الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة0%

الفقه على المذاهب الخمسة مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 650

الفقه على المذاهب الخمسة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد جواد مغنية
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 650
المشاهدات: 225083
تحميل: 30657

توضيحات:

الفقه على المذاهب الخمسة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 650 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225083 / تحميل: 30657
الحجم الحجم الحجم
الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

غير الحج، ولا يحرم في الحج.

واتفقوا على أنّ المرأة لا يجوز لها أن تصوم استحباباً بدون إذن الزوج إذا زاحم صيامها حقاً مِن حقوق الزوج، ما عدا الحنفية فإنّهم قالوا: إنّ صيام المرأة بدون إذن زوجها مكروه، وليس بحرام.

يوم الشك

اتفقوا على أنّ مَن أفطر يوم الشك، ثمّ تبيّن أنّه مِن رمضان يجب عليه الإمساك ثمّ القضاء. واختلفوا فيما إذا صام يوم الشك ثمّ تبيّن أنّه مِن رمضان، هل يجزيه ولا يجب القضاء، أم لا؟

قال الشافعية والمالكية والحنابلة: لا يجزيه الصوم وعليه القضاء.

وقال الحنفية: يجزيه ولا قضاء عليه.

وقال أكثر الإمامية: لا يجب عليه القضاء إلاّ إذا صامه بنية رمضان، فإنّه حينئذٍ يجب عليه القضاء.

الصيام المستحب

الصيام مستحب في جميع أيام السنة ما عدا الأيام التي نُهي عن الصيام فيها، ولكن يتأكد في أيام بعينها، منها صيام ثلاثة أيام مِن كل شهر، والأفضل أن تكون الأيام البيض - وهي: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر مِن الشهر العربي -، ومنها يوم عرفة وهو التاسع مِن ذي الحجة، ومنها صيام رجب وشعبان، ومنها كل يوم إثنين، وكل يوم خميس، إلى غير ذلك ممّا جاء في المطوّلات. واستحباب الصوم في هذه الأيام متفق عليه عند الجميع.

١٦١

الصيام المكروه

جاء في كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة): أنّ مِن الصوم المكروه إفراد يوم الجمعة بالصوم، وكذا إفراد يوم السبت، ويوم النيروز عند غير الشافعية، والصيام قَبل شهر رمضان بيوم، أو يومين لا أكثر.

وجاء في كتاب الفقه للإمامية: يكره صوم الضيف بدون إذن مضيّفه، والولد مِن غير إذن والده، ومع الشك في هلال ذي الحجة وتخوّف كونه عيداً.

ثبوت الهلال

أجمع المسلمون كافة على أنّ مَن انفرد برؤية الهلال يلزمه العمل بعلمه مِن غر فرق بين هلال رمضان وهلال شوال، فمن رأى الأوّل وجب عليه الصوم ولو أفطر جميع الناس(١) ، ومَن رأى الثاني وجب عليه الإفطار ولو صام كل مَن في الأرض، مِن غير فرق بين أن يكون الرائي عدلاً أو غير عدل، ذكراً أو أنثى. واختلفت المذاهب في المسائل التالية:

١ - قال الحنفية والمالكية والحنابلة: متى ثبتت رؤية الهلال بقُطر يجب على أهل سائر الأقطار مِن غير فرق بين القريب والبعيد، ولا عبرة باختلاف مطلع الهلال.

وقال الإمامية والشافعية: إذا رأى الهلال أهل البلد ولَم يره أهل بلد آخر، فإن تقارب البلدان في المطلع كان حكمهما واحداً، وإن اختلف المطلع فكل بلد حكمه الخاص.

٢ - إذا رؤي الهلال نهاراً قَبل الزوال أو بعده في اليوم الثلاثين مِن شعبان

____________________

(١) ولكن الحنفية قالوا: لو شهد عند القاضي، وردّ شهادته، وجب عليه القضاء دون الكفارة. (الفقه على المذاهب الأربعة).

١٦٢

فهل يكون هذا النهار مِن آخر شعبان لا يجب صومه، أو مِن أوّل رمضان يجب فيه الصيام؟ وكذا إذا رؤي نهاراً في اليوم الثلاثين مِن رمضان، فهل يكون مِن رمضان أو مِن شوال؟ وبكلمة هل اليوم الذي رؤي فيه الهلال يُحسب مِن الشهر الماضي أو الآتي؟

قال الإمامية والشافعية والمالكية والحنفية: هو مِن الشهر الماضي لا الآتي، وعليه يجب الصوم في اليوم التالي للرؤية إذا كانت الرؤية في آخر شعبان، ويجب الإفطار في اليوم التالي إذا كانت في آخر رمضان.

