• البداية
  • السابق
  • 316 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 15173 / تحميل: 4728
الحجم الحجم الحجم
المسائل العزية

المسائل العزية

مؤلف:
العربية

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ نجم الدين أبوالقاسم بن جعفر بن الحسن بن سعيد صاحب هذه الاجوبةرحمه‌الله : وقفت على هذه الاوراق الكريمة الدالة على فضل موردها وغزارة علمه واهتمامه بتحقيق الحق فيها وسألت له زيادة التوفيق وإحسان العاقبة، وقد أجبت عن ذلك بما اعتقد وجوب العمل به، والله الموفق للصواب(١) .

المسألة الخامسة :(٢) الجواب: [ عن المسألة الخامسة ]: الصلوات الخمس التي أشار إليها الشيخ الطوسيرحمه‌الله هي: صلاة الجنازة والطواف والكسوف والزلزلة والفريضة الفائتة، كل ذلك يجوز أن يصلى ما لم تتضيق الحاضرة، وخالف جماعة في قضاء الفوائت من الفرائض وأوجب تقديمها على الحاضرة ما لم يتضيق الوقت، والحق

____________________

(١) هذه العباره موجودة في آخر هذه الرسالة.

(٢) مع الاسف لا توجد من هذه الرسالة إلا نسخة واحدة ناقصة الاول إلى المسألة الخامسة.

٢٢١

جواز فعل الحاضرة كما يجوز قضاء الفائتة إلا مع التضيق، ويدل عليه قوله تعالى: * (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل) *(٣) ، وهو خطاب للنبي وغيره ممن كلف الصلاة وقولهعليه‌السلام : إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاة(٤) ، وقول الصادقعليه‌السلام : إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين إلاأن هذه قبل هذه(٥) .

ولو قيل(٦) : هذا الاطلاق بما روي عن الصادقعليه‌السلام : من فاتته صلاة فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت الحاضرة(٧) .

قلنا: وجوب القضاء لا يستلزم المنع من الحاضرة لان الواجب على التخيير مأمور به كالواجب المضيق.

ثم يعارض ذلك بما رواه أبوبصير وغيره عن الصادقعليه‌السلام في من فاتته المغرب والعشاء حتى طلع الفجر قال: يصلي الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل أن تطلع الشمس(٨) ، وما ينافي ذلك نحمله على الاتسحباب توفيقا بين الاخبار.

المسألة السادسة : في دم البراغيث والخنافس وبنات وردان والقراد(٩) والحلم(١٠)

____________________

(٣) سورة الاسراء: ٧٨.

(٤) في سنن البيهقي ١ / ٣٦٥: سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن وقت الصلاة فقال: ووقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس عن بطن السماء ما لم يحضر العصر..

(٥) الوسائل ٣ / ٩٢ / الفقيه ١ / ١٣٩ والتهذيب ٣ / ٢٤ والاستبصار ١ / ٢٤٦.

(٦) كذا في الاصل، ولعل الصحيح: " قيد " أو " قيل قيد ".

(٧) الوسائل ٣ / ٢٠٨ / الكافي ٣ / ٢٩٣ والتهذيب ٢ / ٢٦٦ والاستبصار ١ / ٢٨٦.

(٨) الوسائل ٣ / ٢٠٩ / التهذيب ٢ / ٢٧٠ والاستبصار ١ / ٢٨٨.

(٩) القراد واحدها قردة بضم القاف: دويبة تتعلق بالبعير ونحوه وهي كالقمل للانسان.

(١٠) في الاصل: الجلم بالجيم وهو القراد كما في تاج العروس ولعل الصحيح: الحلم بالحاء المهملة واحدها الحلمة: دودة تقع في الجلد فتأكله.

٢٢٢

والطبوع(١١) والسمك وكل ما ليس له نفس سائلة إذا حصل في ثوب الانسان أو في بدنه فما الحكم في ذلك شرعا؟ حتى أن الانسان في أكثر الاوقات يجد جلده حاويه ثم يمص من دم الانسان عيانا حتى يمتلئ فإذا فركه(١٢) الانسان يحصل منه على ثوبه أو بدنه من ذلك الدم ما يعلمه يقينا فهل والحال هذه يحكم الشرع بطهارته أو نجاسته؟ وكذا حكم المني إذا كان من حيوان ليس له نفس سائلة يكون نجسا أو طاهرا؟.

