البيان في تفسير القرآن

البيان في تفسير القرآن3%

البيان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 526

  • البداية
  • السابق
  • 526 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 37481 / تحميل: 9025
الحجم الحجم الحجم
البيان في تفسير القرآن

البيان في تفسير القرآن

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

البيان في تفسير القرآن

١

٢

المدخل - وفاتحة الكتاب

البيان في تفسير القرآن

للإمام الأكبر زعيم الحوزة العِلميّة

السيّد أبو القاسم الموسَويّ الخوئيّ

دار الزهراء

للطباعة والنشر والتوزيع

بيروت - لبنان

٣

الطبعة الرابعة

حقوق الطبع محفوظة للمؤلّف

١٤٠١هـ - ١٩٨١ م

٤

بِسْمِ اللَّهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ

هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ

٥

٦

المدخل

٧

بحوث تحليلية في معارف القرآن وعظمته ، وأسراره الكَونية والتشريعية ، ومناهجه ، وأصول تفسيره ، ونواحي إعجازه وميّزاته ، ومختلف قراءاته ، وصيانته عن النقْص والتحريف ، وسموّه عن الأوهام والتخرّصات والطعون

٨

خُطبة الكتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً ، قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً ، مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ

٩

( وأفضل صلوات الله ، وأكمل تسليماته على رسوله الذي أرسله بالهدى ودين الحقّ ؛ ليُظهره على الدين كلّه ولو كرِه المشركون . النبيّ الأمّيّ الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل ، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ) .

 ( وعلى آله المصطفَيْن الأخيار ، الذين آمنوا به وعزّروه ونصروه واتّبعوا النور الذي أُنزل معه ، أُولئك هم الصدّيقون والشهداء عند ربِّهم ، لهم أجرُهم ونورهم رضي الله عنهم ورضوا عنه ، أُولئك حزب الله ألا إنّ حزب الله هم المفلحون ) .

( واللعنة الدائمة على أعدائهم ، الذين اشترَوا الضلالة بالهدى ، فما ربِحت تجارتهم ، وما كانوا مهتدين يوم يُخرَجون من الأجداث سِراعاً ، كأنّهم إلى نُصُبٍ يوفضون خاشعةً أبصارهم ، ترهقهم ذلّة ، ذلك اليوم الذي كانوا يوعَدون يوم لا ينفع الظالمين معذرتُهم ، ولهم اللعنة ، ولهم سوء الدار )

١٠

مقدّمة الطبعة الأُولى

لماذا وضعتُ هذا التفسير ؟

كنت ولِعاً منذ أيّام الصِبا بتلاوة كتاب الله الأعظم ، واستكشاف غوامضه واستجلاء معانيه وجدير بالمسلم الصحيح ، بل بكلّ مفكّر من البشر أنْ يصرف عنايته إلى فَهْم القرآن ، واستيضاح أسراره ، واقتباس أنواره ، لأنّه الكتاب الذي يضمن إصلاح البشر ، ويتكفّل بسعادتهم وإسعادهم .

والقرآن مرجع اللغَويّ ، ودليل النحويّ ، وحُجّة الفقيه ، ومَثَل الأديب ، وضالّة الحكيم ، ومرشد الواعظ ، وهدف الخُلُقي ، وعنه تؤخذ علوم الاجتماع والسياسة المدنية ، وعليه تؤسّس علوم الدين ، ومِن إرشاداته تُكتشف أسرار الكَون ، ونواميس التكوين والقرآن هو المعجزة الخالدة للدين الخالد ، والنظام السامي الرفيع للشريعة السامية الرفيعة

أولعتُ منذ صِباي بتلاوته ، واستيضاح معانيه ، واستظهار مراميه ، فكان هذا الولع يشتدّ بي كلّما استَوضحتُ ناحية مِن نواحيه ، واكتشفتُ سرّا مِن أسراره ، وكان هذا الوَلَع الشديد باعثاً قويّاً يضطرّني إلى مراجعة كتُب التفسير ، وإلى سبْر أغوارها وهنا رأيت ما أدهشني وحيّرني :

رأيت : صغارة الإنسان في تفسيره وتفكيره أمام عظمة الله في قرآنه .

رأيت : نقْص المخلوق في تناهيه وخضوعه أمام كمال الخالق في وجوبه وكبريائه

١١

رأيت : القرآن يترفّع ويرتفع ، ورأيت : هذه الكتُب تصغر وتتصاغر .