٣ - اتفقوا على أنّ الهلال يثبت بالرؤية لقوله (صلّى الله عليه وسلّم): (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)، واختلفوا في غير الرؤية.

قال الإمامية: يثبت كل مِن رمضان وشوال بالتواتر، وبشهادة رجلين عدلين مِن غير فرق بين الصحو والغيم، ولا بين أن يكون الشاهدان مِن بلد واحد أو مِن بلدين متقاربين، على شريطة أن لا تتناقض شهادتهما في وصف الهلال. ولا تُقبل شهادة النساء، ولا الصبيان، ولا الفاسق، ولا مجهول الحال.

وفرّق الحنفية بين هلال رمضان وهلال شوال، حيث قالوا: يثبت هلال رمضان بشهادة رجل واحد، وامرأة واحدة بشرط الإسلام والعقل والعدالة، أمّا هلال شوال فلا يثبت إلاّ بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين، هذا إذا كان في السماء مانع يمنع مِن الرؤية، أمّا إذا كانت السماء صحواً فلا يثبت إلاّ بشهادة جماعة كثيرين يحصل العلم بخبرهم مِن غير فرق بين هلال رمضان وهلال شوال.

وقال الشافعية: يثبت كل مِن هلال رمضان وشوال بشهادة عدل واحد بشرط أن يكون مسلماً عاقلاً عادلاً، ولا فرق في ذلك بين أن تكون السماء غائمة أو صحواً.

١٦٣

وقال المالكية: لا يثبت الهلال إلاّ بشهادة عدلين، مِن غير فرق بين هلال رمضان وشوال، ولا بين الصحوة والغيم.

وقال الحنابلة: يثبت هلال رمضان بشهادة العدل رجلاً كان أو إمرأة، أمّا شوال فلا يثبت إلاّ بشهادة عدلين.

٤ - إذا لَم يدع أحد رؤية هلال رمضان أكمل شعبان ثلاثين يوماً ووجب الصوم في اليوم التالي للثلاثين بالاتفاق، ما عدا الحنفية فإنّهم قالوا: يجب الصوم بَعد التاسع والعشرين مِن شعبان لا بَعد الثلاثين.

هذا بالنسبة إلى هلال رمضان، أمّا بالنسبة إلى هلال شوال فقال الحنفية والمالكية: إن كانت السماء غائمة أكمل رمضان ثلاثين يوماً، ووجب بعدها الإفطار، وإن كانت السماء صحواً وجب الصوم في اليوم التالي للثلاثين، وأكذب الشهود الذين يهدوا ثبوت أوّل رمضان مهما كان عددهم.

وقال الشافعية: يجب الإفطار بَعد الثلاثين حتى ولو كان ثبوت رمضان بشاهد واحد مِن غير فرق بين الصحو والغيم.

وقال الحنابلة: إذا كان رمضان ثابتاً بشهادة عدلين يجب الإفطار بَعد الثلاثين، وإذا كان ثابتاً بشهادة عدل واحد فيجب صوم الحادي والثلاثين.

وقال الإمامية: يثبت كل مِن شهر رمضان وشوال بإكمال ثلاثين، مِن غير فرق بين الصحو والغيم، ما دام أوّله ثبت بالطريق الشرعي الصحيح.

الهلال وعلماء الفلك

في هذه السنة (١٩٦٠) قرّر كل مِن حكومة باكستان وتونس أن يكون المعوّل في ثبوت الهلال على أقوال الفلكيين، دفعاً للفوضى(١) ، ولما يلاقيه الناس

____________________

(١) في سنة ١٩٣٩ كان عيد الأضحى في مصر يوم الإثنين، وفي السعودية يوم الثلاثاء، وفي بومباي يوم الأربعاء.

١٦٤

مِن الكلفة والمشقة لعدم معرفتهم يوم العيد مسبقاً، فقد يفاجئهم على غير استعداد، وقد يستعدّون له ثمّ يأتي متأخراً.

وقد ثار في الأندية والمجالس الدينية نقاش حادّ حول قرار الحكومتين بين مؤيد ومفنّد.

قال مَن يناصر القرار: ليس في الدين ما ينافي الاعتماد على قول الفلكيين، بل إنّ الآية ١٦ مِن سورة النحل:( وَعَلاَمَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) تسنده وتؤيده.