الجواب: لابأس بدم البق والبراغيث وإن كثر لانه طاهر، بل يكره إذا تفاحش في الثوب كراهة لا حظرا وإذا كان العفو عنه مطلقا فلا فرق بين أن نشاهد(١٣) دم الآدمي أو غيره أو لم نشاهد تمسكا بظاهر الاخبار الدالة على العفو عنه ودفعا للحرج، لعموم البلوى.

وأما مني مالا نفس له كالذباب والجراد والخنافس والبق فالظاهر أنه طاهر، وكذا ذرقه لان فضلاته تجري مجرى عصارة الثياب، ولان ميتته ليست نجسة فرطوباته كذلك، والاشارة بنجاسة المني ليس إلا ماله نفس سائلة كذا(١٤) يظهر.

المسألة السابعة : الماء الذي يتطهر به الانسان أو يرفع به الحدث يشربه الانسان في وقت

____________________

(١١) والطبوع كتنور شئ على صورة القراد الصغير المهزول يلصق بجسد الانسان.. كذا في تاج العروس مع تلخيص.

(١٢) فرك الثوب: دلكه. فرك الشئ عن الثوب: حكه حتى تفتت.

(١٣) كذا في الاصل ولعل الصحيح: نشاهد مصه من..

(١٤) هكذا كتب ناسخ هذه النسخة لفظة " كذا ".

٢٢٣

أو يتطهر به مدة أيام ثم حصل عند الانسان من شهد بنجاستة فهل تقبل شهادته أم لا؟ وعلى تقدير القبول يقضي جميع ما صلى من الصلوات ويشطف(١٥) ثيابه وبدنه أم لا؟ وهل إذا شرب الانسان ماء‌ا نجسا للضرورة أو عمدا..(١٦) .

الجواب: لا تقبل شهادة الواحد في ذلك، وتقبل شهادة العدلين، وعلى تقدير القبول يقضي كل صلاة صلاها بالوضوء من ذلك الماء أو الغسل، وأما ما غسل به ثوبه أو بدنه من النجاسة العينية فلا تجب إعادة ما صلاه في ذلك اليوم إذا كان حدثه مرتفعا لان طهارة الثوب والبدن من النجاسة العينية شرط مع العلم بالنجاسة لا مع الجهل بها بخلاف رفع الحدث.

المسألة الثامنة : سجدات العزائم الاربع هل تصح بغير طهارة أم لا، وكذا إذا أخل الانسان بسجدة من سجدات الصلاة أو بالتشهد سهوا فهل يصح بغير طهارة أم لا؟(١٧) .

الجواب: نعم يصح سجود التلاوة بغير طهارة، لان الامر بالسجود مطلق فيتناول مسمى السجود، وما عداه منفي بالاصل، وقياس سجود التلاوة على سجود الصلاة ليس حجة، اما سجود جبران الصلاة كما لو أخل بسجدة او التشهد حتى ركع فإن قضاء ذلك محتاج إلى الطهارة، وكذا سجود السهو أيضا يفتقر إلى الطهارة لانه جزء من الصلاة وجبر لها فيشترط فيه الطهارة.

____________________

(١٥) شطف الثوب: غسله.

(١٦) هنا سؤال آخر لا تقرأ بعض كلماته ولم يجب عنه المصنف فحذفناه لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.

(١٧) كان في الاصل: بغير تشهد. والصحيح ما اثبتناه كما هو ظاهره.

