الرسائل الفشاركية

الرسائل الفشاركية0%

الرسائل الفشاركية مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 604

الرسائل الفشاركية

مؤلف: آية الله السيد محمد الفشاركي
تصنيف:

الصفحات: 604
المشاهدات: 41713
تحميل: 4484

توضيحات:

الرسائل الفشاركية
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 604 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41713 / تحميل: 4484
الحجم الحجم الحجم
الرسائل الفشاركية

الرسائل الفشاركية

مؤلف:
العربية

استئناف التكبير بعنوان صلاة اخرى في أثناء الصلاة مبطل للاولى أم لا؟ وعلى الأوّل فهل تنعقد به الصلاة أم لا؟ ولعلّ الأقوى هو ثالث الوجوه، وسيأتي لذلك مزيد توضيحٍ في بعض فروع الشكوك المبطلة.

مسألة: لو هوى الى السجود ناسياً للركوع، فإن تذكّر بعد حصول مسمّى السجدة فالمشهور(١) البطلان، للنصوص(٢) الدالّة على أنّ من ترك الركوع حتى سجد يعيد، ولأنّ الأمر دائر بين زيادة الركن، الذي هو مسمّى السجدة في كلّ ركعةٍ، أو نقصانه، وفي كلا الوجهين إشكال، لأنّ ما دلّ منها على البطلان دلالته بالاطلاق، وأسانيدها لا تخلو عن شيء.

وفي رواية أبي بصير دلالة على الصحة من حيث ترك الركوع اذا لم يكن التذكّر بعد فعل السجدتين، قال: قال أبو عبد اللّهعليه‌السلام : » اذا أيقن الرجل أنّه ترك ركعةً من الصلاة، وقد سجد سجدتين، وترك الركوع استأنف الصلاة »(٣) .

إلاّ أن يقال: إن مفهومها نفي الإعادة، لعدم اليقين بوقوع الترك، فتأمّل. وأمّا ما ذكر من زيادة الركن ففيه منع.

ودعوى أنّ المسمّى ركن، والزائد عليه غير ركنٍ يدفعه حصول البطلان بزيادة سجدتين ولو كان في ركعة واحدة.

وكيف كان، فالإتيان بالركوع قائماً، وإتمام الصلاة، ثمّ الإعادة أحوط، ولو تذكّر ولمّا يسجد فإن تذكّر قبل وصوله الى حدّ الركوع الشرعيّ فالظاهر جواز إتمام الهوي ركوعاً، لأنّ القيام قبله حاصل، والهوي مقدّمة لا يعتبر فيه قصد كونه للركوع.

إلاّ أن يقال: إنّ الركوع هو نفس الانحناء من القيام الى الحدّ الشرعيّ، وفيه منع لا يخفى وجهه.

____________________

(١) نهاية الاحكام: في السهو عن الركن ج ١، ص ٥٢٨، والبيان: في الخلل الواقع في الصلاة ص ١٤٥. س ٨، وجامع المقاصد: في احكام السهو ج ٢، ص ٤٨٨.

(٢) وسائل الشيعة: ب بطلان الصلاة بترك الركوع عمداً كان أو سهواً ح ١ و ٢ و ٣ و ٤ ج ٤، ص ٩٣٣.

(٣) وسائل الشيعة: ب بطلان الصلاة بترك الركوع عمداً وسهواً ح ٣، ج ٤، ص ٩٣٣.

٤٠١

أو يقال: إنّه يعتبر في الركوع اتصاله بالقيام، والهوي الذي يغتفر فصله ما وقع بعنوان المقدّميّة للركوع، وفيه أيضاً منع.

ولو تذكّر، وقد وصل الى حدّ الركوع ففي جواز احتساب بقائه ركوعاً إشكال، منشؤه: أنّ الركوع إحداث هيئة الانحناء، أو ما يعمّه، والبقاء.

كل ذلك اذا لم يتخلّل بين تذكّره والوصول الى حدّ الركوع وقوفاً يعدّ - عرفاً - فاصلاً بين القيام والركوع، زائداً على الهوي الذي لابدّ من فصله، وأمّا معه فلا إشكال في وجوب العود الى القيام والركوع حاله.

وهل يجوز له زيادة الانحناء في ما اذا لم يقع غير الهوي فاصلاً، وجعل ذلك الانحناء الزائد ركوعاً؟ فيه إشكال: من أنّ المسمّي حاصل، والزيادة ليست إحداثاً له، ومن أنّه كان له في أوّل الأمر نيّة الركوع بهذا الانحناء، وجعل ما يحصل به مسمّى الركوع كسابقه من مراتب الهوي مقدّمةً فلا يبقى فرق بين القصد من الابتداء، وما نحن فيه، إلاّ في نيّة المقدّميّة، وعدمها، وظاهر أنّ ذلك لا دخل له في صحة الركوع.

وتوهّم كونه فاصلاً بين القيام والركوع مدفوع بما مرّت الاشارة اليه، والمسألة محتاجة الى التأمّل. ولو وصل الى حدّ الركوع واستقر، ثمّ ذهل وهوى الى السجود فالظاهر صحة العمل إن كان بعد الدخول في السجود، وفي وجوب العود لإدراك القيام بعد الركوع إشكال، منشؤه النصّ، واحتمال الدخول في الركن، وقد أشبعنا الكلام فيه.

وإن كان قبله، فإن خرج عن هيئة الركوع ولو جالساً قام مطمئناً، ثمّ سجد، وسقط عنه ذكر الركوع، وإن لم يخرج عن ذلك ففي وجوب قيامه منحنياً لأداء الذكر الواجب إشكال: من أنّ ذلك يعدّ ركوعاً جديداً، أو هو بقاء للركوع الأول.

غاية ما هنالك: أنّه تغيّر وصفه، وهو كونه ركوعاً قياميّاً الى الركوع القعودي، فالرجوع لا يكون إلاّ إحداثاً للوصف الزائد، لا الموصوف، فتأمّل.

وإن هوى قبل أن يحصل سكون، فإن قلنا: إنّ الطمأنينة في الركوع ركن فسد

٤٠٢

صلاته بعد الدخول في السجود على إشكال فيه مرت الإشارة اليه.

وإن قلنا: إنّه ليس بركنٍ صحّ، وكذلك الكلام حيث يخرج عن الركوع، ويمكن الفرق بين جهات الحركة، فيقال: إن تحقّق سكون من جهة الهوي الى السفل وان لم يحصل الاستقرار من سائر الجهات حصل الركوع، وإلاّ فلم يحصل، وللنظر في جميع هذه الفروع مجال، فليتأمّل فيها.