وقال المعارضون: إنّ القرار يتنافي مع الحديث الشريف: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)، حيث إنّ المفهوم مِن الرؤية هي الرؤية البصرية التي ألفها الناس في عهد الرسول (صلّى الله عليه وسلّم)، أمّا الرؤية بالمكبّر والتعويل على الحساب والمنازل فبعيدة عن لفظ الحديث.

والحقيقة أنّ كلاً مِن الطرفين لَم يأتِ بالحجة. أمّا الاهتداء بالنجم فالمراد به معرفة الطرق ومسالك البلاد، لا معرفة الأيام والأهلة. وأمّا حديث الرؤية فإنّه لا يتنافى مع العلم السليم؛ لأنّ الرؤية وسيلة للعلم وليست غاية في نفسها، كما هي الحال في جميع الطرق الموصلة إلى الواقع، ولكننا نقول: إنّ أقوال الفلكيين لا تفيد العلم القاطع لكل شبهة كما تفيد الرؤية البصرية؛ لأنّ كلامهم مبني على التقريب لا على التحقيق بدليل اختلافهم وتضارب أقوالهم في الليلة التي يتولد فيها الهلال، وفي ساعة ميلاده، وفي مدة بقائه.

ومتى جاء الزمن الذي تتوفر فيه لعلماء الفلك المعرفة الدقيقة الكافية الوافية، بحيث تتفق كلمتهم، ويتكرر صدقهم المرة تلو المرة حتى يصبح قولهم مِن القطعيات، تماماً كأيام الأسبوع، وأنّ غداً السبت أو الأحد، يمكن والحال هذه الاعتماد عليهم، بل يتعين على مَن يحصل له مِن أقوالهم، ويجب أن يُطرح كل ما يخالفهم(١) .

____________________

(١) راجع هذا البحث في الجزء الأوّل مِن كتابنا: (فقه الإمام جعفر الصادق)، فصل ثبوت الهلال، آخر باب الصوم.

١٦٥

الزكاة

الزكاة قسمان: زكاة أموال، وزكاة أبدان. وأجمعوا على أنّ إخراج الزكاة لا يصحّ إلاّ بنية. أمّا شروط الوجوب فهي كما يلي:

شروط زكاة الأموال

ولزكاة الأموال شروط:

١ - قال الحنفية والإمامية: العقل والبلوغ شرط في وجوب الزكاة، فلا تجب في مال المجنون والطفل(١) .

وقال المالكية والحنابلة والشافعية: لا يشترط العقل ولا البلوغ، فتجب الزكاة في مال المجنون والطفل، وعلى الولي أن يخرجها منه.

٢ - قال الحنفية والشافعية والحنابلة: لا تجب الزكاة على غير المسلم. (كتاب الفقه على المذاهب الأربعة).

وقال الإمامية والمالكية: تجب عليه، كما تجب على المسلم مِن غير فرق.

٣ - يشترط في وجوب الزكاة تمامية الملك، وقد أطال كل مذهب الكلام

____________________

(١) إلاّ أنّ العقل والبلوغ غير معتبرين في زكاة الزرع والثمار عند الحنفية.

١٦٦

في تحديد الملك التام، والجامع بين أقوال المذاهب: أن يكون المالك متسلطاً على ماله بحيث يكون تحت يده يمكنه التصرف فيه كيف شاء، فلا تجب الزكاة على الضالة، ولا المال الذي اغتُصب مِن صاحبه وإن كان باقياً على ملكه، وأمّا الدين فإن كان له فلا تجب فيه الزكاة إلاّ بَعد قبضه، كصداق الزوجة الذي ما زال في ذمة الزوج؛ لأنّ الدين لا يُمْلَك إلاّ بالقبض، وإن كان الدين عليه فسيُعرف حكمه فيما يأتي:

٤ - حَوَلان الحول القمري على المال غير الحبوب والثمار والمعادن، ويأتي التفصيل.

٥ - بلوغ النصاب، ويختلف مقداره باختلاف الأنواع التي تجب فيها الزكاة، ويأتي البيان مفصّلاً.

٦ - من َكان عليه دَين وعنده مال بلغ النصاب، فهل تجب عليه الزكاة أم لا؟ وبكلمة: هل الدين يمنع مِن الزكاة؟

قال الإمامية والشافعية: لا يشترط فراغ المال مِن الدين، فمن كان عليه دَين تجب عليه الزكاة، حتى ولو استغرق الدين تمام النصاب. بل قال الإمامية: لو اقترض نصاباً مِن أعيان الزكاة وبقي عنده سنة، وجبت الزكاة على المقرض.

