنابلة -.

وقال الحنفية: يطعم شيئاً.

وقال مالك: حفنة مِن طعام.

الصيد

اتفقوا قولاً واحداً على تحريم التعرض لصيد البَّر بالقتل أو الذبح، أو الدلالة عليه، أو الإشارة إليه؛ ولذا يحرم التعرض لبيضه وأفراخه، أمّا صيد البحر فجائز، ولا فدية فيه؛ لقوله تعالى:( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً ) (المائدة ٩٩).

وتحريم الصيد في الحرم يشمل المـُحِل والمـُحرِم على السواء، أمّا خارج الحرم فيجوز للمـُحِل دون المـُحرِم.

ولو ذبح المـُحرِم الصيد يصير ميتة، ويحرم أكله على جميع الناس.

واتفقوا على أنّ للمـُحرِم أن يقتل الحدأة - نوع مِن الطير - والغراب والفأرة والعقرب، وزاد جماعة الكلب العقور وكل مؤذٍ.

وقال الشافعية والإمامية: الصيد البري إن كان له مثل أهلي في الشكل والصورة كالبقر الوحشي، تخير القاتل بين أن يخرج مثله مِن النعم، فيذبحه ويتصدق به، وبين أن يقوّم المثل بدراهم يشتري بها طعاماً، ثُمّ يتصدق بالطعام على المساكين لكل مسكين مُدّان - أي ١٦٠٠ غرام على وجه التقريب - وبين أن يصوم عن كل مدّين يوماً. وبهذا قال المالكية إلاّ أنّهم قالوا: يقوّم نفس الصيد لا مثله.

وقال الحنفية: يضمن الصيد بالقيمة، سواء أكان له مثل أم لَم يكن،

٢٢٥

ومتى قوّمه تخير القاتل بين أن يشتري بالثمن المماثل مِن النعم ويخرجه، وبين أن يشتري طعاماً ويتصدق به، وبين أن يصوم عن كل مُد يوماً. (التذكرة وفقه السنّة).

ويستند الجميع إلى الآية ٩٨ مِن سورة المائدة:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ) .

ومعنى قوله تعالى:( يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ ) : أن يحكم إثنان مِن أهل العدالة بأنّ هذا الحيوان الأهلي هو مثل الحيوان الوحشي المقتول. ومعنى قوله:( هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ ) : أنّه إذا أتى مكة ذبح المماثل الأهلي، وتصدق به.

وجاء في كتاب (الشرائع) للإمامية: (أنّ كل مُحرِم أكل أو لبس ما لا يحلّ أكله أو لبسه فعليه شاة)، إن فعل ذلك عامداً لا ناسياً أو جاهلاً.

واتفق الإمامية والشافعية على أنّ الكفارة تسقط عن الجاهل والناسي إلاّ في الصيد، فإنّ الكفارة تجب فيه حتى ولو وقع سهواً. (الجواهر، وفقه السنّة).

حد الحرمين

لا فرق في تحريم الصيد وقطع الشجر بين حرم مكة وحرم المدينة. وجاء في كتاب (فقه السنّة) أنّ حد الحرم المكي نُصبت عليه أعلام مِن جهات خمس، وهي أحجار مرتفعة قدر متر منصوبة مِن جانبي كل طريق.

فمِن جهة الشمال يُدعى (التنعيم)، وبينه وبين مكة ٦ كيلومترات.

ومِن الجنوب (اضاه)، بينها وبين مكة ١٢ كيلومتراً.

ومِن جهة المشرق (الجعرانة)، وبينها وبين مكة ١٦ كيلومتراً.

٢٢٦

ومِن جهة الغرب (الشميسي)، وبينه وبين مكة ١٥ كيلومتراً.

أمّا حد الحرم النبوي فقدره إثنا عشر ميلاً يمتد مِن عير إلى ثور. وعير: جبل عند الميقات. وثور: جبل عند أُحد.

وقال العلاّمة الحلّي الإمامي في التذكرة: إنّ حد الحرم المكي بريد في بريد - البريد ١٢ ميلاً -، وحد حرم المدينة مِن عاير إلى عير(١) .