٢٢٤

المسألة التاسعة : هل الاذان والاقامة للصلوات التي عليها الجمهور في الاوقات المخصوصة الآن كانت على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ويصلونها معه كما يعملون الآن أو على غير ذلك؟ ونرى مشايخنا رضي ‌الله‌ عنهم قد جعلوا في كتبهم لكل صلاة أولا وآخرا مثل قولهم: إذا زالت الشمس أول وقت الظهر، وآخر وقتها إذا صار ظل كل شئ مثله، والعصر مثليه، والمغرب غيبوبة الشمي وآخرها غيبوبة الشفق من نايحة المغرب، وهو أول وقت العشاء الاخرة، وآخرها الثلث أو النصف من الليل على خلاف فيه، وأرى الفتيا من الاصحاب رضي ‌الله‌ عنهم والعمل من المشايخ والجماعة بأسرهم يصلون الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة وكان ينبغي على أصل التقسيم أن يصلي العصر(١٨) بعد صيرورة ظل كل شئ مثله(١٩) والعشاء الاخرة بعد غيبوبة الشفق، وكان يلزم إذا خرج وقت ظل كل شئ مثله(٢٠) أن يصلي الظهر قضاء‌ا وكذلك المغرب إذا غاب الشفق من المغرب يصلي قضاء‌ا لانه آخر وقتها.

وأما على رأي الجمهور فلا يرد شئ مما قلناه عليهم لانهم يصلون الصلوات في أوقات الاذان المقدم ذكره.

وما الفائدة في تأخير الاذان إلى وقت العصر إذا كان الاصحاب يصلون الظهر والعصر بعد أذان الظهر، وهل كان في زمان النبيعليه‌السلام تؤخر العصر إلى وقت أذانها أو تصلى عقيب الظهر، لان أصحابنا بأجمعهم يقولون: إن الفعل في أول الوقت أفضل من تأخيره، حتى أنهم نصوا في تصانيفهم وأفتوا بان

____________________

(١٨) كان في الاصل: الظهر والصحيح ما اثبتناه.

(١٩) في الاصل: مثليه والصحيح ما أثبتناه.

(٢٠) في الاصل: مثليه والصحيح ما أثبتناه.

٢٢٥

من أخر العصر إلى آخر الوقت من غير بدل كان آثما فاسقا فهل ما ذكروه في ذلك حق أم لا؟.

الجواب: لا ريب أن لكل صلاة وقتا يختص به وأنه ينبغي أن تصلى كل صلاة في وقتها المضروبة لها، لكن عندنا الجمع جائز سفرا وحضرا لعذر وغيره رخصة.

وقد روى الجمهور وأصحابنا جميعا أن النبيعليه‌السلام صلى الظهر والعصر في وقت الظهر في الحضر من غير مرض(٢١) وكذا روى أصحابنا والجمهور في المغرب والعشاء أنه صلاهما في وقت المغرب من غير مض ولا سفر(٢٢) وقال كثير من الاصحاب: ينبغي التفريق بين الصلوات إذا صلى النوافل والتعجيل إذا لم ينتفل.

والذي أراه [ أن ] الجمع جائز والتفريق في الاوقات أفضل، وقد بين ذلك الاصحاب حيث ذكروا المستحاضة وكونها تجمع بين الظهر والعصر بغسل، تقدم العصر وتؤخر الظهر، وكذا المغرب والعشاء(٢٣) ، هذا دليل اختصاص كل صلاة بوقتها لكنه ليس بلازم، وما روي(٢٤) من كراهية تأخير العصر فمحمول على تأخيرها عن وقت الاختيار إلى وقت الاضطر إذ المبادرة بها إذا صار ظل كل شئ مثليه(٢٥) أفضل.

____________________

(٢١) علل الشرائع للصدوق ٢ / ١٠.

(٢٢) علل الشرائع ٢ / ١١.

(٢٣) النهاية للشيخ الطوسي ٢٩،(٢٤) راجع الوسائل الباب التاسع من أبواب المواقيت.

(٢٥) كذا في الاصل، والصحيح: مثله.

٢٢٦

المسألة العاشرة : إذا شهد شاهد واحد عدل على شخص بالطلاق في مجلس واحد ثم شهد عليه شاهد واحد بالافتراق هل يحكم بصحة الطلاق أم لا؟.

وكذا إذا تلفظ بالطلاق عند شاهد واحد ثم تلفظ به عند شاهد آخر على افتراق الشاهدين لا على اجتماعهما يقع الطلاق أم لا؟.