وقال الحنابلة: الدين يمنع مِن الزكاة، فمن كان عليه دين وعنده مال فعليه أوّلاً أن يفي ديونه، فإن بقي مِن ماله بقدر النصاب زكّاه، وإلاّ فلا شيء عليه.

وقال المالكية: الدين يمنع مِن زكاة الذهب والفضة، ولا يمنع مِن زكاة الحبوب والماشية والمعدن، فمن كان عليه دين وعنده مِن الذهب والفضة بقدر النصاب فعليه أن يفي الدين، ولا تجب عليه الزكاة، أمّا إذا كان عليه دين، وعنده بقدر النصاب مِن غيرهما فعليه الزكاة.

وقال الحنفية: إن كان الدين حقاً لله في ذمته، ولا مُطالب له مِن العباد

١٦٧

كالحج والكفارات فإنّه لا يمنع مِن الزكاة، وإن كان ديناً للناس أو لله ولكن كان له مُطالب كالزكاة السابقة التي يطالبه بها الإمام فإنّه يمنع مِن الزكاة بجميع أنواعها، إلاّ زكاة الزرع والثمار.

واتفقوا جميعاً على أنّ الزكاة لا تجب في الحُلي والجواهر، ولا في دار السكن والثياب، ولا في أثاث المنزل، ولا في دابة الركوب والسلام وما إلى ذاك ممّا يحتاج إليه مِن الأدوات والكتب والآلات. وقال الإمامية أيضاً: لا تجب الزكاة في سبائك الذهب والفضة، ويأتي التفصيل.

١٦٨

الأموال التي تجب فيها الزكاة

لقد اعتبر القرآن الكريم الفقراء شركاء حقيقيين للأغنياء في أموالهم، فقد نطقت الآية ١٩ مِن الذاريات:( وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) ، ولَم تفرّق بين مال الزراعة والصناعة والتجارة؛ لذلك أوجبها فقهاء المذاهب في الماشية والحبوب والثمار، وفي النقود، وفي المعادن.

واختلفوا في تحديد بعض هذه الأصناف، وفي مقدار النصاب في بعضها الآخر، وفي تحديد سهم الفقراء في صنف ثالث، فقد أوجب الإمامية الخُمس - (٢٠) بالمئة في أرباح التجار -، وقال الأربعة: يجب ربع العشر - أي إثنان ونصف بالمئة في مال التجارة -. كذلك المعادن أوجب فيها الحنفية والإمامية والحنابلة الخمس، وأوجب غيرهم ربع العشر. وفيما يلي تفصيل ما اتفقوا عليه، وما اختلفوا فيه:

زكاة الماشية

اتفقوا على أنّ الزكاة تجب في ثلاثة أصناف مِن الماشية: الإبل، والبقر ويشمل الجاموس، والغنم وتعمّ المعز. واتفقوا على عدم وجوب الزكاة في الخيل والبغال والحمير إلاّ إذا كانت مِن أموال التجارة، وأوجب الحنفية الزكاة في الخيل فقط إذا كانت ذكوراً وإناثاً مجتمعة.

١٦٩

شروط الزكاة في الماشية

ويشترط في زكاة الماشية أمور أربعة:

نصاب الإبل

١- النصاب، وهو في الإبل كما يلي:

إذا بلغت خمساً ففيها شاة، وإذا بلغت (١٠) فشاتان، و(١٥) فثلاث شياه، و(٢٠) فأربع شياه، باتفاق الجميع، أمّا إذا بلغت (٢٥) فقال الإمامية: فيها خمس شياه. وقال الأربعة: فيها بنت مخاض، وهي مِن الإبل التي دخلت في السنة الثانية. والإمامية أوجبوا بنت المخاض في الستة والعشرين مِن الإبل، فإذا بلغت الإبل هذا العدد أصبحت كلها نصاباً واحداً.

وإذا بلغت ستاً وثلاثين ففيها بنت لبون بالاتفاق، وبنت اللبون هي التي دخلت في السنة الثالثة.

وإذا بلغت ستاً وأربعين ففيها حُقّة بالاتفاق، والحقّة هي التي دخلت في السنة الرابعة.

وإذا بلغت إحدى وستين ففيها جدعة بالاتفاق، والجدعة هي التي دخلت في الخامسة.