وقد أطال فقهاء المذاهب الكلام في الصيد وكفاراته، وابتدؤوا مِن صيد النعامة التي تشبه الناقة الى صيد الجرادة، وفرعوا فروعاً، وافترضوا صوراً شتى.. ونحن نكتفي بما ذكراه لعدم الجدوى مِن التطويل والتمثيل؛ لأنّ الذي يذهب إلى الحرمين الشريفين يذهب ناسكاً زاهداً، لا متنزهاً صائداً.. كما أنّنا تركنا بعض ما تعرّضوا له مِن التروك، كحمل السلاح للدفاع عن النفس، والاحتشاش لعلف الناقة، وما إليه ممّا لَم يبق مجال للحديث عنه؛ لانتفاء الموضوع، أو لندرة الوقوع.

____________________

(١) جاء في كتاب المغني: (إنّ أهل العلم بالمدينة لا يعرفون بها ثوراً ولا عيراً)، وغير بعيد أن تتغير الأسماء بمرور الزمن.

٢٢٧

الطواف

الطواف ركن مِن أركان العمرة، وكذا طواف الإفاضة فإنّه ركن التمتع والإفراد والقران. وقدّمنا أنّ الإحرام هو أوّل عمل يجب أن يبتدئ به الناسك، سواء أكان معمِراً بعمرة مفردة أو حاجاً بحج تمتع أو إفراد أو قران.

بين الحاج والمعتمِر

بقي أن نعرف: ما هو العمل الثاني الذي يعقب الإحرام مباشرة؟ هل هو الطواف، أو الوقوف، أو غيره؟

الجواب

يختلف ذلك باختلاف صفة الناسك وقصده مِن الإحرام، فإن كان قد أحرم للعمرة فعليه أن يُثنّي بالطواف لا بغيره، سواء أكان مريداً العمرة المفردة أم عمرة التمتع، فالطواف بالقياس الى المعتمِر هو العمل الثاني بالاتفاق.

أمّا إذا أراد بإحرامه الحج فقط، كمن قصد حج الإفراد أو حج التمتع بَعد أن أنهى أعمال العمرة، فإنّه يُثنّي بَعد الإحرام بالوقوف في عرفات - يأتي التفصيل -.

٢٢٨

وبتعبير ثان: ان من دخل مكة معتمراً فقط، أو حاجاً حج التمتع ابتدأ اولاً، وقَبل كل شيء بالطواف، ثم السعي، ثم التقصير، وبَعد ذلك ينشئ إحراماً جديداً - إن كان متمتعاً - أما غيره فلا يجب عليه الطواف مباشرة بَعد الإحرام، بل يؤخره الى ما بَعد الوقوف والنزول من منى. - يأتي التفصيل -.

أقسام الطواف عند السنّة

قسّم أئمة المذاهب الأربعة الطواف إلى ثلاثة أقسام:

١ - طواف القدوم، يفعله الآفاقي - غير المكي ومَن في ضواحيها - حين يدخل مكة، فهو أشبه بركعتي التحية للمسجد؛ ومِن هنا سُمّي طواف التحية. وقد اتفقوا على أنّه مستحب لا شيء على تاركه إلاّ المالكية فإنّهم قالوا: على تاركه دم.

٢ - طواف الزيارة، ويُسمّى طواف الإفاضة أيضاً، وهذا الطواف يأتي به الحاج بَعد أن يقضي مناسكه بمنى مِن رمي جمرة العقبة والذبح والحلق أو التقصير، فإنّه يرجع الى مكة ويطوف. وسُمّي هذا الطواف طواف الزيارة؛ لأنّه ترك منى، وزار البيت مِن أجله. وسُمّي طواف الإفاضة؛ لأنّه أفاض - أي رجع - مِن منى الى مكة. ويُسمّى أيضاً طواف الحج؛ لأنّه ركن مِن أركانه بالاتفاق.

وبإتمام هذا الطواف يحلّ كل شيء كان محرّماً على الحاج، حتى النساء - عند غير الإمامية -. أمّا الإمامية فإنّهم قالوا: لا تحلّ له النساء حتى يسعى بَعده بين الصفا والمروة، ويطوف طوافاً ثانياً، ومِن هنا سمّوه طواف النساء، ويتضح أكثر عمّا قريب.