ولو تذكر بعد الخروج عن الحدّ الذي يمكن جعله ركوعاً وجب الاستواء قائماً، ثمّ الركوع، لأنّه أتى بأمر زائد عن الهوي، فصار فاصلاً بين القيام والركوع، فتأمّل.

مسألة: لو علم أنّه ترك سجدةً، وهو قائم في الركعة المتأخّرة وجب الرجوع والإتيان بها، وأمّا الجلوس بين السجدتين، فإن علم أنّه فعله بنيّته، ثمّ عرضت له الغفلة عن الثانية فلا إشكال، ولو علم أنّه أتى به بنيّة الاستراحة، فإن قلنا: إنّ ماهيّة الجلوسين متغايرة وجبت الإعادة، لكنّه محض احتمال، لا أظنّ أحداً يلتزم به.

وإن قلنا باتحاد ماهيّتهما، كما هو الأقوى فالظاهر عدم وجوب الإعادة، لأنّه عمل وقع بنيّة امتثال الأمر مطابقاً له، واعتقاد كونه جلسةً بعد السجدة الثانية ليس بأولى من اعتقاد كون السجدة السابقة على هذه الجلسة سجدة ثانية، والظاهر عدم الإشكال في عدم وجوب إعادة السجدة المأتيّ بها بمجرّد اعتقاد كونها ثانيةً، وهذا ظاهر.

ولو علم أنّه لم يتحقّق منه جلوس فالظاهر وجوب الجلوس قبل الإتيان بالسجدة.

وقد يقال: لا يجب ذلك، لإطلاق الأخبار الآمرة بالإتيان بالسجدة من غير ذكر للجلوس، ولأنّ المناط في وجوب الجلوس هو الفصل الحاصل بالقيام، ولا يخفى ما في الوجهين، لعدم سوق الأخبار لبيان حكم الجلوس. ولو كان المناط الفصل لجاز ذلك اختياراً، ولا يلتزم به أحد.

ولو شكّ في الجلوس فقد يقال بوجوب الإتيان لقاعدة الاشتغال، ولأنّه شكّ

٤٠٣

قبل الفراغ بعد فرض لغويّة القيام.

إلاّ أن يقال: إنّ هذا القيام خروج عن محلّ الجلوس، ومجرّد كونه لغواً - غير صالح لجزئية الصلاة - لا ينافي كونه موجباً لجواز محلّ الجلوس بملاحظة الشكّ، لأنّ مناطه الدخول في فعلٍ مرتّب عليه.

إلاّ أن يقال: ذات القيام غير مترتّب على الجلوس، لجوازه لا بنيّة جزئية الصلاة قبله، ومجرد النيّة غير مجدٍ في تجاوز المحلّ.

وفيه: أنّ الدخول في الغير مناطه عنوان العمل، ولذا لو كان داخلاً في ذكر لا ينافي الصلاة وأجزائها في ذاته، لكن أتى به بعنوان التعقيب(١) لزم فيه تجاوز محلّ السلام وإن كان إتيانه لا بذلك العنوان غير موجب له.

وعلى هذا، فلو علم بترك سجدة في حال القيام، وشكّ في ترك الاخرى لم يلزم عليه الإتيان بسجدتين، وفيه إشكال، والاحوط إتمام الصلاة بسجدةٍ واحدةٍ، ثمّ الإعادة.

ثم إنّه يستثنى من حكم الجلسة من أتى بها بعنوان الاستحباب، متقيّداً به في قصده، فأنّ الظاهر وجوب إعادة الجلسة عليه، لأنّه نوى بما أتى به أولاً غير أمره، ولعلّ ذلك منشأ إشكال من أوجب الإعادة مطلقاً، فتأمّل جيّداً. ومع الشك في تقييد قصده تجب الإعادة احتياطاً لقاعدة الاشتغال، الاّ أن يتمسّك بأصالة الصحة والشك بعد الفراغ، فتأمّل جيّداً.

مسألة: لو شكّ في النافلة المنذورة فالظاهر أنّه مخيّر، لأنّه « لا شكّ في النافلة »، ودعوى أنّ النافلة بمعنى الزائدة، أو المستحبّة، ويخرج بعروض الوجوب عن كونها زائدة، أو مستحبّة مدفوعة بأنّ الظاهر هو الزائدة والمستحبة بحسب الذات، ولذا لو وجبت النافلة بسبب أمر الوالدين لا أظنّ أحداً يلتزم فيه بحكم الفرض.

إلاّ أن يقال: إنّ الوجوب القابل للزوال ليس كالوجوب الثابت الذي

____________________

(١) في « ط ١ »: « أتى بعنوان التعقب »، وما أثبتناه هو الصحيح وكما في « ط ٢ ».

٤٠٤

لا يسقط، إلاّ بالامتثال.

والحاصل: أنّ شمول نفي الشكّ في النافلة للمنذورة مشكل، خصوصاً فيما لو كان النذر متعلّقاً بنافلةٍ شخصيّةٍ، لا بإتيان نافلةٍ، فأتى بنافلة أداء لما في ذمّته من كلّيّ الركعتين ، وعموم التعليل في قولهعليه‌السلام : « لأنّها ركعتان »(١) يشمل النفل والفرض.

إلاّ أن يقال: إنّ مصبّ التعليل هو الفرض، وفيه منع. وتوهّم وجوب البناء على الأقلّ تمسّكاً بالأصل بعد الشكّ في شمول أدلّة النافلة والمفروضة، مدفوعة بأنّ المنذورة داخلة في أحد الحكمين، فالأصل معلوم الانتقاض بحكم أحد الشكّين، إلاّ أن يحتمل خروجه واقعاً عن كلا الحكمين، وهو بعيد.

أو يقال: إنّ احتمال الزيادة لا يرتفع بالأصل، لأنّها اخذت صفةً للركعتين، وفيه منع، سيأتي الكلام فيه - إن شاء اللّه -.

وكيف كان، فالقول بالتخيير لا يخلو عن قوّةٍ، ويؤيّده استصحاب التخيير لو كان النذر متعلّقاً بنافلةٍ شخصيّة.

وتقريره أن يقال: حكم الشكّ في هذه النافلة الشخصيّة قبل تعلّق النذر به كان هو التخيير فهو باقٍ بحكم الاستصحاب.

إلاّ أن يقال: موضوع التخيير يحتمل أن يكون هو النافلة بوصف نفليّة النفل، فتأمّل.