وكذا إذا حضر عدلين في مجلس واحد وكانا أخر سين فهل يقع الطلاق أم لا وما الدليل على أن سهادة الشاهدين شرط في صحة الطلاق؟ وكذا كون المرأة طاهرا طهرا لم يقربها فيه بجماع، وكذا كونها طاهرا من الحيض والنفاس.

وهل الحامل المستبين حملها يصلح طلاقها مخالعة أم لا؟ وهل إذا طلق الانسان طلقتين للعدة ثم تزوجت بزوج ثم طلقها ثم تزوج بها الاول تنهدم الطلقتان أم لا؟ وكذا الطلقة الواحدة هل تنهدم بالزوج أم لا؟.

وهل النية شرط في جميع ذلك أم لا؟ وهل من لها دون تسع سنين يصح طلاقها مخالعة إذا بذل الوصي أو الحاكم بعض صداقها يصح طلاقها أم لا؟ وهل إذا طلق من لها دون تسع سنين قد دخل بها كون عليها عدة ام لا؟ وكذا المرأة إذا بلغت خمسين أو الستين طلقت تكون عليها عدة أم لا؟ فيتصدق مولانا بالجواب.

الجواب لا يصح الطلاق إذا شهد الشاهدان متفرقين بل لابد من اجتماعهما على سماع اللفظ الواحد ولو شهدا منفردين لم يقع الطلاق.

وأما الشاهدان الاخرسان فإن كانا يسمعان صح الطلاق بشهادتهما وإن كانا أصمين لم يقع الطلاق، لعدم العلم بنطق المطلق، والنطق به شرط في وقوعه، لكن لو أشار إليهما بما يعلمان إقراره بطلاق سابق قبلت شهادتهما

٢٢٧

بالاقرار لا بالانشاء.

والدليل على أن الشهادة شرط في الطلاق قوله تعالى (أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوى عدل منكم)(٢٦) فجمع بين الفراق والشهادة بالواو المقتضية للجمع وعليه اتفاق علمائنا، وأما اشتراط الطهر فلان الطلاق في الحيض محرم منهي عنه باتفاق علماء الاسلام وهو بدعة عندنا وعند الجمهور، لكن عندهم يقع مع كونه منهيا عنه وعندنا لا يقع، لان النهي يمنع وقوعه شرعيا لقولهعليه‌السلام : من أدخل في ديننا ما ليس منه فهو رد(٢٧) ولان النكاح عصمة مستفادة من الشرع فيقف زوالها على إذنه فلا يزول مع نهيه.

وأما طلاق المستبين حملها فجائز إجماعا وتصح مخالعة وغير مخالعة، والزوج عندنا يهدم الطلقة والطلقتين كما يهدم الثلاث فلو طلقها مرة ثم تزوجت بعد العدة ثم طلقها الثاني جاز للاول العقد عليها بعد الاعتداد من الثاني وكذا لو طلقها اثنين.

والنية شرط في الطلاق لقوله تعالى (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم)(٢٨) .

ويصح طلاق من لها تسع سنين مخالعة إذا بذل الولي ورأى ذلك لها صلاحا.

ولو دخل بمن لها دون تسع سنين فالاكثر من الاصحاب لا يوجبون عليها العدة لو طلقت وكذا اليائسة، وقال علم الهدى: تلزمها العدة(٢٩) والاول أكثر

____________________

(٢٦) سورة الطلاق: ٢.

(٢٧) لم أجده فيما راجعت من المصادر.

(٢٨) سورة الاحزاب: ٥.

(٢٩) قال العلامة الحلي في المختلف ص ٦١٠: وقال السيد المرتضى: والذي أذهب أنا إليه أن على =

٢٢٨

في الرواية(٣٠) والعمل، وقول المرتضىرحمه‌الله حسن(٣١) .