وإذا بلغت ستاً وسبعين ففيها بنتا لبون بالاتفاق.

وإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقّتان بالاتفاق.

واتفقوا على أنّه ليس فيما يزيد على الإحدى والتسعين شيء حتى تبلغ الإبل مئة وواحداً وعشرين، فإذا بلغتها فللمذاهب تفاصيل وأقوال تُطلب مِن المطوّلات.

واتفقوا على أنّه ليس فيما دون الخمس شيء، ولا فيما بين النصاب السابق

١٧٠

واللاحق مِن جميع النصب شيء - مثلاً: الخمس فيها شاة، والتسع فيها شاة، والعشر فيها شاتان والـ ١٤ فيها شاتان، وهكذا.

نصاب البقر

يؤخذ مِن البقر مِن كل ثلاثين تبيع أو تبيعة، ومِن كل أربعين مسنة، ومِن الستين تبيعان، ومِن السبعين مسنة وتبيع، ومِن الثمانين مسنتان، ومِن التسعين ثلاث تبيعات، ومِن المئة مسنة وتبيعان، ومِن المئة والعشرة مسنتان وتبيع، ومِن المئة والعشرين ثلاث مسنات أو أربع تبيعات، وهكذا، وليس بين الفريضتين شيء، ونصاب البقر على هذا النحو متفق عليه عند الجميع(١) . والتبيع مِن البقر هو الذي يستكمل سنة ويدخل في الثانية، والمسنة هي التي تدخل في الثالثة. وقال المالكية: التبيع هو ما أوفى سنتين ودخل في الثالثة، والمسنة ما أوفت ثلاث سنين ودخلت في الرابعة.

نصاب الغنم

يؤخذ مِن الغنم مِن كل أربعين شاة، ومِن المئة والإحدى والعشرين شاتان، ومِن المئتين والواحدة ثلاث شياه، باتفاق الجميع.

وقال الإمامية: إذا بلغت ثلاثمئة وواحدة ففيها أربع شياه، حتى تبلغ أربعمائة فصاعداً ففي كل مئة شاة.

وقال الأربعة: الثلاثمئة والواحدة كالمئتين والواحدة فيها ثلاث شياه، إلى الأربعمئة ففيها أربع شياه، وما زاد ففي كل مئة شاة.

____________________

(١) قال الحنفية: ما بين الفريضتين عفو إلاّ ما زاد على الأربعين إلى الستين فإنّه تجب الزكاة في الزيادة، ففي الواحدة الزائدة على الأربعين ربع عشر مسنة، وفي الإثنتين نصف عشر مسنة. (الفقه على المذاهب الأربعة باب الزكاة).

١٧١

واتفق الجميع على أنّ ما بين الفريضتين عفو لا زكاة فيه.

٢ - السوم، والماشية السائمة هي التي ترعى الكلأ المباح في أكثر أيام السنة، ولا تكلّف صاحبها علفاً إلاّ فيما ندر. وهذا الشرط متفق عليه عند الجميع، ما عدا المالكية فإنّهم قالوا: تجب الزكاة في السائمة وغير السائمة.

٣ - حَوَلان الحول على الماشية، أي أن تبقى عند صاحبها سنة كاملة بجميع أفراد النصاب، فلو نقصت واحدة في أثناء السنة ثُمّ أكملها في آخر السنة فلا تجب الزكاة، مثلاً مَن كان عنده أربعون شاة في أوّل السنة وبَعد مُضي أشهر نقصت واحدة بموتٍ أو هبةٍ أو بيعٍ، ثُمّ أكملت على الأربعين، فلا تجب الزكاة في آخر السنة، بل يستأنف سنة جديدة. وقد اتفق على هذا الشرط الإمامية والشافعية والحنابلة، وقال الحنفية: إذا نقص النصاب في أثناء الحول، ثُمّ تمّ في آخره وجبت فيه الزكاة كما تجب لو بقي النصاب كاملاً مِن أوّل الحول إلى آخره. والحول المعتبر شرعاً هو الحول القمري، أي اثنا عشر هلالاً.

٤ - أن لا تكون الحيوانات معدّة للعمل، كالبقر للحرث، والإبل للنقل، فلا زكاة على العوامل بالغة ما بلغت باتفاق الجميع، ما عدا المالكية فإنّهم قالوا: تجب الزكاة في العوامل وغير العوامل دون فرق.