مسألة: لو حكم على الصلاة المشكوك فيها بالإعادة فهل تجوز الإعادة قبل فعل المبطل مطلقاً، أو لا تجوز مطلقاً، أو يفصل بين ما امر فيه بالإعادة شرعاً كالشكوك المنصوصة، وبين المواضع التي يحكم فيها بالإعادة لقاعدة الاشتغال كالمنذورة إن قلنا فيها بذلك، للشكّ في شمول أدلّة النافلة، وأدلة الفريضة؟ وجوه: ولعلّ الأقوى هو الأول، أمّا في الموارد المنصوصة فلإطلاق النصوص، بل مقتضى إطلاقها صحة

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب بطلان الصبح والجمعة والمغرب ح ٨، ج ٥، ص ٣٠٥.

٤٠٥

الثانية. ولو تبيّن حال الصلاة الاولى قبل الفراغ عن الثانية، ومقتضاه أن يكون الشكّ مبطلاً مراعى بالدخول في الثانية.

وأمّا في غيرها فلأنّ المانع عن الدخول في الثانية قبل إبطال الاولى، أمّا كون الأجزاء المأتيّ بها غير قابلةٍ للتكرار للاجزاء، وفيه منع بالنسبة الى الأوامر الغيريّة، وأمّا كونها - حينئذٍ - زيادةً مبطلةً للاولى فتحرم، وفيه منع أيضاً، إذ لا دليل على حرمة إبطال ما لا يمكن الامتثال به اذا الكلام بعد اليأس عن حصول العلم بأحد طرفي ما يشكّ فيه، من غير فرقٍ بين خروجه عن قابلية الامتثال كالتي حدث فيها قاطع، أو لم يمكن إتمامه لعدم تهيّؤ أسباب الإتمام، كمن شكّ في عدد الركعات إن قلنا: إنّ الحفظ في حال الأداء شرط، أو لعدم القدرة على حصول العلم بالامتثال كالفرض إن قلنا: إنّ الحفظ ليس بشرط وإنّ الإعادة إنما هو لأجل اليقين بحصول الإمتثال، فتأمّل.

مع أنّ كونها زيادةً مبطلةً محلّ منع، إذ لم يقصد منها الجزئيّة لما وقع فيه الشك، إلاّ أن يستظهر الإتفاق من قولهم في باب التكبير: (إنّ من كرّر الافتتاح انعقد بالثانية)(١) من غير فرقٍ بين أن ينوي استئناف فردٍ جديدٍ، أم لا، أنّ مثل ذلك زيادة، فتأمّل.

أو يقال: إنّ زيادة التكبير للافتتاح لا يعقل في صورة العمد إلاّ بقصد إيقاع فردٍ آخر، فتأمّل.

ثم إنّه لو تبيّن بعد الاشتغال بالثانية حال الصلاة الاولى فالظاهر الحكم ببطلان الاولى، وصحة الثانية في مواقع القصد بالإعادة كما عرفت.

وأمّا في غيرها، فإن قلنا: إنّ الدخول في الثانية أبطل الاولى فلا إشكال أيضاً، وإن قلنا: إنّها باقية على الصحة أمكن الحكم بتخيير المصلّي بين إتمام الاولى والثانية، ولكن لا أظنّ القوم يلتزمون به، والظاهر فساد المبنى، لا المبنى عليه.

____________________

(١) في (ط ٢): « بالثالثة ».

٤٠٦

فتأمّل خصوصاً اذا أتى بالسجدة للصلاة الثانية، لأنّ قولهعليه‌السلام في المنع عن سجدة القرآن بأنها « زيادة في المكتوبة »(١) كالصريح في أنّ السجدة بعنوان صلاة اخرى زيادة، وفيه تأمل.

مسألة: الظاهر وجوب الترويّ، فلا يجوز الإعادة، ولا البناء على الأكثر قبله، لأنّ الظاهر من الأدلة أنّها علاج المتحيّر، وهو منصرف الى عدم التمكّن من رفع تحيّره بطريقٍ عقليّ، ويؤيّده قولهعليه‌السلام : « اذا لم تدر كم صليت، ولم يقع وهمك على شيء »(٢) فلو أعاد قبله وقع مبطلاً لأنّه تعمّد في زيادة الركن فيكون باطلاً لحرمته.

نعم، إن قلنا: إنّ الزيادة المبطلة ما يقع جزءً للصلاة الشخصيّة أمكن أن يقال: إنّه غير محرّمٍ وصحيح في نفسه، وحكمه يظهر من التأمّل في بعض المسائل المتقدّمة.

ولو بنى على الأكثر، وأتى بفعلٍ بهذا البناء كان مشروعاً، وكان فعله محرّماً إن قلنا: إنّ الحرمة التشريعية تسري الى العمل، فيكون مبطلاً اذا كان كلاماً من وجهين: من حيث أنّه زيادة عمديّة، ومن حيث أنّه كلام محرّم، واذا كان فعلاً انحصر وجه البطلان في الزيادة.

ولو أتى لا بعنوان البناء أنّه مأمور به شرعاً بذلك، فإن أتى بالفرد المشتمل على ما يأتي لاحتمال المطلوبيّة ناوياً للجزئيّة على وجه الجزم بطل العمل، من حيث أنّه مع تمكّنه من الجزم بالوجه الواقعي، أو الظاهري لم ينو الوجه، فيكون زيادة عمديّة، وإن أتى به باحتمال الجزئيّة بطل بنفسه، ولم يقع مبطلاً إلاّ فيما علم أن وقوعه في الصلاة ولو لم يقع جزء مبطل كالسجود، نظراً الى التعليل الوارد في بطلان الصلاة بسجدة القراءة.

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب عدم جواز قراءة سورة من العزائم، في الفريضة ح ١، ج ٤، ص ٧٧٩.

(٢) وسائل الشيعة: ب وجوب الاعادة على من لم يدر كم صلّى ح ١، ج ٥، ص ٣٢٧.

٤٠٧

(مثاله: ما لو شكّ بين الاثنين والثلاث، وعلم أنّه إن كانت الركعة المتلبّس بها ركعةً ثانيةً فهو آتٍ بالسجدتين، وإن كانت ركعةً ثالثةً لم يأت بالسجدة الثانية)(١) .

هذا كلّه اذا كان المأتيّ به منافياً لاحتمال النقص. وأمّا لو أتى بالفعل المشترك بين الاحتمالين، كمن شكّ بين الثلاث والأربع قبل الإكمال، فأتى بالمشترك فالظاهر أنّ الحكم ببطلان الصلاة به اذا نوى الأمر الواقعيّ من غير نظرٍ الى البناء، وأحكام الشكوك لا وجه له.