المسألة الحادية عشرة : هل ذبائح من أظهر الشهادتين وإن اختلفوا في الآراء والمذاهب يحل أن تؤكل أم لا؟ وكذا الناصبي والمشبهة هل تحل ذبائحهم ومائعاتهم أم لا؟ ومعنى قول الصادقعليه‌السلام : الناصبي من قدم علينا أهل البيت فقد نصب لنا العداوة(٣٢) فهل يحمل هذا الحديث على عمومه أو يقيد باظهار الاستنقاص بأهل البيتعليهم‌السلام ؟.

وكذا الانسان إذا كان في بلد أكثره يهود ونصارى ومجوس وغيرهم من فرق الكفار ويكون بينهم مسلمون مظهرون الشهادتين فهل تحل أن يشتري الشخص من أسواقهم من غير سؤال أو يسأل عن المسلم حتى يشتري منه؟.

وكذا هل يجوز أن يشتري منهم الجلود إذ وجدت في الاسواق أم لا؟ وكذا المائعات إذا وجت في سوق فيه مسلمون مع أن كلا منهم يعتقد طهارة الآخر وإن اختلفوا في العقائد والملل، فهل يصح الاشتراء والحال هذه أم لا؟.

الجواب: ذبائح المسلمين كلهم حلال وإن اختلفوا في الآراء عد الخوارج والغلاة والمسجمة بالحقيقة، فانهم خارجون عن الاسلام وإن انتحلوه.

____________________

= الآيسة من المحيض والتي لم تبلغه العدة على كل حال..

(٣٠) راجع الوسائل، الباب الثاني والثالث من ابواب العدد.

(٣١) قال في الشرائع: وفي البائسة والتي لم تبلغ روايتان: إحداهما انهما تعتدان بثلاثة أشهر، والاخرى لا عدة عليهما، وهي الاشهر.

(٣٢) لم أجد هذه الرواية: نعم في مستطرفات السرائر ص ٦٨: قال محمد بن علي بن عيسى كتبت اليه (اي الامام موسى الكاظم) أسأله عن الناصب هل احتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاد إمامتها؟ فرجع الجواب: من كان على هذا فهو ناصب.

٢٢٩

وما روي أن الناصب من قدم علينا لا يعمل به، وليس الناصب إلا من نصب العداة لائمة الدين كالخوارج حسب.

وما يشتريه الانسان من أسواق المسلمين يحكم بطهارته إذا لم يعلم أن البائع خارج عن الاسلام سواء كثر الكفار فيه أو قلوا إذا كان البلد للاسلام لقولهعليه‌السلام : سوق المسلمين مطهرة(٣٣) ولان المنع من ذلك يستلزم الحرج.

وليس من اللازم سؤال البائع عن دينه ولا سؤال غيره عنه.

ويشتري الجلود على هذا الوجه، لكن لو علم أن البائع كافر أو خارج عن الاسلام لم يجز شراؤه منه لانه لا يؤمن على الذبائح ولا على الاخبار بها وكذا شراء المائعات.

المسألة الثانية عشرة: في معنى قول شيخنا الطوسي رضى الله عنه في نهايته: ومن شك في الركوع أو السجود في الركعتين الاولتين أعاد الصلاة، فان كل شك في الثالثة أو الرابعة وهو قائم فليركع، فإن ذكر في حال ركوعه أنه قد كان ركع أرسل نفسه إلى السجود من غير أن يرفع رأسه، فإن ذكر بعد رفع رأسه من الركوع أنه كان ركع أعاد الصلاة، وإن شك في حال السجود في الركوع مضى في صلاته وليس عليه شئ(٣٤) ، وهلا أجرى الشيخ الحكم في الركوع في الركعتين الاولتين مجرى بقية الاحكام لان الاصحاب رضي ‌الله‌ عنهم قالوا: إذا شك في شئ وهو في محله أتى به وإن كان قد انتقل إلى حالة أخرى فلا يلتفت إلى شكه لما قرر قدس الله

____________________

(٣٣) لم أجده بهذا اللفظ.

(٣٤) النهاية ص ٩٢.

٢٣٠

روحه في أكثر تصانيفه(٣٥) ، الجواب: اختار الشيخ الطوسي قدس الله روحه أن كل شك يلحق في الاولتين يبطلهما كمن شك في الركوع أو السجدتين، منهما، ولم يثبت ذلك عندي بل حكم الاولتين في ذلك حكم الآخرتين.