واتفقوا على أنّه إذا كان عنده مِن كل صنف دون النصاب، فلا يجب عليه أن يضم أحدهما للآخر، فإذا كان عنده مِن البقر دون الثلاثين ومن الغنم دون الأربعين، فلا يجب أن يتمم البقر بالغنم، ولا الغنم بالبقر.

واختلفوا فيما لو اشترك إثنان في نصاب واحد، فقال الإمامية والحنفية والمالكية: لا تجب الزكاة عليهما ولا على أحدهما ما دام لَم يبلغ سهم كل واحد نصاباً مستقلاً. وقال الشافعية والحنابلة: تجب الزكاة في المال المشترك إذا بلغ النصاب، وإن نقص كل سهم عنه.

١٧٢

زكاة الذهب والفضة

تكلّم الفقهاء عن الذهب والفضة، وأوجبوا فيهما الزكاة إذا بلغا النصاب، وقالوا: نصاب الذهب عشرون مثقالاً، ونصاب الفضة مئتا درهم، واشترطوا مُضي الحول على النصاب عند المالك، ومقدار الزكاة فيهما ربع العشر، أي إثنان ونصف بالمئة.

وقال الإمامية: تجب الزكاة في الذهب والفضة إذا كانا مسكوكين بسكة النقد، ولا تجب في السبائك والحلي.

واتفق الأربعة على أنّها تجب في السبائك كما تجب في النقود، واختلفوا في الحلي، فقال بعضهم بوجوب الزكاة، وآخرون بعدم الوجوب.

ونكتفي بهذه الإشارة لعدم الجدوى مِن الكلام في زكاة النقدين: الذهب والفضة، حيث لا أثر لهما في هذا العصر، أمّا الأوراق المالية فقد أوجب الإمامية الخُمس واحداً مِن خمسة في كل ما يزيد على مؤونة السنة، ويأتي التفصيل.

وقال الشافعية والمالكية والحنفية: لا تجب فيها الزكاة إلاّ اذا توفرت سائر الشروط من بلوغ النصاب والحول.

وقال الحنابلة: لا تجب الزكاة في الورق إلاّ إذا صرف ذهباً أو فضة.

١٧٣

زكاة الزرع والثمار

اتفقوا على أنّ المقدار الواجب في الزرع والثمار مِن الزكاة العُشر، عشرة بالمئة إن شرب مِن المطر أو السيح مِن النهر، ونصف العشر إن شرب مِن بئر ارتوازية ونحوها.

واتفقوا، ما عدا الحنفية، على أنّ النصاب معتبر في الزرع والثمار، وأنّه خمسةُ أوسق، والوسق ستون صاعاً، ويبلغ المجموع حوالي تسعمئة وعشرة كيلوغرامات، والكيلو: ألف غرام، ولا زكاة فيما هو دون ذلك. وقال الحنفية: تجب الزكاة في القليل والكثير على حد سواء.

واختلفوا فيما تجب فيه الزكاة مِن الزرع والثمار.

قال الحنفية: تجب الزكاة في كل ما أخرجته الأرض مِن الثمار والزرع، إلاّ الحطب والحشيش والقصب الفارسي.

وقال المالكية والشافعية: تجب الزكاة في كل ما يُدّخر للمؤونة كالحنطة والشعير والأرز والتمر والزبيب.

وقال الحنابلة: تجب في كل ما يُكال ويُدّخر مِن الثمار والزرع.

وقال الإمامية: لا تجب إلاّ في الحنطة والشعير مِن الحبوب، وإلاّ في التمر والزبيب مِن الثمار، ولا تجب فيما عدا ذلك، ولكنّها تستحب.

زكاة مال التجارة

مال التجارة هو المملوك بعقد معاوضة بقصد الربح والاكتساب، ولا بدّ أن يكون الملك بفعله، فلو ملك بالإرث لا يكون مال تجارة بالاتفاق.

وزكاة التجارة واجبة عند الأربعة، ومستحبة عند الامامية. وتخرج الزكاة

١٧٤

مِن قيمة السلع التي يُتّجر بها. ومقدار المخرَج عُشر الربع، أي واحد مِن أربعين.

وأجمعوا على أنّه يشترط الحول في تعلّق مال التجارة، ويبتدئ مِن حين حصول العقد بقصد التجارة، فإذا تمّ الحول وحصل الربح تعلقت الزكاة.

وقال الإمامية: يشترط وجود رأس المال مِن أوّل الحول إلى آخره، فلو نقص في أثناء الحول لَم تتعلق الزكاة، وإذا عادت القيمة استأنف الحول مِن حين العود.