(و)(٢) مثل (ذلك)(٣) ما لو أتى في الشكوك المبطلة متروّياً بعض الأفعال المشتركة، فحصل له الظنّ بطرفٍ فأنّ الحكم بفساد ما أتى به (حينئذٍ)(٤) مشكل.

إلاّ أن يقال: إنّ المستفاد من أدلّة وجوب الحفظ، وأدلّة اعتبار الظنّ في الأوليين أنّه يجب الإتيان بهما: إمّا ظانّاً أو عالماً، وفيه منع، لإمكان أن يقال: إنّ الإتيان بالركعة بعد استقرار الشكّ لا يجوز، وأمّا قبله فلا، فمانعية الشكّ حال الترويّ غير معلوم.

أو يقال: إنّ صحة الأجزاء المأتيّ بها حال الترويّ مراعى بحصول الطريق، وحيث يجهل حصولها لا يمكن الجزم بمطابقتها للأمر الواقعي، فتفسد من هذه الجهة، إلاّ أن يمنع اعتبار الجزم لمن لا يتمكّن من الجزم، ولا يعلم بأنّه يحصل له طريق يوجب الجزم.

أو يقال: إنّ ظاهر الأخبار انحصار التكليف في الإعادة أو الأخذ بالظنّ، فالعمل بالنسبة الى هذا المتردّد مشروط بكونه ظانّاً، ويقال في الشكوك الصحيحة أيضاً: إنّ الظاهر من الأخبار انحصار التكليف في البناء، أو الأخذ بالظن، ولكنّ ظهورها في ذلك على وجهٍ تسكن اليه النفس ممنوع.

____________________

(١) هذه الزيادة أثبتناها من « ط ٢ ».

(٢) و (٣) و (٤) أثبتناها من « ط ٢ ».

٤٠٨

وكيف كان، فالأحوط الاجتناب، وأوضح ممّا ذكرنا، ما لو علم بأنّه لو انتقل من حالةٍ الى اخرى يحصل له الطريق عقلاً، أو شرعاً لتعيين أحد الاحتمالين كالمأموم الذي لا يتمكّن من الاستعلام للحال من الإمام، ويعلم أنه يتبيّن الحال (بالانتقال، وكالمنفرد الذي نصب علامةً لا يمكن له التبيّن منها إلاّ بعد الانتقال عن حاله)(١) بانتقال عن حاله، فأنّ حرمة الجري على الشكّ على مثله ممنوعة، بل لو بنى الفرضين على ما يتبيّن له، وجرى أمكن أن يقال: إنّه يخرج عن الجري على الشك موضوعاً، فتأمّل. والمسألة بجميع فروعها محتاجة الى التأمّل، وكذا لو علم بأنّه لو انتقل من حالةٍ الى اخرى يحصل له الظنّ بشيء.

ودعوى خروج عمله، مع البناء على عنوان ما يحصل (له)(٢) الظنّ به عن الجري على الشكّ - هنا - أشدّ إشكالاً من الفرضين السابقين، فتأمّل.

مسألة: لا إشكال، ولا خلاف نصّاً وفتوىً في أنّ العمل بالظنّ في الأخيرتين متعيّن، وأمّا الاولتين فكذلك، خلافاً للمحكيّ عن السرائر(٣) للنبويّ: « اذا شكّ أحدكم في الصلاة فلينظر أيّ ذلك أحرى فليبن عليه »(٤) ولقولهعليه‌السلام : « اذا لم تدر كم صليت، ولم يقع وهمك على شيء فأعد »(٥) والمراد به: إمّا خصوص ما جرى عليه مصطلح الفقهاء، وهو التردّد بين احتمالات كثيرةٍ، أو مطلق الشكّ المرتبط بالأوّلتين.

وعلى أيّ حال، فهي واضحة الدلالة على اعتبار الظنّ في الأوّلتين مطلقاً، أو في الجملة فيتمّ بعدم الفصل، وعلى أيّ حال يجب تقديمها على أدلّة اعتبار الحفظ في الاوّلتين، لانها: إمّا حاكمة عليها بناءاً على أنّ الظنّ طريق، أو مخصّص لها.

____________________

(١) هذه الزيادة أثبتناها من « ط ٢ ».

(٢) أثبتناها من « ط ٢ ».

(٣) السرائر: في احكام الشكّ ج ١، ص ٢٤٥.

(٤) وردت هذه الرواية في بدائع الصنائع: ج ١، ص ١٦٥، نقل ذلك صاحب الحدائق: ج ٩، ص ٢٠٦.

(٥) وسائل الشيعة: ب وجوب الاعادة على من لم يدر كم صلى ح ١، ج ٥، ص ٣٢٧.

٤٠٩

لا يقال: النسبة بين هذه الرواية وأدلّة الحفظ عموم من وجه، لشمولها للأخيرتين، والمرجع بعد التساقط أصالة عدم طريقيّة الظنّ، ومجرّد أصالة البراءة عن اشتراط الحفظ، مع وجود الظنّ لا يجدي في دفع التحيّر في مقام العمل من حيث الشكّ في الركعة.

لأنّا نقول: إيجاب الإعادة على تقدير عدم الظن قرينة على أنّ المراد من الرواية الشكّ في الاوّلتين.

وهل(١) الظن طريق، أو العمل على طبقه واجب تعبّداً ؟ الظاهر الأوّل، لظهور تعبيرات الأخبار في ذلك فأنّ عدم بيان ما يجب فعله - على تقدير وقوع الوهم(٢) ، وإيكاله الى فهم المخاطب - قرينة عرفية على تصديق المتكلّم لما في ذهن المخاطب، من أنّ الظنّ ملحوظ طريقاً اعتبر به، أو لم يعتبر به لنقصه مضافاً الى بعد التعبّد المحض في نفسه.

مسألة: قد عرفت أن الظنّ بعدد الركعات معتبر شرعاً.

وهل هو معتبر في الأفعال؟ المشهور نعم، بل لم ينسب الخلاف فيه الى أحدٍ حتى السرائر(٣) ، بل حكي(٤) اتّفاق الأصحاب على اعتبار الظنّ فيها، وفي الركعات عن بعض، والإجماع(٥) عن بعض آخر.