٣ - طواف الوداع، وهو آخر ما يفعله الحاج عند إرادة السفر مِن مكة،

٢٢٩

وقال الحنفية والحنابلة بوجوبه، ولكن إذا تركه الحاج يلزمه دم فقط، أي يضحي.

وقال المالكية: هو مستحب، ولا شيء على مَن يتركه. وللشافعي قولان. (المغني، والفقه على المذاهب الأربعة، وفقه السنّة).

أقسام الطواف عند الشيعة

والشيعة يوافقون السنّة على أنّ هذه الأطوافة الثلاثة مشروعة، وأنّ الثاني - وهو طواف الزيارة - ركن مِن أركان الحج، ويبطل بتركه(١) ، وأنّ الأوّل - وهو طواف القدوم - مستحب يجوز تركه، أمّا الطواف الثالث - وهو طواف الوداع - فيوافقون فيه المالكية في أنّه مستحب لا يجب بتركه شيء.

ولكنّهم زادوا طوافاً آخر على الثلاثة، وهو طواف النساء، وقالوا بوجوبه وعدم جواز تركه في العمرة المفردة، وفي الحج بشتى أنواعه، تمتعاً كان أو قراناً أو إفراداً، ولَم يجيزوا تركه إلاّ في عمرة التمتع اكتفاء بطواف النساء الذي يشتمل عليه حج التمتع.

وبكلمة، إنّ السنّة قالوا: ليس بَعد طواف الحج طواف واجب، وإنّ النساء تحلّ به. وقال الشيعة: بل يجب على الناسك بَعد أن يطوف طواف الحج أن يسعى، ثمّ يطوف ثانية، وهذا الطواف الثاني هو بالذات طواف النساء.

وقالوا أيضاً: إذا ترك الناسك هذا الطواف حرُمت عليه النساء حتى العقد إن كان رجلاً، وحرُم عليها الرجال إن كانت امرأة إلى أن يفعله الحاج بنفسه، أو يستنيب مَن يطوف عنه، ولو مات قَبل أن يؤديه أو يستنيب أداه عنه وليه بَعد الموت. بل قالوا: لو حج الصبي المميز ولَم يأتِ بطواف النساء،

____________________

(١) قال صاحب الحدائق: يبطل بتركه عمداً، ويجب قضاؤه لو تركه سهواً.

٢٣٠

ولو سهواً أو جهلاً، فلا تحلّ له النساء بَعد البلوغ، ولا العقد عليهن، حتى يؤدي أو يستنيب.

وبالجملة، إنّ الشيعة يوجبون على مَن يحج حج التمتع ثلاثة أطوافة: الأوّل للعمرة، وهو ركن منها، والثاني للحج، وهو ركن منه، والثالث للنساء، وهو جزء واجب، وليس بركن أشبه بالفاتحة بالنسبة الى الصلاة. أمّا السنّة فيوافقون الشيعة في جميع ذلك إلاّ في طواف النساء، فإنّهم ينكرونه. أمّا المفرِد والقارن فعلى كل منهما طوافان عند الشيعة(١) .

عند دخول مكة

اتفقوا على أنّه يستحب لمن دخل مكة أن يغتسل، وأن يدخل مِن أعلاها، ومِن باب بني شيبة، وأن يرفع يديه عند رؤية البيت، ويكبّر ويهلّل، ويدعو بالمأثور أو بما تيسر، إلاّ مالكاً فإنّه قال: لا يرفع يديه بالدعاء، بل يأتي الى الحجر فيقبّله إن استطاع وإلاّ لمسه، وإلاّ أشار إليه بيده ودعا.

وقال الإمامية: يستحب أن يدخلها حافياً، وأن يمضغ الأذخر - نبات يطيب الفم - وإلاّ نظّف فمه، واجتهد بزوال رائحته.

الشروط

قال الشافعية والمالكية والحنابلة: يشترط في الطواف الطهارة مِن الحدث والخبث، فلا يصحّ مِن الجنب، ولا مِن الحائض والنفساء، ولا مع ترك،

____________________

(١) قال ابن رشد في كتابه البداية: أجمعوا على أنّ المتمتع بالعمرة إلى الحج عليه طوافان، أمّا المفرِد فطواف واحد، واختلفوا في القارن، فقال الشافعي وأحمد ومالك: عليه واحد. وقال أبو حنيفة: بل اثنان.