وقال الشافعية والحنابلة: العبرة بآخر الحول لا بجميعه، فإذا لَم يملك النصاب في أوّل الحول ولا في أثنائه، ولكن ملكه في آخره فعليه الزكاة.

وقال الحنفية: العبرة بطرفي الحول لا بوسطه، فمن ملك في أوّل الحول نصاباً، ثُمّ نقص في أثنائه، ثُمّ كمل في آخره وجبت عليه الزكاة، أمّا لو نقص في أوّله أو في آخره فإنّه لا تجب الزكاة.

ويتشرط أيضاً أن يبلغ ثمن السلع التي يتجر بها النصاب، فتقوم بأثمانها، ويقابل الثمن بنصاب الذهب والفضة، فإذا ساوى أحدهما أو زاد وِجبت الزكاة، وإذا نقص عن أقلهما، وهو نصاب الفضة فلا زكاة. وقدّره مؤلّفو كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة) سنة ١٩٢٢ بخمسمئة وتسعة وعشرين قرشاً مصرياً وثلثين.

الزكاة في الذمة أو في العين؟

اختلفوا: هل تجب الزكاة في نفس المال بحيث يكون المستحق شريكاً للمالك في أمواله كسائر الشركاء، أو أنّ الزكاة تجب في ذمة المالك كسائر الديون، ولكن تتعلق بالمال كتعلق الدين في تركة الميت؟

قال الشافعية والإمامية والمالكية: إنّ الزكاة تجب في عين المال، والفقير

١٧٥

شريك حقيقي للمالك بدليل قوله تعالى:( وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) . وقد تواترت الأحاديث إنّ الله أشرك بين الأغنياء والفقراء في الأموال، ولكن قد أجاز الشرع رفقاً بالمالك أن يؤدي هذا الحق مِن الأموال الأُخر التي لا زكاة فيها.

وقال الحنفية: تتعلق الزكاة بالعين كتعلق حق الرهن بالمال المرهون، ولا يزول هذا الحق إلاّ بالدفع إلى المستحق.

وعن الإمام أحمد روايتان تتفق إحداهما مع الحنفية.

١٧٦

أصناف المستحقين للزكاة

اتفقوا على أنّ أصناف المستحقين للزكاة ثمانية، وهم المذكورون في الآية ٦٠ مِن سورة التوبة:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ ) .

أمّا أقوال المذاهب في تحديد هذه الأصناف فتُعرف ممّا يلي:

الفقير

١ - قال الحنفية: الفقير هو مَن يملك أقلّ مِن النصاب، وإن كان صحيحاً ذا كسب، أمّا مَن يملك نصاباً مِن أي نوع كان فاضلاً عن حاجته الأصلية، وهي مسكنه وأثاثه وثيابه وما إلى ذلك، فلا يجوز صرف الزكاة له. وحجتهم في ذلك أنّ مَن ملك النصاب تجب عليه الزكاة، ومَن وجبت عليه فلا تجب له.

وقالت بقية المذاهب: العبرة بالحاجة لا بالمـُلك، فمن كان غير محتاج تحرم عليه الزكاة وإن لَم يملك شيئاً، والمحتاج تحلّ له وإن ملك نصاباً أو نصباً؛ لأنّ الفقر معناه الحاجة، قال تعالى:( يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ) ، أي المحاويج إليه.

١٧٧

وقال الشافعية والحنابلة: من وجد نصف كفايته لا يعد فقيراً، ولا تجوز له الزكاة.

وقال الامامية والمالكية: الفقير الشرعي من لا يملك مؤونة السنة له ولعياله، فمن كان عنده ضيعة أو عقار، أو مواش لا تكفي عياله طول السنة يجوز إعطاؤه من الزكاة.

وقال الامامية والشافعية والحنابلة: من قدر على الاكتساب لا تحل له الزكاة.

وقال الحنفية والمالكية: بل تحل، وتدفع له. وقال الامامية: مدعي الفقر يصدق من غير بيّنة ويمين اذا لم يكن له مال ظاهر، ولم يعلم كذبه، لأن رجلين أتيا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وهو يقسم الصدقة، فسألاه شيئاً منها، فصعد بصره فيهما وصوَّبه، وقال لهما: إن شئتما أعطيتكما، ولا حظ لغني ولا ذي قوة مكتسب، فأرجع الأخذ اليهما من دون بينة أو يمين.

المسكين

٢ - قال الإمامية والحنفية والمالكية: المسكين أسوأ حالاً مِن الفقير.