ويدلّ عليه النبويّ(٦) السابق، سواء قلنا: إنّ المراد من الشكّ في الصلاة الشكّ الواقع فيها، أو الشكّ المتعلّق بها، ضرورة أنّه ليس على الثاني المراد الشكّ في وجود أصل الصلاة، لعدم اعتبار الظنّ في ذلك إجماعاً، فالمراد الشكّ فيها باعتبار

____________________

(١) في « ط ١ »: « وهذا » وما أثبتناه كما في « ط ٢ ».

(٢) أثبتناها من « ط ٢ ».

(٣) السرائر: في احكام الشك ج ١، ص ٢٥٢ - ٢٥٦.

(٤) مفاتيح الشرائع: حكم الشكّ في عدد الركعات ج ١، ص ١٧٨.

(٥) الذكرى: القول في الشكيّات ص ٢٢٢، س ٣١، ظاهره الاجماع.

(٦) وردت الرواية في بدائع الصنائع: ج ١، ص ١٦٥، نقل ذلك صاحب الحدائق: ج ٩، ص ٢٠٦.

٤١٠

وضعها، وكما هو يشمل الشكّ في صحتها من جهة ترك الركن، فاذا اعتبر الظنّ من هذه الجهة اعتبر في سائر الأجزاء قطعاً.

ودعوى انصرافه الى الشك(١) في خصوص عدد الركعات على التقدير الثاني، أو مطلقاً ممنوعة جدّاً، وإنّما الإشكال في سندها، إلاّ أن يدّعى انجباره باستناد المعتبر(٢) والتذكرة(٣) وبعض اخر من الأصحاب اليه، مع مطابقته لفتوى المشهور، وفيه تأمّل.

وقد يقال: إنّ الظنّ اذا كان حجّةً في عدد الركعات كان بالحجّية في أفعال الصلاة أولى قطعاً (لأنّ الركعة ليست الى مجموع الأفعال، فاذا اعتبر في المجموع كان بالحجّيّة في أبعاضها أولى)(٤) لهذا(٥) يمكن عدّه من دلالة اللفظ بالمفهوم، ولأنّ اعتباره في الأجزاء بنيّة(٦) الاجزاء واقعاً في غير الأركان وإن حصل به خلل، لأنّه معدود من السهو، ولا فرق قطعاً بين الأركان، وغيرها من الأجزاء، ولأنّ الاوّلتين إنّما لم يعتبر الشك فيهما، لكونهما فرض اللّه، كما نصّ(٧) به كثير من الأخبار، فاذا اعتبر الظنّ فيهما - كما عرفت - كان أولى بالإعتبار في القراءة التي هي سنّة، كما نصّ بهعليه‌السلام في صدر رواية « لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة »(٨) .

وأيضاً، كيف يعتبر الظنّ في الركعة التي لا تسقط بحال، ولا يعتبر في مثل السورة التي هي ساقطة بصدق مسمى الاستعجال؟

____________________

(١) في المصدر: « لا الشك ».

(٢) المعتبر: في الخلل الواقع في الصلاة ج ٢، ص ٣٨٦.

(٣) التذكرة: في احكام الشك ج ١، ص ١٣٥، س ٣٤.

(٤) هذه الزيادة أثبتناها من « ط ٢ ».

(٥) في « ط ١ »: « بل هذا » وما أثبتناه هو الأظهر.

(٦) في « ط ٢ »: يلزمه، والظاهر هو ما أثبتناه.

(٧) وسائل الشيعة: ب ابواب اعداد الفرائض ونوافلها ح ٢٢، ج ٣، ص ٣٨.

(٨) وسائل الشيعة: ب عدم وجوب الاعادة على من نسى القراءة ح ٥، ج ٤، ص ٧٧٠.

٤١١

وأيضاً ، اذا فرضنا أنّه كان المصلّي شاكّاً بين الاثنين والثلاث ، وكان شاكّاً في أنّه فعل السجدة من الركعة التي (هو)(١) تلبّس بها أم لا، وظنّ أنّه لو فعل السجدة كانت الركعة المتلبس بها ثالثةً مثلاً، وظنّ أنّه فعل السجدة فهل ترى أنّه يأخذ بظنّه بأن الركعة ثالثة لأدلّة اعتبار الظنّ في الركعات، ولا يفهم منها أنّه لا تجب عليه السجدة، ويبني - حينئذٍ - على أنّ السجدة(٢) لقاعدة الشك قبل الفراغ بل يلزم في بعض فروض التفكيك بين الأخذ بالظنّ في الركعات، وعدمه في الأفعال الحكم بفساد الصلاة، للعلم بزيادة الركن فيها، أو نقصه. ولا أظنّ فقيهاً يلتزم به، وربمّا يستأنس لذلك بما ورد في تعليل الشك بعد الفراغ « فأنّه حين يتوضأ اذكر (منه)(٣) من حين يشك »(٤) .

وفيه: أنّ الأخذ بالظنّ في مورد التعليل، وهو أفعال الوضوء خلاف الإجماع ظاهراً، ولعلّ المناط ليس مطلق الأمارة، بل هو الظنّ النوعيّ الحاصل من اذكريّته حين العمل، وبأن المأموم يتبع في الأفعال عند الشك فيها، وفيه منع، وبما(٥) ورد في تعليل عدم العبرة بكثرة الشكّ « بأنّه من الشيطان »(٦) ، الظاهر في أنّ المناط الظن، وفيه: أنّ عدم اعتبار كثرة الشكّ سار في جميع امور المعاد والمعاش، ولا إشكال في أنّ مطلق الظنّ من أيّ سبب حصل غير معتبر فيها.

وبما ورد في اعتبار قول الصبيّ في عدد أشواط الطواف(٧) ، الظاهر في اعتبار قوله في سائر ما يرجع الى الطواف من الشرائط والأجزاء، ويتمّ في الصلاة بعكس

____________________

(١) أثبتناها من « ط ٢ ».

(٢) في « ط ٢ »: « أن يسجد » وما في المتن هو الأظهر.

(٣) أضفناها من المصدر لضرورتها في المحلّ.

(٤) وسائل الشيعة: ب ان من شك في شيء من افعال الوضوء ح ٧، ج ١، ص ٣٣٢.

(٥) في « ط ١ »: « وربّما » وما في المتن هوالأصحّ.

(٦) وسائل الشيعة: ب عدم وجوب الاحتياط على من كثر سهوه ح ٢، ج٥ ، ص ٣٢٩.

(٧) وسائل الشيعة: ب عدم وجوب شيء بسهو الامام ح ٩، ج ٥ ، ص ٣٤٠.

٤١٢

التشبيه، وفي سائر أسباب الظنّ بعدم الفصل.