رأيت : الإنسان يجهد نفسه ليكتشف ناحية خاصّة أو ناحيتَين ، فيُحرّر ما اكتشفه في كتاب ، ثمّ يُسمّي ذلك الكتاب تفسيراً يجلو غوامض القرآن ، ويكشف أسراره ، وكيف يصحّ في العقول أنْ يُحيط الناقص بالكامل

على أنّ هؤلاء العلماء مشكورون في سعْيِهم ، مبرورون في جهادهم فإنّ كتاب الله ألقى على نفوسهم شعاعاً مِن نوره ، ووَضَحاً مِن هُداه ، وليس مِن الإنصاف أنْ نكلّف أحداً - وإنْ بلغ ما بلغ مِن العِلم والتبحّر - أنْ يُحيط بمعاني كتاب الله الأعظم .

ولكنّ الشيء الذي يؤخذ على المفسّرين ، أن يقتصروا على بعض النواحي الممكنة ، ويتركوا نواحي عظمة القرآن الأخرى ، فيفسّره بعضهم مِن ناحية الأدب أو الإعراب ، ويفسّره الآخر مِن ناحية الفلسفة ، وثالث مِن ناحية العلوم الحديثة أو نحْوِ ذلك ، كأنّ القرآن لم ينزل إلاّ لهذه الناحية التي يختارها ذلك المفسّر ، وتلك الوِجْهة التي يتوجّه إليها

وهناك قوم كتبوا في التفسير ، غير أنّه لا يوجد في كتُبهم مِن التفسير إلاّ الشيء اليسير ، وقوم آخرون فسّروه بآرائهم ، أو اتّبعوا فيه قَوْل مَن لم يجعله الله حجّةً بينه وبين عباده .

على المفسِّر : أنْ يجري مع الآية حيث تجري ، ويكشف معناها حيث تُشير ، ويُوَضّح دلالتها حيث تدلّ عليه أنْ يكون حكيماً حين تشتمل الآية على الحكمة ، وخُلُقيّاً حين ترشد الآية إلى الأخلاق ، وفقيهاً حين تتعرّض للفِقْه ، واجتماعياً حين تبحث في الاجتماع ، وشيئا آخر حين تنظر في أشياء أُخَر .

على المفسِّر : أنْ يوضّح الفن الذي يَظهر في الآية ، والأدب الذي يتجلّى بلفظها ، عليه أنْ يُحرّر دائرةً لمعارف القرآن إذا أراد أن يكون مفسّراً والحقّ أنّي لم أجد مَن تكفّل بجميع ذلك مِن المفسّرين

مِن أجل ذلك صمّمتُ على وضْع هذا الكتاب في التفسير ، آملاً مِن الحقّ تعالى أنْ يسعفني بما أمّلتُ ، ويعفو عنّي فيما قصّرتُ وقد التزمتُ في كتابي هذا أنْ أجمع فيه ما يسَعُني فَهْمه مِن علوم القرآن التي تعود إلى المعنى أمّا علوم

١٢

أدب القرآن ، فلستُ أتعرّض لها غالباً ؛ لكثرة مَن كَتب فيها مِن علماء التفسير ، كالشيخ الطوسي في ( التبيان ) ، والطبرسي في ( مجمع البيان ) ، والزمخشري في ( الكشّاف ) نعم قد أتعرّض لهذه الجهات إذا أَوجب البحث عليّ أنْ أتعرّض له ، أو رأيت جهة مهمّة أغْفلَها علماء التفسير ، وقد أتعرّض لبعض الجهات المهمّة وإنْ لم يغفلها العلماء

وسيجد القارئ ، أنّي لا أَحِيد في تفسيري هذا عن ظواهر الكتاب ومُحكماته ، وما ثبَت بالتواتر أو بالطُرُق الصحيحة مِن الآثار الواردة عن أهل بيت العِصمة ، مِن ذرّية الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وما استقلّ به العقل الفطري الصحيح الذي جعله الله حُجّة باطنة ، كما جعل نبيَّه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وأهل بيته المعصومين ( عليهم السلام ) حجّة ظاهرة(١) .

وسيجد القارئ أيضاً ، أنّي كثيراً ما أستعين بالآية على فَهْم أُخْتها ، وأسترْشدُ القرآن إلى إدراك معاني القرآن ، ثمّ أجعل الأثر المروي مُرشداً إلى هذه الاستفادة .

وهنا مباحث مهمّة لها صِلة وُثقى بالمقصود ، تُلقي أضواء على نواحٍ شتّى قدّمتها لتكون :

مدخل التفسير :

وهو يشتمل على موضوعات علميّة تتّصل بالقرآن مِن حيث عظَمَته وإعجازه ، ومِن حيث صيانته عن التحريف ، وسلامته مِن التناقض ، والنَسْخ في تشريعاته ، وما إلى ذلك مِن مسائل علمية ، ينبغي تصْفِيَتها كمدخل لفَهْم القرآن ومعرفته ، والبدْء بتفسيره على أساس عِلميّ سليم .