وأما قول الشيخ من شك في الركوع وهو قائم في الثالثة أو الثانية فليركع فهو كلام حسن، لان الاصل عدم الاتيان به ومحله باق قبل الاتيان به.

وقوله: إن كان ذكر أنه كان ركع أرسل نفسه ولا يرفع رأسه فشئ ذكره المرتضىرحمه‌الله في المصباح(٣٦) ونقله الشيخ الطوسيرحمه‌الله ولا أتحقق وجهه، بل الاوجه عندي أن الصلاة تبطل، لان الركوع يتحقق بنفس الانحناء والطمأنينة فيه، وزيادة الركوع مبطلة سهوا وعمدا، وقد وافق على أنه لو رفع رأسه وذكر أنه كان ركع أعاد، ورفع الرأس ليس جزء‌ا من الركوع بل هو مفارقة للركوع فلا يكون جزء‌ا منه.

وقول السائل ألا يسوي الشيخ بين الركوع والسجدتين في الاولتين قلنا: كذا فتواه فإنه لو شك في السجدتين في الاولتين أبطل الصلاة وفي الاخرتين يأتي بهما، ويحمل الشيخ ما روى من التلافي مع الشك إذا كان في الآخرتين لا في الاولتين.

____________________

(٣٥) قال الشيخ الطوسي في الجمل والعقود: القسم الثاني وهو ما لا حكم له.. ومن شك في شئ وقد انتقل إلى حالة أخرى..

راجع الوسائل العشر ص ١٨٧ وأيضا راجع المبسوط ١ / ١٢٠ قال فيه: ومن قال من أصحابنا: إن كل سهو يلحق الركعتين الاولتين يجب منه إعادة الصلاة يجب أن يقول..

(٣٦) هو من الكتب الفقهية للسيد المرتضى وليس عندنا.

٢٣١

المسأة الثالثة عشرة إذا صلى إنسان وفي إصبعه خاتم مغصوب أو على رأسه قلنسوة مغصوبة أو ما لا تتم الصلاة فيه منفردا وطولب بذلك ولا يمكن رد ما ذكرنا إلا بقطع الصلاة أو الانحراف عن القبلة فهل يبطل الصلاة ويرد ما غصبه، أو يمضي في صلاته، أو يقال: إن كان الوقت باقيا أبطل ورد وإن كان مضيقا يمضي في صلاته، فإن قيل: إن الصلاة تبطل مطلقا من حيث الامر برد ما غصبه، قيل: إن الصلاة مأمور بهما بمقتضى عمومات القرآن مطلقا.

الجواب: لا تجب عليه الاعادة وإن لم يرد الوديعة ولا الشئ المغصوب نعم لو قطعها وأداه جاز، لان إتمام الصلاة واجب.

وقطعها إبطال للعمل وهو غير جائز، ورد المغصوب واجب والمنع منه غير جائز، وقد تساوى الامران في الوجوب والمنع، فيكون المكلف مخيرا في المضي والقطع لعدم الرجحان.

المسألة الرابعة عشرة : إذا فقد الانسان ما يتطهر به من الماء التراب ووجد ترابا نجسا فهل يصح التيمم به أم لا؟ وهل إذا خرج الوقت يقضي ما فاته من الصلوات أم لا؟ وكذا إذا صلى الانسان وعلى ثوبه أو بدنه شئ من النجاسات ولا يتمكن من إزالتها فهل إذا صلى والحال هذه يعيد الصلاة أم لا؟ وعلى تقدير الاعادة على مذهب من بوجب ذلك يكون على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب، وعلى تقدير أحدهما ما الدليل؟ الجواب: لا يجوز التيمم بالتراب النجس لقوله تعالى: " فيتمموا صعيدا

٢٣٢

طيبا)(٣٧) والنجس ليس كذلك وإذا لم يجد ماء يتطهر به ولا ترابا طاهرا لم يصل ولو خرج الوقت، وفي القضاء قولان قال المرتضى والشيخ أبوجعفر رحمهما الله: يقضي ذلك(٣٨) وقال المفيد في رسالته إلى ولده(٣٩) : لا يقضي وهو أشبه بالمذهب.