ودعوى أنّ أخبار الطواف ليست بأولى من أخبار اعتبار الظنّ في الركعات، فاذا منع استفادة التعدّي منها الى الظنّ في الأفعال كان الأمر فيها - أيضاً - كذلك.

يدفعه اختلاف سياق تلك الأخبار مع هذه، فليتأمل فيها. والمسألة محتاجة الى التأمّل، ولعلّ اللّه يوفّقنا لتنقيحها بعد حين.

مسألة: اذا تساوى طرفا ما شكّ فيه حكم بالبطلان، ما لم يحرز الاوّلتين، وبعد إحرازهما يبنى على الأكثر. وسيأتي تفصيلها - إن شاء اللّه - والكلام - حينئذٍ - في ما به يحرز الاوليان.

فقد يقال: إنّه بالدخول في ركوع الثانية. وقد يقال بالدخول في السجدة (الثانية)(١) من الثانية. وقد يقال: بالفراغ من الذكر الواجب منها. وقد يقال برفع الرأس منها.

وربّما أمكن أن يقال: إنّ جلسة الاستراحة إن عدّت من الركعة الثالثة كان إكمالها - حينئذٍ - بالفراغ منها الحاصل بالنهوض الى القيام للرابعة، وربّما يؤيّده حكمهعليه‌السلام بالصحة، فيمن شكّ بين الاثنين والثلاثة إن دخل في الثالثة(٢) ، المحمول على الفراغ التامّ من الثانية، الحاصل بالنهوض للقيام. ولكنّ الظاهر أنّه لم يقل أحد بذلك، بل الظاهر من أخبار الشكّ بين الاثنين والأربع، والشك بين الاثنين والثلاث والأربع، الحاكمة بالبناء على الأربع عدم العبرة بذلك، فتأمل.

وكيف كان، فظاهر حفظ الاوّلتين، وعدم كون الشكّ في وجودهما وجوب حصول العلم بحصول تمام الأجزاء الواجبة للركعة، الحاصلة بالعلم بالفراغ من الذكر الواجب للسجدة الثانية.

____________________

(١) أثبتناها من « ط ٢ ».

(٢) وسائل الشيعة: ب ان من شك بين الثنتين والثلاث ح ١، ج ٥، ص ٣١٩.

٤١٣

ودعوى أنّه يصدق اذا كان شاكّاً في أنّ الركعة المتلبّس بها، الفارغ من واجباتها (أنّها) الثانية، أو الثالثة أنّه شاكّ في وجود الثانية، لأنّ وجودها بعد لم يتمّ.

مدفوعة بأنّ وجود الواجب من الثانية، الذي هو داخل في فرض اللّه، الذي لا يقع فيه الشكّ معلوم الحصول، فالشك(١) بملاحظة الركعات الملتئمة منها الصلاة راجع الى الشكّ في وجود ما سنّه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد القطع بأنّ فرض اللّه بكماله قد وجد، ومجرّد قابلية لحوق شيء بالثانية لا يوجب صدق الشك في وجود الثانية.

وممّا يدلّ على ما ذكرنا قولهعليه‌السلام في صحيحة زرارة، عن أبي جعفر: « كان الذي فرض اللّه على العباد عشر ركعاتٍ، وفيهنّ القراءة، وليس فيهنّ وهم - يعنى سهواً - فزاد رسول اللّه سبعاً، وفيهنّ الوهم، وليس فيهنّ قراءة »(٢) فمن شكّ في الأوّلتين أعاد حتى يحفظ، ويكون على يقينٍ، ومن شك في الأخيرتين عمل بالوهم.

لا يقال: المراد (من الشك في الاوليين الشكّ الواقع في الاوليين، ويؤيّده قولهعليه‌السلام : ليس فيهن)(٣) وهم.

لأنّا نقول: هذا خلاف الظاهر، ولو كان كما ذكر أيضاً لم يوجب الحكم بالفساد، لأنّه لا يعلم أنّ شكّه وقع في الثانية، مع احتمال كون الركعة المتلبّس بها، التي وقع فيها (الشكّ)(٤) ثالثة، إلاّ من باب التخيير والأصل، فتأمل.

وقولهعليه‌السلام « ليس فيهنّ وهم » معناه ليس فيهنّ (حكم)(٥) الوهم، وهو

____________________

(١) في « ط ١ »: « وأما بملاحظة » وما أثبتناه كما في « ط ٢ ».

(٢) وسائل الشيعة: ب عدد الفرائض اليومية ونوافلها ح ١٢، ج ٣، ص ٣٤، نقلاً بالمضمون.

(٣) هذه الاضافة أثبتناها من « ط ٢ ».

(٤) و (٥) أثبتناهما من « ط ٢ ».

٤١٤

البناء على الأكثر، والاحتياط بعد الفراغ.

وبالجملة: ظاهر كثير من الأخبار أنّ مناط الفساد كون الشكّ في وجود الاوليين.

ودعوى أنّ المناط أن لا يقع شيء من الاوليين، ولو جزءه المستحبّ بصورة الشكّ في عنوانه مدفوعة بعدم الدليل، بل إطلاق قولهعليه‌السلام في رواية عبد الرحمان بن الحجاج: رجل لا يدري اثنتين صلّى أم ثلاثاً أو اربعاً، فقال: « يصلي ركعةً من قيام، وركعتين من جلوس »)(١) .

وقولهعليه‌السلام في رواية ابن أبي عمير عن هذه المسألة: « يقوم فيصلي ركعتين من قيام ويسلّم، وركعتين من جلوس »(٢) يوجب العمل على الأكثر، حيث صدق أنّه صلّى ركعتين، ولا يدري أنّه صلى الثالثة والرابعة أم لا، فتأمل في ذلك.

وأمّا القول بأنّ كمال الركعة بحصول السجدة الثانية، لأن ترك الذكر نسياناً مفتقر، فهو ضعيف، وإلاّ كانت العبرة بالدخول في السجدة الاولى، كما لا يخفى.

ومثله في الضعف دعوى أنّ الركعة اسم للركوع، فاذا دخل في الركوع الثاني فقد أكمل فرض اللّه، الذي ليس فيه الوهم.

وفيه: أنّ الظاهر من الركعة في هذه الأخبار هو المجموع المشتمل على السجدتين وذكرهما، فانتفاء الشكّ في وجودهما ملازم لليقين بوجود جميع ما يعتبر فيهما.

مسائل

الاولى: من شكّ بين الاثنين والثلاث بعد الاكمال بنى على الثلاث،

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ان من شك بين الثنتين والثلاث والاربع ح ١، ج ٥، ص ٣٢٥، مع اختلاف يسير.