٢٣١

ويُشترط أيضاً ستر العورة تماماً كما هي الحال في الصلاة.

وقال السيد سابق في الجزء الخامس مِن (فقه السنّة) ص١٥٤ طبعة سنة ١٩٥٥ ما نصه بالحرف:

(يرى الحنفية أنّ الطهارة مِن الحدث ليست شرطاً، وإنّما هي واجب يجبر بدم، فلو كان محدِثاً حدثاً أصغر وطاف صح طوافه ولزمه شاة. وإن طاف جُنباً وحائضاً(١) صح ولزمه بدنة، ويعيده ما دام بمكة).

وجاء في كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة) ج أوّل ص ٥٣٤ طبعة سنة ١٩٣٩ ما نصه بالحرف: (أمّا طهارة الثوب والبدن والمكان فسنّة مؤكدة - عند الحنفية - حتى لو طاف وعليه ثوب كله نجس فلا جزاء عليه).

وقال الإمامية: الطهارة مِن الحدث والخبث شرط في الطواف الواجب، وكذلك يشترط ستر العورة بثوب طاهر غير مغصوب. وأن لا يكون مِن غير مأكول اللحم، ولا مِن الحرير، ولا الذهب كما هي الحال في الصلاة. بل تشدد بعضهم في أمر الطواف أكثر مِن الصلاة، حيث قال بالعفو عن الدم إذا كان بمقدار الدرهم في الصلاة، وعدم العفو عنه في الطواف، وبعدم جواز لِبس الحرير والذهب للنساء.

وقالوا أيضاً - أي الإمامية -: يُشترط في الطائف الختان، فلا يصحّ الطواف مِن الأغلف رجلاً كان أو صبياً. (الجواهر، والحدائق).

____________________

(١) جاء في كتاب الجواهر، وكتاب الحدائق، وكتاب المسالك، وكتاب العروة الوثقى وغيرها مِن فقه الإمامية: أنّ الجُنب والحائض لا يجوز لهما المرور والاستطراق في المسجد الحرام، ولا في مسجد الرسول (ص) فضلاً عن المكث، ويجوز لهما أن يستطرقا ولا يمكثا في غير الحرمين الشريفين مِن المساجد. وبهذا تعرف الدس والافتراء على الإمامية، حيث نُسب إليهم أنّهم يذهبون إلى الحرم الشريف بقصد تلويثه.

٢٣٢

كيفية الطواف

لا بدّ مِن تعيين النية للطواف بالذات عند الإمامية والحنابلة. وقال المالكية والشافعية والحنفية: تكفي نية الحج بوجه العموم، ولا يُشترط نية الطواف بالخصوص. (الجواهر، وفقه السنّة). وتقدّم أنّ النية بمعنى الداعي والباعث لا تقبل النزاع والجدال؛ لأنّها مِن الأمور القهرية.

وجاء في كتاب (بداية المجتهد) لابن رشد:

(والجمهور - أي فقهاء السنّة - مجمعون على أنّ صفة كل طواف، واجباً كان أو غير واجب، أن يبتدئ مِن الحجر الأسود - وفي كتاب فقه السنّة وينتهي به أيضاً - فإن استطاع أن يقبّله قبّله، أو يلمسه بيده ويقبّلها إن أمكنه فعل، ثمّ يجعل البيت على يساره، ويمضي على يمينه، فيطوف سبعة أشواط، يرمل(١) في الثلاثة الأشواط الأُولى، ثمّ يمشي في الأربعة، وذلك في طواف القدوم على مكة للحاج والمعتمِر دون المتمتع - أي الرمل - وإنّه لا رمل على النساء، ويستلم الركن اليماني).

وقال الإمامية: للطواف واجبات، وهي:

١ - النية، وسبقت إليها الإشارة.

٢ - أن يطوف ماشياً، فإن عجز طاف راكباً. وقد أهمل هذا الشرط كثير مِن الإمامية، بل صرح جماعة منهم بجواز الركوب اختياراً، حيث جاء في كتاب الكافي، وكتاب مَن لا يحضره الفقيه: أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) طاف على راحلته.