أما إذا صلى وعلى ثوبه أو بدنه نجاسة لا يتمكن من إزالتها فالاولى الاجزاء بها، لانها صلاة مأمور بها شرعا فتكون مجزية.

المسألة الخامسة عشرة: إذا أودع الانسان غيره شيئا من المال وأمره أن يسلمه إلى شخص، فلما حضر المودع سأله هل نقد فلان معك(٤٠) شيئا أم لا؟ فقال: ما نقد لك شيئا ولا أودعني شيئا من الاشياء، فأحضر من قال له سلم إليه شهودا يشهدون عليه بذلك فقال: لا شك أن فلانا أودعني ولكن أخذت وأخذ ماكان معي من الوديعة، فهل يقبل قوله في التلف أو يلزم بها مع الانكار على كل حال؟ الجواب: إذا أنكر الوديعة ثم اعترف بها أو شهد عليه شاهدان عدلان فإن ادعى التلف زمان الانكار وأقام بذلك بينة لم يضمن، وإن لم يقم بينة أو أقام بينة بالتلف بعد الانكار ضمن، لان الانكار مع الويعة فيكون عدوانا مقتضيا للضمان، والله أعلم.

قال الشيخ نجم الدين أبوالقاسم بن جعفر بن الحسن بن سعيد

____________________

(٣٧) سورة المائدة: ٦ وسورة النساء: ٤٣.

(٣٨) راجع النهاية للشيخ ص ٤٧ والناصريات للسيد المسألة ٥٥ والمختلف للعلامة الحلي ص ٥٣.

(٣٩) ليست هذه الرسالة عندنا.

قال في المختلف ص ٥٣: ونقل شيخنا أبوالقاسم جعفر بن سعيدرحمه‌الله عن بعض علمائنا سقوط الصلاة أداء وقضاء وهو قول لا بأس به إلا أنه معارض..

(٤٠) كذا في الاصل، وفي المصباح المنير: نقدت الرجل الدراهم بمعنى أعطيته.

٢٣٣

صاحب هذه الاجوبةرحمه‌الله وقفت على هذه الاوراق الكريمة الدالة على فضل موردها وغزارة علمه واهتمامه بتحقيق الحق فيهما وسألت له زيادة التوفيق وإحسان العاقبة وقد أجبت عن ذلك بما أعتقد وجوب العمل به، والله الموفق للصواب.

٢٣٤

٢٣٥

(٦) المسائل الكمالية

وهي تشتمل على عشر مسائل

تأليف المحقق الحليرحمه‌الله

٢٣٦

٢٣٧

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد حمد الله الذي صغر كل عظيم في جلال عظمته، وقصر كل قديم عن كمال أزليته، وخضع كل رفيع لقاهر عزته، وخشع كل منيع لباهر سطوته، والصلاة على أعظم من اختاره لرسالته وأكرم من اصطفاه لنشر دعوته، سيدنا محمد، وعلى خلفائه في امته وامنائه على سنته، وخلصائه من عترته وسلم تسليما.

فإنا مجيبون إلى ما سأل عنه الشيخ الفاضل الكامل المحقق المتقن كمال الدين محمد بن محمد بن سهل الآبي(١) أمده الله بتوفيقه وعصمته، من المسائل الدالة على معرفته القاضية بفهمه وإحاطته، مقتصرون على إرادته، غير متجاوزين حد إشارته، وهي مسائل عشر.

المسأل الاولى في الجوهر الفرد والدلالة على ثبوته.

الجواب: لما كان التصديق مسبوقا بالتصور تعين بيان المراد بالجوهر.

____________________

(١) راجع رسالتنا حول المحققرحمه‌الله .

٢٣٨

فنقول: لا ريب في جود الجسم ذي الابعاد الثلاثة.

ثم هذا لمعلوم حسا يقبل الانفكاك قطعا، لكن هل ينتهي تفكيكه إلى حد لا تقبل أجزاؤه الانفكاك حتى يكون ما منه تألف الجسم أجزاء متناهية كل واحد منها غير قابل للانفكاك، أم يقبل انقسامات لا نهاية لها بالفعل، أو بالقوة.