(٢) وسائل الشيعة: ب ان من شك بين الثنتين والثلاث والاربع ح ٤، ج ٥، ص ٣٢٦ ، مع اختلاف يسير.

٤١٥

واحتاط بإتمام ما يحتمل نقصه، للاطلاقات الكثيرة الدالّة على ذلك، وخصوص رواية قرب الاسناد، عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام ، قال: قلت: رجل صلّى ركعتين، وشكّ في الثالثة، قال: « يبني على اليقين، فاذا فرغ تشهّد، وقام فصلى ركعةً بفاتحة القرآن »(١) وبأزائها روايات، إمّا مجملة أو مخالفة لهذه، محمولة على وجوه: اوجهها التقية.

وهل مخيّر في الاحتياط بين الركعة من قيام وركعتين من جلوس، أو يتعيّن الاولى كما هو ظاهر المطلقات، أو الأخيرة كما هو ظاهر كثير من الأخبار في المسألة الثانية؟ بناء على عدم الفرق بينهما وجوه.

الثانية: من شك بين الثلاث والأربع بنى على الأربع مطلقاً بغير إشكال، روايةً وفتوىً، إلاّ عن ابن بابويه(٢) ، واحتاط بركعةٍ من قيام، أو ركعتين من جلوس،ٍ كما هو المشهور.

وعن بعض(٣) القدماء تعيّن الركعة من قيام، ولعلّ وجهه المطلقات.

وقولهعليه‌السلام (في)(٤) رواية عمار، عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام أنّه قال: « يا عمار، أجمع لك السهو كلّه في كلمتين، متى شككت فخذ بالأكثر، فاذا سلّمت فأتمّ ما ظننت أنّك نقصت »(٥) .

وفي روايةٍ اخرى له، عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام ، قال: سألت أبا عبد اللّهعليه‌السلام عن شيء من السهو في الصلاة، فقالعليه‌السلام : « ألاّ اعلّمك شيئاً اذا فعلته، ثم ذكرت أنّك أتممت، أو نقصت لم يكن عليك شيء؟ قلت: بلى، قال:

____________________

(١) قرب الاسناد: ص ١٦، س ٣.

(٢) المقنع (الجوامع الفقهية): باب السهو في الصلاة ص ٩، س ٣.

(٣) لا يوجد لدينا كتاب المسائل الغريّة وحكاه عنه الشهيد في الذكرى: في احكام الشكوك ص ٢٢٦، س ٣٠.

(٤) أثبتناها من « ط ٢ ».

(٥) وسائل الشيعة: ب وجوب البناء على الاكثر عند الشك ح ١، ج ٥، ص ٣١٧.

٤١٦

اذا سهوت فابن على الأكثر، فاذا فرغت، وسلمت، فقم، فصل ما ظننت أنّك نقصت، فان كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه شي،، وإن ذكرت أنّك كنت نقصت كان ما صلّيت تمام ما نقصت »(١) وبمعناهما أخبار اخر أيضاً.

وكيف كان، فشمولها لهذه الصورة، والصورة الاولى أظهر من غيرهما، لأنّهما اغلب ما يقع من الوهم، ولا ريب في ظهورهما، خصوصاً الثاني في تعيّن القيام، ومنع دلالة الرواية الاولى مدفوع بأنّ الظاهر إتمام ما نقص بالكيفيّة التي اعتبرت فيها شرعاً، وذلك غير خفيّ.

وحكي عن بعض القدماء(٢) تعيّن الركعتين جلوساً، ووجهه الأخبار المستفيضة الدالّة عليه، ولعلّ الأقوى هو التخيير في هاتين الصورتين، كما هو المشهور لمرسلة جميل، وفيها: « فهو بالخيار إن شاء صلّى ركعةً وهو قائم، وإن شاء صلّى ركعتين وأربع سجداتٍ وهو جالس »(٣) .

ولو قيل: إنّ هذه مرسلة، اجيب عنه: بأنّ عمل الأصحاب يجبره، مع أنّ إباء المطلقات عن التخصيص، خصوصاً بالنسبة الى هاتين الصورتين، وصراحة المقيّدات في جواز الجلوس في الصورة الثانية، وعدم الفرق بينها وبين الاولى يوجب حمل المطلقات على الوجوب التخييري، مع إمكان أن يقال: ندرة المخالف في المسألتين يغني عن تكلّف الاستدلال، فتأمل. والأحوط في الصورة الاولى القيام، لأنّ دلالة(٤) المطلقات تامّة، ولا معارض لها فيها، إلاّ عدم القول بالفصل بينها وبين الصورة الثانية.

كما أنّ الأحوط فيها الجلوس لنصوصيّة الأخبار الخاصّة في الجلوس، وإباء

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب وجوب البناء على الأكثر عند الشك ح ٣، ج ٥، ص ٣١٨.

(٢) حكاه العلاّمة عن ابن أبي عقيل في المختلف: في السهو والشك ج ١، ص ١٣٣، س ٢٥.

(٣) وسائل الشيعة: ب ان من شك بين الثلاث والاربع ح ٢، ج ٥، ص ٣٢٠.

(٤) في « ط ١ »: « أدلّة » وما أثبتناه هو الموافق للمتن كما في « ط ٢ ».

٤١٧

العمومات عن التخصيص لعلّه بالنسبة الى أصل الحكم، لا خصوصية القيام (أيضاً)(١) كما لا يخفى. ولعّله يأتي لذلك مزيد بيان في المسألة الثالثة إن شاء اللّه تعالى.

الثالثة: من شك بين الاثنين والثلاث والأربع بنى على الاربع، واحتاط بركعتين من قيام، وركعتين من جلوس. وربّما يحتمل الاحتياط بركعةٍ من قيامٍ، وركعتين من جلوس.

فعن الشهيد(٢) : أنّه موافق للاعتبار، وكان غرضه -رحمه‌الله - من ذلك أنّه تنضمّ الركعتان بالركعة إن كان الناقص ركعتين، ويحسب الزائد نافلةً إن كان الناقص ركعةً واحدةً.