وإليه جلّ شأنه ابتهل أنْ يمدّني بالتوفيق ، ويلحظ عمَلي بعَين القبول إنّه حميد مجيد

المؤلِّف

_______________

(١) أصول الكافي (كتاب العقل والجهل) الرواية ١٢

١٣

١٤

فَضْل القرآن

١٥

عَجْز الإنسان عن وصْف القرآن مَن هم أعْرَف الناس بمنزلته ؟ حديث الرسول في فضْل القرآن صيانة القرآن مِن التلاعب عاصميّته للأمّة مِن الاختلاف خلوده وشموله فضْل قراءة القرآن الأحاديث الموضوعة في قراءته التدبّر في القرآن معرفة تفسيره حثّ الكتاب ، والسُنة ، وحُكْم العقل على التدبّر في القرآن

١٦

مِن الخير أنْ يقف الإنسان دون ولوج هذا الباب ، وأنْ يتصاغر أمام هذه العظمة ، وقد يكون الاعتراف بالعَجْز خيراً مِن المُضيّ في البيان .

ماذا يقول الواصف في عظمة القرآن ، وعُلُوّ كَعْبه ؟ وماذا يقول في بيان فضْله ، وسُموّ مقامه ؟ وكيف يستطيع الممكن أنْ يُدرك مدى كلام الواجب ؟ وماذا يكتب الكاتب في هذا الباب ؟ وماذا يتفوّه به الخطيب ؟ وهل يصف المحدود إلاّ محدوداً ؟ .

وحَسْب القرآن عظمة ، وكفاه منزلة وفخراً أنّه كلام الله العظيم ، ومعجزة نبيِّه الكريم ، وأنّ آياته هي المتكفّلة بهداية البشر في جميع شؤونهم وأطوارهم في أجيالهم وأدوارهم ، وهي الضمينة لهم بنَيْل الغاية القصوى والسعادة الكبرى في العاجل والآجل :

( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) ١٧ : ٩( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) ١٤ : ١( هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ) ٣ : ١٣٨ .

( البيان - ٢ )

١٧

وقد ورد في الأثر عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلْقِه )(١) .

نَعم مِن الخير أنْ يقف الإنسان دون ولوج هذا الباب ، وأنْ يَكِل بيان فضْل القرآن إلى نُظَراء القرآن ، فإنّهم أعرف الناس بمنزلته ، وأدَلّهم على سُموّ قدْرِه ، وهم قُرناؤه في الفضْل ، وشُركاؤه في الهداية ، أمّا جَدُّهم الأعظم فهو الصادع بالقرآن ، والهادي إلى أحكامه ، والناشر لتعاليمه

وقد قال ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( إنّي تارك فيكم الثقلَين : كتاب الله وعِتْرتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يرِدا عليَّ الحَوض )(٢) ، فالعترة هم الأدلاّء على القرآن ، والعالِمون بفضْله ، فمِن الواجب أنْ نقتصر على أقوالهم ، ونستضئ بإرشاداتهم ولهم في فضْل القرآن أحاديث كثيرة جمعها شيخنا المجلسي في ( البحار ) ، الجزء التاسع عشر منه ونحن نكتفي بذِكر بعض ما ورَد :

روى الحارث الهمْداني(٣) قال :

( دخلتُ المسجد ، فإذا أُناس يخوضون في أحاديث ، فدخلت على عليّ ، فقلتُ : ألا ترى أنّ أُناساً يخوضون في الأحاديث في المسجد ؟ فقال : قد فعلوها ؟ قلت : نعم ، قال : أما إنّي قد سمعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول :

_________________________

(١) بحار الأنوار ج ١٩ ص ٦ ، صحيح الترمذي بشرح ابن العربي ج ١١ ص ٤٧ أبواب فضائل القرآن .

(٢) رواه الترمذي ج ١٣ ص ٢٠٠ ـ ٢٠١ مناقب أهل البيت ، راجع بقيّة المصادر في قِسْم التعليقات رقم (١) .

(٣) انظر ترجمة الحارث وافتراء الشعبي عليه في قِسْم التعليقات رقم (٢)

١٨

ستكون فِتَن ، قلت : وما المَخرج منها ؟ قال : كتاب الله ، كتاب الله فيه نبأ ما قبْلَكم وخبر ما بعدكم ، وحُكم ما بينكم هو الفَصْل ليس بالهَزْل ، هو الذي مَن تركه مِن جبّار قصَمه الله ، ومَن ابتغى الهدى في غيره أضلّه الله ، فهو حبل الله المتين ، وهو الذِكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يخْلُق عن كثرة الردّ ، ولا تنقضي عجائبه .