قال المتكلمون بالاول وسموا ما لا يقبل التجزئة جوهرا.

وقال النظام(٢) بالثاني.

وأكثر الفلاسفة على الثالث.

وزعم هؤلاء أن كل جسم مفروض فهو واحد بالفعل كما هو في الحس لا تجزئة فيه بالفعل مع قبوله بالقوة ما لا نهاية له من التجزئة.

وليس عندهم حجم إلا جسم، لانه لا ينفك من المقدار والابعاد المتقاطعة على قائمتين.

واعلم أن إثبات ما ذهب إليه كل واحد من الفريقين عسر، لكنا نقول قبل الشروع في تحقيق الاختيار: زعم الفلاسفة أن كل حجم مركب من مادة و صورة، وأن الصورة بها تصير المادة محسوسة، ثم الصورة ليست داخلة في حد ذات المادة.

فهي تقبل الصورة الجسمية وإن تعاظمت الصور.

والمتكلمون يزعمون أن كل جوهر له قدر من الحجمية لازمة لجوهريته عند وجوده لزوما ذاتيا، وتلك الحجمية لا أصغر منها، وأن التعاظم ليس إلا بانضمان الاجزاء لا لمقدار يقوم بالجسم.

وزعم الفلاسفة أن الاتصال ارتفاع المفاصل بين المتلاقيات بحيث تعود نهاية كل واحد بداية للآخر.

____________________

(٢) هو أبواسحق ابراهيم بن سيار البصري من أئمة المعتزلة متكلم أديب شاعر، توفي سنة ٢٣١ راجع هدية الاحباب للمحدث القمي ص ٢٧٣ والاعلام للزركلي ١ / ٤٣.

٢٣٩

وقال المتكلمون باستحالة ذلك، بل قد يعرض للمتلاقيين تضابط فإن اختلفا بعارض يدركه الحس وإلا أدرك العقل بقاء المفاصل، وإلا كان تداخلا لا التحاما(٣) .

وإذا عرفت هذا فنقول: الاقرب ما اختاره المتكلمون من كون الجوهر في صغر المقدار إلى حد لا يكون أصغر منه فلا يقبل أصغر من ذلك القدر، والدليل عليه أنه لو قبلت امادة الجوهرية حجمية زائدة عن حجمها لم يكن قدر أولى من أعظم ولا حاد، ويلزم منه وجود صورة الارض في مادة ذرة منها، وكذا لو قبلت أصغر لقبلت مادة الارض صورة الذره حتى تعود ماده البحار والجبال والاودية والاشجار مصورة بصورة ذرة من الذر، لكن العقل يأبى ذلك إباء‌ا ظاهرا، فمرتكبه معاند عقله.

وإذا أوجب لكل مادة صورة هي أصغر الصور لذاتها، كان ذلك هو الجوهر الفرد، ولزم أن يكون التعاظم بانضياف الجواهر وتكثرها، لا لمقدار يقوم بها.

وأن الاتصال ليس إلا التماس على وجه الالبحام لا لمعنى أنه يصير بينهما جزء مشترك، بل لمعنى اقتضى الالتحام، وهو المسمى بالتأليف.

وقولهم: الجسم واحد بالفعل كما هو في الحس مشكل، فإن عنوا أن الحس لا يدرك مفاصلة وإن كانت متحققة في نفس الامر فهذا معقول، وإن كانوا يزعمون أنه في نفس الامر واحد فهو يشكل بما لو قام به عرضان متضادان، فإن محل واحد منهما غير محل الآخر، وأنه ينقسم عند ذلك بالفعل، فذلك المحل قبل ورود العرض إن لم يكن متحققا كان تحققه بقيام العرض به، لكن قيام العرض موقوف على تحققه، وإلا لكان العرض مقوما محله، وهو محال.

واذا كان متحققا قبل قيام العرض به كان منقسما.

____________________

(٣) التحم الشيء: التصق.

٢٤٠