ويدلّ على ذلك رواية ابن الحجاج(٣) ، عن أبي ابراهيمعليه‌السلام ، عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام ، ولكنّها مضافاً الى سندها، وعدم(٤) معهوديّة سؤال أبي ابراهيم، عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام عن مثل هذه المسألة، وفي متنها من اختلاف النسخة، فأنّ في بعض النسخ كما قيل: بدل ركعةٍ من قيام ركعتين من قيام، وإن كان الأشهر الأوّل معارضته بمرسلة ابن أبي عمير الصريحة في وجوب ركعتين (من قيام وركعتين)(٥) من جلوس(٦) كما أفتى به المشهور ولا ريب أنّها مع ابتناء أصل حجّيّتها على الأخذ بالترجيحات في اختلاف النسخة لا تقاوم المرسلة المعمول بها، التي هي بحكم الصحيح في حدّ نفسها، مع قطع النظر عن اشتهار العمل بها، لكون المرسل(٧) ابن أبي عمير، الذي هو من أصحاب الإجماع، ولا يرسل، أو لا يروي إلاّ عن ثقة.

____________________

(١) من « ط ٢ ».

(٢) الذكرى: في احكام الشكوك ص ٢٢٦، س ٢٨.

(٣) وسائل الشيعة: ب ان من شك بين الاثنين والثلاث والاربع ح ١، ج ٥ ، ٣٢٥.

(٤) في « ط ٢ »: « من عدم ».

(٥) أثبتنا هذه الزيادة من « ط ٢ »

(٦) وسائل الشيعة: ب ان من شك بن الاثنين والثلاث والاربع ح ٤، ج ٥، ص ٣٢٦.

(٧) في « ط ١ »: « المرسلة » تصحيف.

٤١٨

وهل يتعيّن تقديم الركعتين من قيام، أو يجوز تأخيرها؟ الأحوط الأقوى الأوّل، لظهور (ثمّ) في الترتيب.

وربّما يمنع ذلك في عطف الجملة على الجملة بها.

وهل يتعيّن ركعتان من جلوس، أو يجوز تبديلها بركعة من قيام ؟ وجهان:

من ظهور صحيحة ابن الحجاج(١) وابن أبي عمير(٢) في ذلك.

ومن صراحة المطلقات في جواز القيام مع إبائها عن التخصيص، مضافاً الى الاكتفاء بالركعتين من جلوس إنّما هو من جهة بدليتهما من ركعةٍ من قيام، فيبعد تعيّنهما، وعدم جواز الاكتفاء بركعةٍ من قيام.

ولكنّ المشهور هو الأوّل، ولعلّ وجهه ما مرّت الإشارة اليه، من أن إباء المطلقات عن التخصيص بالنسبة الى خصوص القيام ممنوع، ولا شاهد للجمع بينها وبين رواية ابن أبي عمير الظاهرة في تعيّن الجلوس بالحمل على التخيير، مع أنّ ظهورها (في)(٣) تعيّن الجلوس من حيث اقتران الركعتين من جلوس فيها بالركعتين من قيام أقوى من ظهور اخبار المسائل السابقة في تعيّن الجلوس، مع أنّ الفصل بين الركعتين من جلوس، وبين الصلاة بالركعتين من قيام لعلّه أولى من الفصل بين الركعة من قيام وبين الصلاة بهما.

وكيف كان، فالمشهور أحوط إن لم يكن أقوى.

المسألة الرابعة: ان شكّ بين الأربع والخمس، وكان ذلك قبل وصوله الى الركوع فالمشهور هدم هذه الركعة، وعمل الشكّ بين الثلاث والاربع، وذلك إمّا لأنّ بالهدم ينقلب شكّه الى الشكّ بين الثلاث والاربع، أو لأنّه شاكّ في أنّ الركعة التي فرغ منها رابعة أو ثالثة، وأدلّة الشكّ بين الثلاث والأربع أعمّ من أن يكون الشك مرتبطاً بالركعة التي تلبّس بها، أو الركعة التي فرغ منها.

____________________

(١ و ٢) وسائل الشيعة: ب ان من شك بين الاثنين والثلاث والاربع ح ١ و ٤، ج ٥، ص ٣٢٥ و ٣٢٦.

(٣) من « ط ٢ ».

٤١٩

ولذا، لا إشكال في وجوب البناء على الأربع اذا كان شكّه قبل السلام ولو كان بعد الفراغ من التشهّد، أو لأنّ المستفاد من قولهعليه‌السلام في بعض الأخبار: « ألا اعلّمك شيئاً »(١) أنّه متى كان أمره دائراً بين احتمال النقص المضرّ يكون علاجه البناء على الأكثر والاحتياط بركعة مستقلة.

ولكن يرد على الأول: أنّ الانقلاب متحقّق حقيقةً اذا لم يشتغل(٢) بالذكر حال القيام نعم ان قلنا ان رفع اليد عن الجزء الذي فعله يجعله كالعدم حقيقة ثم ما ذكر يكن الالتزام به وبلوازمه(٣) مشكل.

وعلى الثاني: بأنّ الظاهر من أدلّة الشكّ بين الثلاث والأربع عدم دخوله في ركعة اخرى.

وعلى الثالث: بأنّ استفادة العموم من تلك الأخبار على وجه يلتزم بلوازمه مشكل فإن من شكّ بين الأربع والخمس، وقد فرغ من الذكر الواجب يعلم أنّ الذي يلزم من البناء على الأكثر نقص الركوع، فاذا احتاط بالركعة المستقلّة يكون إتيانه بالقراءة لا لأجل حاجة الصلاة اليه، بل لرعاية استقلال تلك الصلاة كإتيانه بالتكبير والسلام، واستفادة العموم من تلك الأخبار مشكل.

وقد يقال: إن لازم البناء على الأكثر هو البناء على أنّ الركعة التي تلبّس بها خامسة، فيجب هدمها، لأنّها قبل الركوع غير مضرّة.

وفيه: أنّ المستفاد من البناء على الأكثر هو الأكثر الصحيح، لا الذي يحكم بفساده.

ولكنّ التحقيق ما عليه المشهور، لقولهعليه‌السلام في صحيحة زرارة: « من شكّ في الاوليين أعاد حتى يحفظ، ومن شك في الأخيرتين عمل بالوهم »(٤) فأنّ

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب وجوب البناء على الاكثر عند الشك ح ٣، ج ٥ ، ص ٣١٨.

(٢) في « ط ١ »: « يستقلّ » وما أثبتناه هو الظاهر كما في « ط ٢ ».

(٣) العبارة في نسختي الأصل مضطربة وركيكة الاسلوب، وما أثبتناه ظاهراً متمّم للمقصود.

(٤) وسائل الشيعة: ب بطلان الصلاة بالشك في عدد الاولتين ح ١، ج ٥، ص ٢٩٩، مع اختلاف يسير.

٤٢٠