____________________

(١) الرمل في المشي: هو الإسراع مع تقارب الخطى دون الوثوب والعدو. وجاء في كتاب (اللمعة) للإمامية: أنّ الرمل مستحب في الأشواط الثلاثة الأُول في طواف القدوم، تماماً كما هي عند الجمهور.

٢٣٣

٣ - أن يبدأ بالحجر الأسود، بحيث يكون أوّل جزء مِن بدنه بإزاء أوّل جزء مِن الحجر - حال الابتداء - ثمّ يأخذ بالحركة على اليسار، وأن يختم به بحيث يحاذيه في آخر شوط كما ابتدأ أوّلاً، لتكمل الأشواط السبعة دون أن ينقص أو يزيد خطوة، فما دونها. وخوفاً مِن الزيادة أو النقصان وجب البدء مِن أوّل الحجر؛ لأنّه إن بُدئ مِن وسطه لا تؤمَن الزيادة أو النقصان. وإن بُدئ مِن آخره لَم يكن الابتداء مِن الحجر.. إلى آخر ما قيل حول هذا الشوط.

لقد جاءت هذه العبارة، وما إليها في كثير مِن كتب الفقه.. وعلق عليها صاحب الجواهر بكلام طويل دل على اعتدال في الفطرة، وسلمة في الذوق، نقتطف مِن هذا التعليق الطويل ما يلي:

(لا يخفى حصول المشقة وشدة الحرج والضيق بملاحظة ذلك.. بخاصة في هذه الأزمنة التي يكثر زحام الحجاج.. وأنّ اعتباره مثار للوسواس، كما أنّه مِن المستهجنات القبيحة التي تشبه أحوال المجانين(١) ، وقد رُوي أنّ الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) طاف على راحلته، ويتعذر هذا التدقيق وتحققه على الراكب).

والذي فهمناه مِن مجموع كلامه أنّه يختار قول الشيخ صاحب الشرائع، وهو متن الجواهر، ولَم يزد الشيخ حرفاً على هذه الجملة: (الواجب البدء بالحجر، والختم به). ومعنى هذا كما يظهر مِن عبارة الجواهر الاكتفاء بتحقق الصدق عرفاً، وقول السيد الحكيم في المنسك يشعر بذلك، حيث جاء فيه: (عليه - أي على الطائف - أن يبتدئ بقليل ممّا قَبل الحجر ناوياً ما يجب عليه في الواقع، فإذا طاف كذلك فقد علم بأنّه ابتدأ بالحجر وختم به).

٤ - أن يجعل البيت على يساره، قال السيد الحكيم: يكفي في تحققه الصدق عرفاً، ولا يضر الانحراف اليسير ما دام الصدق العرفي متحققاً. وقال

____________________

(١) هذه الجملة ذكرها صاحب الجواهر عندما شبّه مَن اشترطوا هذه الشروط للطواف ببعض الناس حين يريدون النية للصلاة.

٢٣٤

السيد الخوئي: الظاهر إنّ العبرة بالصدق العرفي.

٥ - أن يُدخل حِجر إسماعيل في الطواف، أي يطوف حوله دون أن يدخل فيه(١) .

ويكون على يساره، فإذا طاف بينه وبين البيت فجعله على يمينه بطل الطواف.

٦ - أن يكون بجميع بدنه خارجاً عن البيت؛ لأنّ الله سبحانه قال:( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) ، أي حوله لا فيه، تقول: مررت بزيد، ولا تقول: مررت في زيد، فلو مشى على حائطه أو القدر الباقي مِن أساس الجدار بَعد عمارته بطل الطواف. والمراد بالبيت العتيق: الكعبة شرّفها الله.

٧ - أن يكون طوافه بين البيت والصخرة التي هي مقام إبراهيم، أي الحجر الذي وقف عليه حين بنى البيت.

٨ - أن يتم سبعة أشواط بلا زيادة أو نقصان.

وبديهة أنّ تشخيص هذه الأماكن يحتاج إلى عارف خبير يحددها ويدل عليها.