وهو الذي لم ينته الجِنّ إذ سمعته ، أنْ قالوا : إنّا سمعنا قرآنا عجَبا هو الذي مَن قال به صَدَق ، ومَن حَكَم به عدَل ، ومَن عَمِل به أُجِر ، ومَن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم ، خُذه إليك يا أعْوَر )(١) .

وفي الحديث مغازٍ جليلة يحسن أنْ نتعرّض لبيان أهمّها يقول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( فيه نبأُ ما كان قبلكم ، وخبر ما بعدكم ) ، والذي يُحتمل في هذه الجملة وجوه :

الأوّل : أنْ تكون إشارة إلى أخبار النشأة الأخرى : مِن عالمَي البرزخ والحساب والجزاء على الأعمال ، ولعلّ هذا الاحتمال هو الأقرب ، ويدلّ على ذلك قَول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في خُطبته : ( فيه نبأُ مَن كان قبلكم والحُكم فيما بينكم وخبرُ معادِكم )(٢)

الثاني : أنْ تكون إشارة إلى المغيّبات التي أنبأ عنها القرآن ، ممّا يقع في الأجيال المُقبلة .

_________________________

(١) هكذا في سُنن الدارمي ج ٢ ص ٤٣٥ ، كتاب فضائل القرآن ومع اختلاف يسير في ألفاظه في صحيح الترمذي ج ١١ ص ٣٠ أبواب فضائل القرآن ، وفي بحار الأنوار ج ٩ ص ٧ عن تفسير العيّاشي .

(٢) بحار الأنوار ج ١٩ ص ٦

١٩

الثالث : أنْ يكون معناها أنّ حوادث الأُمم السابقة تجري بعَينها في هذه الأمّة ، فهي بمعنى قوله تعالى :( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ) ٨٤ : ١٩ ، وبمعنى الحديث المأثور عن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) : ( لتركبُنّ سُنن مَن قبلكم )(١) .

أمّا قوله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( مَن ترَكه مِن جبّار قصمه الله ) ، فلعلّ فيه ضماناً بحِفظ القرآن عن تلاعب الجبّارين ، بحيث يؤدّي ذلك إلى ترْك تلاوته وترْك العمل به ، وإلى جمْعِه مِن أَيْدي الناس ، كما صنع بالكتُب الإلهية السابقة(٢) ، فتكون إشارة إلى حِفظ القرآن مِن التحريف ، وسنبحث عنه مفصّلاً ، وهذا أيضاً هو معنى قوله في الحديث : ( لا تزيغ به الأهواء ) بمعنى لا تُغيّره عمّا هو عليه ، لأنّ معاني القرآن قد زاغت بها الأهواء فغيّرتها وسنبيّن ذلك مفصّلاً عند تفسير الآيات إنْ شاء الله تعالى

وأشار الحديث إلى أنّ الأمّة لو رجعوا إلى القرآن في خصوماتهم ، وما يلتبس عليهم في عقائدهم وأعمالهم ، لأَوضح لهم السبيل ، ولَوَجدوه الحَكَم العدْل ، والفاصل بين الحقّ والباطل .

نعم ، لو أقامتْ الأمّة حدود القرآن ، واتّبعت مواقع إشاراته وإرشاداته ، لعَرِفَتْ الحقّ وأهله ، وعرِفَتْ حقّ العترة الطاهرة الذين جعلهم النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قُرَناء الكتاب ، وأنّهم الخليفة الثانيةُ على الأمّة مِن بعده(٣) .

ولو استضاءت الأمّة بأنوار معارف القرآن ، لأمِنَتْ العذاب الواصب ، ولَما تردّت في العَمى ، ولا غشِيَتْهم حنادس الضلال، ولا عال سهمٌ مِن فرائض الله ، ولا زلّت قدمٌ عن الصراط السويّ ، ولكنّها أبتْ إلاّ الإنقلاب على الأعقاب ، واتّباع الأهواء ، والانضواء

_________________________

(١) ورد هذا اللفظ في كنز العمال ج ٦ ص ٤٠ من حديث سهل بن سعد ، انظر بقيّة المصادر في قِسم التعليقات رقم (٣) .

(٢) راجع الهدى إلى دين المصطفى ج ١ ص ٣٤ لآية الله الحجّة الشيخ محمّد جواد البلاغي .

(٣) تقدّم مصادر حديث الثقلَين في ص ٢٦ رقم (٢) ، وفي بعض نصوصه تصريح بأنّ القرآن والعترة خليفتا الرسول (ص) .

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526