وقال الحنابلة والشافعية: بل الفقير أسوأ حالاً مِن المسكين؛ لأنّ الفقير هو الذي لا يملك شيئاً، أو لّم يجد نصف كفايته، والمسكين هو الذي يجد نصف كفايته، فيُعطى النصف الآخر مِن الزكاة.

ومهما يكن، فلا خلاف جوهرياً بين المذاهب في تفسير الفقير والمسكين. والعبرة بأن تسدّ الزكاة حاجة مضطرٍ إلى مسكن أو مأكل أو ملبس أو تطبيب أو تعليم، وما إلى ذلك ممّا لا بدّ منه.

واتفقوا ما عدا المالكية، على أنّه لا يجوز لمن وجبت عليه الزكاة أن يدفعها إلى أبويه وأجداده، ولا إلى أولاده وأولادهم، ولا إلى زوجته. وأجاز المالكية

١٧٨

الدفع إلى الجد والجدة، وبني البنين؛ لأنّ نفقتهم غير واجبة عندهم.

واتفقوا أيضاً على أنّه يجوز دفع الزكاة للإخوة والأعمام والأخوال.

وإنّما لا يجوز دفع الزكاة للأب والأولاد إذا دُفعت لهما مِن سهم الفقراء والمساكين، أمّا لو كانا مِن غير هذين فإنّه يجوز لهما الأخذ، كما لو كان الأب أو الإبن غازياً في سبيل ال له، أو مِن المؤلّفة قلوبهم، أو غارماً في حل وإصلاح ذات البين، أو عاملاً على جباية الزكاة؛ لأنّ هؤلاء يأخذون مع الغنى والفقر. (تذكرة العلاّمة ج١ باب الزكاة).

ومهما يكن، فإنّ القريب الذي لا تجب نفقته على المزكّي أولى، وصرف الزكاة له أفضل.

واختلفوا في نقل الزكاة مِن بلد إلى بلد. فقال الحنفية والإمامية: أهل بلده أولى وأفضل إلاّ لحاجة ماسة تستدعي أولية النقل.

وقال الشافعية والمالكية: لا يجوز النقل مِن بلد إلى بلد.

وقال الحنابلة: يجوز النقل إلى بلد لا تُقصر فيه الصلاة، ويُحرم نقل الزكاة إلى مسافة القصر.

العاملون

٣ - العاملون عليها: هم السعاة في جباية الصدقات، بالاتفاق.

المؤلّفة قلوبهم

٤ - المؤلّفة قلوبهم: هم الذين يستمالون بشيء مِن الصدقات لمصلحة الإسلام، وقد اختلفوا هل حكمهم باقٍ أو منسوخ؟ وعلى تقدير عدم النسخ فهل التأليف مختص بغير المسلم، أو هو له ولضعيف الإيمان مِن المسلمين؟

١٧٩

قال الحنفية: شُرّع هذا الحكم في بداية الإسلام؛ لضعف المسلمين، أمّا الآن وقد أصبح الإسلام قوياً فذهب الحكم بذهاب سببه. وأطالت بقية المذاهب الشرح في تعداد أقسام المؤلّفة، ويمكن إرجاعها جميعاً إلى شيء واحد، وهو أنّ الحكم باقٍ لَم يُنسخ، وأنّ سهم المؤلّفة يُعطى للمسلم وغيره على شريطة أن يعود العطاء بالخير والمصلحة على الإسلام والمسلمين، وقد أعطى رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) صفوان بن أُمية، وهو مشرك، كما أعطى أبا سفيان وأمثاله بَعد أن اظهروا الإسلام خشية مِن شرهم وكيدهم للدين والمسلمين.

الرقاب

٥ - في الرقاب: وهو أن يُشترى الرقيق مِن الزكاة ويُعتق، وفيه دلالة واضحة على أنّ الإسلام قد أوجد سبلاً شتى للقضاء على فكرة الرقيق، ومهما يكن، فلم يبقَ في عصرنا موضوع لهذا الحكم.

الغارمون

٦ - الغارمون: هم المدينون في غير معصية، ويُعطون مِن الزكاة لوفاء ديونهم، بالاتفاق.

سبيل الله

٧ - سبيل الله، قال الأربعة المراد منه: الغزاة المتطوعون في الحرب دفاعاً عن الإسلام.

وقال الإمامية: سبيل الله عامّ للغزاة وعمارة المسجد والمستشفيات والمدارس وجميع المصالح العامة.

١٨٠