ومتى انتهى مِن طوافه وجب أن يصلّي ركعتين خلف مقام إبراهيم، وإن كان زحام، وإن لَم يمكن فحيال المقام، فإن لَم يمكن فحيث أمكن مِن المسجد. ولا يجوز أن يباشر بطواف ثانٍ إلاّ بَعد صلاة الركعتين، ولو نسيهما وجب عليه الرجوع، والإتيان بهما، فإن تعذر عليه الرجوع قضاهما حيث كان، هذا إذا كان الطواف واجباً، وإن كان مستحباً يصلّيهما حيث شاء. (التذكرة،

____________________

(١) حِجر إسماعيل ابن إبراهيم (ع) كان بيتاً له، وفيه قبر أمّه، وجاء في الجواهر أنّ الإمام سئل عن حِجر إسماعيل، فقال: إنّكم تُسمّونه الحطيم، وإنّما كان لغنم إسماعيل فدفن فيه أُمه، إنّه كَرِه أن توطأ فحجر عليه.

٢٣٥

والجواهر، والحدائق).

وبهذا يتبين أنّ فقهاء المذاهب جميعاً متفقون على الابتداء مِن الحجر الأسود والختم به، وجعل البيت على يسار الطائف، بحيث يقع خارج البيت، وأنّ الأشواط سبعة، وأنّ استلام الحجر والركن مستحب.

وأنّهم قد اختلفوا في الموالاة وعدم الفاصل بين الأشواط، فأوجبها المالكية والإمامية والحنابلة.

وقال الشافعية والحنفية: هي سنّة، فلو فرّق تفريقاً كثيراً بغير عذر لا يبطل، ويبني على طوافه. (فقه السنّة).

وأيضاً قال أبو حنيفة: إذا أتى بأربعة أشواط ثمّ ترك، فإن كان بمكة لزمه إتمام الطواف، وإن كان قد خرج منها جبرها بدم. (التذكرة).

واختلفوا أيضاً في وجوب المشي على الطائف، فأوجبه الحنفية والحنابلة والمالكية.

وقال الشافعية وجماعة مِن الإمامية: لا يجب، ويجوز الركوب اختياراً.

وأيضاً اختلفوا في صلاة ركعتين بَعد الطواف، فقال المالكية والحنفية والإمامية بوجوبهما. وهما تماماً كصلاة الصبح.

وذهب الشافعية والحنابلة إلى الاستحباب.

مستحبات الطواف

جاء في كتاب (فقه السنّة) بعنوان (سُنن الطواف).

للطواف سُنن منها: استقبال الحجر الأسود عند بدء الطواف مع التهليل والتكبير، ورفع اليدين كرفعهما في الصلاة، واستلامه بهما بوضعهما عليه،

٢٣٦

وتقبيله بدون صوت، ووضع الخد عليه إن أمكن، وإلاّ لمسه بيده.

ومنها الاضطباع للرجال(١) ، ومنها الرمل، واستلام الركن اليماني.

وجاء في كتاب اللمعة الدمشقية - للإمامية -:

مِن سُنن الطواف الوقوف عند الحجر الأسود، والدعاء مستقبلاً رافعاً يديه، وقراءة سورة القدر، وذكر الله سبحانه، والسكينة في المشي، واستلام الحجر وتقبيله مع الإمكان، والإشارة إليه، واستلام الأركان كلها كلما مر بها وتقبيلها، واستلام المستجار في الشوط السابع، وهو بحذاء الباب ودون الركن اليماني، والتداني مِن البيت، ويكره الكلام أثناء الطواف بغير الذكر والقرآن.

وأيضاً قال الإمامية: يستحب أن يطوف ٣٦٠ طوافاً، فإن لَم يتمكن فـ ٣٦ شوطاً، ويلحق الزيادة بالشوط الأخير، وتسقط الكراهة هنا بهذا الاعتبار.

أحكام الطواف

قال الإمامية: إذا حاضت المرأة أثناء الطواف، فإن حدث ذلك بَعد أربعة أشواط قطعت الطواف وسعت، فإذا فرغت مِن السعي أتمت الطواف بَعد طهرها، ولا يجب عليها إعادة السعي، وإن حدث قَبل إتمام الأربعة انتظرت عرفة، فإن طهرت وتمكنت مِن باقي الأفعال فعلت، وإلاّ صارت حجتها مفردة.

وقدّمنا أنّ الحنفية يجيزون الطواف للحائض، ولا يشترطون فيه الطهارة.

____________________

(١) وهو جعل وسط الرداء تحت الأُبط الأيمن، وطرفيه على الكتف الأيسر. وفي كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة) نسب استحباب الاضطباع الى الحنفية والشافعية والحنابلة، ولَم ينسبه إلى المالكية.

٢٣٧

وجاء في كتاب (فتح القدير) للحنفية: مَن ترك مِن طواف الزيارة ثلاثة أشواط فما دونها فعليه شاة، ومَن ترك أربعة بقي محرماً أبداً حتى يطوفها؛ لأنّ المتروك أكثر، فصار كأنّه لَم يطف أصلاً.

وقال الإمامية: إذا انتهى مِن الأشواط، ثمّ شك: هل أوقعها صحيحة على الوجه المطلوب شرعاً، وبدون زيادة ونقصان، أو أنّه زاد أو نقّص؟ فلا أثر لشكه، بل يبني على الصحة والتمام، ويمضي ولا شيء عليه.

وإذا لَم يكن الشك بَعد الفراغ ينظر، فإن كان قد أحرز السبعة على كل حال، كما لو شك بين السبعة والثمانية، بنى على الصحة ومضى.

أمّا إذا لَم يحرز ويتيقن أنّ السبعة متحققة، كما لو شك بين الستة والسبعة، أو الخمسة والستة فما دون يبطل الطواف مِن الأساس، وعليه أن يعيد، والأفضل أن يتم ثمّ يستأنف(١) .

هذا في الطواف الواجب، أمّا في المستحب فإنّه يبني على الأقل دائماً ويتم إن كان أحد طرفي الشك ما دون السبعة، بدون فرق بين أن يكون الشك في الأثناء أو عند انتهاء الشوط الأخير.

أمّا غير الإمامية فالقاعدة عندهم هي البناء على الأقل أخذاً بالقدر المتيقن كما هي الحال في الشك في عدد ركعات الصلاة.

هذا هو الطواف بواجباته ومستحباته وأحكامه، وهو نوع واحد، تماماً كالركوع والسجود واجباً كان أو مستحباً، جزءاً مِن عمرة مفردة أو عمرة تمتع، أو حج قران أو إفراد، أو طواف زيارة أو نساء أو قدوم أو وداع.

____________________

(١) يتفق هذا مع فتوى السيدين: الحكيم والخوئي.

٢٣٨

وأشرنا فيما سبق إلى أنّ الطواف يأتي مباشرة بَعد الإحرام مِن أعمال العمرة مفردة كانت أو عمرة تمتع، أمّا في أعمال الحج فيأتي بَعد أن يؤدي الحاج مناسكه في منى - يوم العيد - والتفصيل في الفصول الآتية بعنوان (في منى) وما بَعده.

٢٣٩

السعي والتقصير

اتفقوا على أنّ مرتبة السعي تأتي بَعد الطواف، وبَعد ركعتيه عند مَن أوجبهما، وأنّ مَن سعى قَبل أن يطوف فعليه أن يرجع فيطوف، ثمّ يسعى، ولَم أرَ مَن أوجب الموالاة بين الطواف والسعي، بحيث يبتدئ بالسعي بَعد الطواف مباشرة(١) .

المستحبات

جاء في كتاب (فقه السنّة):

(يستحب الرقي على الصفا والمروة، والدعاء عليهما بما شاء مِن أمر الدين والدنيا مع استقبال البيت.

____________________

(١) قال السيد الحكيم: لا تجب المبادرة إلى السعي بَعد الفراغ مِن الطواف وصلاته، ولكن لا يجوز التأخير إلى الغد اختياراً. وقال السيد الخوئي: عليه أن لا يؤخر السعي عن الطواف وصلاته بمقدار يُعتد به مِن غير ضرورة، ولا يجوز التأخير إلى الغد مع الاختيار. أقول: ما ذهب إليه السيدان هو الحق الذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة خلافاً لظاهر الشرائع.

وجاء في منسك السيد الحكيم: لا تعتبر الموالاة في أشواط السعي فيجوز الفصل بينها والقطع، ثمّ البناء على ما سبق، ولو كان بَعد شوط واحد.

٢٤٠